موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(31) المكتوب الحادي والثلاثون في بيان ظهور حقيقة التوحيد الوجودي وقربه تعالى ومعيته الذاتيين ومجاوزة ذلك المقام مع بعض الأسئلة والأجوبة المتعلقة بهذا المقام أرسله إلى الشيخ صوفي

 

 


ولنوضّح ذلك بمثال وهو أنّ العارف بالشّعبذة إذا قعد وراء الحجاب وحرّك بشعبذته صور جمادات متعدّدة وأظهر منها أفعالا عجيبة غريبة فالّذين فيهم حدّة البصر يعرفون أنّ جاعل هذه الأفعال في تلك الصّور هو ذلك الشّخص القاعد وراء الحجاب ولكن مباشر هذه الأفعال هو هذه الصّور. ولهذا يقال: إنّ الصّورة متحرّكة دون أن يقال: إنّ صاحب الشّعبذة متحرّك. وهم محقّون في ذلك الحكم في نفس الأمر، وشرائع الأنبياء ناطقة بذلك، والحكم بوحدة الفاعل من جملة السّكريّات، بل الحقّ الصّريح أنّ الفاعل متعدّد وخالق الأفعال واحد، وهكذا العلوم الّتي بيّنوها في توحيد الوجود مبناها على السّكر وغلبة الحال وعلامة صحّة العلوم اللّدنيّة مطابقتها لصريح العلوم الشّرعيّة فإن جاوزها مقدار شعرة وخالفها في مثقال ذرّة فهو من السّكر والحقّ ما حقّقه العلماء من أهل السّنّة والجماعة وما سوى ذلك يعني ممّا يخالفه إمّا زندقة وإلحاد، أو سكر وقت وغلبة حال مفضية إلى القول بالإتّحاد. وهذه المطابقة على وجه الكمال والتّمام إنّما تتيسّر في مقام العبديّة، وفي ما وراء ذلك يتحقّق فيه نحو من السّكر.

(ع) فيا لها قصّة في شرحها طول. *

سئل الخواجه بهاء الدّين قدّس سرّه أنّه ما المقصود من السّلوك؟ فقال لتصير المعرفة الإجماليّة تفصيليّة والإستدلاليّة كشفيّة ضروريّة ولم يقل ليحصل معرفة زائدة على معارف شرعيّة وإن حصل في الطّريق أمور زائدة. لكن إذا بلغ الأمر نهايته تكون تلك الأمور هباء منثورا وتصير المعارف الشّرعيّة معلومة على وجه التّفصيل وتخرج من مضيق الإستدلال إلى فضاء إطلاق الكشف. يعني كما أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يأخذ هذه العلوم من الوحي كذلك هؤلاء الأكابر يأخذونها بطريق الإلهام من الأصل. والعلماء بيّنوا هذه العلوم أخذا لها من الدّلائل الشّرعيّة بطريق الإجمال. فكما أنّ هذه العلوم كانت حاصلة للأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام تفصيلا، كذلك تكون تلك العلوم حاصلة لهم كشفا على هذا النّهج. والأصالة والتّبعيّة قائمتان في البين، وإنّما ينتخب لمثل هذا القسم من الكمال بعض من كمّل الأولياء بعد قرون متطاولة وأزمنة متباعدة. وقد كان في الخاطر أن أكتب مسألة إجماليّة واستدلاليّة على وجه التّفصيل لكن تمّت الصّحيفة ولم يبق محلّ لكتابتها ولعلّ في ذلك حكمة الحقّ سبحانه وتعالى والسّلام.

