موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(78) المكتوب الثامن والسبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد سعيد والخواجه محمد معصوم في إظهار الاشتياق إياهم والإشفاق عليهم مع ذكر ثمرات العسكر ** | ** (79) المكتوب التاسع والسبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمد معصوم في أسرار ذات العارف الموهوبة

 

 


النّظر في ذلك الموطن وحدّة البصر فيه مربوطة بالصّلاة الّتي هي شغل المنتهين وسائر العبادات لعلّها تمدّ في تكميل الصّلاة وتتلافى نقصها ولعلّه من هذا الوجه قالوا في حقّ الصّلاة إنّها حسن لذاتها كالإيمان وسائر العبادات ليست حسنا لذواتها.

(٧٨) المكتوب الثامن والسّبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمّد سعيد والخواجه محمّد معصوم في إظهار الاشتياق إيّاهم والإشفاق عليهم مع ذكر ثمرات العسكر

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وإن كان الاولاد الكرام مشتاقين إلينا ومريدين لدوام صحبتنا ونحن أيضا متمنّين لحضورهم وملاقاتهم ولكن ماذا نفعل لا يحصل جميع المتمنّيات (ع) تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن * وإنّي أرى بقائي في العسكر على هذا الطّور بلا اختيار ولا رغبة مغتنما وأعتقد ساعة واحدة في هذه العرصة أفضل من ساعات كثيرة في سائر الامكنة وقد يتيسّر هنا ما لا يعلم تيسّر تمثاله في مواضع أخرى ومعارف هذا الموطن ممتازة من سائر المعارف وأحوال هذا المجمع ومقاماته ليست ممّا ينالها كلّ عارف والمنع الذى ورد من جانب السّلطان أراه روزنة رضاء مولاي العزيز الشّأن وأظنّ سعادتي في هذا الحبس وخصوصا في أيّام المشاجرة هذه أمور ومعاملة عجيبة وفي أوقات التّفرقة هذه غنج ودلال وملاطفة غريبة ولكن كلّما تحصل دولة جديدة عجيبة يوما فيوما يقع الاولاد في الخاطر ويضطرب الفؤاد من الم الهجر والبعاد وعدم نيل الملاقاة وأظنّ أنّ شوقي أكثر وأزيد من شوقكم وغالب عليه ومن المقرّر أنّ الولد لا يريد مثل ما يريد الوالد إيّاه وإن كانت قضيّة الاصالة والفرعيّة مقتضية عكس ذلك فإنّ الاصل لا احتياج له والفرع محتاج إلى الاصل من القدم إلى الرّأس ولكن جرت المعاملة على ذلك وثبت أشدّ الشّوق للأصل (ع) در خانه بكدخداى ماند همه چيز *

الدهلي في جواركم وآكره أيضا قريب منكم والسّلام.

(٧٩) المكتوب التّاسع والسّبعون إلى حضرة المخدوم زاده الخواجه محمّد معصوم في أسرار ذات العارف الموهوبة اللّاكيفيّة وتحقيق تجلّي الذّات والرّؤية الاخرويّة وما يناسب ذلك

فإذا ترقّت معاملة العارف من الشّئون والصّفات وتعدّت من وجوه اعتبارات الذّات تعالت وتقدّست وحصل لها التّفوّق من المقام الذى عبّرنا عنه بحقيقة الصّلاة يكون التّوجّه والمتوجّه ثمّة بلا

