موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الدرر المكنونات النفيسة في تعريب المكتوبات الشريفة

للشيخ الإمام الرباني أحمد الفاروقي السرهندي

المنظرة السادسة: في بيان من انكره بعد فوته ومن مدحه واثنى عليه

 

 


قريب بعد موت ابيه فقبل كلامه ورجع أمره فكيف يسند الحسدة إليه الخروج عليه قاتلهم الله أني يؤفكون فلما اعتكف الإمام في القلعة المذكورة عدة من الأعوام قيل ثلاثة وقيل اثنان ندم السلطان عما فعله في هذا الشأن لأسباب يطول شرحها فأخرجه من الحبس واكرم وأحسن إليه بأنواع الإحسان وصار من جملة المخلصين والإخوان لكن أمره بالإقامة في معسكره مدة من الزمان ثم أطلق سراحه وأعاده إلى وطنه محفوفا بالإجلال أو الإحترام فعاد بالوف من الفتوح على ما كان فيه أولا من الأحوال والمقامات التي يعجز عن وصفها ألسنة الأقلام ولا يدركها إلا من كان له من الله الألطاف الخفية وأنواع الفتوح فصار يصدر عنه قدس سره من الحقائق والدقائق والمعارف والأسرار ما لا يقدر على فهمها ودركها إلا أولاده العظام وخلفاؤه الكبار فتم بها مكاتيبه الشريفة ثلاث مجلدات كبار ولذلك ترى ما اندرج في الجلد الثالث غير لائق بكل سالك سيار بل لا بد لإدراكها في الجملة من اكتحال بصر البصيرة بكحل العناية والأنوار بل لا بد له من امداد روحانيته قدس سره كما اقربه المشايخ ذوو الكمالات والاستبصار والله الهادي إلى سبيل الرشاد ومنه المبدأ وإليه المعاد (وإنما) اطنبنا في بيان كيفية هذه الواقعة لأمرين:

(احدهما) أن بعض المنكرين اشاعوها بوجه آخر مخالف للواقع فأردنا إظهار حقيقة الحال.

(وثانيهما) اعلام أن الأولياء الكبار بل الأنبياء العظام لم يزالوا مبتلين بأنواع البلية والمصائب ليتأسى بهم أولياء زماننا وصلحاؤهم ويتسلوا ولئلا يسئ عوام زماننا ظنهم بأولياء عصرهم إذا رأوهم مبتلين بأمثال هذه البلية وهذا اراه من اللوازم لمن يشتغل بنشر مناقب الصالحين واكثر الناس اهملوه بل كتبوا أوصافهم الملكية دون لوازمهم البشرية فظن العوام أنهم منسلخون منها بالكلية فتعلقت بهم محبتهم التامة ثم نظروا إلى من اشتهروا في عصرهم بالصلاح والتقوى والولاية فوجودهم متلبسين باللوازم البشرية فساء ظنهم بهم فتضرروا ضررا كليا حيث حرموا من بركاتهم بل صاروا في مقام الطعن فيهم وقدحهم وذمهم ولم يدروا أن الأسلاف أيضا كانوا كذلك ما داموا في الدنيا ولم يشعروا أن هذه اللوازم البشرية هي القباب الالهية المذكورة في الحديث القدسي أوليائي تحت قبايى لا يعرفهم غيري كما قال الإمام الرباني قدس سره ومن هذا القبيل صدور بعض الزلة من بعض المشهورين بالصلاح والولاية فإنها ريما تكون في حقه سببا لترقيه كما بسط هذا الشيخ محي الدين ابن عربي قدس سره في موضع من فتوحاته قال في الحكم معصية أورثت ذلا وافتقارا خير من طاعة وأورثت عزا واستكبارا فاعلم ذلك وظن خيرا بأولياء الله ولا تسئ الظن بهم بسبب ما صدر عنهم احيانا من الزلة بناء على حكم ومصالح واعتقد انهم غير معصومين والله سبحانه يتولى هداك (ولما) نال الإمام قدس سره من الله ما أمله وبلغ ما أم له وبلغ الكتاب أجله ناداه منادي الحق فأجاب النداء وانضم بالرفيق الأعلى والتحق وكان ذلك يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من صفر سنة اربع وثلاثين وألف ودفن في مقبرة سهرند روح الله تعالى روحه ونور ضريحه ونفعنا ببركة انفاسه الشريفة ومحبته المنيفة ورزقنا من شفاعته وحشرنا تحت لوائه مع محبيهم وجماعتهم آمين وتاريخ وفاته رفيع المراتب وهذا الرباعي أيضا على سبيل التعمية (رباعي)

آنك بخموشي سخن آموخت مرا ... نا رفت بدامان عزا دوخت مرا

مي جسبت بكريه دل ز سال سفرش ... ابر آمد وكفتا غم دل سوخت مرا

(المنظرة السادسة في بيان من انكره بعد فوته ومن مدحه واثنى عليه.

اعلم) أن الناس كما كانوا في حقه فرقتين في حياته بسبب

اختلاف المشارب والاغراض والمقاصد كذلك افترقوا في حقه بعد فوته أيضا على هاتين الفرقتين للأسباب المذكورة فمن مبغض قادح ومحب مادح وأن كان بين الفريقين بونا بعيدا بأن كان الأول شقيا والثاني سعيدا فهذا في الجنة وذاك في السعير.

(قال) الشيخ ولي الله الدهلوى ولقد جرت على الإمام قدس سره سنة الله تعالى وعادته في انبيائه من قبل بإيذاء الظلمة والمبتدعين وانكار الفقهاء المتقشفين وذلك ليزيد الله في درجاته ويلحق به الحسنات من بعد وفاته إلى أن قال وبالجملة قد بلغ امره إلى أن لا يحبه إلا مؤمن تقي ولا يبغضه إلا فاجر شقي فلا حاجة بنا إلى الذب والدفع عن الإمام الهمام رضي الله عنه ولا إلى إقامة الدلائل العقلية والنقلية على جواز ما ادعاه اهـ.

بأدنى تغيير يعنى أن حقيقة ما عليه الإمام قدس سره ظاهرة وبينة بطلان ما عليه الخصم ولا شيئيته أيضا جلية ومستبينة وأنوار معارف الإمام منتشرة ومنبسطة في جميع الآفاق والأقطار لا يقدر الخصم العنيد على سترها بغيوم الجحود والإنكار بل كان انكارهم سببا لشدة ظهور ذلك النور وزيادة الانتشار والله در من قال (شعر)

وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت اناح لها لسان حسود

فإن المنكر كلما أظهر شيئا من سم الانكار والاعتراض على معارفه السامية أظهر المحبون ترياق أجوبة متعدده وأستشهدوا لها بشواهد كثيرة شافية حتى بلغت عدد الرسائل المصنفة من طرف المحبين سبعين رسالة بل زاد على ذلك وأجل ما صنف في هذا الباب رسالة عطية الوهاب الفاصلة بين الخطأ والطواب للشيخ محمد بك الاوزبكي المكي أفاد فيها كل الإفادة وأجاد غاية الإجادة بحيث أنه هدم بنيان أباطيلهم من الأساس وارسل إليهم ابابيل الرد ولم يترك لهم مجال رفع الرأس صنفها ردا لرسالة بعض المعاندين في ذاك العصر وقرضها اسلطين علماء ذلك الدهر حتى انمحى إنكار المنكرين وأضمحل عناد المعاندين وأنا تركت إثبات الرسالة المذكورة في هذا المحل فان غرضنا الآن ذكر من مدح الإمام ومعارفه لا لجواب ورد أهل الشنآت

وتركت ذكر أسامي المنكرين ونقل أقوالهم عملا بقوله صلعم اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم ولعلهم تابوا وأنابوا وتاب الله على من تاب ومن اصر فقد خاب ورجع بخفى حنين وآب ومن تصدى لإظهار الإنكار فأشبال الإمام المعنوية موجودون في كل غاب حاضرون للانتصار بكمال النشاط والترحاب إلا أنى أثبت هنا تقاريظ العلماء المذكورين لكونها مشتملة على فوائد جمة وعوائد مهمة تنكشف لها كل مشكة مدلهمة ولكون اربابها من فضلاء ذلك العصر وكملاء ذاك الدهر يوقف عند اقوالهم ويقتدى بأفعالهم:

(فمنها) تقريظ شيخ الإسلام المفتي ببلد الله الحرام مولانا المرحوم المبرور الإمام العلامة عبد الله عتاقي زاده رزقه الله الحسني وزياده (قال) رحمه الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين رب زدني علما الحمد لله المانح للصواب والموفق للاصابة في الجواب ونشكره أن برأنا من الأغراض وطهر قلوبنا من نكتة الران واكنة الأمراض ونشهد أن لا إله إلا الله الهادي المنعم بما يرضيه ونشهد أن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله القائل من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ونصلى ونسلم عليه وعلى آله وأصحابه الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر صلاة وسلاما دائمين ما تكررت العشايا والبكر.

