The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد

أبو طالب المكي (المتوفى: 386هـ)

الفصل الثالث عشر كتاب جامع ما يستحب أن يقول العبد إذا استيقظ من نومه للتهجد وفي يقظته عند الصباح

 

 


الفصل الثالث عشر كتاب جامع ما يستحب أن يقول العبد إذا استيقظ من نومه للتهجد وفي يقظته عند الصباح

ليقل إذا استيقظ من منامه بكرة أصبحنا وأصبح: الملك للَّه، والعظمة للَّه، والسلطان للَّه، والبهاء للَّه، والقدرة للَّه، والعزة للَّه، والتسبيح للَّه، أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين، الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور، اللهم إنا نسألك أن تبعثنا في يومنا هذا إلى كل خير، ونعوذ بك أن نجترح فيه سوءاً أو نجره إلى مسلم، فإنك قلت: وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى، اللهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً، والشمس والقمر حسباناً، أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه، وأعوذ بك من شرّه وشرّ ما فيه، بسم اللَّه، ما شاء اللَّه، لا قوّة إلا باللَّه، ما شاء اللَّه، كل نعمة من اللَّه، ما شاء اللَّه، الخير كله بيد اللَّه، بسم اللَّه، لا يصرف السوء إلا اللَّه، رضيت باللَّه عزّ وجلّ، رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا، وإليك المصير، وليقرأ المعوذتين فإذا أمسى قال مثل ذلك كله إلا أنه يقول: أمسينا، وأمسى الملك للَّه، عزّ وجلّ، أسألك خير هذه الليلة، ولا يدع أن يقول في كل ليلة: بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، أعوذ بكلمات اللَّه التامات، وأسمائه كلها من شر ما ذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر، ومن شر كل دابة، أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم وإن يقلّ دخوله من الخلاء عند وقت السحر كان أفضل، كيلا يشغله عن الذكر، يجعل ذلك في آخر النهار أو من أول الليل فقد فعل ذلك كثير من الصالحين، وهو حسن، إلا أن دخول الخلاء عند الصباح أصلح للجسد من جهة الطب وأنظف للطهارة، سيما لمن يأكل بالنهار.

ذكر ما يستحب من القول

إذا أخذ العبد مضجعه للنوم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي فاغفر لها وارحمها وإن أرسلتها فاعصمها واحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.

وعلم رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البراء بن عازب أن يقول إذا أخذ مضجعه ليلاً: اللهم إني وجهت وجهي إليك وفوّضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبةً ورغبةً إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت.

وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول عند النوم: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك وأنه أمر أن يقال الحمد لله الذي علا فقهر، الحمد لله الذي بطن فجبر، الحمد لله الذي ملك فقدر، الحمد لله الذي هو يحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير، وليقل بعد ذلك: اللهم إني أسألك الراحة بعد الموت، والعفوعند الحساب، اللهم إني أعوذ بك من غضبك وسوء عقابك وشر عبادك وشر الشياطين وشركهم، وليقرأ خمساً من أول سورة البقرة وثلاثاً من آخرها وآية الكرسي والآيتين اللتين بعدها، وليقرأ قوله عزّ وجلّ: (وَإلهُكُمْ إلهُ وَاحِدٌ لاَ إلهَ إلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحيمُ) البقرة: 163، والآية التي بعدها إلى قوله تعالى: (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة: 164، ويقال من قرأ هذه الآية عند منامه حفظ عليه القرآن فلم ينسه ولا يدع أن يقرأ آخر بني إسرائيل الآيتين: (قل ادعوا اللَّه أو ادعوا الرحمن) الإسراء: 110، وهذه الآية من سورة الأعراف: (إنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ) الأعراف: 54، فإنه يدخل في شعاره ملك يوكل بحفظه ويستغفر له وليقرأ الخمس الآيات من أوّل سورة الحديد والثلاث من آخر سورة الحشر، وقل: يا أيها الكافرون وقل: هو الله أحد والمعوذتين، وينفث بهن في يديه ويمسح بهما وجهه وسائر جسده.

