موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


125.  – الجمع

في اللغة:

“ الجيم والميم والعين أصل واحد، يدل على تضام الشيء. يقال جمعت الشيء جمعا. .. “ ( معجم مقاييس اللغة. مادة “ جمع “ ).

في القرآن:

ورد الأصل “ جمع “ في القرآن على أوجه عدة [ انظر المعجم المفهرس.

مادة جمع ]. لم تخرج به عن المعنى اللغوي السابق.

” الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ “[ 104 / 2 ].

” يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ “[ 64 / 9 ].

عند الشيخ ابن العربي:

* احتفظ الشيخ ابن العربي بالإشارات الصوفية المتوارثة إلى لفظة “ جمع “، وإلى الحال الذي يليها وهو “ جمع الجمع “ 1.

يقول: “ الجمع. .. إشارة إلى حق بلا خلق وعليه يرد 2 جمع الجمع. .. جمع الجمع :. .. الاستهلاك بالكلية في اللّه عند رؤية الجمال 3 “ ( ف 2 / 133 ).

“ الجمع “ في هذا المعنى يقابل “ الفرق “ الذي يشير إلى: خلق بلا حق 4.

في المرحلة الثانية يورد الشيخ ابن العربي أقوال سابقيه. بل وأقواله منسوبة إلى الطائفة في “ الجمع “ و “ جمع الجمع “ 5. ويضع قبالتها نظرته الخاصة.

ولن نعرّف “ الجمع “ عنده بل سنترك كلماته تجري على أوراقنا تضوع منه عبق أصالته وطرافته.

يقول:

“. .. والجمع عندنا: ان تجمع ما له [ للحق ] عليه مما وصفت به نفسك من نعوته وأسمائه، وتجمع مالك عليك مما وصف الحق به نفسه من نعوتك وأسمائك، فتكون أنت أنت، وهو هو.

وجمع الجمع: ان تجمع ما له عليه وما لك عليه وترجع الكل اليه. .. فم في الكون الا أسماؤه ونعوته. .. ويكفي العاقل السليم العقل قولهم: الجمع، فإنه لفظ مؤذن بالكثرة والتمييز بين الأعيان الكثيرة، فمن حيث التمييز كان الجمع عين التفرقة وليست التفرقة عين الجمع. .. “. ( ف 2 / 516 ).

الشيخ ابن العربي هنا يفارق النظرة الصوفية الكلاسيكية إلى “ الجمع “ كحال يوحد الحق والخلق ويذهب إلى ضدّها: فالجمع هو عين التفرقة بين الحق والخلق، بين صفات القدم والحدوث، فالجمع عمليتان يحدثان في آن معا، جمع على صعيد أول لكل مظاهر القدم وردها إلى أصلها اي: الحق.

وجمع على صعيد ثان لكل مظاهر الحدوث أينما تجلت في القديم أو الحادث وردّها إلى أصلها اي: الخلق 6.

اذن، الجمع هو جمع المظاهر، تفريقها على صعيدين، وردّها إلى أصلها.

وهنا يظهر الجمع عين التفرقة 7 ( هذه النتيجة لا تقبل العكس ): حيث إن كلمة “ جمع “ نفسها تثبت الكثرة لأننا لا نجمع الا كثرة متفرقة

اما “ جمع الجمع “ فهو استهلاك وجهي الحقيقة ( حق خلق، قدم حدوث ) في وحدتها، فالحق والخلق والقدم والحدوث ليست في الواقع سوى وجهين لحقيقة واحدة ندرك وحدتها في حال “ جمع الجمع “ 8.

* الجمع هو الكثرة في مقابل التوحيد 9.

فالوجود كثرة والتوحيد معقول غير موجود. اذن، الجمع يقابل التوحيد، ويرادف التفرقة والكثرة والتمييز بين الحقائق.