(أما بعد) فقد اخبرني الجم الغفير الثقاب والبالغون حد التواتر مقبول الروايات بأن أولاد الشيخ أحمد الفاروقي السرهندي النقشبندي ومريديهم الموجودين الآن سالكون مناه الشريعة المستقيمة ملازمون الطاعة والجماعة

على الطريق الحنفية السهلة القويمة وانهم اخذوا الطريقة المذكورة عن والدهم المذكور وليس فيها ما يخالف الشريعة الغراء ويوقع في محزور وهذا مما لا مرية فيه ولا ريب لأنني احطت علما بآداب الطريقة النقشبندية واخذتها عن جماعة زهاد اجلاء عظماء وإذا تقرر هذا فليعلم أن للشيخ أحمد مكتوبات واقعة باللغات الفارسية مبنيه على قواعد السادات الصوفية باصطلاحاتهم المرضية بل له رضي الله عنه اصطلاحات خاصة رضية ولا مشاحة فيها وقد تصدى بعض مبغضي الطريقة النقشبندية والشيخ المذكور وعرب بعض مواضع من المكتوبات وحرف وغال بنا يوجب القيل والقال وصدره بالسؤال وطلب مني الكتابة عليه قبل كل فأمتنعت تدينا وقد الح على مرارا كثيرة فاجبته بالحديث السابق من خير إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ثم زاد في اللجاج وقال اسئل عمن سب ونقص وذكر كلا ما لا يستطاع ذكره على لسان مسلم ولو حكاية فحينئذ اجبته شفاها باللسان بما هو مقرر عند ادنى الطلبة وفي جميع الكتب في باب الردة وطلب الكتابة أيضا من جماعة علماء اتقياء حنفية وشافعية فلم يوافقوه على ذلك بل أجابوه بالحق المخالف لهواه وكتب عليه شخص من الفضلاء اخذ بظاهر الفاظ التعريب المحرف مع امكان التأويل ووافقه جماعة ممن لا يعبأ بهم وزاد بعض جهال في الهذرمة وطغى وبعضهم نقش ما رسم له فحاكاه كالبغبغاوليته أن كتب فهم وهل يفهم ولو ظفر بكتابة الموافق الجاهل المتعنت لا جرى عليه مقتضى لفظه شرعا أن لم ينكره لأنه عرض بالعلماء الأجلاء الذين لا يصلح أن يكون تلميذا لهم فعليه من الله ما يستحقه وقد اعتذر عنهما بعض العلماء الأجلاء في تعريضه ولو لا عنه وجهل الأول وجهل الثاني لحكمنا بكفرهما ولكن لما كانت لهما نوع عذر بإعتبار أن العوام لا يكلفون إلا بمعرفة المسائل الجلية دون المسائل الخفية هذه المسئلة من المسائل التي تخفي على مثلها من العوام اعرضنا عن حكم بذلك ولكن مثل هذين الجاهلين ينبغ تأديبها وزجرهما عن الخوض فيما لا وصول لأذهانهما إليه اهـ.

فما احسن هذا الاعتذار الدال على جهلهما المبين لحالهما وما للكاتب من الإعتذار والله دره ومع هذا فقد محوا ما كتباه وانكراه بغاية الذلة والاستغفار ويكفيهما ذلك خزيا وتعزيرا في سائر الاعصار قال علماؤنا انكار الكفر توبة وقد رد بعض الأفاضل على هذا المعرب المتبع لهواه المحرف لكلام الشيخ بالتعريب ومزجه بالدسائس وزيف كلامه وكلام من يعد فاضلا ورسد كلام الشيخ المذكور بلفظه الفارسي وعربه بالواقع فأطال وحسن التأويل والمقال وقرظ عليه جماعة علماء أجلاء وإلا حرى ترك التعريب المحتاج إلى التأويل لأن لبعض الألفاظ إذا وقعت فارسية حكما وإذا وقعت عربية حكما آخر قال علماؤنا في أماكن متعدة من كتب الفتاوى ذكر عالمة المذهب قاضيخان في فتاواه المشهورة في الشروط المفسدة للبيع رجل اشترى شيئا على أن يجمله البائع إلى منزل المشتري ان قال ذلك بالعربية لا يجوز وان قاله بالفارسية جازلان العربية تفرق بين الحمل والإيفاء والفارسية لا تفرق ويكون الحمل بمنزلة الإيقاء اهـ والحاصل أن ألفاظ المكتوبات الصادرة من الشيخ باللغة الفارسية بإصطلاح القوم ولسانهم حيث كانت سالمة عن وصمة قائلها شرا والمحذور فيها ولو بوجه ضعيف لا يتلفت إلى التعريب المخل المحتاج إلى المحتاج إلى التأويل بل يترك كلام المتكلم بلفظه عربيا أو فارسيا الخالي عن التعريب لموافقة الشرع الشريف كما أخبرني من تقدم ولا نتكلف لتعريبها وإن لم

يتغير معناها ومدلولها فكيف مع التغيير الموقع في محذور لو فرض ولا يقدح في الشيخ تعريب ذلك المتعنت مع براءته كما ذكرى وليت شعرى أي حاجة داعية إلى التعريب لنكفر به مسلماما هذا إلا جراءة وافتراء بلا مراء فإن تكفير المسلم أمر عظيم قال في البحر ناقلا عن الفتاوى الصغرى الكفر شيء عظيم فلا إجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر اهـ.

ثم قال فيه قال في الخلاصة إذا كان في المسئلة وجوه توجب الكف ووجه واحد يمنع التكفير فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم اهـ.

ثم قال والذي يحرر أن لا يفتي بتكفير مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة وهذا الذي ادين الله به واعتقده ثم أن الفقير في شغل شاغل من مثل هذه الخرافات والكتابة عليها والتقريظ والموافقة بالواقعات اليومية المتعين على بيانها بأمر الدولة العلية ادامها الله تعالى وادام احسانها على سائر البرية وإنما أخبرني من تقدم ذكره أن وقع من التعريب والتحريف والكتابة عليه والموافقة لو ظهر واصغي إليه مسمع أهل العناد لاقام الفتنة النائمة الداعية إلى الفساد وتخريب البلاد واضرار المسلمين والعارفين والعباد والعلماء والزهاد والمشايخ الأمجاد وطلب مني كتابة ما تيسر لدفع هذه المضار العديدة بألفاظ وجيزة مفيدة فوجبت على يعني الكتابة وسطرت ما ذكر لحق الدماء والانتصار للعلماء والصلحاء والمشائخ الاتقياء والله سبحانه نسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويصون لساننا وقلمنا عن اضرار الناس ولا يجعلنا ممن يطيع هواه قال ذلك الفقير إلى الله تعالى عبد الله عتاقى زاده الحنفي القائم بخدمة الفتوى بأم القرى مكة المشرفة عفى عنهما بمنه وبكرمه حامدا مصليا مكبرا مهلا تم (قوله) إلا حرى ترك التعريب إلخ (قلت) هذا إذا كان لغرض نفساني بالتحريف أما إذا كان لغرض صحيح سالما عن التحريف فلا مانع من ذلك وبه جرت عادة العلماء قديما وحديثا والله يعلم المفسد من المصلح وهو أعلم بكل شيء.

(ومنها) تقريظ العلامة الشيخ حسن ابن الشيخ محمد مراد التونسي المكي وهو مقدار كراسة سماء بالعرف الندي من نصر الشيخ أحمد السهرندي قد ادرج فيه عوارف المعارف وضمنه لطائف المنن ومن اللطائف وهو حرى بأن يقال أنه من الفتوحات المكية أو من الألهامات الملكية قال رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه العون الحمد لله الذي اوضح لأحبابه سبل الهدليات * وفتح لهم باب الفهم عنه بسابق العنايات * وعصمهم من طريق الهوى وطرق الغفلات والغوايات * خصهم بتشريف المكالمات ولطيف الإشارات * والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول من فطر الأرض والسماوات * إلى كافة الخلق بالدلالات * الواضحة والآيات البينات *

(وبعد) فأني قد كنت وقفت على سؤال ورد من جماعة من الهند مضمونه ما قول العلماء في حق أحمد السهرندي الكابلي القائل كذا وكذا بألفاظ كثيرة مسطورة في السؤال مدعين أنها نقلت من كتابه المشهور وقد كتب عليه إذ ذاك جماعة قائلون بكفره اغترارا بظاهر بعض الألفاظ ولغير ذلك فلما تأملته ظهر لي بحسب ما وصل إلى وما قدر لي إذ ذاك من الفهم أن بعض عباراته لا يصد إلا من عارف إن بعضها غريب في تلك المنازل لا يصدر إلا من مجازف بل بعضها يؤدي إلى الكفر لا محالة فلذلك أمتنعت من الكتابة بعد الالحاح على في طلبها وحمدت الله سبحانه على ذلك إلى أن اراد الله سبحانه وتعالى إظهار الحق وامحاق الباطل فحرك لذلك علما يقال الشيخ محمد بك فكتب رسالة ميز فيها ألفاظ الشيخ المذكور رحمة الله عليه عن غيرها وبين أن كتابه إنما

هو بألفاظ فارسية وإن فيما عرب منها في السؤال تغييرا بالزيادة والنقصان وتبديل بعض الألفاظ بالمكر والطغيان ونقل عبارات الش‍؟؟؟ بأعيانها من الكتاب المذكور إعانة لمن طلب الوقوف عليها واظهارا لما هو الصواب وتبرعا بالجواب عما اشكل ظاهرة منها اذ لم يكن ذلك واجبا عليه ولا مندوبا كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى ثم ارسل بها إلى لأكتب عليها وحيد دهره وفريد عصره شيخنا وبركتنا الشيخ أحمد البشبيشي ادام الله تعالى النفع به وفسح لنا في مدته آمين فأعتذرت إليه مرارا ورمت بذلك فرارا فزاد الالحاح وتقوى الاقتراح فالزمت نفسي العمل بمقتضى قوله (شعر)