كذلك روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله وفعله وليقرأ عشراً من أوّل الكهف وعشراً من آخرها وهذه الآي لقيام الليل وأمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقراءة: قل يا أيها الكافرون عند النوم، وكان عليه السلام يقول: ما أرى أن رجلاً مستكمل عقله ينام قبل أن يقرأ الآيتين من سورة البقرة آمن الرسول، وليقل: اللهم أيقظني في أحب الساعات إليك واستعملني بأحب الأعمال لديك التي تقربني إليك زلفى وتبعدني من سخطك بعداً أسألك فتعطيني وأستغفرك فتغفر لي وأدعوك فتستجيب لي، اللهم لا تؤمنني مكرك ولا تولني غيرك ولا ترفع عني سترك ولا تنسني ذكرك ولا تجعلني من الغافلين، يقال: من قال هذه الكلمات عند نومه أهبط الله سبحانه وتعالى ثلاثة أملاك يوقظونه للصلاة فإن صلّى ودعا أمنوا على دعائه وإن لم يقم تعبدت الأملاك في الهواء وكتب له ثواب عبادتهم، ثم ليسبّح ثلاثاً وثلاثين مرة، وليحمد ثلاثاً وثلاثين مرة، وليكبر ثلاثاً وثلاثين مرة، وإن أحب ربعها خمساً وعشرين مرة، فقال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمساً وعشرين مرة، فهن يجمعن له مائة كلمة وهو أخف عليه للمداومة.

وروينا عن مطرف عن الشعبي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخر ما يقول حين ينام وهو واضع خده على يده الىمنى وهو يرى أنه مقبوض في تلك الليلة: اللهم ربّ السموات السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، منزل التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، اللهم أنت الأوّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر، وليسبّح ثلاثاً وثلاثين مرة وليحمد ثلاثاً وثلاثين مرة وليكبر أربعاً وثلاثين مرة وإن شاعر بها خمساً وعشرين مرة وزاد فيها التهليل فهن يجمعن له مائة كلمة وهو أخف عليه للمداومة، وقد أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك وندب إليه في إدبار الصلوات الخمس وعند النوم فهذا جامع ما يستحب من قراءة الآي والدعاء عند النوم.

ذكر هيئة العبد عند النوم وأهبته للمضجع

ومعنى الإعتبار بذلك لذوي الأبصار يستحب للعبد أن ينام على طهارة سابعة، وإلا مسح أعضاءه بالماء مسحاً، وقد كانوا يستحبون السواك عند النوم، فكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله، وكان بعض السلف يجعل عند رأسه سواكه وطهوره، فإذا انتبه من الليل استاك ومسح أعضاءه بالماء مسحاً، وكانوا يذكرون الله عزّ وجلّ بالتلاوة والتسبيح في تقلبهم ويعدون هذا يعدل قيام الليل، وقد روي هذا الخبر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن غيره، وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه وأنه كان يستاك في ليلة مراراً عند كل قومة من نومه فليعد العبد طهوره وسواكه عند رأسه وينوي قيام الليل فأي وقت استيقظ توضأ وصلّى أو قعد فقرأ أو دعا وذكر الله عزّ وجلّ واستغفره أو تفكر في آلائه وعظمته ومعاني قدرته ففي أي وجه أخذ من هذه المعاني فهو ذكر، وقد استعمل بذلك وفيه قربة إلى الله عزّ وجلّ، وهو فضل من الله تعالى ورحمته عليه، ولا ينبغي للعبد أن يبيت وله شيء يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده فإنه لا يأمن القبض بالوفاة، وقد ندب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ذلك في قوله: لا ينبغي لعبد أن ينام ليلتين وله شيء يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده، ويقال: من مات عن غير وصية لم يؤذن في الكلام في البرزخ إلى يوم القيامة، تتزاور الأموات ويتحدثون وهو لا يتكلم فيما بينهم إلى يوم القيامة فيقول بعضهم لبعض: هذا المسكين مات عن غير وصية فيكون ذلك حسرة عليه بينهم، وموت الفجأة تخفيف ومستحب للمؤمن الفقير للثواب الذي حلب لا مال له ولا دين عليه فأما المثقل بالدين والمخلط في الدين ومن له مال أو هو مصر على مطل فإن موت الفجأة لهؤلاء عقوبة ومكروه، ولا ينبغي للعبد أن يبيت إلا تائباً من كل ذنب، سليم القلب لجميع المسلمين، لا يحدث نفسه بظلم أحد، ولا يعقد على الخطيئة إن استيقظ، وقد جاء في الخبر: من أوى إلى فراشه لا ينوي ظلم أحد ولا يحقد على أحد غفر له ما اجترم وليستقبل في نومه القبلة واستقبال القبلة، على ضربين إن كان مستلقياً فاستقباله القبلة أن يكون وجهه إليها مع أخمص قدميه كحال الميت المسجى وإن كان نائماً على جنب فاستقبال القبلة أن يكون وجهه إليها مع شقه الأيمن كهيئة الملحد في قبره فسيصير إليه عن قريب وليذكر بنومه على هذين الحالين عند موته وحين اضطجاعه في قبره، وقد قال الله عزّ وجلّ: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كفَاتاً) (أَحيَاءً وَأَمَوَاتاً) المرسلات: 25 - 26، في أحد الوجهين وهو مذهب أهل التفسير أي يكفتهم ويجمعهم أحياء على ظهرها وأمواتاً في بطنها، وقد جعل الله سبحانه وتعالى النوم من آياته الدالة عليه لأهل السمع منه وهو سمع اليقين وقرنه بالابتغاء من فضله فقال عزّ وجلّ: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِالَّليْلِ وَالَّنهَارِ وَاْبِتغَاؤُكُمْ مِنْ فَضِلْهِ إنَّ في ذِلكَ لآياتٍ لَقوْمٍ يَسْمَعُون) الروم: 23، وكان فقراء أهل الصفة وبعض زهاد التابعين إذا رقدوا لا يجعلون بينهم وبين الأرض شيئاً، كان أحدهم يباشر التراب بجلده ويطرح ثوبه فوقه ويقول: منها خلقناكم وفيها نعيدكم، كأنهم كرهوا الترفع عليها والوقاية منها يجدون ذلك أرق لقلوبهم وأبلغ في تواضعهم، ومثل النوم عند أهل الاعتبار مثل البرزخ هو بين الدنيا والآخرة كذلك النوم بين الحياة والموت فإذا كشف حجاب النوم ظهرت الدنيا بالحكمة وكذلك إذا كشف الغطاء ظهرت الآخرة بالقدرة فصارت الدنيا كلاأحلام في النوم وقد قال الله عزّ وجلّ: (وَهُوَ الّذي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيعْلَمُ مَاجَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فيهِ) الانعام: 60 وكان بعضهم يقول عجباً لمن يعصي الله عزّ وجلّ ثم ينام بعد ذلك.

