موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(98) المكتوب الثامن والتسعون إلى الحاج عبد اللطيف الخوارزمي في بيان ضرر الالتذاذ من الحسن الصوري

 

 


قال الصّوفيّة العالم موهوم لا بمعنى أنّه محض مخترع الوهم ومنحوته فإنّ ذلك مذهب السّوفسطائيّة الحمقي بل هو موهوم بمعنى أنّه مخلوق بخلق الله سبحانه في مرتبة الوهم وحصل له في تلك المرتبة بصنعه سبحانه ثبوت واستقرار ولكنّ الخير والكمال اللّذين فيه مستعار من حضرة الوجود تعالى وتقدّس وظلّ من ظلال كمالات تلك المرتبة الاقدس والشّرّ والنّقص اللّذين فيه مستعار من العدم وظلّ من ظلال الشّرور والنّقائص المخزونة في ذلك العدم الذي هو منشأ جميع الشّرّ والنّقص فإذا أدّى السّالك المستعدّ للمسالك - بحكم تربيته تعالى - هذه الامانات إلى أهلها بأن ردّ الخير والكمال إلى أهلهما وأحال الشّرّ أيضا إلى صاحبه يصير متحقّقا بدولة الفناء بالضّرورة ولا يبقى منه رسم لا يكون فيه أثر من الخير ولا يتوقّع له ضرر من الشّرّ فإنّ جميع ما فيه من الخير والشّرّ كان مستعارا من الوجود والعدم فإنّه ما جاء من بيت أبيه بشيء وما كان عمله غير حمل الامانة فإذا ردّ الامانات إلى أهلها بالتّمام فلا جرم يتخلّص من مزاحمة أنا ونحن ويكون ملحقا بالفناء والعدم.

(٩٨) المكتوب الثامن والتّسعون إلى الحاجّ عبد اللّطيف الخوارزميّ في بيان ضرر الالتذاذ من الحسن الصّوريّ

اعلم أنّ كلّا من الخير والكمال والحسن والجمال في أيّ مكان كان أثر الوجود الذي هو خير محض ومخصوص بواجب الوجود جلّ سلطانه فكما أنّ الوجود منعكس في الممكن من تلك الحضرة بطريق الظّلّيّة جاء الحسن والجمال أيضا من تلك المرتبة بطريق الظّلّيّة وذات الممكن بواسطة عدمه الذّاتيّ شرّ محض وقبح ونقص ولكنّ هذا الحسن والجمال اللّذين مشهودين في الممكن وإن جاء من الوجود ولكن لمّا ظهرا في مرآة العدم أخذا حكم المرآة ونالا نصيبا من القبح وعرض لهما النّقص ولمّا كان في الممكن قبح ذاتيّ لا يجد من الحسن الخالص لذّة مقدار ما يجد من هذا الحسن مع كون ذاك مبدأ لهذا فإنّ مناسبته بهذا أزيد ككنّاس يجد من الرّائحة المنتنة بواسطة أنسيّته والفته بها لذّة لا يجد مثلها من الرّائحة الطّيّبة كما ورد في قصّة مشهورة: أن كنّاسا مرّ مرة من محلّة العطّارين فسقط مغشيّا عليه من فرط الرّائحة الطّيّبة فمرّ به واحد من الاكابر فلمّا اطّلع على سرّ معاملته أمر بأن يحشوا في أنفه قطعة روث ففعلوا فأفاق وقام ومضى لسبيله.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!