(٣١) المكتوب الحادي والثّلاثون في بيان ظهور حقيقة التّوحيد الوجوديّ وقربه تعالى ومعيّته الذّاتيّين ومجاوزة ذلك المقام مع بعض الأسئلة والأجوبة المتعلّقة بهذا المقام أرسله إلى الشّيخ صوفيّ

ثبّتنا الله سبحانه وتعالى على متابعة سيّد المرسلين عليه وعلى آله وعليهم من الصّلوات أفضلها ومن التّسليمات أكملها: قد نقل من كان في مجلسكم الشّريف أنّ شخصا من مريدي الشّيخ ميان نظام الدّين التّانيسرىّ ذكر هذا الفقير وقال إنّه ينكر وحدة الوجود، والتمس ناقل هذا الكلام من هذا الفقير أن أكتب إلى خدّامكم ما هو الحقيقة في هذا الباب لئلّا يقع النّاس من هذا الكلام في سوء الظّنّ فإنّ بعض الظّنّ إثم. فتجرّأت على تصديعكم بكلمات إجابة لمسئوله

(أيّها المخدوم المكرّم): إنّ معتقد الفقير من الصّغر كان مشرب أهل التّوحيد يعني توحيد الوجود وكان والد الفقير قدّس سرّه في ذلك المشرب بحسب الظّاهر وكان مشغولا بهذا الطّريق على سبيل الدّوام مع وجود حصول التّوجّه التّامّ بحسب الباطن إلى جانب المرتبة اللّاكيفيّة. وبحكم “ ابن الفقيه نصف الفقه ” كان للفقير أيضا حظّ وافر من هذا المشرب بحسب العلم وحصلت لي منه لذّة عظيمة إلى أن أوصلني الله بمحض كرمه إلى جناب حضرة معدن الإرشاد مظهر الحقائق والمعارف مؤيّد الدّين الرّضيّ شيخنا ومولانا وقبلتنا محمّد الباقي قدّسنا الله تعالى بسرّه. فعلّم الفقير الطّريقة النّقشبنديّة وبذل التّوجّه البليغ في حقّ هذا المسكين، فانكشف التّوحيد الوجوديّ في مدّة يسيرة بعد ممارسة هذه الطّريقة العليّة، وعرض لي غلوّ في هذا الكشف، وظهر شيء وافر من علوم هذا المقام ومعارفه ولم تبق دقيقة من دقائق هذه المرتبة غير منكشفة، ولاحت دقائق علوم الشّيخ محيي الدّين بن عربيّ ومعارفه، وشرّفت بالتّجلّي الذّاتيّ الّذي بيّنه صاحب الفصوص (١) واعتقد أنّه نهاية العروج، وقال في حقّه: «وما بعد هذا إلّا العدم المحض " وحصل لي علوم ذلك التّجلّي ومعارفه الّتي قال الشّيخ محيي الدّين بن عربيّ انّها مخصوصة بخاتم الولاية بالتّفصيل، وبلغ سكر الوقت وغلبة الحال في هذا التّوحيد حدّا كتبت إلى حضرة الخواجه يعني شيخه في بعض العرائض هذين البيتين المملوّين بألفاظ السّكر، (شعر):

أى دريغا كاين شريعت ملت أعماءيست ... ملت ما كافرى وآلة ترساءيست

__________

(١) فصوص الحكم: للشيخ محيي الدين أبى عبد الله محمد بن على المعروف بابن عربي الظائي الحاتمى الأندلسي المتوفى سنة ٦٣٨ ثمان وثلاثين وستمائة، وله كتاب النقوش وهو نقوش الفصوص على منواله لكنه مختصر، أوله الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم الخ وهو على سبعة وعشرين فصا ترتيبها هكذا: ١ فص حكمة الهية في الكلمة آدمية.٢ نفثية في شيئية.٣ سبوحية في نوحية. ٤ قدوسية في ادريسية.٥ مهيمية في ابراهيمية.٦ حقية في اسحاقية.٧ علية في اسماعيلية.٨ روحية في يعقوبية.٩ نورية في يوسفية. ١٠ احادية في هودية.١١ فاتحية في صالحية.١٢ قلبية في شعيبية.١٣ ملكية في لوطية.١٤ قدرية في عيزرية.١٥ نبوية في عيسوية. ١٦ رحمانية في سليمانية.١٧ وجودية في داودية.١٨ نفسية في يونسية.١٩ غيبية في ايوبية.٢ جلالية في يحياوية.٢١ مالكية في زكرياوية.٢٢ ايناسية في الياسية.٢٣ احسانية في لقمانية.٢٤ امامية في هارونية.٢٥ علوية في موسوية.٢٦ صمدية في خالدية. ٢٧ فردية في محمدية. قال في خطبته اما بعد فانى رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم لسنة ٦٢٧ سبع وعشرين وستمائة بدمشق وبيده كتاب فقال لي: «هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به فقلت السمع والطاعة» انتهى. انظر: حاجي خليفة: كشف الظنون عن أسامي الكتنب والفنون: ٢/ ١٢٦١.