كيف كالمتوجّه إليه فإنّه لا سبيل للكيفيّ إلى اللّاكيفيّ وذلك المتوجّه هو ذات العارف بعد حذف جميع الوجوه والاعتبارات عنه والكنه عبارة عن هذه الذّات المجرّدة المتوجّهة إلى ذات معروفها وكنهه مطلوبها بنفسها لا بالوجه والاعتبار وإنّما قلت إنّ الكنه عبارة عن الذّات المجرّدة فإنّ كنه الشّيء هو ما يكون وراء جميع وجوه الشّيء واعتباراته وذات الشّيء أيضا ما يكون وراء جميع وجوه الشّيء واعتباراته فإنّ كلّما يلاحظ من وجوه الشّيء واعتباراته توجد ذات الشّيء وراء ذلك كلّها لا مجال لإثبات أمر في مرتبة الذّات أصلا وكلّ شيء يثبت ثمّة فهو داخل في الوجوه والاعتبارات والذّات ما وراء ذلك لا يتصوّر في ذلك المقام أمر غير النّفي والسّلب فإن كان فيه علم بالامتياز فبالسّلب وإن كان تعبير وتفسير فبالسّلب أيضا وكلّ شيء لا مجال فيه للإثبات ولا يمكن عنه التّعبير بغير السّلب فهو مجهول الكيفيّة وله نصيب من اللّاكيفيّ والتّوجّه الذى يثبت في مرتبة الذّات يكون عين ذات المتوجّه لا وجه من وجوه الذّات ولا اعتبار من اعتباراتها فإنّ جميع الوجوه والاعتبارات صارت مسلوبة عنها ولم يبق شيء غير الذّات الاحد فيكون لذاك التّوجّه الذى هو عين الذّات نصيب من اللّاكيفيّ بالضّرورة فصحّ أنّ التّوجّه والمتوجّه يكونان ثمّة بلا كيف كالمتوجّه إليه وإن كان بين لا كيفيّ ولا كيفيّ فرق كثير ما للتّراب وربّ الارباب ولهذا أثبتنا في التّوجّه والمتوجّه نصيبا من اللّاكيفيّ واللّاكيفيّ الحقيقيّ هو المتوجّه إليه فقط فإذا كان ذاك الممكن وكنهه مجهول الكيفيّة ولا يمكن إثبات شيء فيها كيف تكون ذات الواجب تعالى الّتي هي في كمال اللّطافة والتّقدّس والتّنزّه مدركة وماذا يحصل منها. (شعر)

من لم يكن ذا خبرة عن نفسه ... هل يقدر الإخبار عن هذا وذا

وأعطى أرحم الرّاحمين من كمال رأفته ورحمته الممكن الذى متّصف بالكيف بالتّمام نصيبا من اللّاكيفيّ ليحصل له حضور وشعور باللّاكيفيّ الحقيقيّ

(ع) وللأرض من كأس الكرام نصيب *

وما قيل من استحالة معرفة كنه الذّات لعلّهم أرادوا بالمعرفة المعرفة المتعارفة الّتي من عالم الكيف وتعلّقها باللّاكيفيّ محال وأمّا إذا اتّصل أمر من عالم لا كيفيّ بلا كيفيّ باتّصال لا كيفيّ ونال من تلك الدولة العظمى حظّا وافرا لم يكن محالا (معرفة) غريبة ومسالة دقيقة عجيبة قلّما ظهرت إلى الآن من أهل الكشف والعرفان أنّ هذه الذّات المجرّدة الّتي لها نصيب من اللّاكيفيّ وبيّنت بالتّفصيل مخصوصة بعارف تامّ المعرفة واصل إلى حضرة الذّات المجرّدة تعالت وتقدّست وحصل له الفناء والبقاء في تلك الدرجة العليا وهذه الدولة أثر ذلك البقاء الذّاتيّ وسائر الممكنات سوى هذا العارف لا نصيب لهم من الذّات أصلا وليست لهم ذات قطعا حتّى تكون صفاتهم قائمة بها بل جميع وجودهم ظلال الاسماء والصّفات وعكوس الشّئون والاعتبارات قائمة بأصولها الّتي هي الاسماء والصّفات لا بأمر يعبّر عنه بالذّات واللّطائف السّبع للإنسان الذى هو أجمع جميع الممكنات سواء كانت خفيّا أو أخفى آثار الصّفات وجسمانيّها وروحانيّها ظلال الاسماء واعتبارات الذّات تعالت وتقدّست ما أودع فيها شيء من نفس

