The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد

أبو طالب المكي (المتوفى: 386هـ)

الفصل العاشر كتاب معرفة الزوال وزيادة الظل ونقصانه بالأقدام واختلاف ذلك في الصيف والشتاء

 

 


الفصل العاشر كتاب معرفة الزوال وزيادة الظل ونقصانه بالأقدام واختلاف ذلك في الصيف والشتاء

قال الله جلت قدرته: (أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَليلاً) الفرقان: 45 وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيلَ وَالنَّهارَ آيَتَينِ) الإسراء: 12، الآية إلى قوله عدد السنين والحساب، وقال سبحانه: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) الرحمن: 5، وفي حديث أبي الدرداء وكعب الأحبار في صفة هذه الأمة يراعون الظلال لإقامة الصلاة وأحب عباد الله إلى الله عزّ وجلّ الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله عزّ وجلّ، وقال بعض العلماء بالحساب والأثر من أهل الحديث: إن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة وإن الساعة ثلاثون شعيرة يأخذ كل واحد منهما من صاحبه في كل يوم شعيرة حتى تستكمل الساعة في الشهر، وبين أول الشهر وآخره ثلاثون درجة، الشمس كل يوم في درجة، قال: وتفسير ذلك أنه إذا مضى من أيلول سبعة عشر يوماً استوى الليل والنهار، ثم يأخذ الليل من النهار من ذلك اليوم في كل يوم شعيرة حتى يستكمل ثلاثين يوماً فيزيد ساعة حتى يصير سبعة عشر يوماً من كانون الأول فينتهي طول الليل وقصر النهار وكانت تلك الليلة أطول ليلة في السنة وهي خمس عشرة ساعة وكان ذلك اليوم أقصر يوم في السنة وهو تسع ساعات، ثم يأخذ النهار من الليل كل يوم شعيرة حتى إذا مضى سبع عشرة ليلة من آذار استوى الليل والنهار وكان كل واحد منهما اثنتي عشْرةَ ساعة ثم يأخذ النهار من الليل كل يوم شعيرة حتى إذا مضى سبعة عشر يوماً من حزيران كان نهاية طول النهار وقصر الليل فيكون النهار يومئذ خمسَ عشْرَةَ ساعة والليل تسع ساعات ثم ينقص من النهار كل يوم شعيرة حتى إذا مضى سبع عشرة ليلة من أيلول استوى الليل والنهار ثم يعود الحساب على ذلك، قال: فمواقيت الصلاة من ذلك أن الشمس إذا وقفت فهو قبل الزوال فإذا زالت بأقل القليل فذلك أول وقت الظهر، فإذا زادت على سبعة أقدام بعد الزوال فذلك أول وقت العصر؛ وهو آخر وقت الظهر، قال: والذي جاء في الحديث أن الشمس إذا زالت بمقدار شراك فذلك وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله فذلك آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، وهكذا صلّى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أول يوم ثم صلِّى من الغد الظهر حين صار ظل كل شيء مثله فذلك آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، ثم صلّى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، وقال ما بين هذين وقت فإذا أردت أن تقيس الظل حتى تعرف ذلك فانصب عوداً أو قم قائماً في موضع من الأرض مستوٍ ثم اعرف موضع الظل ومنتهاه فخط على موضع الظل خطاً ثم انظر أينقص الظل أم يزيد فإن كان الظل ينقص فإن الشمس لم تزل بعد ما دام الظل ينقص فإذا قام الظل فذلك نصف النهار ولا يجوز في هذا الوقت الصلاة فإذا زاد الظل فذلك زوال الشمس إلى طول ذلك الشيء الذي قست به طول الظل وذلك آخر وقت الظهر فإذا زاد الظل بعد ذلك قدماً فقد دخل وقت العصر حتى يزيد الظل طول ذلك الشيء مرة أخرى فذلك وقت العصر الثاني فإذا قمت قائماً تريد أن تقيس الظل بطولك فإن طولك سبعة أقدام بقدمك سوى قدمك التي تقوم عليها فإذا قام الظل فاستقبل الشمس بوجهك ثم مر إنساناً يعلم طرف ذلك بعلامة ثم قس من عقبك إلى تلك العلامة فإن كان بينهما أقل من سبعة أقدام سوى ما زالت عليه الشمس من الظل فإنك في وقت الظهر ولم يدخل وقت العصر حتى يزيد الظل على سبعة أقدام سوى ما تزول الشمس عليه من الظل فذلك وقت العصر ثم إن الأقدام تختلف في الشتاء والصيف فيزيد الظل وينقص في الأيام، فمعرفة ذلك أن استواء الليل والنهار في سبعة عشر يوماً من آذار فإن الشمس تزول يومئذ وظل الإنسان ثلاثة أقدام وكذلك ظلّ كل شيء تنصبه، فإن الشمس تزول يومئذ وظل كل شيء ثلاثة أسباعه ثم ينقص الظل وكلما أمضى ستة وثلاثون يوماً نقص الظل قدماً حتى ينتهي طول النهار وقصر الليل في سبعة عشر يوماً من حزيران فتزول الشمس يومئذ وظلّ الإنسان نصف قدم وذلك أقل ما تزول عليه الشمس ثم يزيد الظل فكلما مضت ستة وثلاثون يوماً زاد الظل قدماً حتى يستوي الليل والنهار في سبعة عشر يوماً من أيلول فتزول الشمس يومئذ، والظل على ثلاثة أقدام ثم يزيد الظل وكلما مضى أربعة عشر يوماً زاد الظل قدماً حتى ينتهي طول الليل وقصر

