موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

(47) المكتوب السابع والأربعون إلى المذكور أيضا في الشكاية من ضعف أهل الإسلام وغلبة الكفار وترغيب السلاطين في ترويج الدين وتقوية المسلمين

 

 


هذه الآفات فإنّما هو بحسب الظّاهر فقط لأنّ وجدان النّفس الأمّارة حاكم بخلافه وهي مصرّة على كفرها، ومثل هذا الإيمان الصّوريّ مثل إيمان الصّفراويّ بحلاوة السّكّر في كون وجدانه حاكما وشاهدا بخلافه، فكما أنّ اليقين الحقيقيّ بحلاوة السّكّر إنّما يحصل بعد زوال مرض الصّفراء، كذلك حقيقة الإيمان يعني بحقّيّة الأحكام الشّرعيّة وصدقها إنّما تحصل بعد تزكية النّفس واطمئنانها، وحينئذ يصير الإيمان وجدانيّا وهذا القسم من أقسام الإيمان محفوظ من الزّوال قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ الله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ (١) صادق في شأن صاحبه. شرّفنا الله سبحانه بشرف هذا الإيمان الكامل الحقيقيّ بحرمة النّبيّ الأمّيّ القرشيّ عليه وعلى آله من الصّلوات أفضلها ومن التّسليمات أكملها.

(٤٧) المكتوب السّابع والأربعون إلى المذكور أيضا في الشّكاية من ضعف أهل الإسلام وغلبة الكفّار وترغيب السّلاطين في ترويج الدّين وتقوية المسلمين

ثبّتكم الله سبحانه وتعالى على جادّة آبائكم الكرام على أفضلهم سيّد الكونين أوّلا وعلى بواقيهم ثانيا الصّلاة والتّحيّة والسّلام. اعلم أنّ السّلطان بالنّسبة إلى العالم بمثابة القلب بالنّسبة إلى البدن من بني آدم، فكما أنّ القلب إذا كان صالحا يكون البدن صالحا وإذا كان فاسدا يكون البدن فاسدا، كذلك صلاح السّلطان صلاح العالم وفساده فساده، ألا ترى أنّه ماذا جرى على أهل الإسلام في القرن السّابق وفي ابتداء الإسلام مع كمال غربته وعجز أهله وقلّتهم وضعفهم لم يورّث ذلك ولم يوجب شيئا سوى أن يكون المسلمون على دينهم والكفّار على كفرهم يعني لم يقدر الكفّار أن يغيّروا من أمور المسلمين شيئا وأن يجروا عليهم أحكام الكفر مع قوّتهم وشوكتهم وفي قوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ ولِيَ دِينِ (٢) بيان لذلك.

وأمّا في القرن الماضي فقد أجرى الكفّار أحكامهم في دار الإسلام على الملأ بطريقة الغلبة والإستيلاء، حتّى عجز المسلمون عن إظهار أحكام الإسلام بحيث من أظهره قتلوه، وا ويلا ويا مصيبتا ويا حسرتا ويا حزنا على ما صار مصدّقو محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم محبوب ربّ العالمين أذلّاء حقيرين عديمي المقدار، ومنكروه في غاية العزّ والإعتبار، والمسلمون في تعزية الإسلام مع قلوب مجروحة، والمعاندون يرشّون الملح على جراحاتهم بالسّخرية والإستهزاء، وشمس الهداية مستورة تحت أفق الضّلالة ونور الحقّ منزو ومنعزل في حجب الباطل. وقد وصل الآن زوال مانع ظهور الإسلام وبشارة جلوس سلطان المسلمين على سرير السّلطنة إلى مسامع الخاصّ والعامّ. فينبغي لأهل الإسلام أن يعدّوا

__________

(١) الآية: ٦٢ من سورة يونس.

(٢) الآية: ٦ من سورة الكافرون.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!