كفر إيمان زلف وروى آن پرى زيبايست ... كفر وإيمان هر دو اندر راه ما يكتأيست

(يعني) الا انّ هذا الشّرع ملّة من عمي ... وملّتنا كفر وملّة جاحد

ذوائب من أهواه كفر ووجه ... انقيادهما عندي على حدّ واحد

وامتدّ هذا الحال إلى مدّة مديدة وانجرّ الأمر من الشّهور إلى سنين عديدة ثمّ برزت عناية الحقّ سبحانه الّتي لا غاية لها من كوّة الغيب وجاءت إلى عرصة الظّهور وانسدل نقاب اللّاكيفيّ واللّاكيفيّة على وجه المطلوب المذكور وتوجّهت العلوم السّابقة الّتي كانت منبئة عن الإتّحاد ووحدة الوجود نحو الزّوال والفتور واستترت الإحاطة والسّريان والقرب والمعيّة الذّاتيّات الّتي كانت منكشفة في ذلك المقام المسطور وصار معلوما بيقين يقين أنّ هذه النّسب المذكورة ليست بثابتة للصّانع جلّ شأنه مع العالم بل إحاطته وقربه تعالى بحسب العلم كما هو مقرّر عند أهل الحقّ شكر الله سعيهم وهو تعالى ليس بمتّحد بشيء من الأشياء. هو هو تعالى وتقدّس والعالم عالم، وهو تعالى منزّه عن الكيف والكيفيّات والعالم متّسم بميسم الكيف من الفرق إلى القدم. ولا يمكن أن يقال: إنّ المنزّه عن الكيف عين المكيّف بالكيف وانّ الواجب عين الممكن ولا يكون القديم عين الحادث وممتنع العدم عين جائز العدم أصلا. فإنّ انقلاب الحقائق محال عقلا وشرعا وصحّة حمل أحدهما على الآخر مفقودة لكونه ممتنعا أصلا ورأسا. والعجب من الشّيخ محيي الدّين وتابعيه حيث يقولون لذات الواجب مجهولة مطلقة، وإنّها ليست بمحكومة بحكم من الأحكام قطعا. ومع ذلك يثبتون الإحاطة والقرب والمعيّة الذّاتيّات وما هذا إلّا حكم على الذّات تعالت وتقدّست فالصّواب ما قاله العلماء من القرب والإحاطة العلميّين.

وكان للفقير اضطراب تامّ وقت حصول العلوم والمعارف المنافية لمشرب التّوحيد الوجوديّ لظنّي بأن ليس وراء هذا التّوحيد أمر آخر عال وكنت أدعو الله سبحانه وتعالى بالتّضرّع والإنكسار أن لا يزيل الله سبحانه عنّي هذه المعرفة يعني معرفة التّوحيد الوجوديّ إلى أن ارتفعت الحجب عن وجه الأمر بالتّمام وانكشف حقيقة الحال وجليّة المرام كما يقتضيه المقام، وصار معلوما أنّ العالم وإن كان مرايا للكمالات الصّفاتيّة ومجالى للظّهورات الأسمائيّة، ولكنّ المظهر ليس عين الظّاهر والظّلّ ليس نفس الأصل كما هو مذهب أهل التّوحيد الوجوديّ.

