موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(76) المكتوب السادس والسبعون إلى المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم في بيان علو شأن العلم والمرتبة المقدسة فوقه المعبر عنها بالنور الصرف

 

 


فلو وصل الشّيخ قدّس سرّه إلى أصل ذلك الظّلّ لما خاف من التّرقّي إلى فوق ولم يخوّف ولكنّ حسن الظّنّ يقتضي ترقّي هذا الشّيخ المعظّم بفضل الله جلّ سلطانه من هذا المقام وإدراكه حقيقة الامر لا ينبغي وزن حاله العظيم بميزان قاله ولعلّه قال ذلك في الابتداء والتّوسّط ثمّ جاوزه بمراحل من استوى يوماه فهو مغبون والله سبحانه الموفّق وماذا أكتب من التّجلّي الذّاتيّ وماذا أقدر أن أكتب فإنّه ذوقيّ فمن ذاق عرف ومن لم يذق لم يدر (ع) بلغ اليراع إلى هنا فتكسّرا * والقدر الممكن إظهاره أنّ التّجلّي الذّاتيّ في حقّ العارف الذي ذكر فناءه فيما سبق دائميّ وما هو كالبرق لغيره على الدوام في حقّه بل التّجلّي البرقيّ ليس هو تجلّيا ذاتيّا في الحقيقة وإن قالوا له تجلّيا ذاتيا بل هو تجلّي شأن من شئون الذّات سريع الاستتار فإنّه متى ما حصل التّجلّي الذّاتيّ من غير ملاحظة الشّئون والاعتبارات فالدّوام لازم له والاستتار غير متصوّر فيه وتلوينات التّجلّيات تنبئ عن الصّفات والشّئونات وحضرة الذّات منزّهة ومبرّأة من التّلوينات ولا مجال فيها للاستتار ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١).

(٧٦) المكتوب السّادس والسّبعون إلى المخدوم زاده الخواجه محمّد معصوم في بيان علوّ شأن العلم والمرتبة المقدّسة فوقه المعبّر عنها بالنّور الصّرف

اعلم أنّ شأن العلم وإن كان تابعا لشأن الحياة ولكن للعلم في مرتبة حضرة الذّات تعالت وتقدّست بعد سقوط اعتبار الصّفات والشّئون شأن ليس هو للحياة فضلا عن سائر الصّفات والشّئون وفي موطن التّجرّد عن جميع النّسب مرتبة لا تجوّز إطلاق غير النّور على نفسها أظنّ أنّ للعلم أيضا مجالا فيها لا ذاك العلم الذى يقال له حصوليّا أو حضوريّا فإنّه مع قسميه تابع للحياة بل هو لا كيفيّ ولا مثليّ كحضرة الذّات تعالت وتقدّست وكلّه شعور لا كيفيّ بلا اعتبار العالم والمعلوم وفوق تلك المرتبة مرتبة أخرى لا مجال فيها للعلم كسائر الشّئون لا شيء هناك غير النّور الذى هو أصل ذلك الشّعور اللّاكيفيّ واللّامثليّ فإذا كان ظلّ ذلك النّور لا كيفيّا ولا مثليّا ماذا نقول من لا كيفيّة الاصل الذى هو عين النّور؟ ماذا نقدر أن نقول وجميع الكمالات وجوبيّة وإمكانيّة ظلال النّور وقائمة بالنّور ووجود الكلّ صار وجوبا ومبدأ للآثار من النّور والمرتبة الاولى لمّا كانت فيه رائحة الانحطاط من مرتبة حضرة النّور الصّرف والجامع للشّعور هو النّور قال المخبر الصّادق عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام في حقّه إنّه مخلوق وعبّر عنه أحيانا بالعقل حيث قال: «أوّل ما خلق الله العقل “ وأحيانا بالنّور وقال: «أوّل ما خلق الله نوري ” وكلاهما شيء واحد فإنّه نور وعقل وشعور وحيث نسب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى نفسه وقال

__________

(١) الآية: ٥٤ من سورة المائدة والآية: ٢١ من سورة الحديد والآية: ٤ من سورة الجمعة.

