موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(67) المكتوب السابع والستون إلى المير منصور في بيان حقيقة الكائنات وبيان الفرق بين مكشوف حضرة شيخنا ومكشوف صاحب الفتوحات

 

 


لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ (١) كاف في إثبات هذا المطلب ولم يفهم جهلاء الصّوفيّة النّاقصون معنى هذه العبارة فغلطوا وخلّطوا وطفقوا يشغفون بالصّور الجميلة وينخدعون بغنجهم ودلالهم بطمع أنّهم يجعلونهم وسيلة الوصول إلى الحقيقة ومعراجا لحصول المطلوب كلّا إنّ ذلك هو عين سدّ طريق المطلوب وحاجب عن حصول المقصود والذي زيّن في نظرهم هو الباطل وهم قد وقعوا في الغرور بأنّه الحقيقة وزعم جمع منهم حسن تلك الصّور وجمالهم حسن عين الحقّ جلّ شأنه وجماله وظنّوا التّعلّق بهم عين التّعلّق بالحقّ، وزعموا مشاهدتهم عين مشاهدة الحقّ قال بعضهم. (شعر)

أمر وز چون جمال تو بى پرده ظاهر است ... در حيرتمكه وعدهء فردا براي چيست

تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا ماذا ظنّ هؤلاء القاصرون الحقّ سبحانه؟ وماذا زعموا حسنه وجماله تعالى؟ أما سمعوا أنّه إذا وقعت شعرة من شعر حور الجنان الّتي هي من مخلوقاته سبحانه فرضا في الدنيا لما أظلمت الدنيا من إضاءتها وإشراقها أبدا وقد ثبت احتراق جبل الطّور واندكاكه بتجلّ واحد من تجلّيات الحقّ جلّ وعلا وسقوط كليم الله على نبيّنا وعليه أفضل الصّلاة والسّلام مغشيّا عليه من ذلك التّجلّي مع علوّ منزلته وزيادة قربه ورفعته بنصّ القرآن وهؤلاء مع قصور عقولهم هذه يرون الحقّ سبحانه بلا حجاب في جميع الاوقات ويتعجّبون من وعد الرّؤية الاخرويّة لَقَدِ اِسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (٢) وعلماء أهل السّنّة والجماعة - شكر الله تعالى سعيهم - بذلوا غاية جهدهم في إثبات الرّؤية الاخرويّة ببراهين نقليّة وخالفوا في ذلك جميع الفرق فإنّه لم يقل برؤية الحقّ جلّ وعلا غير أهل السّنّة أحد من الفرق المخالفين ملّيّوهم وغير ملّيّهم بل عدوّها من المحال العقليّ وأهل السّنّة أيضا قالوا: إنّها بلا كيف وإنّها مخصوصة بتلك النّشأة وهؤلاء المهوّسون يزعمون حصول هذه الدولة الباهرة في هذه النّشأة الفانية وصاروا مسرورين بمنامهم وخيالهم رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَدًا (٣) والسّلام على من اتّبع الهدى (٤) والتزم متابعة المصطفى عليه وعلى آله أتمّ الصّلوات وأكمل التّسليمات.

(٦٧) المكتوب السّابع والسّتّون إلى المير منصور في بيان حقيقة الكائنات وبيان الفرق بين مكشوف حضرة شيخنا ومكشوف صاحب الفتوحات

__________

(١) الآية: ٣٠ من سورة النور.

(٢) الآية: من سورة.

(٣) الآية: ١٠ من سورة الكهف.

(٤) الآية: من سورة.

إنّ عرصة هذه الكائنات الّتي تتخيّل معاينة ومشهودة ومنبسطة ومسطّحة وطويلة وعريضة هي عند حضرة الشّيخ محيي الدين بن العربيّ وتابعيه حضرة الوجود الذى لا موجود في الخارج غيره وذلك الوجود هو ذات الحقّ سبحانه الذى يسمّونها ظاهر الوجود الذى بواسطة انعكاسه في الصّور العلميّة المتكثّرة الّتي يسمّونها باطن الوجود ويقال لها الاعيان الثابتة وتلبّسه بها يتخيّل متكثّرا ومنبسطا وطويلا وعريضا مع كونه على وحدته وبساطته ويقولون: إنّ مشهود الكلّ ومحسوس الجميع من العوامّ والخواصّ في هذه الصّفحة في الكسوة الكونيّة وفي الصّور والاشكال المتمايزة هو حضرة الحقّ سبحانه يتوهّم للعوامّ عالما والعالم لم يخرج من موطن العلم أصلا ولم يشمّ رائحة من الوجود الخارجيّ والظّاهر في مرآة حضرة الوجود هو عكوس تلك الصّور العلميّة أوقعت العوامّ في توهّم الوجود الخارجيّ بظهورها في الخارج لمولانا الجاميّ عليه الرّحمة (رباعى)

مجموعهء كون را بقا نون سبق ... كرديم تفحص ورقا بعد ورق

حقا كه نديديم ونه خواندم در او ... جز ذات حق وشئون ذاتيهء حق

وما هو مكشوف هذا الفقير ومعتقده هو أنّ هذه العرصة هي عرصة الوهم وهذه الصّور والأشكال الّتي فيها هي صورة الممكنات وأشكالها ثبتت بصنع الله سبحانه في مرتبة الحسّ والوهم وصارت متقنة وكلّ ما هو محسوس مشهود في هذه الصّفحة فهو من الممكنات وإن كان توهّم ذلك المشهود لبعض السّالكين واجبا وظهر بعنوان الحقّيّة ولكنّه من أفراد العالم وهو تعالى وراء الوراء ومنزّه عن رؤيتنا وعلمنا مبرّأ من كشفنا وشهودنا. (شعر) أنّى يرى للخلق نور جماله ... وبأيّ مرآة يكون مصوّرا

غاية ما في الباب أنّ هذه العرصة الموهومة ظلّ تلك العرصة الخارجيّة الّتي هي حريّة بمرتبة الوجوب تعالت وتقدّست كما أنّ وجود هذه المرتبة ظلّ وجود تلك المرتبة فلو قيل لمرتبة الوهم هذه باعتبار كونها ظلّا لمرتبة الخارج خارجا لساغ كما يقال لها باعتبار الوجود الظّلّيّ موجودا أيضا وعرصة الوهم هذه كعرصة الخارج من جملة نفس الامر ولها أحكام صادقة والمعاملة الابديّة مربوطة بها كما أخبر به المخبر الصّادق عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام. ينبغي أن يلاحظ أنّ أيّا من هذين المكشوفين أقرب إلى تنزيه الله تعالى واليق بتقديسه سبحانه وأولى وأنسب بالنّسبة إلى جناب قدسه تعالى وأيّ منهما مناسب لبداية الحال وتوسّطه وأيّهما مناسب لحال الانتهاء وكان هذا الفقير معتقدا للمكشوف الاوّل منذ سنين ومرّت عليه في ذلك الموطن أحوال عجيبة ومشاهدات غريبة وحصل له في ذاك المقام حظّ وافر ثمّ صار آخر الامر بمحض فضل الله جلّ شأنه معلوما أنّ كلّ ما يرى ويعلم فهو غير الحقّ سبحانه لازم النّفي وبعد اللّتيّا والّتي انجرّت المعاملة بكرم الله جلّ شأنه من النّفي إلى الانتقاء وزال الباطل الذى أظهر نفسه



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!