النهار في سبعة عشر يوماً من كانون الأول فتزول الشمس يومئذ على تسعة أقدام ونصف قدم وذلك أكثر ما تزول الشمس يومئذ عليه ثم كلما مضى أربعة عشر يوماً زاد الظل قدماً حتى ينتهي إلى سبعة عشر يوماً من آذار فذلك استواء الليل والنهار، وتزول الشمس على ثلاثة أقدام وذلك دخول الصيف وزيادة الظل ونقصانه الذي ذكرناه في كل ستة وثلاثين يوماً قدم في الصيف والقيظ وزيادته في كل أربعة عشر يوماً قدم في الربيع والشتاء، وهذا ذكره بعض علماء المتأخرين من أهل العلم بالنجوم وقد ذكر غيره من القدماء قريباً من هذا وذكر زوال الشمس بالأقدام في شهر تشرين وخالف هذا في حدين من نهاية الطول والقصر قدمين فذكر أن أقل ما تزول عليه الشمس في حزيران على قدمين وأن أكثر ما تزول عليه الشمس في كانون ثمانية أقدام فكان الأول هو أدق تحديداً وأقوم تحريراً وذكر أن الشمس تزول في أيلول على خمسة أقدام وفي تشرين الأول على ستة وفي تشرين الأخير على سبعة وفي كانون على ثمانية قال: وذلك منتهى قصر النهار وطول الليل وهو أكثر ما تزول عليه الشمس، قال: ثم ينقص الظل ويزيد النهار فتزول الشمس في كانون الأخير على سبعة أقدام وتزول في شباط على ستة أقدام وفي آذار على خمسة وذلك استواء الليل والنهار وتزول في نيسان على أربعة أقدام وتزول في أيار على ثلاثة أقدام وتزول في حزيران على قدمين فذلك منتهى طول النهار وقصر الليل وهو أقل ما تزول الشمس عليه فيكون النهار حينئذ خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات وتزول الشمس في تموز على ثلاثة أقدام وفي آب على أربعة أقدام وفي أيلول على خمسة أقدام وفيه يستوي الليل والنهار. ر في سبعة عشر يوماً من كانون الأول فتزول الشمس يومئذ على تسعة أقدام ونصف قدم وذلك أكثر ما تزول الشمس يومئذ عليه ثم كلما مضى أربعة عشر يوماً زاد الظل قدماً حتى ينتهي إلى سبعة عشر يوماً من آذار فذلك استواء الليل والنهار، وتزول الشمس على ثلاثة أقدام وذلك دخول الصيف وزيادة الظل ونقصانه الذي ذكرناه في كل ستة وثلاثين يوماً قدم في الصيف والقيظ وزيادته في كل أربعة عشر يوماً قدم في الربيع والشتاء، وهذا ذكره بعض علماء المتأخرين من أهل العلم بالنجوم وقد ذكر غيره من القدماء قريباً من هذا وذكر زوال الشمس بالأقدام في شهر تشرين وخالف هذا في حدين من نهاية الطول والقصر قدمين فذكر أن أقل ما تزول عليه الشمس في حزيران على قدمين وأن أكثر ما تزول عليه الشمس في كانون ثمانية أقدام فكان الأول هو أدق تحديداً وأقوم تحريراً وذكر أن الشمس تزول في أيلول على خمسة أقدام وفي تشرين الأول على ستة وفي تشرين الأخير على سبعة وفي كانون على ثمانية قال: وذلك منتهى قصر النهار وطول الليل وهو أكثر ما تزول عليه الشمس، قال: ثم ينقص الظل ويزيد النهار فتزول الشمس في كانون الأخير على سبعة أقدام وتزول في شباط على ستة أقدام وفي آذار على خمسة وذلك استواء الليل والنهار وتزول في نيسان على أربعة أقدام وتزول في أيار على ثلاثة أقدام وتزول في حزيران على قدمين فذلك منتهى طول النهار وقصر الليل وهو أقل ما تزول الشمس عليه فيكون النهار حينئذ خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات وتزول الشمس في تموز على ثلاثة أقدام وفي آب على أربعة أقدام وفي أيلول على خمسة أقدام وفيه يستوي الليل والنهار.