ما لا يكون فلا يكون بحيلة ... ابدا وما هو كائن سيكون

سبق القضاء بما يكون بعمله ... سيان منك تحرك وسكون

فلاح الجواب وتيسرت الأسباب فشرعت مستعينا بالملك الوهاب راجيًا منه الحماية وإصابة الصواب فقلت وبالله سبحانه التوفيق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاركم الله من ثلاث خلال إن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعًا وإن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وإن لا تجتمعوا على ضلالة رواه أبو داود ثم قلت النفوس مفطورة على حب الحق فهو مقصدها في جميع انحائها لا تسكن إلا لديه ولا تركن إلا إليه وله تفيض الأعين وتتحرك القلوب والألسن ولو لا يحول بينه وبينها من آثار الرعونات وشدة ميلها إلى الشهوات لما انفكت عنه قتا من الأوقات فلذلك قوى الأرجاء في الرجوع إليه ووقوع الأتفاق عليه وحينئذ فلا يخفى على كل لبيب يقظ أن الشيخ أحمد السهرندي الكابلي ولي من أولياء الله تعالى وله قدم راسخ

بمحافظته على الشريعة ومناظرته أهل الحقيقة والدليل على ذلك أما محافظته فلما شاع وذاع من شهرة علمه بإنتشار تلامذته وتلامذة تلامذته واولاده وحفدته كلهم علماء ومنهم من بلغ درجة الأكابر حتى عزله النظير في غالب البلاد كاسلامبول وما وراء النهر وفد منهم جماعة إلى الحرمين الشريفين ممن بلغ مكة منهم العلم المشهور الشيخ فرخ قد كثر متابع له بها إلى الآن فأنه كان المرجح بها ومنهم قطب اوانه والنموذج زمانه شيخنا وبركتنا الشيخ محمد قاسم اللاهوري قدس سره وروح ضريحه آمين قرأت أنا ورفيق لي عليه في المطول واخبرنا انه ختمه تدريسا نيفا وستين مرة ومنهم الشيخ المتفنن النقشبند نزيل عين الزمان مددنا وبركتنا شيخا الشيخ محمد بن سليمان كان يعظمه ويكرمه غاية الأكرام وما ذاك إلا رعاية لمقام الشيخ أحمد رحمه الله بإكرام كل من ينتسب إليه لما عنده من زيادة العلم بكمال فضله وتحقيق مقامه بمقتضى لا يعرف الفضل إلا ذووه ومنهم العلامة الشيخ محمد مراد ذكرانه الآن بإسلامبول يدرس بها وأنه ذو اتباع ومنهم الشيخ المحقق العارف بالله تعالى الشيخ بدر الدين ومنهم العلامة الشيخ يوسف الدين ومنهم الولى العارف بالله تعالى الشيخ محمد معصوم ذكر لى بعض الإخوان من مدرسي مكة المشرفة من أبناء الروم أنه اجتمع بهؤلاء الثلاثة وكان كثيرا ما يذكر الشيخ بدر الدين ويقول ما رأيت في زماننا هذا مثله في كثرة علمه وعمله ومداومته على الذكر وأما الدليل على مناظرته لأهل الحقيقة فإن من له أدنى فهم يدرك ان عبارات كتابه أهلنا الله سبحانه وتعالى بفهمها وجعلنا من طلابه ليست جارية على اصطلاح الفقاء لأنها لا تصدر إلا عن أرباب الأحوال فهي دالة على أنه من أهل الحقيقة عند من بصره الله تعالى لأن الكلام صفة المتكلم وقد قالوا اعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال وقال الشيخ زروق في شرحه لحسب الشاذلي رحمه الله تعالى واعلم أن الكلام صفة المتكلم وما فيك اظهر على فيك لي أن قال وبالجملة أن احزاب المشائخ صفة أحوالهم ونكتة مقالهم وميراث علومهم وأعمالهم وبذلك جروا في كل امورهم لا بالهوى يعني أن جميع أقوالهم وأفعالهم ليست مقصودة لهم بنوع تكلف أو نوع تصرف كما يدل عليه كلام الشيخ القشيري الآتي بل جميع ما يقع منهم من الحركات والسكنات تصدر عنهم بحسب أحوالهم فهي آثارها الدالة عليها لا محالة فظهر بهذا لمن ثبته الله تعالى ونور

بصيرته أن سيدي الشيخ أحمد رحمه الله تعالى ثابت القدم فيما تقدم على أن جماعة منهم لم يصنفوا كتابا حرصا على أمتثال ما كلفوا به من كتمان هذه العلوم كما سيأتي انشاء الله تعالى قال ابن عطاء رحمه الله تعالى في لطائف المنن كان أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى لم يصنع كتابا وكذلك شيخنا أبو العباس رحمه الله لم يصنع في هذا الشأن شيأ والسبب في ذلك أن علوم هذه الطريقة علوم التحقيق وهي لا تتحملها عقول عموم الخلق ولقد سمعت شيخنا ابا العباس يقول جميع ما في كتب القوم عبارات في سواحل من بحر التحقيق انتهى المراد قوله في سواحل إلخ .. كناية عن بعدها عن افهام أهل الظاهر لما يقصدونه من استعمال ألفاظ خاصة بهم مجملة والمعاني لمشكلة الظواهر تحاميا

عن الظهور الموجب لوقوع الخلاف منهم فلهذا يجد من صنف منهم كتابا بالغ في كتمان معانيه بحيث لا يستعمل شيأ مما استعمله غيره من المعاني إلا على طريق الاتفاق وحينئذ التمييز بين اصطلاح الفقهاء واصطلاحهم لا يكاد يخفى على احد فنعلم حينئذ أن كتاب العارف بالله تعالى الشيخ أحمد رحمه الله تعالى وامدنا بمدده أنما هو في علوم الحقيقة وانه جار على اصطلاح القوم ودال على كمال أحواله وعلو مقامه بلا ريب هذا وانى الدين الله سبحانه وتعالى بذلك وبما عن شيخنا الشيخ محمد بن سليمان نفعنا الله تعالى به من أن الشيخ أحمد رحمه الله تعالى مجدد طريق القوم وكفى بهذا الاستشهاد لمن وفقه الله تعالى للتسليم وحسن الاعتقاد وحيث ثبت ما له من المقام فلا يلتفت لمن اراد نفيه عنه قال اليشخ رزق رحمه الله تعالى في الشرح فأن قلت قد تكلم بعض الناس في الشيخ ابن سبعين كلاما فاحشا يوجب عدم اعتباره فكيف يلتفت إلى علومه واذكاره قلت لا يقبل قول إلا ببرهان ولا يؤخذ شيء إلا بتبيان وقد ثبت كونه من أهل العلم والعرفان ونقل كونه من أصحاب الحقائق والأحوال بل حقق ذلك جماعة ممن اتى بعده من الرجال فلا يلتفت إلى انكار المنكر في اسقاط مرتبته وكذا من كان طريقة فلئن كان العلم حرمة فللعلماء أيضا حرمة والموقف يلتمس المعاذير والمنافق يتبع العيوب بل يحدث بها بغير حق ولا اجهل ممن يتعصب بالباطل ومكنر لما هو به جاهل فانظر وفقك الله تعالى وتأمل في عبارة الشيخ زروق رح وما فيها من الفوائد النورانية حيث رد قول المجرح بعدم البيان ثم عارضه بمجرد ثبوت صفة العلم له ثم اثبت له كونه من اصحاب الحقائق والأحوال بمجرد النقل ثم حقق له ذلك بمن بعده من الرجال حيث ذكروه بذلك من غير تعرض لطول المدة وقصرها ثم اكد الرد بقوله فلا يلتفت إلخ ... ثم اشار إلى حكمة على مقتضى الشرع وإنه لا خصوصية له بقوله وكذا من كان على طريقته ثم التفت إلى تعظيم جانب العلماء بمجرد كونهم علماء للتحريص على ذلك كما قابل ذلك بذم المنكر والتشديد عليه جعله كالمنافق ومقابلة فعله بفعله الموافق ثم ذم التعصب ووصف صاحبه وذا الجهل المركب بكونهما لا أجهل منها فإذا علمت هذا فتأمل أيضا في اكتفاء الشيخ رح في الرد بمجرد ثبوت صفة العلم فكيف بمن منحه الله تعالى فضيلة انتشارة في البلاد زيادة على ذلك ثم في التفاته رح لثبوت كونه من اصحاب الحقائق والأحوال بمجرد النقل فكيف بمن كتبت في مناقبه المجلدات واثبتت له فيها انواع الكرامات وشهد له بذلك انتشار الأثار الدالة على اتصافة بذلك أي الانتشار فأنى قد رأيت مناقبه في مجلد ضخم واخبرت بثانية منها للشيخ محمد هاشم الكشمي وقد كتب سيد علماء الهند جامع المعقول والمنقول الملا عبد الحكيم السيالكوتي

ما لفظه أن التكلم على كلام الوارث للطريقة المحمدية الشيخ أحمد السرهندي جهل وسفه ودلالة على عدم الوقوف على اصطلاحات الصوفية إلى آخر ما اطاله رحمة الله تعالى وقد وضع على هذا الخط ختمه وهو الآن بيد أولاد الشيخ رحمه الله تعالى والذي نعلم الآن من نسخ كتابه المشهور في الحرمين الشريفين ثلاث نسخة تامة ثلاث مجلدات بالمدينة المنورة ونسختان محزومتان بمكة المشرفة ثم في اكتفائه رح بمجرد ذكر جماعة بعده فكيف بمن مضى عليه زمان طويل بعد ذلك فإن عمر الشيخ أحمد نور الله ضريحه نيف وستون سنة ومنذ توفى إلى الآن نحو ستين فهذه نحو مائة وخمسة عشر سنة باعتبار اسقاط مدة بدايته على ان كثيرا من أولياء الله محفوظات من وقت الرضاع في بطون امهاتهم فعليه فهي نحو مائة وعشرين سنة فكيف فيه التجريح بعد هذه المدة وبعد ما ثبت له من الاشتهار المتصل بمن ذكر من كتابه وأولاده وتلامذته إلى يومنا هذا فهل يخفى على أحد أن هذا إلا باب اظهار الفساد نسئل الله العظيم في درئه ورد كيد قاصده في نحره ثم هل هذا السؤال إلا مزلة ومغلطة لأهل الحرمين الشريفين حيث لم يذكروا فيه الشيخ رحمه الله معرفا بأوصافه بل ذكروه مجهولا خصوصا مع أحدثوا ما فيه من التغيير والزيادة والنقصان وهل هذا إلا هوى للنفس واتباع للشيطان اما يخشى فاعلوه من تعجيل عقوبة الله تعالى غيرة منه عليه أما يعتقدون الموقف والفضيحة بين يدية وما أحسن ما قيل (شعر)