يقول الشيخ ابن العربي:

“. .. الأحدية تصحب كل جمع، فلا بد من الجمع في الاحد ولا بد من الاحد في الجمع. .. وقال تعالى. . .” وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ “[ 57 / 4 ]، والمعية صحبة والصحبة جمع. .. لما كان الدوام لمعية الحق مع العالم لم يزل حكم الجمع في الوجود وفي العدم، فإنه [ تعالى ] مع الممكن في حال عدمه كما هو معه في حال وجوده فأينما كنا فاللّه معنا، فالتوحيد معقول غير موجود 10، والجمع موجود ومعقول 11. .. لو أراد [ الحق ] التوحيد ما أوجد العالم وهو يعلم أنه إذا أوجده اشرك به. .. فهو أول من سنّ الشرك 12 لأنه اشرك معه العالم في الوجود. .. “ ( ف 4 / 306 - 307).

يطلق الشيخ ابن العربي مفهوم الجمع على الدرجة القصوى من تركيز القوى الانسانية، حيث يستجمع الانسان قواه للهرب من شيء، أو يوجه همته نحو شيء ما فينفعل له. ويسمى هذا الموقف: الجمعية. مقام الجمعية، حال الجمعية.

يقول: “ فلما تمثل الروح الأمين. .. لمريم عليها السلام بشرا سويا. .. فاستعاذت باللّه منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها اللّه منه. .. فحصل لها حضور تام مع اللّه. .. “ ( فصوص 1 / 138 - 139 ).

“ فكيف يبقى لمن يشهد هذا الامر [ امره تعالى بان نتخذه وكيلا ] همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل الا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟

وهذه المعرفة تفرقة عن هذه الجمعية 13. .. “ ( فصوص 1 / 128 - 129 ).

“ ان اجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية “ ( فصوص 1 / 158 ).

“ ان الانسان إذا جاء اللّه به اليه جمعه عليه جمعية لا تفرقة فيها، حتى يهبه اللّه تعالى

في ذلك ما يريد ان يهبه مما سبق في علمه، فإذا خرج عن ذلك المشهد وعن تلك الحالة. .. فيخرج عن حال جمعيته إلى حال تفرقته 14. .. “ ( ف 2 / 632 ).

يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ “ الجمع “ 15 مرادفا للاجمال في مقابل التفصيل. فكل اجمال يسبق تفصيلا هو: جمع، الوحي مثلا ينزل من عالم الجمع إلى عالم التفصيل 16.

والألف مقامه الجمع يتفصل في الحروف التي يسري بها 17.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ومقام الألف مقام الجمع، له من الأسماء اسم اللّه وله من الصفات القيومية. .. “ ( ف 1 / 65 ).

..........................................................................................

( 1 ) يراجع بخصوص “ جمع “ قبل الشيخ ابن العربي:

- منازل السائرين. الأنصاري ص ص 225 - 226 ،

- شفاء السائل. فهرس الاصطلاحات. مادة “ جمع “

- اللمع. الطوسي. ص ص 549 - 550

- طبقات الصوفية. السلمي. فهرس الاصطلاحات. مادة “ جمع “ ،

- الرسالة القشيرية ص ص 35 - 36 ،

-Exegese coraniqueالأب نويا ص 265 ،

- ماسينيونL. Tص 12 ،

( 2 ) ان “ جمع الجمع “ لا يرد على العبد على حال التفرقة بل على حال الجمع. ولذلك يقول الشيخ ابن العربي و “ عليه “ اي: وعلى الجمع.

( 3 ) النص نفسه تقريبا في الاصطلاحات ص 287.

( 4 ) انظر الاصطلاحات ص 287 ،

( 5 ) راجع الفتوحات ج 2 ص ص 516 - 517 ،

( 6 ) هذا الجمع للمظاهر وردها إلى أصلها هي عملية اما شعورية أو عقلية، لا وجود لعينها في الواقع، لأن نظرة الشيخ ابن العربي إلى الحق والخلق نظرة متداخلة: حق في خلق، وخلق في حق. لذلك يقول :” والجمع حال لا وجود لعينه * وله التحكم ليس للآحاد “( ف 2 / 396 )

( 7 ) يقول الشيخ ابن العربي:

“ فمن اتقى اللّه جعل له فرقانا، وان كان في عين القرآن العزيز الذي هو الجمع. من قريت

الماء في الحوض إذا جمعته فما كل فرقان قرآن، وكل قرآن فرقان .فعين الجمع عين الفرق فانظر * بعينك لاجتماع في افتراق” ( ف 3 / 318 ).