وقد روينا عن سفيان الثوري رحمه الله أكثر ما تزول عليه الشمس تسعة أقدام وأقل ما تزول عليه قدم وهذا أقرب إلى القول الأول في التحديد، وقد جاء في ذكر الأقدام لوقت الصلاة أثر من سنة فلذلك ذكرنا منها ما شرحه من عرفه، روينا عن أبي مالك سعد بن طارق الأشعري عن الأسود بن زيد عن ابن مسعود قال: كان قدر صلاة الظهر مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام وفي الشتاء خمسة أقدام إلى ستة أقدام وفصل الخطاب أن معرفة الزوال بهذا التحديد ليس بفرض ولكن صلاة الظهر بعد تيقن زوال الشمس فرض متى زالت الشمس مبلغ علمك ويقين قلبك ومنظر عينك فكانت الشمس على حاجبك الأيمن في الصيف إذا استقبلت القبلة فقد زالت لا شكّ فيه فصلِّ إلى أن يكون ظل كل شيء مثله فهذا آخر وقت الظهر وأول وقت العصر ثم صلِّ العصر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، فهذا آخر وقت العصر المستحب ثم إلى أن تصفر الشمس وتدلى للغروب، فهذا وقت الضرورات وهو مكروه إلا لمريض أو معذور، وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح فإذا كانت الشمس على حاجبك الأيسر وأنت مستقبل القبلة في الصيف فإن الشمس لم تزل مبلغ علمك ومنظر عينك، فإذا كانت بين عينيك فهو استواؤها في كبد السماء نظر عينك ويصلح أن تكون قد زالت لقصر النهار وفي أول الشتاء وقد لا تكون زالت إذا طال النهار وتوسط الصيف فإذا صارت إلى حاجبك الأيمن فقد زالت في أي وقت كان، ثم إن هذا يختلف في الشتاء فإذا كانت على حاجبك الأيسر في الشتاء وأنت مستقبل القبلة فيصلح أن تكون زالت لقصر النهار في أول الشتاء وقد لا تكون زالت إذا امتد النهار وفي أول الصيف فإذا كانت الشمس بين عينيك في الشتاء فقد زالت لا شك فيه فصل الظهر فإذا صارت إلى حاجبك الأيمن فهذا آخر وقت الظهر في الشتاء وهو أوّل وقت الظهر في الصيف وهذا التقدير إنما هو لأهل إقليم العراق وخراسان لأنهم يصلون إلى الحجر الأسود وتلقاء الباب من وجهة الكعبة فأما إقليم أهل الحجاز واليمن فإن تقديرهم على ضد ذلك وقبلتهم إلى الركن اليماني وإلى مؤخر الكعبة فلذلك اختلف التقدير وتضادد الاختلاف للتوجه إلى شطر البيت وتفاوت الأمصار في الأقاليم المستديرة حوله فهذا كان تقدير المتقدمين وما سوى ذلك من التدقيق والتحرير فمحدث إلا أنه علم لأهله، ومن أشكل عليه الوقت لجهل بالأدلة أو لغيم اعترض فليتحرَّ بقلبه ويجتهد بعلمه ولا يصلِّ صلاة إلا بعد تيقن دخول وقتها وإن تأخر ذلك فهذا أفضل حينئذ ولكن قد جاء في الخبر ثلاث من مناقب الإيمان: الصيام في الصيف، وإسباغ الوضوء في الشتاء، وتعجيل الصلاة في يوم دجن، ومن أمثال العرب يوم الدجن يضرب فيه عبد السوء هذا لأن الوقت في الغيم كأنه يقصر لغيبة الشمس فيغفل الإنسان عن مراعاة الوقت أو يتشاغل عنه لأن الفرائض لا تقبل إلا عن يقين فأداؤها بعد دخول الوقت على اليقين أفضل من أدائها في الوقت على الشك، ألم تسمع إلى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن غم عليكم فأكملوا عدد شعبان ثلاثين، فترك الاحتياط لليقين، ومن صلّى وهو يرى أنه الوقت أو توجه إلى القبلة فيما يعلم ثم تبين له بعد أنه صلِّى قبل الوقت أو صلى لغير القبلة نظر فإن كان في الوقت أو بعده قليلاً أعاد الصلاة احتياطاً وإن كان للوقت قد خرج فلا شيء عليه وهو معفو الخطأ وأحب أن يعيد تلك الصلاة متى ذكرها.