تذكر يوم تأتي الله فراد ... وقد نصبت مرازين القصاء

وهتكت التور عن المعاصي ... وجاء الذنب مكشوف الغطاء

واحسن منه وابلغ منه واسرع رشقا في النحور قول من يجمع الناس ليوم لا ريب فيه وإليه النشور يعلم ما في السموات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور لعمر الله انهم لفي امر لا ينادي وليده ولا يفارق عنيده وكأني بهم وقد انعكس عليهم الأمر افا أمنوا مكر الله وصروف الدهر كيف وهو كما قيل شعر

سرور الدهر مقرون بحزن ... فكن منه على وجل شديد

ففي يمناه كأس من لحين ... وفي يسراه قيد من حديد

نعوذ بالله من مكر الله نعوذ بالله من مقت الله نعوذ بالله من سخط الله ولا يخفى أن كلام الشيخ أحمد اسكنه الله تعالى في حظيرة قدسه ومتعه بموار انسه ليس جاريا على ظاهره كما تقدم ولا يجوز له استعمال الألفاظ الظاهرة المعاني حيث كان في هذا العلم لوجوب كتمانه قال في روضة المريدين قال جعفر بن محمد الصادق رضي الله تعالى عنهما نهينا عن اظهار هذا العلم لغير أهله كما نهينا عن الزنا ولا اقامة الدين الله تعالى إلا بهذا العلم وقال أن الله عز وجل فضح من باح بسره وعلمه إلى غير أهله وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائين فاما أحدهما فبثثته فيكم واما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال اني لا علم في قوله تعالى يتنزل الامر بينهن لو قلت لكفرتموني وعن على رضي الله عنه قال أن بين جنبي علما لو قلته لخضبتم هذه من هذه ارادوا رضي الله عنهم بذلك العلوم علوم الحقيقة كما صرح بذلك فأهل التمكين لا يظهرون معاني الفاظهم لأن جميعها متعلق بالله تعالى فهي أسرار بينهم وبينه ولهذا كان خطأ الحلاج واباحة دمه من حيث إظهاره ما يكتم واعلانه بما يسر كما في حل الرموز وفيه ما كل قلب يصلح للسر ولا كل صدف ينطبق على الدر وقيل لأبي يزيد رح مالنا لا نفهم كثيرا ما تقول قال لأن كلام الأخرس لا يفهمه غير امه (قال) الشيخ القشيري رحمه الله في الرسالة وهذه الطائفة يستعملون الفاظا فيما بينهم قصدوا بها الكشف عن

معانيهم لأنفسهم بعضهم من بعض والأجمال والستر على من باينهم في طريقتهم لتكون معاني ألفاظهم مشتبهة على الأجانب غيرة منهم على أسرارهم أن تشيع في غير أهلها اذ ليست حقائقهم مجموعة بنوع تكلف أو مجلوبة بضرب تصرف بل هي معاني اودعها الله تعالى في قلوب قوم واستخلص لحقائقها أسرار قوم يقولون الأسرار معتقة عن رق الاغيار ويطلق السر على ما يكون مصونا بين العبد والحق سبحانه وتعالى من الأحوال وعليه يحمل قول من قال أسرارنا بك لم يفتضهن وهم وأهم انتهى ملخصا فمن علم ان قصدهم كتمان السر والاجمال والستر وان ظاهر اللفظ غير مراد لهم لا يعترضهم قطعا فالمعترض على ولى الله سبحانه وتعالى الشيخ أحمد رح باعتياده مرتكب مالا يحل غير عالم بمقاصدهم هذا وقد تلقت العلماء رضي الله عنهم ونفعنا بهم خلفا عن سلف أقوال هذه الطائفة من غير التفات منهم إلى أشكال ظواهرها ع عملهم بحقائقها وما تقتضيه من الاتحاد والحلول والتجسيم وغيرها لعلمهم باستحالة كون شيء من ذلك مقصودا لهم وهو معنى قول الشيخ زروق رح فلذلك قبل كلامهم أي على ما هو عليه وان كان مشكلا فإذا النظر إلى كمال أحوالهم لا إلى ظواهر اقوالهم وكمال أهل الطريقة الحقيقة هذا كتاب كمال أهل الطريقة ومعدن الحقيقة الشيخ ابراهيم بن عبد الكريم الجيلي قدس سره ونور ضريحه المسمى بالإنسان الكامل وسائر مؤلفاته ومؤلفات العارف بالله تعالى الشيخ محي الدين بن عربي قدس سره وسائر كتب القوم إلى يومنا هذا تشترى بأغلى الثمن وتستكتب ويتعب في تحصيلها ومقابلتها مع العلم بما فيها من الاشكالات المتكاثرة منها في الانسان الكامل قوله بانقضاء عذاب جهنم وذهاب اثرها وعود ابليس لعنه الله إلى ما كان عليه من مكان القرب إلى الله تعالى ومنها ما في عينيته قوله أن السبع الطباق تحت قوائمى ورجلى على الكرسي وسقف بيتي العرش ومنها ما في مواقع النجوم لأبن عربي رح أن لله سبحانه لسانا يتكلم به واذنا يسمع بها واما مشكلات الفتوحات فأشهر من أن تذكر فلو نظر العلماء رحمهم الله إلى ظواهر هذه الكتب لما توقف احد منهم في الحكم بتكفير مؤلفيها لكنهم لما علموا أحوالهم لم يلتفوا.

إلى المشكل من اقوالهم وقد شاع هذا والحمد لله بحيث لا يكاد عالم بجهله الآن حتى انسيت اشكالاتهم وكأنها لم تكن واقبل الناس عليها لذلك بالإقبال التام حتى صار العلماء يتبركون ويعتنون بمطالعتها بل وتدريسها حتى لا يكاد يخلو عالم من بعضها ومن الاطلاع عليها فإن قلت إذا كان عدم التعرض لا يكاد يجهل فكيف قلت في أول الرسالة وقد كتب عليه جماعة قائلين بكفره اغترارا بظاهر بعض الالفاظ وهل هذا إلا تعرض منهم قلت قد مر قريبا بأن أهل السؤال دلسوا ولبسوا وانهم متبعون اغراضا فاسدة وانهم لم يعرفوا الشيخ رحمه الله بل ولم يذكروا من نسبه شيأ لعلهم لما فيه من صريح مناقضتهم فان والد الشيخ وجده رحمهم الله قد ثبتت لهما الولاية ونسبه يتصل بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أخذ الطريقة عن والده وجده بالسند المتصل إلى سيد العارفين بالله تعالى الشيخ عبد القادر الكيلاني كما في مناقبه قدس سره لتميذه العارف بالله الشيخ بدر الدين غير المتقدم فلما لم يذكروا شيأ من هذا بل حذفوه وقولنا حذفوه لغوي تجهيلا لتميم غرضهم بزعمهم اقتضى ذلك تكفيره لا محالة لأنه على هذا التقدير ليس ممن لا تعرض لهم بل هو فرد من أفراد الناس فلو ذكر موصوفا بأوصافه التي اشتهر بها أو بعض النسب ولو الفاروقي فقط ونقلت ألفاظه