الذّات وما جعل قيامها بتلك الذّات (فإن قيل) لا قيام للأسماء والصّفات بأنفسها بل قيامها بالذّات تعالت وتقدّست فكيف يقوم الغير بها؟ (قلت) إنّ الغير إنّما لا يقوم بها إذا كان موجودا وأمّا إذا حصل له ثبوت واستقرار في مرتبة التّوهّم فلم لا يكون قائما بهؤلاء فإنّه أضعف؟ (وما قلت وكتبت) انّ ذات الممكن عدم فهو كقولنا الممكن لا ذات له ذاته عدم ولا ذات له كلاهما بمعنى واحد وإن أبدى التّحقيق الفلسفيّ تغايرا بين هذين المفهومين ولكن لا مفهوم له وفي الحقيقة مرجعهما ومآلهما واحد والعدم لا نفع فيه لنفسه وماذا يجدي لغيره ولا يقدر إمساك نفسه؟ فكيف يمسك غيره؟ وتحقيق المبحث أنّ عكوس الاسماء والصّفات لمّا ظهرت في مرآة العدم يرى قيامها في الظّاهر بتلك المرآة وتتخيّل المرآة كالذّات لها باعتبار قيامها بها وفي الحقيقة قيامها بأصلها لا تعلّق لها بالمرآة أصلا ولا شغل لها بمرآة العدم في غير التّوهّم وأين المجال لجوهريّة تلك المرآة وذاتيّتها ههنا؟ والعدم لا قابليّة له لان يكون عرضا فكيف يكون جوهرا؟ وهذا العارف تامّ المعرفة الواصل إلى مرتبة الذّات تعالت وتقدّست الحاصل له البقاء بالذّات الذى حكمه حكم عنقاء المغرب في جميع الاوقات لكونه عزيز الوجود وغريب الوقوع أعطى بعد الفناء والبقاء ذاتا يكون قيام ظلال الاسماء والصّفات وعكوسها الّتي هي حقيقته بتلك الذّات كما أنّ قيام أصولها الّتي هي الاسماء والصّفات بحضرة الذّات يكون قيام ظلال تلك الاسماء والصّفات بظلّ تلك الذّات الّتي أعطيها العارف فيكون ذلك العارف مركّبا من الجوهر والعرض ويكون سائر أفراد الممكن مجرّد الاعراض لا شائبة فيهم من الجوهريّة نعم ما قال صاحب الفتوحات المكّيّة من أنّ العالم أعراض مجتمعة قائمة بذات واحدة ولكن ذهل الشّيخ هنا عن دقيقتين إحداهما أنّه لم يستثن العارف الاكمل من هذا الحكم وثانيتهما أنّه جعل قيامه بالذّات الاحد والحال أنّ قيامه بأصله الذى هو الاسماء والصّفات لا بالذّات تعالت وإن كان قيام الاسماء والصّفات بالذّات فإنّ لحضرة الذّات كمال الاستغناء عن العالم فكيف يمكن قيام العالم بتلك الدرجة العليا؟ وماذا يكون العالم حتّى يكون فيه هوس القيام بتلك الذّروة القصوى؟

ما تماشا كنان كوته دست ... تو درخت بلند بالاى

ومعاملة هذا العارف خارجة عن معاملة العالم وحكمه مستثنى من أحكام العالم وهو بحكم “ المرء مع من أحبّ ” نال بالمحبّة الذّاتيّة معيّة بأصل الاصل متجاوزا اصله وأفنى نفسه في أصل الاصول وأكرمه أكرم الاكرمين بمقتضى: هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان ببقائه مكافاة لفنائه وجعله باقيا بما قد فني فيه وصيّره مظهرا لذاته وأسمائه وصفاته وجعله مرآة جامعة فكان حكم سائر أفراد العالم في جنب هذا العارف العاشق حكم القطرة بالنّسبة إلى البحر المحيط فإنّ الاسماء والصّفات لا قدر لها في جنب حضرة الذّات ولا مقدار وللقطرة قدر بالنّسبة إلى البحر وهؤلاء يمكن أن يقال ليس لها ذلك في جنب تلك ينبغي أن يقيس علم هذا العارف ومعرفته ودركه وإدراكه من ههنا بالنّسبة إلى الآخرين وأن يفهم ثمّة عظم شأنه

