موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(95) المكتوب الخامس والتسعون إلى مولانا صالح الكولابي في بيان الاسرار المخصوصة بولاية حضرة شيخنا مد ظله العالي

 

 


وَاِغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) والصّلاة والسّلام على نبيّنا وعلى جميع الانبياء العظام والملائكة الكرام.

(٩٥) المكتوب الخامس والتّسعون إلى مولانا صالح الكولابيّ في بيان الأسرار المخصوصة بولاية حضرة شيخنا مدّ ظلّه العالي

ولاية هذا الفقير وإن كانت مربّاة الولاية المحمّديّة والولاية الموسويّة على صاحبيهما الصّلاة والتّحيّة ومركّبة من نسبة المحبوبيّة ونسبة المحبّيّة بتطفّلهما فإنّ رئيس المحبوبين محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورئيس المحبّين كليم الله عليه السّلام ولكن فيها امر آخر وربطت بها معاملة على حدة وأصل هذه الولاية وإن كانت ولاية نبيّه الّتي هي الولاية المحمّديّة على صاحبها الصّلاة والسّلام الّتي هي بالاصالة ناشئة من المحبوبيّة الصّرفة ولكن لمّا انضمّت إلى هذه الولاية كيفيّة من الولاية الموسويّة الّتي هي بالاصالة ناشئة من المحبّيّة الصّرفة وصارت منصبغة بصبغها أيضا عرضت لها هيئة أخرى بل يمكن أن يقال: إنّها صارت حقيقة أخرى وأثمرت ثمرة أخرى وأنتجت نتيجة أخرى ونعم ما قال (شعر)

از اين افيون كه ساقى در مى افكند ... حريفا نرانه سرماندونه دستار

رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَدًا (٢) والسَّلامُ عَلى مَنِ اِتَّبَعَ الْهُدى (٣) فصل بالخير فلو أظهرت شمّة من تلك المعاملة الّتي هي مربوطة بتلك الولاية قطع البلعوم وذبح الحلقوم فإذا قال أبو هريرة رضي الله عنه في إظهار بعض العلوم الذى أخذه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قطع البلعوم ماذا يقال في حقّ غيره وقد جعل الله سبحانه غوامض الأسرار الإلهيّة بينه وبين أخصّ الخواصّ من عباده ولم يترك الاجانب أن يحوموا حواليها وحضرة خاتم الرّسل عليه وعليهم الصّلاة والسّلام الذى هو رحمة للعالمين أظهر هذه الأسرار المصونة من كمال معرفته ووفور رأفته لأبي هريرة وغيره وآثرهم بهذه الدرر المكنونة لما عرف قابليّتهم لتميّز الشّرّ من خيره وأنا المفلس القليل البضاعة خائف وجل من تذكّر تلك الأسرار وخطورها ولا أجد في نفسي مع سوء حالي هذا وعدم استعدادي

__________

(١) الآية: ٨ من سورة التحريم.

(٢) الآية: ١٠ من سورة الكهف.

(٣) الآية: ٤٨ من سورة طه.

مناسبة بتلك المطالب العليا ولكنّي أعرف وأعترف بأنّه (ع) لا عسر في أمر مع الكرام * نعم ينبغي لله أن يكون هكذا وهذا الكرم يليق به سبحانه وكرمه تعالى لنا ليس في هذا اليوم فقط بل لمّا أخذ قبضة التّراب الذى خلقنا منه من الارض جعله خليفة نفسه وصيّره قيّوم الاشياء نيابة عن نفسه وعلّمه أسماء جميع الاشياء بلا واسطة وجعل الملائكة الذين هم عباده المكرّمون تلامذته وأمرهم من جلالة شأنهم بسجودهم وطرد إبليس الذى كان ملقّبا بمعلّم الملكوت وكان له شأن عظيم في العبادة والطّاعة وأبعده عن عزّ حضوره لامتناعه عن سجوده وعدم تعظيمه وتوقيره وجعله ملعونا وملوما ومطعونا وأعطى لذاك التّراب قدرة وهمّة تحمّل بها ثقل الامانة الّتي أبت السّموات والارض والجبال ان يحملنها واشفقن منها واعطاه أيضا قوّة قابليّة لرؤية خالق السّموات والارض الذى هو منزّه عن الكيف ومتعال عن المثال مع كونه مكتفا بالكيف والمثال مع أنّ الجبل صار قطعا قطعا مع صلابته بتجلّ واحد منه سبحانه وصار رمادا فذلك الله الذى هو قديم الإحسان وأرحم الرّاحمين قادر على أن يبلّغ أمثالنا العاجزين درجات السّابقين ويجعلنا شركاء دولتهم بتطفّلهم. (شعر)

فإذا أتى باب العجوز خليفة ... إيّاك يا صاح ونتف سبالكا

(تنبيه) اعلم أنّ حضرة الحقّ سبحانه على تنزيهه وتقديسه دائما منزّه عن صفات الحدوث ومبرّأ من سمات النّقصان ولا سبيل للتّبدّل والتّغيّر إلى حضرته جلّ سلطانه ولا مجال هناك للاتّصال والانفصال وتجويز الحاليّة والمحلّيّة ثمّة كفر والحكم بالاتّحاد والعينيّة عين الالحاد والزّندقة وإن حصل لخواصّ عباده سبحانه وتعالى قرب ووصل إلى تلك الحضرة ولكن ليس ذلك من قبيل قرب الجسم بالجسم ولا من جنس اتّصال الجوهر بالعرض فلو كان هناك قرب فهو منزّه عن الكيف وإن كان وصل فمبرّأ أيضا عن الكمّ والاين وجميع معاملات هؤلاء الاكابر في تلك الحضرة من العالم اللّاكيفيّ ونسبة العالم الكيفيّ إلى العالم اللّاكيفيّ كنسبة القطرة إلى البحر المحيط كيف لا؛ فإنّ ذلك ممكن وهذا واجب تعالى وذاك كائن في ضيق المكان والزّمان وهذا منزّه عن ضيق الزّمان والمكان نعم ميدان العبارة متّسع في ذاك العالم وضيّق في هذا العالم لعلوّه من العبارة وبعده عن الإشارة وقد أعطى أرحم الرّاحمين خواصّ عباده نصيبا من العالم اللّاكيفيّ وسيرا فيه وشرّفهم بمعاملات لا كيفيّة فلو عبّر عن ذاك اللّاكيفيّ بالكيفيّ فرضا لكان أبعد من تعبير البالغين عن لذّة الجماع للأطفال بلذّة العسل والسّكّر فإنّ كلتا هاتين اللّذّتين من عالم واحد وذاك المعبّر به والمعبّر عنه من العالمين المتباينين فمن عبّر عن اللّاكيفيّ بالكيفيّ وأجرى أحكام الكيفيّ على اللّاكيفيّ حقّ له أن يكون موردا للطّعن والطّرد وأن يتّهم بالالحاد والزّندقة بالضّرورة فكون تلك الأسرار دقيقة وغموضة إنّما جاء من جهة العبارة والتّعبير لا من جهة التّحقّق والحصول فإنّ تحقّق الإنسان بتلك الأسرار كمال الإيمان والتّعبير عنها بعبارة كيفيّة عين الكفر والالحاد ينبغي أن يستعمل من عرف الله



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!