موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(46) المكتوب السادس والأربعون إلى المذكور أيضا في بيان أن وجود الواجب تعالى وتقدس وكذلك وحدانيته بل نبوة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته وجميع ما جاء به من عند الله كلها بديهي غير محتاج إلى فكر ودليل وذكر في إيضاح ذلك مقدمات كثير

 

 


(٤٦) المكتوب السّادس والأربعون إلى المذكور أيضا في بيان أنّ وجود الواجب تعالى وتقدّس وكذلك وحدانيّته بل نبوّة محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورسالته وجميع ما جاء به من عند الله كلّها بديهيّ غير محتاج إلى فكر ودليل وذكر في إيضاح ذلك مقدّمات كثيرة

ثبّتكم الله سبحانه على جادّة آبائكم الكرام على أوّلهم وأفضلهم أوّلا وعلى بواقيهم ثانيا الصّلاة والسّلام (واعلم) أنّ وجود الباري تعالى وتقدّس وكذلك وحدانيّته سبحانه بل نبوّة محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بل جميع ما جاء به من عند الله بديهيّ لا يحتاج إلى فكر ودليل على تقدير سلامة القوّة المدركة من الآفات الرّديّة والأمراض المعنويّة والنّظر والفكر فيها مقصور على زمن وجود العلّة وثبوت الآفة، وأمّا بعد النّجاة من المرض القلبيّ وزوال الغشاوة البصريّة فلا شيء سوى البداهة; ألا ترى أن الصّفراويّ مثلا ما دام مبتلى بعلّة الصّفراء يحتاج إثبات حلاوة السّكّر والعسل عنده إلى الدّليل، ولكن إذا تخلّص من تلك العلّة لا يحتاج إلى دليل أصلا، ولا منافاة بين احتياجه إلى الدّليل النّاشئ عن وجود الآفة وبين بداهته يعني في ذاته ألا ترى أنّ الأحول يرى الواحد اثنين ويحكم بعدم وحدته، فهو معذور في هذا الحكم. ولا يخرج حكمه هذا النّاشئ من الآفة فيه وحدة ذلك الواحد من البداهة، ولا يدخلها في النّظريّة. ومن المحقّق أنّ ميدان الإستدلال ضيّق جدّا وحصول اليقين من طريق الدّليل والنّظر والفكر متعذّر; فكان فكر إزالة المرض القلبيّ لتحصيل الإيمان اليقينيّ ضروريّا كما أنّ إزالة علّة الصّفراء في تحصيل اليقين بحلاوة السّكّر أشدّ ضرورة من إقامة الدّليل على حلاوة السّكّر، وكيف يحصل اليقين به بإقامة الدّليل عليه مع حكم وجدانه بمرارته بسبب علّة الصّفراء القائم به، وهكذا الحكم فيما نحن فيه فإنّ النّفس الأمّارة منكرة للأحكام الشّرعيّة بالذّات وحاكمة بتناقضها بالطّبع،

فتحصيل اليقين بحقّيّة هذه الأحكام الصّادقة من طريق الدّليل مع وجود إنكار وجدان المستدلّ عليه عسير جدّا، فكانت تزكية النّفس ضروريّة لتعسّر حصول اليقين اللّازم الحصول بدونها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها وقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها (١) فتقرّر أنّ منكر هذه الشّريعة الباهرة والملّة الطّاهرة الظّاهرة معلول بعلّة مثل منكر حلاوة السّكّر ولكن، (شعر):

ما ضرّ شمس الضّحى في الأفق طالعة ... أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر

فالمقصود من السّير والسّلوك وتزكية النّفس وتصفية القلب هو إزالة الآفات المعنويّة والأمراض القلبيّة المشار إليها بقوله تعالى فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ (٢) لتتحقّق حقيقة الإيمان، فإن وجد الإيمان مع وجود

__________

(١) الآية: ٩،١٠ من سورة الشمس.

(٢) الآية: ١٠ من سورة البقرة.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!