بعينها من غير تغير لما تعرض له احد وما كفره أحد منهم قطعا إلا ترى أنا لو سئلنا عما في مواقع النجوم بصورة ما يقول علماء الدين رضي الله عنهم في حق محمد بن عربي القائل بأن لله سبحانه لسانا يتكلم به وله اذن يسمع بها أو عن مقالة الشيخ عبد القادر رح رأيت ربي بعين رأسي بصورة ما يقول العلماء رضي الله عنهم في حق عبد القادر ولد أم الخير القائل رأيت ربي بعين رأسي فهل يتوقف أحد في تكفير المسئول عنه على ما فض جهالته بخلاف ما لو قيل في الأول في حق الولى العارف بالله تعالى الشيخ الأكبر محي الدين ابن محمد بن على بن محمد بن على ابن العربي الحاتمي الطائي قدس سره ونور ضريحه وفي الثاني في حق سيد العارفين وقبلة الوافدين الشيخ محي الدين عبد القادر الجيلاني جعلنا الله سبحانه في بركاته وامداده حيث لم يتعرض له أحد من العلماء كما نقدم وفيما نحن بصدده كذلك لما كان السؤال بصورة ما يقول العلماء رضي الله عنهم في حق أحمد السرهندي الكابلي لم يتوقف أحد في تكفيره وما توقف إلا من كان له علم بشهرته أو بطرف منها أو كان له معرفة باصطلاح القوم فاستدل ببعض عبارات السؤال على مقامه بخلاف ما لو كان بصورة الشيخ العالم الفاروق بالله تعالى مسلك المريدين وموصل السالكين الجامع بين الطريقة والحقيقة من ملأ علمه الآفاق شيخ وقته على الاطلاق الشيخ أحمد السرهندي الكابلي الفاروقي النقشبندي ابن العارف بالله تعالى الشيخ عبد الأحد ابن ولى الله العارف بالله تعالى الشيخ زين العابدين نفعنا الله سبحانه وتعالى به القائل كذا وكذا بألفاظه بعينها أو تعريبها حيث لم يتعرض لها بلا ريب (فأن قلت) قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله تعالى قد اندرس العمل بأخلاف القوم في هذا الزمان حتى لا يكاد العبد يجد أحدا من المتشيخين فيه يتخلق بشيء من أخلاق القوم فإن قام الاراده قد عز في هذا الزمان فكيف بمقامات العارفين انتهي فعلى هذا لا يكون الشيخ أحمد من المشايخ ولا كتابه مثل كتبهم (قلت) ليس في عبارته ما يقتضى انقطاعهم ليلزم ذلك بل مفهومها عزتهم كما صرح به في آخر مقدمته بقوله لم اقصد بقولى في كثير من الاخلاق لم ار له فاعلا الفخر وإنما اقصد به بيان عزته ليلقى الاخوان بالهم إلى الاهتمام بتحصيله والتخلق به لا غير على أنه ذكر في الاربعين ومائة أن أصحاب النوبة سبعون وأنهم بمصر الآن سنة ستين وتسعمائة (فإن قلت) ليس أهل هذا الزمان كالمتقدمين فلا يستحق الشيخ أحمد أن يعامل معاملتهم فتسلم له اقواله (قلت) أن اردت سلب المشابهة عن المجموع فمسلم وليس الكلام فيه وإن اردته عن كل فرد فرد فغير مسلم فقط روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال في كل قرن من امتي سابقون وعنه صلى الله عليه وسلم انه قال إنما مثل امتي كمثل حديقة قام عليها صاحبها فاجتث رواكبها وهيأ مساكنها وحلق سعفها فأطعمت عاما فوجا ثم عاما فوجا فلعل آخرها طعما يكون اجودها قنوانا وأطولها شمراخا والذي بعثني بالحق نبيا ليجدن ابن مريم من امتي خلقا من حوارية وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال خير امتي أولها وآخرها وفي وسطها الكدر وعنه صلى الله عليه وسلم انه قال مثل أمتي مثل المطر لا يدري اوله خير ام اخره والاحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا على أن هؤلاء القوم لا يغيرهم الزمان فلا فرق بين المتقدم والمتأخر والظاهر والخفي والصديق والولي في أن الزمان لا يكدر انوارهم ولا يحط مقدارهم فأنهم مع الموقت لا مع الأوقات وعن بعض العارفين انه قال أن لله تعالى عبادا كلما اشتدت ظلمة الوقت قويت أنوار قلوبهم فهم مثل الكواكب كلما قويت ظلمة الليل قوى

اشراقها كما في لطائف المنن وأما كتابه نفع الله تعالى به يسر لنا سلوك طريقته فغالب الظن فيه حيث لم اطلع على جمعيه انه لو كان معربا لفاق أو ساوى لما يظهر من منّ دقه ألفاظه التي وقفت عليها ولعمرى انه لحرى بقوله (شعر) (جميع الاحاديث في هذا المكتوب بل أكثر احاديث المكتوبات مأخوذة من مشكاة المصابيح فليستخرج منها اهـ)

ما ضرني ان لم أكن متقدما ... فالبق يعرف آخر المضمار

وها أنا أذكر لك ما تستكن به نفسك وتراض وتقبض به إنشاء الله عنان التعرض والاعتراض قال الشيخ زروق رح في وصيته عند عد الشبه ومن ذلك قول بعض الصوفية أنا هو وهو أنا مما يوهم الاتحاد والحلول وقد وقع كثير من هذا النوع لابن الفارض وابن العربي والتسترى وابن سبعين مع امانتهم في العلم وظهورهم في الديانة فعلى المؤمن في ذلك ان يكون قائما مع الحق بالكلام في القول لا في القائل في مثل أؤلئك القوم وما كان من كلامهم موافقا للكتاب والسنة فأنا اعتقده وما كان مخالفا فأنا أكل علمه لأربابه منزها قلبي عن اعتقاد ظاهره وإياهم كذ ١ لك انتهى مختصرا وقوله واياهم كذلك اي وانزههم أيضا عن اعتقاد ظاهرة فأنهم لا يعتقدونه لأنهم منهيون عنه كما تقدم وقال الشيخ الشعراني رح في لطائف المنن وقد يكون سبب الانكار جهل المنكر بمصطلح القوم وعدم ذوقه لمقاماتهم فالعاقل من ترك الانكار وجعل ما لم يفهمه من جملة مجهولاته لا سيما ولن يبلغنا عن أحد منهم ما يخالف الشريعة ابدا وربما تكلم العارف في شعره أو غيره على لسان الحق تعالى وربما تكلم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وربما تكلم على لسان القطب فيظن بعضهم أن ذلك على لسانه هو فيبادر على الانكار وقد سمعت سيدي على الخواص يقول أقل درجات الادب مع القوم أن يجعلهم المنكر كأهل الكتاب لا يصدقهم ولا يكذبهم وكان سيدي على بن وفا يقول التسليم للقوم أسلم والاعتقاد فيهم أغنم والانكار عليهم سم ساعة في ذهاب الدين وربما تنصر بعض المنكرين ومات على ذلك نسأل الله تعالى العافية اهـ فإن اردت يا أخي عدم الانكار فأجل مرآة قلبلك فإنك تشهدهم من خيار الناس ويقل انكارك وإلا فمن لازمك كثرة الانكار لأنك لا تنظر في مرآتك إلا صورة نفسك فأفهم اهـ مختصر وقال في حل الرموز بعد كلام ولقد انصف ابو حامد الغزالي حيث اجرى هذه الطائفة من الرجال في كتابه المنعوت باحياء علوم الدين فقال عند ذكرهم هؤلاء قوم غلبت عليهم الأحوال فقال احدهم سبحاني وقال الآخر ما أعظم شأني وقال الآخر أنا الله وقال الآخر ما في جبتي إلا الله فهؤلاء قوم سكارى ومجلس السكارى يطوى ولا يحكى معناه ونسلم إليهم أحوالهم ولا نرد عليهم اقوالهم لأن كلامهم نطق عن ذوق وذوق عن شوق ومن ذاق فقد عرف ومن لم يذق فلا حرج عليه اذا سلم واعترف اهـ كلامه المقدس رح وقال في مقدمة شرح تائبة الامام العارف بالله تعالى ابن حبيب الصفدي ويجب.

تحسين الظن بأولياء الله تعالى فإن اسأة الظن بعموم المؤمنين حرام فكيف بأولياء الله تعالى ولله تعالى في خلقه أسرار لا اطلاع للعوام عليها بل يطلع عليها من شاء من خاصته انظر إلى ما وقع من الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام وقوله بعد ذلك وما فعلته عن امرى فسلم لهم حالهم ولا تتابعهم فيما لا يوافق ظاهرة الشرع ولقد صنف فيهم أهل العناية بهم مصنفات ونصروهم فيها والوا أحوالهم واقوالهم المخالفة

لظاهرة الشرع ليس هذا محل ذكره وشرط جواز الاعتراض ان يكون ممن احاط بعلم الظاهرة والباطن وإلا فهو قاصر فيسعى في اصلاح نفسه اولا اهـ.

وذكر شيخنا السيد أحمد الحموي نفعنا الله ببركته وبركة علومه آمين في ذيله على كتابه درر العبارات في آخر جواب أجاب به عن سؤال ورد إليه من زبيد عن ألفاظ وردت مشكلة في أشعار مشائخ الطريقة العارفين بالله تعالى فقال بعد أن أجاب بتخريج ذلك على الاستعارات التمثيلية ما نصه فإن عجزت عن التخريج على هذا المنوال وعسر عليك انتزاع حالة تطابق بها الحالة المنتزعة من الشعر فاعتقد ان ذلك الواقع في نفس الأمر وان قصر ادراكك عنه فسلم لأهل الله واعتقد برآءتهم ونزاهتهم من كل عيب ونقص واياك ان يخطر ببالك ما يقع فيه كثير من الناس ممن حرم التوفيق من حمل كلامهم بفهمه القاصر ونظره الفاتر على غير مرادهم مما لا يليق بالجناب الإلهي ثم يجعل ذلك سببا للوقيعة فيهم من غير مستند له في ذلك إلا محض جهله وقصور عقله وظنه أن فهمه وعقله متناه في الكمال بحيث لا يقصر عن شيء اصلا بل كلما خرج منه فهو باطل ومحال فإن ذلك والعياذ بالله منشأ الحرمان والخسران ومن أين يجب أن لا يهب الله لأولياءه إلا ما يدركه عقل هذا الجاهل القاصر بل ما مقدار عقله بالنسبة للعلوم الكسبية فضلا عن الوهبية واياك أيضا حيث عجزت عن التنزيل على هذا القانون ان تبالغ في التكلف والتأويل والحمل على ما تعتقد من المعاني كما يفعله كثير من المحبين المعتقدين وإن كان مقصدهم في ذلك جميلا وغرضهم صحيحا لكنه يؤدي إلى ارتكاب تكلفات باردة مهملة تخرج الكلام عن رونقه وبهجته وتؤدي إلى حمله على معان في غاية الركاكة والسفالة فترك ذلك والاعراض عنه وتلقي الكلام بالقبول والتسليم والاعتقاد التام على سبيل الاجمال وعدم العرض لمعانيه والاعتراف بالعجز عنه كما هو طريق السلف رح من التفويض في متشابه القرآن حتى يفتح الله تعالى بالمعاني الصحيحة ذوقا احسن واسلم (قلت) وما يدل على أن كلامهم رضي الله عنهم ليس مجريا على ظاهرة ما حكى أن الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي قدس سره لما انشد قوله (شعر)