وعلوّ منزلته ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ والله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١) وهذا العارف الذى تشرّف بالبقاء الذّاتيّ وأعطى ذاتا يكون قيام صفاته مثل العلم والقدرة بها كما كان قيامها أوّلا بأصولها كسائر أفراد العالم لا يعود إليه بوجود هذا البقاء الاكمل إطلاق كلمة أنا الّتي قد زالت عنه ولا يقدر إطلاق أنا في مرتبة من مراتب البقاء فإنّ البقاء الاكمل متفرّع على الفناء الاتمّ الذى لم يترك من إطلاق كلمة أنا اسما ولا رسما ولم يبق له مجالا “ الزّائل لا يعود ” قضيّة مشهورة والذي يعود فليس هو بزائل بل كان مغلوبا ومستورا ثمّ قوي بعروض عارض وغلب فإنّ المغلوب قد يغلب (ينبغي أن يعلم) أنّ النّصيب من مرتبة الذّات - تعالت وتقدّست - مخصوص بهذا العارف الذى صار باقيا بحضرة الذّات وقامت به الصّفات وأيّ قسم من الفناء والبقاء حصّله غيره يكون نصيبه من الاسماء والصّفات لا من الذّات - تعالت وتقدّست - وإن لم يكن للأسماء والصّفات انفكاك عن الذّات تعالت ولكنّ النّصيب من الذّات غير النّصيب من الصّفات وإن أوقع عدم انفكاك الصّفات عن الذّات جماعة في توهّم اتّحاد النّصيب من الصّفات وعينيّته بالنّصيب الحاصل من الذّات ولكن لكلّ منهما علامات وأمارات على حدة وعلوم ومعارف مخصوصة لا يخفى ذلك لأرباب الوصول إلى هذه الدولة العظمى ولكن لا يخفى عليك أنّ التّجلّي الذّاتيّ ليس بمخصوص بهذا العارف بل يجوز أن يتيسّر التّجلّي الذّاتيّ لغيره أيضا ولكن لا يكون له نصيب من نفس الذّات فإنّ التّجلّي يستدعي نحوا من الظّلّيّة فإنّه ظهور في مرتبة ثانية والنّصيب من نفس الذّات الذى مرّ ذكره لا يتحمّل شائبة من الظّلّيّة ويكون هاربا عن نفس التجلي والظهور أيضا ظهور الذّات بصفة من الصّفات هو أيضا ظهور الذّات في مرتبة ثانية ولكنّه ليس تجلّيا ذاتيّا بل تجلّي اعتبار من اعتبارات الذّات - تعالت وتقدّست - فإنّ الذّات عزّ شأنهاجامعة لجميع الاعتبارات بل منزّهة عن الجميع فلا يكون تجلّي اعتبار من الاعتبارات تجلّيا ذاتيّا (فإن قيل) إنّ الشّيخ محيي الدين بن العربيّ - قدّس سرّه - وتابعوه قدّس الله أسرارهم قالوا للتّعيّن الاوّل تعيّنا ذاتيّا وهو ظهور الذّات بالتّعيّن العلميّ الجمليّ الذى هو اعتبار من اعتبارات الذّات وإن كانت له جامعيّة (أجيب) انّ معتقد هذا الدرويش هو أنّ هذا الظّهور العلميّ الجمليّ الذى عبّروا عنه بالتّعيّن الاوّل ليس هو أيضا تجلّيا ذاتيّا بل هو تجلّي شأن من شئونات الذّات والذّات جامعة لجميع الشّئون والاعتبارات بل فوق جميع الشّئون والاعتبارات واعتبار العلم هناك كسائر اعتبارات الذّات الّتي ايدى وصولها قاصرة عن ذيل غنا تلك المرتبة المقدّسة (فإن قيل) إنّ الظّهور في مرتبة ثانية مقصور على العلم فإنّ في الخارج نفس الذّات تعالت فيكون ظهورها في مرتبة ثانية في موطن العلم فإنّ الظّهور إمّا في العلم أو في الخارج ولم يبيّن الشّقّ الثالث حتّى يثبت فيه الظّهور (قلت) إنّ القادر الذى ظهر بشأن العلم الذى هو اعتبار من اعتبارات الذّات يقدر أن يظهر على نهج يكون ظهور اعتبار العلم بعضا من ذلك الظّهور الجامع بل يظهر على نهج لا يكون لاعتبار العلم ولا

__________

(١) الآية: ٥٤ من سورة المائدة والآية: ٢١ من سورة الحديد والآية: ٤ من سورة الجمعة.

