431. - ضيف اللّه

في اللغة:

“ الضاد والياء والفاء أصل واحد صحيح، يدل على ميل الشيء إلى الشيء.

وضافت الشمس تضيف: مالت، وكذلك تضيّفت، إذا مالت للغروب. ..

والضيّف من هذا، يقال ضفت الرّجل: تعرّضت له ليضيفني، وأضفّته: أنزلته علي. .. والضيف يكون واحدا وجمعا.

ويقال أيضا أضياف وضيفان. .. “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ ضيف “ ).

في القرآن:

ورد الأصل “ ضيف “ في القرآن بمعنى نزل على مضيفه ضيفا، وهو واحد أو جمع.

قال تعالى :” هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ “[ 51 / 24 ]

” قال تعالى: اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما “[ 18 / 77 ].

اما نسبة “ الضيف “ إلى اللّه فهذا لم يرد في التنزيل.

عند ابن العربي:

يقول ابن العربي في شرح لفظ “ ضيف “ الوارد في ابيات قالها الحلاج يوم وقعته:

“سقاني مثل ما يشرب * كفعل الضيف بالضيف. 1الصوفية 2، وفق اللّه وليي: أضياف اللّه تعالى في الأرض، وردوا عليه من الاغيار ونزلوا بحضرته، فأضافهم بمعرفته. .. “ ( رسالة الانتصار ص ص 14 - 15 ).

..........................................................................................

( 1 ) الأبيات الكاملة هي:

نديمي غير منسوب *** إلى شيء من الحيف

سقاني مثلما يشرب ***، فعل الضيف بالضيف

فلما دارت الكأس *** دعا بالنطع والسيف

كذا من يشرب الراح * مع التنين في الصيف- وقد بحث الدكتور عبد الكريم اليافي هذه الأبيات بما عرف عنه من صدق الاتصال بتاريخنا الفكري والأدبي العربي القديم، كل ذلك من خلال نظرة معاصرة حديثة، إذ انه بعد ان درسها بمنطق التاريخ يرجع إليها مرة ثانية بمنظار أدبي بحت، ويبحثها من ناحية الأسلوب ليتأكد من نسبته إلى الحلاج ،

يقول:

“ ثمة ابيات جميلة كلها استعارات وتمثيل نسبت إلى الحلاج وإلى أبي نواس وإلى الحسين بن ضحاك، وقد نبه على ذلك الأستاذ المستشرق ( ماسينيون ) وآثر نسبته إلى الحلاج بحجة انها ليست

في ديواني الخليع وأبي نواس، وان الرواة الذين ينسبونها اليهما متأخرون عنه ويكرهونه. ..

وكذلك يذكر ابن العربي الأبيات الأربعة في رسالة الانتصار على لسان الحلاج، ويتبين من هذا كله ان الرواة يذكرون ان الحلاج انما انشد هذه الأبيات قبيل مصرعه، دون الإشارة إلى أنها من نظمه، ونحن نعلم أن المتصوفين جرت عاداتهم على التمثل بأبيات الشعراء الآخرين، وتحميلها المعاني التي تجول في خواطرهم وتوائم أحوالهم. ونحن نقدر صدق تمثل الحلاج بهذه الأبيات وعمق مأساته ولكنا نميل مع ذلك إلى نسبة الأبيات للخليع مع انشاد الحلاج لها يوم قتل.

جاء في محاضرات الأدباء للراغب الأصبهاني: “ قال الحسين بن خليع نادمت يوما إبراهيم بن المهدي فسكر وعربد علي، فدعا بالنطع والسيف فتكلم في أصحابه فتجافى عني ثم تأخرت عنه، فدعاني فكتبت اليه ( الأبيات ) فدعاني وأرضاني.

ثم كان المأمون يضاحك إبراهيم بهذه الأبيات ويولع بها “ هذا وإبراهيم بن المهدي أخو هارون الرشيد اسود حالك اللون عظيم الجثة، بليغ شاعر مشهور بالعربدة يلقب بالتنين.

قال أبو يوسف القزويني في كتابه “ اخبار الحلاج “: وقد ظن قوم ان هذه الأبيات للحلاج وانما هي لأبي نواس كان ينادم الأمين إلى آخر القصة..

“ قال حمزة الاصفهاني في مقدمة ديوان أبي نواس: بل هذه الأبيات هي للحسين بن الضحاك الخليع الباهلي كان ينادم إبراهيم بن المهدي “.

هذا وقد مات أبو نواس سنة 198 هـ والحسين بن الضحاك سنة 250 ه وإبراهيم بن المهدي سنة 224.

فاسلوب الأبيات الرمزي يختلف عن أسلوب الحلاج المجرد، ولفظ التنين الذي هو لقب لإبراهيم بن المهدي الصق انطباقا عليه في هذه الأبيات، وان كان تمثل الحلاج بهذا الشعر يعطيه روعة كروعة الطلسم “. ( دراسات فنية في الأدب العربي ص ص 330 - 332 ).

هذا ويذكر الدكتور اليافي بعض الأبيات من ديوان الحلاج الذي جمعه ماسينيون ويؤكد نسبتها إلى غيره. مثلا القصيدة التي مطلعها:

سكنت قلبي وفيه منك اسرار *** فليهنك الدار بل فليهنك الجار

فهي للبهاء زهير المتوفي سنة 656 هـ.

فليراجع بشأن هذه الأبيات:

- د. كامل الشيبي: شرح ديوان الحلاج ص 351 م - 357 م مع الهامش رقم 29 ( ونلاحظ وجود المعلومات نفسها في كتاب الدكتور اليافي المتقدم ذكره والمنشور عام 1963 ) حيث يورد كافة المصادر الأدبية والصوفية والتاريخية التي اهتمت بهذه الأبيات.

- ديوان الحلاج نشر كامل الشيبي ص 82.

- اخبار الحلاج. ماسينيون ص 35 ( الأصول الكثيرة التي نشرت هذه الأبيات )

- رسالة الانتصار ابن العربي ص ص 14 - 18 حيث شرح هذه الأبيات من خلال موقفه.

( 2 ) يراجع بشأن صوفي عند ابن العربي:

- مشاهد الاسرار القدسية ق 18، ق 24

- الفتوحات ج 4 ص 358.

حرف الطاء

ط

.