يا من يراني ولا اراه ... كم ذا اراه ولا يراني

قال بعض اخوته كيف تقول انه لا يراك وانت تعلم انه يراك فقال له مرتجلا شعر

يا من يراني مجرما ... ولا أراه آخذا

كم ذا أراه منعما ... ولا يراني لائذا

قال بعض المشائخ من هذا وشبهه تعلم أن كلام الشيخ وامثاله مؤول وانه لا يقصد ظاهره وإنما له محامل تليق به وكفاك شاهدا هذه الجزئية الواحدة واحسن الظن ولا تنتقد بل اعتقد وللناس في هذا المعنى كلام كثير والتسليم اسلم والله سبحانه بكلام أوليائه اعلم انتهى كلام شيخنا نفع الله به (قلت) إنما شبه شيخنا رح التفويض في متشابه القوم بالتفويض في متشابه كلامه تعالى في قوله كما هو طريق السلف إلخ ... لأن هؤلاء القوم تخلفوا وتحققوا بجميع الأسماء والصفات إلا لفظة الجلالة كما هو مقرر ومعنى التخلق تحلى العبد بتلك الاسماء والصفات بقدر الامكان واما التحقق فهو ذهاب تعين صفة العبد وظهور صفة الله تعالى فيه قال بهاء الدين في شرح اسماء الله تعالى واما التحقق بحقائقها فذلك بتجلى الاسم على سر العبد وسريانه في روحانيته سريان النار في اعماق الجمرة بحيث يفنى تعين العبد وتكون حقيقة الاسم المتجلي بعينها هى حقيقة العبد حتى يرتفع التمييز في مشاهدته بل تترتب احكام الحقيقة الاسمية على الحقيقة العبدية أن بلغ التحقيق بها كما لها كما قيل (شعر)

انا من أهوى، ومن أهوى أنا ... نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتني أبصرته ... و [ص: ٥١٣] إذا أبصرته أبصرتنا

والإشارات إلى هذه المرتبه كثيرة في مقالات القوم باللغات المختلفة وهذا امر ذوقي لا يسمع طور العبارة اكمال شرحها.

ولا يفي إلا بشيء يسير من الإشارات بها اه‍

وبهذا تبين وجه التشبيه وبقوله حفظه الله تعالى واياك ايضا ان تبالغ في التكلف والتأويل إلخ ... وبما تقدم من وجود كتمان هذا العلم تعلم ان تعرض الفقهاء لكلامهم بالشروح والتحشية والجواب عن اشكالاتها مما لا ينبغي لما في جميع ذلك من المخالفات لمقصودهم نعم ان أرادوا بذلك تسهيله على اهله كما فعله القشيري رحمه الله تعالى حيث قال في باب شرح الفاظهم ونحن نريد بشرح هذه الألفاظ‍ تسهيلا لفهم من يريد الوقوف على معانيها من سالكي طريقهم ومتبعي سننهم أو كان ذلك شفقة منهم على العوام من اعتقادهم ظواهرها فلا بأس لكن قد سلك هذين المسلكين جماعة فلا احتياج إليهما الآن الا أن يكون اصطلاح حادث فلا بأس فإن القوم لم يصطلحوا على وضع وإنما اصطلحوا على استعمال الألفاظ‍ المخصوصة بمعنى أن كلا منهم يستعملها في معان يصنعها لها لما علمت من حرصهم على الكتمان والاصطلاح على معنى واحد يفوته وتوضيح ذلك أنك تجد شراح الفاظهم يذكرون للفظ‍ معاني كثيرة وقد يجمع ما بين كتابين أو ثلاثة من المعاني للفظة واحدة فلم تجدها تتفق اصلا فيكون المجموع لذلك اللفظ‍ فمن ذلك العبودية قال الشيخ القشيري رحمه الله تعالى في كتابه منشور الخطاب العبودية موافقة الأمر ومفارقة الزجر العبودية ترك التدبير ورؤية التقصير العبودية رفض الاختيار بصدق الافتقار العبودية اداء ما هو عليك وشكر ما هو اليك العبودية حسن القضاء وترك الاقتضاء اه‍ وقال الشيخ جمال الدين أبو القاسم القاز ابادي في كتابه خلاصة الحقائق قال الكتاني رح العبودية ترك الاختيار وملازمة الذل والافتقار وقال ذو النون المصري العبودية ان تكون عبده على كل حال كما انه ربك في كل حال وقال أهل الاشارة العبودية التفويض إلى الخبير البصير ورؤية التقصير في طاعة الملك القدير وقال عالم العبودية أن يرضى العبد بما يفعل الرب وقال ابو عثمان رحمه الله العبودية اتباع الأمر على مشاهدة الآمر وقال عيسى عه م العبودية ترك الدعوى واحتمال البلوى وحب المولى اه‍ وهكذا في غالب ألفاظهم وإنما اقتصر بعضهم على معنى واحد تسهيلا لطالب ذلك كما تقدم عن القشيري رح قال ابن عطاء رح في لطائف المنن قال الجنيد دخلت على السري السقطي فوجدته متغيرا فقلت ما بالك يا استاذ متغيرا فقال دخل شاب آنفا فقال ما التوبة فقلت ان لا تنسى ذنبك فقال بل التوبة أن تنسى ذنبك فما تقول انت يا ابا القاسم فقلت القول عندي كما قال الشاب لأني إذا كنت في حال الجفاء ثم نقلني إلى حال الصفاء أذكر الجفاء وقت الصفاء جفاء فقال الشيخ رح كلام السري اتم من كلامهما كلامهما يخص حالهما وكلام السرى مهيع مورد السالكين اه‍ مختصرا فظهرانه لا حصر في الاصطلاح وان الكلام صفة دالة على حال المتكلم كما تقدم وعليه فلا حصر لاصطلاحاتهم كما لا حصر لأحوالهم ولا اعتراض على من تعرض للبيان بقصد ما تقدم للبيان بقصد ما تقدم إذا كان أهلا لذلك هذا وأما توقف الفقهاء والمشايخ عن المسارعة إلى التكفير وايجابهم العمل بما يقتضي نفيه وإن تكرر المثبت بحيث يكون النافي عشر عشيره وتصحيح القول بعده تكفير أهل البدع وترجيحه فلا يخفي كثرة النقول في ذلك على من طالع كتب الفروع والعقايد وشفاء القاضي عياض رح غير انها ليست مما نحن بصدده وإنما

فيها استلزام كون عدم التعرض للشيخ رح اولويا والكلام فيما نحن بصدده كثير لكن فيما ذكر كفاية لما اوردناه من تنبيه الغافلين وتحذير المتعصبين عن الوفوع في المهالك بالتعرض للشيخ أحمد رح بالسوء المخالف لقوله صلى الله عليه وسلم اذكروا امواتكم بخير والاعتراض عليه بما لا علم لهم به أو التعرض لذريته بالأذية فإن اكرامهم اكرام له واذيتهم اذية له مستلزمة للدخول فيمن آذنه الله سبحانه بحرب كما روى عن ابي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب لحديث بطوله قال المسعودي رح في شرح فالذي يتخلص من كلام علماء الشريعة والحقيقة أن الولى هو المتقرب إلى ربه تعالى بالعلم والعمل اهـ.

فمن من الله سبحانه وتعالى عليه بالاتقان ومخالفة النفس والشيطان تنبه لمراقبته تعالى وتدارك ما احدثه من الخلل والنقصان ومن خذل عطلت حواسه وباء بالخسران ولا يخفى ان سعى أهل السؤال إنما هو تكثير اجوره ورفع درجاته نفعنا الله تعالى ببركاته كما قال الشيخ الشعراني رح حين وقع له مثل هذا حيث قال ان حسادي يحرفون عني مسائل لم اقل بها قط ثم يكتبون بها سؤلات يستفتون عنها العلماء فيفتون بحسب السؤال ثم يدورون بخطوط العلماء على الناس فيحصل لي من ذلك اجور لا تحصى من كثرة الوقوع في عرضي بغير حق فلو اني كنت موآخذا احدا من هذه الامة لما رضيت يوم القيامة بأعمال واحد منهم طول عمره في غيبة واحدة (قلت) واوفى دليل على علو مقام الشيخ أحمد رح رفع الدرجات بعد الممات باستدامة العمل بحيث رزقه العلم خصوصا وهو في الانتشار إلى يومنا هذا والولد الصالح خصوصا وهو متعدد واذية الخلق خصوصا وهي عامة له ولذريته فتوفر هذه الأسباب مع ما يلحقه من هموم دعاء الخلق وخصوصه دليل ظاهر على ما ذكر ثم لما مضي شهر بعد كتب هذه الرسالة ووفد رجل يقال له البرزنجي مكة المشرفة وكان القائل بكفر الشيخ رحمه الله وجعلنا في بركاته ثم ارسل إلى بالسلام قائلا بلغني انكم كتبتم رسالة فمرادي الوقوف عليها وكان ظني انه اذا اطلع عليها يطلب بيان ما ذكر فيها من الاحاديث وما ادعى في السؤال من التغيير والتحريف وما ذكر من النقول الدالة على عدم التعرض للشيخ رح وما نقل عن كتب القوم من المشكلات وما ذكر من الوقوف على مناقب الشيخ رح ونعدد نسخ كتابه وصحة الاخبار بالوافدين إلى مكة المشرفة من اولاد الشيخ رح وتلامذته وما ذكر من النقول للاستشهاد والتنظير وغيرها للوقوف على جميع ذلك والايقان لما ان هذه جادة أهل الانصاف وترجيح للمحاسبة الباطنة على الظاهرة ولذلك سمحت نفسي بارسالها إليه حالا رجاء ظهور الحق ووقوع الاتفاق عليه فلما بلغته بادر إلى مطالعتها وامر بكتبها فكتبها هو شخص ثم اتانى بها فسألته هل كتب مناهيها قال لا فقلت لا بد من كتبها فإنها بتتماتها ارجع إليها واذكر له ذلك فراح ثم رجع فقال كلمته فأبى وقال ما يحاج فقلت له وهل قابلها قال ثم رجع فقال كلمته فابى وقال ما يحتاج فقلت له وهل قابلها قال لا قلت اذا هي غير الرسالة لما هو مقرر من تحريف كتبة الزمان ولما وقع بين الحاستين من انعكاس الرجحان ولما حصل لي ما هو قريب من اليقين من انه مفت لأهل السؤال ومعين لهم في التغيير لينقل عني ما ليس لي من المقال وليجد لبحث فيه المجال اذ هي بدون ذلك محصنة بالوالي المتعال واشد على شأنهم من وقع النبال كتبت هذه الكتابة سائلا من فضل المطلع عليها ان لا يعتمد على المجردة من المناهي ومن الزيادة وانه اذا وجد عليها كتابة قادحة فيها تعرضات