نوري يمكن أن نقول: إنّ هذه المرتبة هي الحقيقة المحمّديّة والتّعيّن الاوّل لا تلك الحقيقة والتّعيّن الاوّل المتعارفان بل لو كان ذلك التّعيّن ظلّا من ظلال ذلك التّعيّن فهو أيضا مغتنم كما أنّ المراد من هذا العقل ليس هو ذاك العقل الذى قال الفلاسفة: إنّه الصّادر الاوّل من الواجب تعالى بطريق الإيجاب وجعلوه مصدرا لصدور الكثرة (ينبغي) أن يعلم أنّ كلّ موطن فيه تعيّن فيه رائحة من الإمكان ومعه شوب من العدم الذى صار باعثا على تعيّن الوجود وتميّزه وبضدّها تتبيّن الاشياء وصفات الواجب جلّ شأنه هي الّتي عرض لها التّعيّن والتّميّز فهي مع وجود قدمها ليست بواجبة لذواتها بل واجبة لذات الواجب تعالى وحاصل ذلك وجوب بالغير الذى هو من أقسام الممكن وإن كان التّحاشي لازما من إطلاق لفظ الإمكان في الصّفات القديمة لكونه موهما للحدوث والمناسب هناك إطلاق الوجوب لمجيئها من ذات الواجب تعالى ولكن للإمكان فيها مجال في الحقيقة لعدم وجوبها لذواتها بل لغيرها وإن لم يقولوا بالغيريّة وأرادوا بالغير الغير المصطلح ولكنّ الاثنينيّة مقتضية للغيريّة الاثنان متغايران قضيّة مقرّرة من قضايا أرباب العقول (والعجب) أنّ الشّيخ محيي الدين بن العربيّ قال للاثنين من التّعيّنات تعيّنا وجوبيّا وللثّلاثة إمكانيّة وفي الحقيقة في كلّ التّعيّنات سمة الظّلّيّة ورائحة الإمكان وإن كان بين ممكن وممكن فرق كثير وكان أحدهما قديما والآخر حادثا ولكنّ الكلّ غير خارج من دائرة الإمكان وفي الكلّ رائحة من العدم (وإيّاك) وتخيّل المرتبة الثانية الّتي هي النّور الصّرف والمتعيّن باللّاتعيّن ذاتا بحتا واحديّة مجرّدة مثل الآخرين فإنّه أيضا حجاب من الحجب النّورانيّة إنّ لله سبعين الف حجاب من نور وظلمة وإن لم يكن تعيّنا ولكنّه حجاب المطلوب الحقيقيّ وإن كان آخر الحجب وهو تعالى وراء الوراء وهذا النّور الصّرف لمّا لم يكن داخلا في دائرة التّعيّن كان منزّها ومبرّأ من ظلمة العدم ولله المثل الاعلى ومثل ذلك النّور كمثل تشعشع نور الشّمس الذى هو حاجب لقرصها انتشر من عين القرص وصار حجابا لها وفي الحديث «حجابه النّور " وهذه المرتبة العليا فوق التّجلّيات الذّاتيّة فضلا عن تجلّيات الافعال والصّفات فإنّ التّجلّي بلا شوب التّعيّن غير متصوّر وهذا المقام فوق جميع التّجلّيات ولكنّ منشأ التجلّيات الذّاتيّة هو هذا النّور الصّرف والتّجلّي إنّما يتصوّر بواسطته ولولاه لما حصل التّجلّي وحقيقة الكعبة الرّبّانيّة أظنّها حضرة ذلك النّور الذى هو مسجود الجميع وأصل جميع التّعيّنات فإذا كان ملاذ التّجلّيات الذّاتيّة وملجأها ذلك النّور ماذا يزيد في مدحه كونه مسجودا لآخرين فإذا شرّف الله سبحانه بكمال فضله وعنايته عارفا من ألوف بالوصول إلى هذه الدولة وخصّه بالفناء والبقاء في هذا الموطن يمكن أن ينال بقاء بهذا النّور وحظّا وافرا من الفوق وفوق الفوق وأن يتجاوز من النّور بالنّور فيصل إلى أصل النّور ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وهذه المعارف كما أنّها وراء طور النّظر والفكر وراء طور الكشف والشّهود أيضا وأرباب الكشف والشّهود في فهم هذه العلوم كأرباب العلم والعقل لا بدّ في الاهتداء إلى درك هذه الحقائق بمتابعة الانبياء عليهم الصّلاة والسّلام من نور فراسة النّبوّة (ينبغي) أن يعلم أنّ هذا النّور حاشاه



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!