- انظر “ قرآن “

( 8 ) يشير أحيانا الشيخ ابن العربي إلى “ جمع الجمع “ بلفظ “ الجمع “ فقط، يقول:

“ الجمع: جمع الحق صفات القدم والحدوث “ ( ف 4 / 82 ).

( 9 ) توحيد هنا مأخوذة من زاوية الوجود بمعنى: التوحيد في الوجود.

( 10 ) ان التوحيد في الوجود حالة معقولة، اي ان العقل جردها من الواقع: فالفكر يوحّد كثرة الوجود التي في يلتقطها الحس متجمعة. اذن ليس للتوحيد الا الوجود العقلي.

( 11 ) على حين تنحصر فكرة “ توحيد الوجود “ بالأفق العقلي نجد “ الجمع في الوجود “ يعم الوجودين: العقلي والحسي.

( ) الجمع له وجود عقلي اي ان العقل يدرك الكثرة الوجودية.

( ب ) الجمع له وجود حسي إشارة إلى تعدد المجالي ( انظر “ تجلي “ “ مجلي “ )

( 12 ) جرى الشيخ ابن العربي على تفسير كل المفاهيم الخلقية ( الكمال. .. ) والصوفية ( الفناء - البقاء - ) وكل ما تناوله بالبحث تفسيرا وجوديا. فكل م نظر اليه بصمه ببعد وجودي، كذلك الشرك: ليس ان تشرك في عبادة اللّه أحدا، ولكن ان تشرك في الوجود مع اللّه أحدا.

والحق في هذا النص هو أول من سنّ الشرك بمعنى: انه خاطب الانسان في القرآن مانحا إياه كل صفات الوجود الحقيقي ( الفعل - التصرف - ) فأمره بالفعل والترك مثلا، مع أن الحق هو الفاعل الوحيد، من حيث إنه الوحيد القادر على الفعل لأنه: الوجود الحقيقي الوحيد.

( 13 ) انظر الشرح. الفصوص 2 / 155 - 156.

( 14 ) انظر فصوص الحكم ج 2 ص 66 ( حال الجمع وحال الفرق ).

( 15 ) بخصوص الجمع عند الشيخ ابن العربي يراجع:

- كتاب التجليات. ط. حيدرآباد ص ص 26 - 27 ( تجلي رقم 47 ).

- كتاب الارشاد. ورقة 148. - مواقع النجوم ص 20 ،

- رسالة روح القدس ص 151، 153.

- الاسفار عن رسالة الأنوار. الجيلي. ص ص 288 - 290 ،

- شرح مشكلات الفتوحات المكية. الجيلي. ورقة 4. ورقة 9. ( حيث يشرح عبارة الشيخ ابن العربي: ما ثم الا جمع ).

- شرح تائية ابن الفارض. القيصري: ق 8، ق ق 26 - 28.

- لطائف الاعلام. مادة: جمع - جمع الجمع - جمع الفرق - ورقة 74 - ب.

- مطلع خصوص الكلم. القيصري. ورقة 4.

- رسالة الانتصار. ط. حيدرآباد ص 18 ( جمع الهمم - جمع الاسرار ).

- مجلة المشرق. سنة 1966. ص 674 ( هامش 311 )، ص 738 ( هامش 442 ) سنة 1967 ص 57 ( هامش 559 )، ص 178 ( هامش 615 ).

( 16 ) انظر تعليق عفيفي الفصوص ج 2 ص 94 ،

( 17 ) راجع “ الف “.

***


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!