على من يتقى الله تعالى ويخشاه من العلماء فإن كانت صوابا فأنا أول من يزعن لها ويعتقدها وإلا فليعلم المطلع عليها براءتي منها ويعتقد الصواب هذا وقد كتب الشيخ محمد بك نسخة من هذا قبل هذه الزيادة فهي أيضا صحيحة وإن كان تاريخها مثل المغيرة فان الفرق ظاهر لوجود المناهي في هذه دون تلك وأيضا تقابل مع هذه فإنها لا تخالف إلا بزيادة المناهي هذه وفي اولها وآخرها بعض ألفاظ قليلة لا يختلف بها المعنى والحاصل أن نسبة ما يخالف هذه إلى غير صحيحة اصلا ومما يفرق به أيضا بين المغيرة وهذه التاريخ فإن تاريخ المجردة عن المناهي هكذا تحريرا قبيل فجر يوم الجمعة مستهل شهر جمادى الأخرى سنة اربع وتسعين وألف وتاريخ المعتمدة ما ستراه قريبا والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا وباطنا وظاهرا وهو حسبي ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قاله الفقير إلى الله تعالى حسن ابن مراد حسن التونسي الحنفي عفى الله عن الجميع بمنه وكرمه آمين وصلى الله على سيدنا محمد النور الذاتي الساري في جميع آثار الأسماء والصفات وعلى آله وصحبه وسلم نجزت قبيل عصر السبت ثامن شهر الله تعالى رجب الأصم سنة اربع وتسعين وألف. (رسالة الشيخ العلامة والعمدة الفهامة منبع العلوم والمعارف منشأ الأسرار واللطائف معدن الدقائق الفرعية والاصيلة مخزن الحقائق الشرعية والعقلية قدوة فحول العلماء اسوة أعاظم الفضلاء مظهر الألطاف الالهية ومصدر الأسرار اللامتناهية الشيخ أحمد البشبيشي المصري الأزهري الشافعي رحمه الله تعالى ونور ضريحه المتوفي سنة ١٠٩٦ ست وتسعين وألف وتاريخ وفاته مات البشبيشي هكذا قال في خلاصة الأثر بسم الله الرحمن الرحيم، أحمد سبحانه على نعمه المتكاثرة واشكره على آلاله المتولية المتظافرة * وأصلي وأسلم على أفضل العالمين سيدنا محمد خاتم الانبياء والمرسلين * وعلى آله وصحبه أجمعين * والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين (أما بعد) فقد وقفت على هذه الرسالة التي وضعها الفاضل الشيخ محمد بك لبيان كلام الشيخ العارف بالله تعالى أحمد الفاروقي النقشبندي فوجدته قد أجاد فيما افاد وبين اصطلاح الشيخ ومقاصده بكلام الشيخ نفسه في مواضع متعددة من مكاتيبه ولا شيهة في أن الألفاظ المصطلح عليها حقيقة عند أهلها فيما اصطلحوا عليه ولا تدل على غيره الا مجازا فألفاظه بحسب اصطلاحه لا تدل إلا على معان صحيحة لا مخالفة في شيء منها لما وردت به الشريعة المطهرة وحيث كان كذلك فلا تحتاج إلى تأويل اصلا فالحكم بتكفيره مبني على الجهل باصطلاحه ومقاصده وقد صرح غير واحد بأن الجاهل باصطلاح الصوفية لا يجوز له ان يخوض في كلامهم لأن ذلك يوقعه في رمى أولياء الله تعالى بالكفر والزندقة كما وقع ذلك لغير واحد ومنهم الشيخ أحمد المذكور كما أخبرني بذلك من خبره عندي يفيد اليقين بل تكاثرت الاخبار بذلك حتى كادت تبلغ حد التواتر ولما ذكر ابن المقري في روضه ما حاصله أن من شك في تكفير طائفة ابن العربي فهو كافر قال شيخ الاسلام ذكريا في شرحه هذا بحسب ما فهمه كبعضهم من ظاهرة كلامهم فإن ظاهره عند غيرهم الاتحاد وغيره مما هو مكفر والحق انهم مسلمون اخيار وكلامهم جار على اصطلاحهم كسائر الصوفية وهو حقيقة عندهم في مرادهم وان افتقر عند غيرهم ممن لو اعتقد ظاهره كفر إلى التأويل اذ اللفظ المصطاح عليه حقيقة في معناه الاصطلاحى مجاز في غيره فالمعتقد منهم لمعناه معتقد لمعنى صحيح ولا يقدح فيه ظاهر كلامهم المذكور عند غير الصوفية لما قلناه لأنه قد يصدر عن

العارف بالله تعالى إذا استغرق في بحر التوحيد والعرفان بحيث تضمحل ذاته في ذاته وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه عبارات تشعر بالحلول والاتحاد لقصور العبارة عن بيان الذي ترقى إليه وليست في شيء منها كما قاله العلامة التفتازاني وغيره اهـ.

وقد صرح شيخ شيوخنا البرهان اللقائى رحمه الله بأن الحسين الحلاج قتل بمالم يتامله من امر بقتله يعني ولو تأمل كلامه وفهم مقصوده ما وجد له مساغا لقتله إذا تقرر ذلك علمت أن العارف بالله تعالى الشيخ أحمد المذكور من المسلمين الاخيار المرشدين إلى الله تعالى لأن ألفاظه منصرفة بحسب اصطلاحه إلى المعاني التي قصدها موافقة للشريعة لا تحتاج إلى تأويل اصلا كما بين هو تلك المعاني الصحيحة التي أرادها من ألفاظه في مواضع كثيرة من مكتوباته بالفارسية وقد قرئ ذلك عندي بحضرة جماعة يعرفون الفارسية امنت تواطئهم على الكذب ولا مخالفة في شيء من المعاني التي بينها لما تقر في شرعنا ولا يقد فيه ظاهر لفظه المذكور الذي يفهمه من لم يعرف اصطلاحه على أن الظاهر القابل للتأويل لا يكفر صاحبه بمجرد ذلك الظاهر بل بعد الوقوف على أنه يعتقد ذلك الظاهر اما إذا لم يعلم انه يعتقد ذلك الظاهر ولفظه قابل للتأويل فانا نؤوله ولا نحكم بكفره كما يفيده قول شيخ الإسلام وأن افتقر عند غيرهم إلى تأويل وكلام هذا الرجل بفرض أن لا اصطلاح له قابل للتأويل كيف وقد وجد له اصطلاح فعلى تقديره لا يحتاج إلى اصطلاح اصلا ولا يضره أن ألفاظه هذه لم توجد لمن تقدمه من القوم لما عملت من أن الإصطلاح لا مشاحة فيه وأن خالف اصطلاح من سبقه وبالجملة فالمكفرون له فهموا منظاهر لفظه ولفظ آخر مفترى عليه أمورا معلوما نفيها من الدين بالضرورة بحيث لا يتوقف في التكفير بما فهموه فيضه ولا متفقه بل ولا جاهل بالكلية إذ فهمهم ذلك شاركهم فيه كل جاهل والمعاند يرغب في اخراج المسلمين من الإسلام بأدنى شبهة لا سيما قوما مشهورين بالصلاح يرشدون العباد إلى الله سبحانه وتعالى وقد ذم السبكي هؤلاء الطائفة الذين يتساهلون في تكفير المسلمين وذلك لأنه لما سئل عن تكفير أهل إلا هواء والبدع قال أعلم أنا نستعظم القول بالتكفير لأنه يحتاج إلى أمرين عزيزين احدهما تحرير المعتقد وهو صعب من جهة الإطلاع على ما في القلب وتخليصه عما يشتبه وتحريره ويكاد الشخص يصعب عليه اعتقاد نفسه فضلا عن اعتقاد غيره الثاني الحكم بأن ذلك كفر وهو صعب من جهة صعوبة علم الكلام ومأخذه وتمييز الحق من غيره وإنما يحصل ذلك لرجل جمع صحة الذهن ورياضة النفس واعتدال المزاج والتهذيب والامتلاء من العلوم الشرعية وعدم الميل والهوى وبعد تحصيل الأمرين يمكن القول بالتكفير أو عدمه ثم بعد ذلك أما أن يكون التكفير بشخص خاص فشرط مع ذلك اعتراف الشخص به وهيهات أن يحصل وأما البينة في ذلك فصعب قبولها لأنها تحتاج في الفهم إلى ما قدمناه إلى أن قال ولقد رأيت تصانيف جماعة يظن بهم أنهم من أهل العلم ويشتغلون بشيء من رواية الحديث وربما كان لهم نسك وعبادة وشهرة بالعلم تكملوا بأشياء ورووا أشياء تنبئ عن جهلهم العظيم وتساهلهم في نقل الكذب الصريح واقدموا على تكفير من لا يستحق التكفير وما سبب ذلك وما إلا ما هم عليه من فرط الجهل والتعصب والنشأة على شيء لم يعرفوا سواه وهو باطل ولم يشتغلوا بشيء من العلم حتى يفهموا بل هم في غاية الغباوة اهـ وقد غفل المكفرون عن اصطلاحه لعدم تتبعهم لكلامه أو اعتقادهم أن اصطلاح المتأخر لا بد أن يكون موافقا لإصطلاح المتقدم ولم يميلوا إلى التأويل مع ما يرده أما لغباوة أو