لسائر الاعتبارات فيه مجال ويكون مرتبة ذلك الظّهور الجامع ما وراء مرتبة الخارج ومرتبة العلم بأن يكون ظلّا للخارج وأعلى من مرتبة العلم وجعل تجلّي الذّات مقيّدا بالتّعيّن العلميّ من قبيل حصر بحر في كوز بل من قبيل طلب الشّراب من السّراب قال الشّاعر.

(شعر)

كسى در صحن كاچى قليه جويد ... أضاع العمر في طلب المحال

نعم إنّ اعتبار العلم هو أجمع جميع اعتبارات الذّات وفيه من شمول كمالات الذّات ما ليس في غيره من الاعتبارات فلو قالوا للظّهور العلميّ: ظهور الذّات على سبيل التّجوّز وأطلقوا عليه تجلّيا ذاتيّا لساغ وإن كان ذلك بعيدا عن إطلاقاتهم ومستبعدا من مذاقهم كما لا يخفى على النّاظرين في كلامهم (فإن قيل) إنّ الشّيخ محيي الدين بن العربيّ - قدّس سرّه - قال: تكون الرّؤية الاخرويّة بصورة لطيفة جامعة مثاليّة فما اعتقادك في هذه المسألة؟ (قلت) إنّ رؤية الصّورة الجامعة المذكورة ليست هي رؤية الحقّ سبحانه بل رؤية مظهر من مظاهر كمالاته سبحانه حصل في عالم المثال. (شعر)

يراه المؤمنون بغير كيف ... وإدراك وضرب من مثال

والقول بكون رؤية الحقّ سبحانه بالصّورة نفي رؤية الحقّ سبحانه في الحقيقة وأيضا إنّ الصّورة الّتي تحصل في عالم المثال وإن كانت جامعة تكون على مقدار عالم المثال وعالم المثال وإن كانت له وسعة ولكنّه واحد من عوالمه تعالى المخلوقة فكيف يكون للصّورة الجامعة الّتي فيها مجال لأن تكون جامعة لجميع الكمالات الوجوبيّة وأن تضبط كلّها حتّى تصير مرآة لتلك المرتبة المقدّسة وتكون رؤيتها رؤيته تعالى فإذا لم يكن في صفة العلم الّتي هي من الصّفات الوجوبيّة وأجمع الصّفات الذّاتيّة مجال لأن تكون جامعة لجميع الصّفات والاعتبارات الذّاتيّة كما مرّ تحقيقه ماذا يكون عالم المثال الذى هو ممكن ومخلوق حتّى يكون فيه صورة جامعة لجميع الكمالات الوجوبيّة فلو سلّمنا فرضا وتقديرا أنّها جامعة تكون ظلّا من ظلال تلك المرتبة المقدّسة ورؤية الظّلّ ليست هي في الحقيقة رؤية الاصل والمخبر الصّادق عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام شبّه الرّؤية الاخرويّة برؤية القمر ليلة البدر ولم يترك خافية أصلا ورؤية الظّلّ هي كرؤية القمر في الطّشت وأرباب الفطرة العليا لا يقبلون ذلك والذي ندركه ونعلمه أنّه يمكن أن يحصل لتلك المرتبة المقدّسة ظهور في خارج موطن العلم ويكون له ثبوت في ظلّ مرتبة الخارج كما مرّ ويكون لهذا الظّهور الجامع ظلّ جامع في موطن العلم يعبّرون عنه بالتّعيّن الاوّل ويكون لهذا الظّهور الجامع ظلّ آخر في عالم المثال جامع يكون مرآة للظّلّ الجامع العلميّ وهذا الظّلّ الجامع المثاليّ الذى يظهر بصورة لطيفة في عالم المثال يكون بصورة الإنسان الذى هو أجمع المخلوقات وحديث «إنّ الله خلق آدم على صورته " يمكن أن يكون واردا بهذا الاعتبار ولكنّ رؤية الحقّ سبحانه



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!