موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(24) المكتوب الرابع والعشرون أرسل إلى محمد قليچ خان في بيان أن الصوفي كائن بائن وأن تعلق القلب لا يكون بأكثر من واحد وأن ظهور المحبة الذاتية يستلزم استواء الإيلام والإنعام من المحبوب والفرق بين عبادة المقربين وعبادة الأبرار وكذا بين الأول

 

 


يقيس أحدهما على الآخر فالتمسوه من قبلى أن يغيّر هذا الإسم ويبدّله باسم خير منه ويلقّب بالإسلاميّ، فإنّه موافق لحال المسلم ومقاله، وانتساب إلى الإسلام الّذي هو الدّين المرضيّ عند الله سبحانه وعند الرّسول عليه الصّلاة والسّلام واجتناب عن التّهمة الّتي أمرنا باتّقائها " اتّقوا مواضع التّهم». كلام صادق لا غبار عليه قال سبحانه: ولَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ (١) والسّلام على من اتّبع الهدى.

(٢٤) المكتوب الرّابع والعشرون أرسل إلى محمّد قليچ خان في بيان أنّ الصّوفيّ كائن بائن وأنّ تعلّق القلب لا يكون بأكثر من واحد وأنّ ظهور المحبّة الذّاتيّة يستلزم استواء الإيلام والإنعام من المحبوب والفرق بين عبادة المقرّبين وعبادة الأبرار وكذا بين الأولياء المستهلكين وبين الأولياء المرجوعين إلى دعوة الخلق

سلّمكم الله سبحانه وعافاكم بحرمة سيّد المرسلين عليه وعلى آله الصّلوات والتّسليمات: «المرء مع من أحبّ» (٢) فطوبى لمن لم يبق لقلبه حبّا إلّا مع الله سبحانه ولم يرد إلّا وجهه تعالى وتقدّس فيكون هو مع الله جلّ سلطانه وإن كان في ظاهره مع الخلق واشتغل بهم صورة. وهو شأن الصّوفيّ الكائن البائن أي الكائن مع الله سبحانه والبائن من الخلق حقيقة، أو المراد الكائن مع الخلق صورة والبائن منهم حقيقة والقلب لا تتعلّق محبّته بأكثر من واحد فما لم يزل التّعلّق الحبّيّ بذلك الواحد لم يتعلّق بما سواه محبّته وما يرى من كثرة مراداته وتعلّق محبّته بالأشياء المتكثّرة كالمال والولد والرّياسة والمدح والرّفعة عند النّاس، فثمّة أيضا لا يكون محبوبه إلّا واحدا وهو نفسه ومحبّة هؤلاء فرع محبّته لنفسه. فإنّ هذه الأشياء لا يريدها إلّا لنفسه لا لأنفسهم. فإذا زالت محبّته لنفسه زالت محبّتهم بالتّبعيّة أيضا، فلهذا قيل: إنّ الحجاب بين العبد والرّبّ هو نفس العبد لا العالم، فإنّ العالم في نفسه غير مراد للعبد حتّى يكون حجابا

__________

(١) الآية: ٢٢١ من سورة البقرة.

(٢) متفق عليه: وأخرجه البخاري في كتاب الأدب باب: علامة حب الله عز وجل، ومسلم في كتاب البر والصلة باب: المرء مع من أحب، وأبو داود في سننه كتاب الأدب، باب: إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه وأحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، من حديث عبد الله بن مسعود. وأخرجه الدارمي في كتاب المقدمة من سننه: باب في اجتناب الأهواء موقوفا على علي بن أبي طالب أنه قال: «كونوا في النّاس كالنّحلة في الطّير إنّه ليس من الطّير شيء إلّا وهو يستضعفها ولو يعلم الطّير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها خالطوا النّاس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإنّ للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحبّ». وأخرج الترمذي وابن حبان وابن مردويه عن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن رجلا من أهل البادية أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يناديه بصوت له جهوريّ: يا محمّد يا محمّد، فقلنا: ويحك! أخفض من صوتك؛ فإنّك قد نهيت عن هذا، قال: لا والله حتّى أسمعه، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: هاؤم، قال: أرأيت رجلا يحبّ قوما ولم يلحق بهم، قال: «المرء مع من أحبّ».



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!