عقد على أن في كلام المتصدي لتكفيره اعترافا بعدم فهم مراده حيث قال في آخر كلامه أو اراد شيأ فقصرت عنه عباراته بل اعترافا بعدم تكفيره إذ هو من لازم. اعترافه بعدم فهم مراده فقد اعترف بأنه إذا اراد معنى صحيحا قصرت عنه عبارته لا يكون كافرا فكيف وعبارته لا تقصر عن إفادة المعنى الصحيح يظهر ذلك للمتأمل المنصف وفي كلام السعدو غيره ما يفيد أن العبرة بالمراد لا بالعبارة القاصرة عنه حيث قال هو وغيره فيما نقله شيخ الإسلام ولأنه قد يصدر عن العارف بالله تعالى إذا استغرق في بحر التوحيد عبارات تشعر بالحلول والاتحاد لقصور العبارة عن بيان حاله الذي ترقى إليه فهذا صريح أو كالصريح بأن العبارة القاصرة التي تشعر بالكفر كالحلول والاتحاد لا يكفر صاحبها بل هناك امور لا شبهة للمكفر فيها اصلا منها تكفيره بقوله أن الكعبة لا يراد بها خصوص الابنية ومنها ما ذكره بعض الطلبه فيما يتعلق بالوجود وجعله قياسا ونتيجة فإنه لو ادرك لا ستحيى أن يكتب ما كتبه ولكره أن يطلع عليه أحد ممن له نسبة إلى العلم والعجب أن هذا المكفر ممن ينكر على من يقول بكفر طائفة ابن العربي ويعترف باصطلاحهم ويحمل ألفاظهم على معانيها المرادة لهم أو يؤل حتى كاد يتعبد بألفاظ ابن العربي حتى اغتر بظاهر عبارته في الفصوص وقال بإيمان فرعون مع أنه قيل أنه مكذوب عليه لتصريحه في غير ذلك الكتاب ببقائه على كفر هذا الشيخ عبد الوهاب من أهل الكشف حتى أنه ذكر اطلاعه على الجنة والنار والميزان والصراط وتلقاه الناس منه بالقبول وهو ادرى بكلام القوم من غيره قال في كتاب اليواقيت والجواهر في اعتقاد الأكابر قال الشيخ في الباب الرابع والستين وثلثمائة أعلم أنه لا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن عيان وتحقيق لا مرية فيه ولا شك لكن من العلم بالله والإيمان به خاصة وما بقى الاهل ينفعه ذلك أم لا وفي القرآن العظيم فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأو بأسنا قال وقد حكى الله عن فرعون أنه قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا اسرائيل وأنا من المسلمين فلم ينفعه هذا الأيمان وأطال في الإيمان وأطال في ادلة أنه لم ينفعه ايمانه قلت قال الشعراني فكذب والله وافترى من نسب إلى الشيخ محي الدين أنه يقول بقول ايمان فرعون وهذا نصه يكذب الناقل وجمهور العلماء قاطبة على عدم قبول ايمانه وإيمان جميع من آمن في اليأس لأن شرط الإيمان الاختبار وصاحب ايمان الناس كالملجأ إلى الأيمان والإيمان لا ينفع صاحبه إلا عند القدره على خلافه حتى يكون المرأ مختارا ولأن متعلق الايمان هو الغيب وأما من يشاهد نزول الملائكة بعذابه فهو خارج عن موضوع الايمان والله أعلم اهـ.

المقصود منه فهلا أول لهذا أيضا بل هذا أولى بالتأويل لأن ذاك طعن فيه كثير من أئمة عصره وغيرهم وحكموا بتكفيره ولم نسمع طعنا في هذا الرجل عن أحد يعتد به فإن قال أن تقدم بن العربي مقتض لترجحه يقال له التقدم لا يقتضي الترجيح بل لو نظر لذلك ثبت في ابن العربي ما قيل فيه إذ هو متأخر بالنسبة لمن قبله من القوم حتى جعل بعضهم هذا من حملة الرد عليه حيث قال أن ما صدر عنه وعن طائفته ليس من اصطلاح القوم وإن قال أن باب السلوك والاستغراق قد سد بعد ابن العربي فقد اراد سد ببلا وصول له إليه ولا قرة له عليه وبعد التسليم أقل القليل أن يكون هذا الرجل أولى بالتأويل من فرعون فإن بقاء فرعون على كفره يدل عليه ظواهر الكتاب والسنة وصرفهما عن ظاهري بغير دليل لا يجوز وجزم بكفره أيضا جماهير العلماء حتى كادوا يجمعون عليه إلا من شذ بل حكى بعضهم فيه الاجماع ففي الزواجر لأبن حجر الهيتمي أخذ علماء

الأمة ومجتهدوها الذين عليهم المعول من الآية الأولى اعني قوله تعالى فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأو بأسنا اجماعهم على كفر فرعون ورواه الترمذي في تفسيره في سورة يونس من طريقين وقال في أحدهما حديث حسن وفي الآخر حديث حسن غريب صحيح وروي ابن عدى والطبراني انه صلى الله عليه وسلم قال خلق الله يحيى بن ذكريا في بطن امه مؤمنا وخلق فرعون في بطن امه كافرا واما ما حكاه عنه في سورة يونس بقوله عز من قائل حتى اذا ادركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا اسرائيل وأنا من المسلمين فهو ما ينفعه إلى آخر عبارته الكافية الشافية القائل هو في اثنائها بعد نقله عبارة ابن العربي التي أخذ منها نسبه القول بصحة إيمان فرعون لأبن العربي فهل هذا الكلام مقرر أو مردود فما وجه رده قلت قال ابن حجر ليس هذا الكلام مقررا وأن كنا نعتقد جلاله قائله فإن العصمة ليست إلا للأنبياء إلى أن قال على أنه نقل عن بعض كتب ذلك الإمام أنه صرح فيها بأن فرعون مع هامان وقارون في النار وإذا اختلف كلام إمام فيؤخذ منه ما يوافق الادلة الظاهرة ويعرض عما يخالفها إلى ما طاب له اشتباه مما فيه رد لكثير من الجهلاء فجعله اجماعا ولم يعول على من خالف وأما تأويل كلام هذا الرجل فلم يمنع منه مانع بل صرح العلماء بأن كثيرا من اللفظ الموهم لا يلتفت إلى ايهامه حيث أمكن حمله إلى محمل صحيح وكأنه ظن أن ادخال الكافر في الايمان أسهل من إدخال الكافر في الإيمان أسهل من إدخال المسلم في الكفر وهو ظن فاسد لأنا نستصحب الأصل في كل منهما حتى تحقق ما يخرجه عن ذلك الاصل فالأصل في المسلم بقاؤه على اسلامه حتى تتحقق ما يخرجه عنه والاصل في الكافر بقاؤه على كفره حتى نتحقق ما يخرجه عنه فظهر أن التأويل للمسلم ليبقى على اسلامه أولى من التأويل للكافر بل لا يجوز الحكم بإسلام الكافر بغير دليل اذ الأصل بقاؤه على كفره ولا يجوز الإقدام على تكفير المسلم حتى يتحقق ما يعتقده من المكفرات كما يدل عليه كلام السبكي رحمه الله وقد بلغني إن شأن هؤلاء القوم يعني المكفرين أنهم ينظرون إلى المسائل التي يكون بعض العلماء مخالفا فيها لما أطبق عليه الجمهور ويقيم ادلة لنفسه يستدل بها على ما خالف فيه فيأخذون قول ذلك المخالف ويضعونه في رسالة ويردون عليها ما أقامه هو من الأدلة وينسبونها إلى أنفسهم ويرسلونها إلى البلدان حتى اشاعوا تلك الأقوال المخالفة لما عليه جمهور العلماء فمن ذلك القول بإيمان فرعون ومن ذلك اختيارهم أن وأنهن الغرانيق العلى من قول النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك مما اشتملت عليه الرسائل التي يبعثون بها إلى البلدان فيأخذها ضعيف العقل قليل العلم فيغتر بها وتصير هي معتقده فإن قصدوا بذلك صرف العامة عن اعتقاد ما عليه الجمهور إلى اعتقاد ما شذ به واحد أو إثنان مثلا فهذا من الإفساد لا من الاصلاح والإرشاد إذ الذي عليه جمهور العلماء هو الحقيق بالاعتماد في الاعتقاد وإن قصدوا بذلك إظهار دعوى الإجتهاد وإنه صارت فيهم قوة الترجيح والرد على الأئمة فهذا لا يثبت دعواهم إذ لا تميز لهم بذلك إذ كل من له أدنى اشتغال بالعلم إذا أطلع على هذا القول وادلته أمكنه أن يقول مثل ما يقولون بأن يقول والذي اختاره في هذه المسئلة كذا ويسرد أدلة صاحب القول كما يسردونها وإن لم يفهم المسئلة ولا شيأ من أدلتها على انه لا يتوهم فيهم أحد تلك الأهلية بل أهل وطنهم حتى الآخذين عنهم لا يثبتون لهم أهلية التعليم فضلا عن مرتبة الاجتهاد فالله اعلم بمقاصدهم ثم انتقلوا من ذلك إلى تكفير المسلمين وأما من افتى بأن من أول كلام ذلك الرجل فهو كافر فهو جاهل أي



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!