موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(59) المكتوب التاسع والخمسون إلى الخواجه شرف الدين الحسين في إرجاع الحوادث اليومية إلى إرادة الله تعالى والتلذذ بها ** | ** (60) المكتوب الستون إلى ولد شيخه الخواجه عبد الله في بيان عدمية ذات الإنسان وبيان أن ذاته هي النفس الناطقة مع بيان فناء النفس والقل

 

 


رسم حتّى تكون مرئيّة فيه وصورة الشّخص الّتي صارت منعكسة في المرآة على هذا المنوال أيضا فإنّه لا ثبوت لها في الخارج ولا إراءة بل ثبوتها وإراءتها كلاهما في مرتبة الخيال والله سبحانه أعلم؛ فما ظنّه الشّيخ قدّس سرّه خارجا وأثبت للأشياء الإراءة والمرئيّة فيه بطريق الانعكاس ليس هو خارجا بل مرتبة الوهم قد حصل لها ثبات وتقرّر بصنع الله - جلّ شأنه - وتوهّم أنّها خارج والخارج ما وراء ذلك فإنّه بمعزل عن شهودنا وإحساسنا وما هو مشهود ومحسوس ومعقول ومتخيّل لنا كلّها داخلة في دائرة الوهم والموجود الخارجيّ هو ما وراء وراء أفهامنا لا مجال هناك للمرآتيّة وأيّ صورة تنعكس في تلك الحضرة والمرايا والصّور كلّها في مراتب الظّلال الّتي تتعلّق بدائرة الوهم والحسّ رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَدًا (١).

(٥٩) المكتوب التّاسع والخمسون إلى الخواجه شرف الدين الحسين في إرجاع الحوادث اليوميّة إلى إرادة الله تعالى والتّلذّذ بها

رزق الله سبحانه الاستقامة على جادّة الشّريعة المصطفويّة على صاحبها الصّلاة والسّلام والتّحيّة وجعلنا مشغولا بجناب قدسه بالكلّيّة (أيّها الولد) العزيز صاحب التّمييز: إنّ الحوادث اليوميّة لمّا كانت بإرادة واجب الوجود جلّ سلطانه ومشيئته ينبغي أن يجعل العبد إرادته تابعة لإرادته تعالى وأن يعتقد الحوادث عين مراداته وأن يكون ملتذّا بها فإن كان المقصود العبوديّة ينبغي اكتساب هذه النّسبة والّا فإنكار للعبوديّة ومعارضة بمولاه وقد ورد في الحديث القدسيّ “ من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي فليطلب ربّا سوائي وليخرج من تحت سمائي ” نعم قد كان الفقراء والمساكين ومتعلّقاتكم مستريحين ومرفّهة الأحوال برعايتكم وحمايتكم وحيث انّ لهم صاحبا يكفيهم ذلك وحسن ثنائكم وذكركم الجميل باق جزاكم الله سبحانه بالجزاء العاجل والآجل والسّلام.

(٦٠) المكتوب السّتّون إلى ولد شيخه الخواجه عبد الله في بيان عدميّة ذات الإنسان وبيان أنّ ذاته هي النّفس النّاطقة مع بيان فناء النّفس والقلب وزوال العلم الحصوليّ

__________

(١) الآية: ١٠ من سورة الكهف.