(ولنوضّح) هذا المبحث بمثال: وهو أنّ عالما ذا فنون أراد أن يخرج كمالاته المتنوّعة إلى عرصة الظّهور وأن يورد خفاياها المستحسنة في معرض الإيضاح لأهل الشّعور فأوجد الحروف والأصوات يعني بالتّكلّم وأظهر كمالاته المخفيّة في مرايا تلك الحروف والأصوات. ففي هذه الصّورة لا يقال: إنّ هذه الحروف والأصوات الّتي كانت مجالى ومرايا لتلك الكمالات أنّها عين تلك الكمالات أو محيطة بتلك الكمالات بالذّات أو قريبة منها كذلك بالذّات أو لها معيّة بها كذلك بل بينهما نسبة الدّالّيّة والمدلوليّة

فقط، وليس لتلك الحروف والأصوات نصيب ووظيفة سوى الدّلالة على تلك الكمالات، وأمّا تلك الكمالات فعلى صرافة إطلاقها. وتلك النّسبة الّتي ظهرت إنّما هي في الأوهام والخيالات وإلّا فلا شيء منها ثابت في الحقيقة،

ولكن لمّا تحقّقت بين تلك الكمالات والحروف والأصوات مناسبة الظّاهريّة والمظهريّة والدّالّيّة والمدلوليّة صارت هذه المناسبة باعثة على توهّم حصول تلك النّسب الوهميّة للبعض بواسطة بعض العوارض، وإلّا فتلك الكمالات معرّاة ومبرّأة عن جميع النّسب في نفس الأمر، وفيما نحن فيه لا شيء سوى علاقة الدّالّيّة والمدلوليّة والظّاهريّة والمظهريّة أيضا فإنّ العالم علم لصانعه تعالى وتقدّس ومظهر لظهور كمالاته الأسمائيّة والصّفاتيّة. وهذه العلاقة ربّما تكون باعثة على إثبات بعض الأحكام الوهميّة بالنّسبة إلى البعض بواسطة بعض العوارض.

(وقد يورد) البعض إلى هذا المورد يعني مورد إثبات هذه الأحكام كثرة مراقبة التّوحيد والأحديّة لإنتقاش صورة تلك المراقبات في القوّة المتخيّلة. ويورث البعض نحوا من ذوق هذه الأحكام ممارسة علم التّوحيد وتكراره وهذان القسمان من التّوحيد يعني الوجوديّ معلولان وداخلان في دائرة العلم لا مساس لهما بالحال.

ويكون منشأ توهّم هذه الأحكام في البعض الآخر غلبة المحبّة; فإنّه كثيرا ما يستتر عن نظر المحبّ غير محبوبه بواسطة استيلاء حبّ محبوبه عليه فلا يرى غير محبوبه لا إنّه ليس في نفس الأمر غير محبوبه فإنّه مخالف لحكم الحسّ والعقل والشّرع، وتصير هذه المحبّة أحيانا باعثة على الحكم بالإحاطة والقرب الذّاتيّين، (وهذا القسم) من التّوحيد أعلى من القسمين السّابقين وداخل في دائرة الحال وإن لم يكن مطابقا لنفس الأمر وموافقا للشّريعة وتطبيقه على الشّريعة، ونفس الأمر تكلّف محض مثل التّكلّفات الفلسفيّة الباردة، حيث انّ إسلاميّهم يريدون تطبيق أصولهم الفاسدة على قوانين الشّريعة، وكتاب “ إخوان الصّفا ” وغيره من هذا القبيل. غاية ما في الباب أنّ للخطأ الكشفيّ حكم الخطأ الإجتهاديّ في ارتفاع الملام والعتاب عن صاحبه، بل تتحقّق فيه درجة من درجات الصّواب وإنّما التّفاوت بينهما أنّ لمقلّدي المجتهد حكم المجتهد ولهم درجة من درجات الصّواب على تقدير الخطأ بخلاف مقلّدي أهل الكشف فإنّهم ليسوا بمعذورين، بل هم محرومون عن نيل درجة الصّواب على تقدير الخطأ، فإنّ كلّا من الإلهام والكشف ليس بحجّة للغير، وقول المجتهد حجّة للغير، فتقليد الأوّل لا يجوز على تقدير احتمال الخطأ وتقليد الثّاني جائز على تقدير احتمال الخطأ أيضا بل واجب.

