موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المشهد الثاني: مشهد نور الأخذ بطلوع نجم الإقرار [الشرح]

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

أشهدني الحق بمشهد نور الأخذ ، وطلوع نجم الإقرار ،وقال لي : الأخذ عين الترك ، وليس كل متروك مأخوذ .ثم قال لي تجدني ولا تأخذني ، وآخذك ولا أجدك .ثم قال لي : أجدك ولا آخذك .ثم قال لي : إنما كان الأخذ من ورائك ، ولو كان من أمامك ما ضل أحد .ثم قال لي : ظهرت في الأخذ ، وخفيت في الترك .ثم قال لي : الأخذ ثلاثة ، وكل عدد يفترق فلا أخذ .ثم قال لي : نفسي أخذت .ثم قال لي : انظر الجماد وخذ تسبيحه ، فذلك جوابهم ببلى .ثم قال لي : إن حجبتك بالأخذ تعذبت عذاب الآباد في النعيم المقيم .ثم قال لي : ما أخذ إلا من أفلت ، وما أفلت إلا مملوك ، وما ملك إلا مقهور ، وما قهر إلا محصور ، وما حصر إلا مُحدَث ، وما حدث إلا عدم .ثم قال لي : أخذت المفترق فجمعته ، وأخذته من الجمع فجمعته ، ثم فرقته ثم جمعته ، ثم فرقته ، ثم جمعته ، ثم لا تفريق ولا جمع .ثم أشهدني ما فوق الأخذ ، فرأيت اليد الإلهية ، ثم أرسل البحر الأخضر بيني وبينها ، فغرقت فيه فرأيت لوحاً ، فركبت فيه فنجوت ، ولولاه لهلكت .ثم برزت اليد ، فإذا هي ساحلٌ لذلك البحر . فالمراكب تجري فيه حتى تنتهي للساحل ، فيبرزها الساحل ويرمي بها في القفر ، ويخرجون أصحاب المراكب ، معهم درّ ، وجوهر ، ومرجان . فإذا حصل في البرّ عادت أحجاراً .فقلت له : كيف يبقى الدرّ دراً ، والجوهر جوهراً والمرجان مرجاناً ؟قال : إذا خرجت من البحر ، فأخرج معك من مائه ، فما بقي الماء بقي الدرّ ، والجوهر ، والمرجان على حاله . فإن يبس الماء عادت أحجاراً .وفي سورة الأنبياء أوضحت سرها .فأخرجت معي من الماء ، فلما وصلت القفر رأيت ، في وسط القفر ، روضة خضراء . فقيل لي : ادخلها .فدخلت ، فرأيت أزهارها ، وأنوارها ، وطيورها ، وثمارها . فمددت يدي لآكل من ثمرها ، فيبس الماء واستحالت الجواهر .فإذا النداء : ألقِ ما بيدك من ثمرها .فألقيت بها فنبع الماء ، وعادت الجواهر إلى حالها .ثم قال لي : سرْ إلى آخر الروضة . فسرت ، فوجدت صحراء .فقال : اسلكها . فسلكتها ، فرأيت بها عقارب وحيات وأفاعي وأسودا . فكلما نالني منها ضرر نضحتُ الموضع بالماء ، فبرئ . ثم فتح لي في آخر الصحراء عن جنات ، فدخلتها فيبس الماء ، فخرجت منها فنبع الماء . ثم دخلت ظلمة ، فقيل لي : ألقِ ثوبك وارم الماء والأحجار ، فقد وجدت فألقيت كل شيء كان عندي ، وما رأيت حيث ألقيت وبقيت .فقال لي : الآن أنت أنت .ثم قال لي : ترى ما أحسن هذه الظلمة ، وما أشدّ ضوئها ، وما أسطع نورها . هذه الظلمة مطلع الأنوار ، ومنبع عيون الأسرار ، وعنصر المواد . من هذه الظلمة أوجدتّك ، وإليها أردّك ، ولست أخرجك منها .ثم فتح لي قدر سم الخياط ، فخرجت عليه ، فرأيت بهاءً ونوراً ساطعاً .فقال لي : رأيت ما أشدّ ظلام هذا النور . أخرج يدك ، فلن تراها .فأخرجت يدي ، فما رأيتها . فقال : هذا نوري ، لا يرى فيه غيري نفسه .ثم قال لي : ارجع إلى ظلمتك ، فإنك مبعود عن أبناء جنسك .ثم قال لي : ليس في الظلمة غيرك ، ولا أوجدت منها سواك ، منها أخذتك .ثم قال لي : كل موجود دونك خلقته من نور ، إلا أنت .فإنك مخلوق من الظلمة .ثم قال لي : { وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } لو كانوا في النور لقدّروه . أنت عبدي حقاً .ثم قال لي : إن أردت أن تراني ، فارفع الستر عن وجهي .



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!