هو الحقّ المبين سبحانه من لا يتغيّر بذاته ولا بصفاته ولا في أسمائه بحدوث الاكوان فإنّ كلّ تغيّر وتلوّن وقع في حدوث الاكوان فإنّما هو في مراتب العدم ولم يتطرّق إلى حضرة الوجود تعالى وتقدّس تنزّل ولا تبدّل لا في الخارج ولا في العلم أصلا بيانه أنّ الحقّ سبحانه لمّا أراد أن يظهر كمالاته الذّاتيّة والصّفاتيّة والاسمائيّة وأن يجليها في مجالي الاشياء ومراياها عيّن لكلّ كمال في مراتب العدم نقيض ذلك الكمال المقابل له والمتميّز عن سائر الاعدام بالإضافة إليه ليكون مرآة له فإنّ مرآة الشّيء مقابل الشّيئ وسبب لظهوره وبضدّها تتبيّن الاشياء والاعدام الّتي فيها قابليّة لأن تكون مرايا للكمالات أوجدها في مرتبة الحسّ والوهم في أيّ وقت اراد واعطاها الاستقرار والاستحكام وجعل جميع تلك الكمالات منعكسة فيها وصيّر تلك الاعدام بذلك الانعكاس حيّا وعالما وقادرا ومريدا وبصيرا وسميعا ومتكلّما في تلك المرتبة ولكن قد كان محسوسا أنّه قد يتصرّف أوّلا في العدم من غير أن يجعل فيه شيء آخر ويجعل هو بذلك التّصرّف ملائما وليّنا ثمّ يظهر فيه الكمال كما أنّ الشّمع يجعل أوّلا ليّنا وملائما ثمّ يصوّر بعد ذلك صورا وأشكالا (ينبغي أن يعلم) أنّ المراد هنا من العدم هو العدم الخارجيّ المقابل للوجود الخارجيّ فلا يكون منافيا لإيجاده الواقع في مرتبة الوهم مع أنّا نقول: إنّ المنافي للعدم هو الوجود الذى نقيضه ولا يصير العدم وجودا وأمّا إذا كان موجودا لا يلزم منه محذور أصلا كما قالوا في الوجود: إنّه من المعقولات الثانويّة ولا وجود لها في الخارج بل هي معدومة فيه (فعلم) من هذا التّحقيق أنّ حقائق الاشياء أعدام انعكست فيها كمالات مرتبة الوجود تعالت وتقدّست وحصلت لها بإيجاد الله تعالى تحقّق وثبوت وهميّ واستقرار واستمرار في مرتبة الحسّ والوهم وكان ذوات الاشياء تلك الاعدام وانعكاس الكمالات فيها بمثابة قواها وجوارحها وبعد تمهيد هذه المقدّمات نذكر في بيان المقصد الاصليّ الذى يتعلّق بالولاية الخاصّة كلمات ينبغي استماعها بسمع العقل (اعلم) أرشدك الله وهداك سواء الطّريق: أنّ حقيقة الإنسان وذاته العدم الذي هو حقيقة النّفس النّاطقة الّتي يعبّر عنها في الابتداء بالنّفس الامّارة وكلّ فرد من أفراد الإنسان يشير بلفظ أنا إليها فتكون ذات الإنسان هي النّفس الأمّارة وتكون سائر لطائف الإنسان كالقوى والجوارح لها وحيث انّ العدم شرّ محض في حدّ ذاته لم يشمّ رائحة من الخيريّة تكون النّفس أيضا شرّا محضا لا تكون فيها رائحة من الخيريّة ومن خباثتها وجهلها تدّعي الكمالات الظّاهرة فيها بطريق الانعكاس والظّلّيّة لنفسها وتنسب قيام تلك الكمالات الثابتة بأصلها إلى نفسها وتزعم نفسها بتلك الكمالات كاملة وخيرا وتكتسب من هذه الحيثيّة دعوى السّيادة وتشرك نفسها بربّها في الكمالات وتظنّ الحول والقوّة من نفسها وتزعم نفسها متصرّفة وتريد أن يكون الكلّ تابعا لها وتحبّ نفسها أكثر من الكلّ وتحبّ غيرها لنفسها لا لأجلهم ومن هذه التّخيّلات الفاسدة تكتسب عداوة ذاتيّة لمولاها ولا تذعن بأحكامها المنزّلة بل تتّبع هواها وورد في الحديث القدسيّ “ عاد نفسك فإنّها انتصبت لمعاداتي ” وبعث الله سبحانه الانبياء عليهم السّلام من كمال رأفته ورحمته رحمة للعالمين ليدعوا الخلق



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!