وقال بعض العلماء: للشمس سبعة أزولة، ثلاثة منها لا يعلم بها البشر: الزوال الأول نزوله عن قطب الفلك الأعلى لا يشهده ولا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ، والزوال الثاني عن وسط الفلك لا يعلمه من خلق اللّّه تعالى إلا خزان الشمس الموكلون بها الذين يرمونها بجبال الثلج ليسكن حرها ويحتبسوا شعاعها عن العالمين ويسوقونها على العجلة المركبة في الفلك، والزوال الثالث يعلمه ملائكة الأرض، ثم إن الزوال الرابع يكون على ثلاث دقائق وهو ربع شعيرة، والشعيرة جزء من اثني عشر جزءاً من ساعة، فهذا الزوال تعرفه الفلاسفة من المنجمين أهل العلم بمساحة الفلك وتركيب الأفلاك فيه وتقدير سير الشمس في الشتاء والصيف في فلكها منه فيقوّمون ذلك بالنظر في المرتجلات الطالعة على التقويم، فإذا زالت الشمس الزوال الخامس نصف شعيرة وهي ست دقائق عرف زوالها أهل الحساب والتقاويم بالإسطرلاب الطالع فإذا زالت شعيرة وهو الزوال السادس المشترك وهو جزء من اثني عشر جزءاً من ساعة عرف زوالها علماء المؤذنين وأصحاب مراعاة الأوقات فإذا زالت ثلاث شعيرات فهو الزوال السابع، وهو ربع ساعة عرف الناس كلهم زوالها، وعند هذا الوقت صلاة الكافة وهو أوسط الوقت وأوسعه، وذلك واسع برخصة الله سبحانه وتعالى ورحمته، وهذا كله لبعد منصب السماء ولاستواء تقويم صنعتها في الأفق الأعلى ولإتقان صنعتها في الجو المتخرق علواً وفي الأقطار المتسعة المستديرة استواءً ومتناسباً، وقد يروى في الخبر أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل جبريل عليه السلام فقال: هل زالت الشمس؟ فقال: لا نعم، فقال: كيف هذا فقال بين قولي لك لا نعم قطعت في الفلك خمسين ألف فرسخ فكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأله عن زوالها على علم اللّّه سبحانه وتعالى به، وقد قال بعض الفلاسفة إن السماء تدور كما تدور الرحى فتدير الأفلاك بدورانها على القطب ولكن لا يرى ذلك منها لبعدها وعلوها وتقويم استدارتها، وقد ذكره بعض العلماء من السلف فتبارك اللّّه أحسن الخالقين وذكر بعض العارفين أعجب من هذا وألطف من قدرة اللّّه عزّ وجلّ وخفي صنعه ذكر أن الليل والنهار أربعة وعشرون ساعة وإن الساعة اثنتا عشْرَةَ دقيقة كل دقيقة اثنتا عشْرَةَ شعيرة وكل شعيرة أربعة وعشرون نفساً فتظهر الأنفاس من خزانة الجسم فتنشئ الشعائر وتنشأ الشعائر فتظهر الدقائق فتنتج الساعات وتتحرك الساعات فتدير الأفلاك وتدور الأفلاك فتنشر الليل والنهار في الجو والأقطار وينشر الليل والنهار فتدير السماء في الآفاق وينعقد الحسبان بالتفصيل فإذا خفي الإحساس انقطعت الأنفاس فانفكت الأفلاك فعندها تنتشر النجوم وتنشق السماء وتخرب الديار وتظهر دار القرار فسبحان الله ألطف الصانعين وأقهر القادرين وقد قال سبحانه وتعالى: (إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) التكوير: 1 - 2، وقال سبحانه وتعالى: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً) الطور: 9، يعني تدور دوراً فسبحان اللطيف الحكيم أدار تلك الأفلاك الكثاف بهذه الأنفاس اللطاف كما حجب الفلك الكثيف بستر الفضاء اللطيف، فالفلك العظيم لا يحجب السماء والفضاء الرقيق يحجب الفلك، لأنه أراد سبحانه وتعالى أن يرينا السماء وأحب أن يخفي عنا الفلك فلم نَر إلا ما أرانا، فالعبد هو سبب لذلك ومحرك لذلك ولا يشعر بذلك فمداره أنفاسه وأنفاسه ساعاته وساعاته عمره وعمره أجله وأجله آخرته وهو في غفلة بدنياه وفي لعب بما يهواه، فإن نظرت إلى السماء رأيتها تنشئ الأنفاس وإن نظرت إلى الأنفاس، رأيتها تدير الأفلاك، وإن نظرت إلى فوق الفوق عميت عما سواه، فلا إله إلا هو رب العرش العظيم (صُنْعَ اللهِ الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) النمل: 88 إن ربي لطيف لما يشاء، (سَنُرِيهِم آَياتِنا في الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِم) فصلت: 35، (وَفِي الأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ) الذاريات: 02، (وَفِي أَنْفُسِكُم أَفَلا تُبْصِرُونَ) الذاريات: 12، (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَمَا لا تُبْصِرُونَ) الحاقة: 83، (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقى) الأعلى: 01 فأما صلاة المغرب فأفضل ما صلّيت فيه إذا تدلى حاجب الشمس الأعلى وهو غيبتها عن الأبصار، روي عن عمر رضي اللّّه عنه أنه أخر صلاة المغرب ليلة حتى طلع نجم فأعتق رقبة.

وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أخر المغرب حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين، وأفضل ما صليت فيه عشاء الآخرة إذا غاب البياض الغربي وأظلم مكانه وهو الشفق الثاني إلى ما بعد ذلك فتأخيرها أفضل إلى ربع الليل ما لم تنم والنوم قبلها مكروه شديد ووقت حسن في سنة أن تصلّي بمقدار غيبة القمر ليلة ثلاث من الشهر وهذا يكون بعد سبع ونصف من الليل لأنا روينا أنّ رسول اللّّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلّي العشاء الآخرة لسقوط القمر ليلة ثلاث، وأفضل ما صلّيت فيه صلاة الصبح إذا طلع الفجر الثاني وهي الصلاة الوسطى التي أفرد اللّّه تبارك وتعالى محافظتها لأنها تختص بمعان ثلاث من التوسط لا توجد في سائر الصلوات، منها أنها بين الليل والنهار، والثاني أنها بين صلاتين من صلاة الليل وصلاتين من صلاة النهار، والثالث أنها متوسطة بين صلاتي جهر وصلاتي مخافتة، وأيضاً فإنها أقصر الصلاة عدداً لا ثلاثاً ولا أربعاً، فلما اختصت بتوسط هذه المعاني دون غيرها كانت هي الوسطى، وأيضاً فإن اللّّه تعالى نص على ذكر الفجر في قوله عزّ وجلّ: (وَقُرْآنَ الْفَجْر إنَّ قُرآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) الإسراء: 78، وقيل في تفسير ذلك تشهده ملائكة الليل والنهار فكان هذا ذكراً لها بوصف آخر توكيداً للمحافظة عليها فإن صح الخبر عن رسول اللّّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر بطل ما قلناه وثبت قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنه هو الحق وبه نقول ولا أحسب الخبر إلا ثابتاً فقد جاء بأشد اليقين أخبرنا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عنها فقال: هي التي شغل عنها أخي سليمان حتى توارت بالحجاب، والسنة أن تقرأ في صلاة الصبح بسورة من المثاني أو بطوال المفصل لأنها قصرت وعوّض عنها طول القيام فإن كان أجمع للمصلين وأكثر لعددهم إذا توسط الوقت فحسن قبل أن تمحق النجوم فأما أن يسفر حتى ينتشر البياض تحت الحمرة وذلك هو شيء من شعاع الشمس فلا، وإن كثروا فصلاتها بغلس في القليل أفضل، والمحافظة على أوائل الأوقات من كل صلاة من أفضل الأعمال إلا ما ذكرناه من تأخير صلاة العشاء الآخرة للأثر فيه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضل الصلاة في أول الوقت على الصلاة في آخر الوقت كفضل الآخرة على الدنيا وفي الخبر أن العبد ليصلّي الصلاة في آخر وقتها ولما فاته من الوقت الأول خير له من الدنيا وما فيها، والخبر المشهور أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها، وقد جاء في الأثر الوقت الأول رضوان الله عزّ وجلّ والوقت الأخير عفو الله تبارك وتعالى، قيل: فرضوان الله عزّ وجلّ يكون للمحسنين وعفو اللّّه سبحانه وتعالى يكون عن المقصرين، والوقت الأول من كل صلاة من عزيمة الدين وطريقة المقيمين للصلاة المحافظين، والوقت الثاني رخصة في الدين وسعة من الله عزّ وجلّ ورحمة للغافلين.


4hFnTkfUWdo

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Bazı içeriklerin Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!