(وشهود) بعض السّالكين الّذي هو في مرايا التّعيّنات الكونيّة أيضا من قبيل الأحكام السّابقة ويسمّون هذا الشّهود شهود الوحدة وشهود الأحديّة في الكثرة فإنّ (١) الواجب تعالى وتقدّس منزّه عن الكيف والكيفيّات لا تسعه مرايا المكيّف أصلا ولا مجالى المنكمّ قطعا لا يحصل اللّامكانيّ في المكان ينبغي أن يطلب المنزّه عن الكيف في خارج دائرة المكيّف، وأن يبتغي اللّامكانيّ فيما وراء المكان.

وكلّما يشاهده في الآفاق والأنفس فهو من آياته سبحانه وتعالى وتقدّس. قال قطب دائرة الولاية يعني حضرة الخواجه بهاء الدّين النّقشبند قدّس الله تعالى سرّه: كلّما كان مشهودا أو مسموعا أو معلوما فهو غيره تعالى ينبغي نفيه في الحقيقة بكلمة لا، (شعر):

در تنكناى صورت معنى كونه چكنجد ... در كلبهء كدايان سلطان چه كار دارد

صورت پرست غافل معنى جه داند آخر ... كويا جمال جانان پنهان جه كار دارد

فإن قيل: قد وقع في عبارات كثير من مشائخ النّقشبنديّة وغيرهم صريحا وحدة الوجود والقرب الذّاتيّ والمعيّة الذّاتيّة وشهود الوحدة والأحديّة في الكثرة. أجيب: انّ تلك الأحوال إنّما حصلت لهم في توسّط الأحوال، ثمّ ترقّوا بعد ذلك عن ذلك المقام، كما كتب هذا الفقير عن أحواله فيما تقدّم.

(وجواب آخر) أنّ جمعا من السّالكين مع وجود التّوجّه التّامّ فيهم إلى جانب الأحديّة الصّرفة بباطنهم تتشرّف ظواهرهم الّتي هي مشاهدة للكثرة بتلك الأحكام والشّهود فهم بحسب الباطن متوجّهون إلى الأحديّة وفي الظّاهر مشاهدون للمطلوب في الكثرة، كما أخبرت عن حال والدي في أوائل هذا المكتوب. وتفصيل تحقيق هذا الجواب مسطور في الرّسالة المؤلّفة في تحقيق مراتب وحدة الوجود، ولا يتحمّل هذا المقام زيادة على ذلك.

(لا يقال): إذا كان في نفس الأمر وجودات متعدّدة ولم يكن قرب ذاتيّ وإحاطة ذاتيّة ولم يكن شهود الوحدة في الكثرة مطابقا للواقع يكون حكم هؤلاء الأكابر كاذبا; لكونه غير مطابق للواقع ونفس الأمر (لأنّا نقول): إنّ هؤلاء الأكابر إنّما حكموا على مقدار شهودهم مثل من يحكم برؤية صورة زيد في المرآة، وهذا الحكم مع كونه غير مطابق للواقع فإنّه لم ير في المرآة صورة زيد أصلا لأنّه لا صورة في المرآة قطعا حتّى ترى، لا يقال لهذا الشّخص في العرف إنّه كاذب فيه، وإن لم يكن مطابقا لنفس الأمر فهو معذور في هذا الحكم، وعلامة الكذب مرتفعة عنه كما مرّ سابقا. والمقصود من إظهار الأحوال اللّازمة الإخفاء والسّتر هو الإيذان والإعلام بأنّه لو كان منّا قبول وحدة الوجود فهو من طريق الكشف لا على وجه التّقليد، وإن وجد منّا إنكار فهو أيضا من الإلهام. فلا مجال إذا للإنكار يعني على هذا الإنكار وإن لم يكن الإلهام حجّة على الغير.

__________

(١) علة لقوله من قبيل الأحكام السابقة سند عفى عنه. (محمد مراد القزاني رحمة الله عليه)



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!