وذكر بعض العلماء عن الله عزّ وجلّ: إن كنتم تعصوني فاخرجوا من بساطي ولا تناموا في قبضتي، وقال لقمان لابنه: يا بني إن كنت تشك في الموت فلا تنم، فكما أنك تنام فكذلك تموت، وإن كنت تشك في البعث فإذا نمت فلا تنتبه، فكما أنك تنتبه بعد نومك فكذلك تبعث بعد موتك، فيلتذكر العبد عند نومه حين موته وليعلم أن الله تعالى يكون له يعد موته كما كان العبد له قبل نومه فلينظر على أي حال نام وعلى أي هم توفاه الله عليه وليتذكر بانتباهه البعث فإن العبد يبعث على ما مات عليه في الدنيا فيبعث بهمه ويحشر مع محبوبه كما ينتبه النائم عن همه إلى محبوبه الذي نام عنه، وفي الخبر أن المرء مع من أحب وله ما احتسب، وروي عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من مات على مرتبة من المراتب بعث عليها يوم القيامة، وروينا عن كعب الأحبار قال: إذا نمت فاضطجع على شقك الأيمن واستقبل القبلة بوجهك فإنها وفاة.

بيان آخر من الاعتبار لأهل التبصرة والتذكار

وليعلم العبد أن الله عزّ وجلّ يكون له بعد بعثه من قبره كما كان العبد له بعد بعثه من نومه، فلينظر إلى أي حال يبعث، وإن كان العبد لنظر مولاه مكرماً ولشأنه معظماً ولحرماته معظماً وإلى محبوبه ومرضاته ومسرته من النعيم المقيم مسرعاً كان الله تعالى في آخرته لوجهه مكرماً، وان كان العبد في حق مولاه متهاوناً وبأمره مستخفاً ولشعائره مستصغراً كان الله تعالى له مهيناً وبشأنه متهاوناً، قال الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمى وَالْبَصُير) فاطر: 19، والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء، ثم قال: (قَليلاً مَا تَذَكَّرُونَ) الأعراف: 3، موبخاً لهم بذلك، وقال في مثله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمينَ كالْمُجْرِمينَ) القلم: 35، ثم قال: (مَا لَكمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) القلم: 36، ذاماً عائباً لحكمهم؟ ثم أخبر بحكمه فيهم فقال: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) الجاثية: 12، هكذا تقدير الكلام وهو من المقدم والمؤخر، فرفع حسناتهم وأخبر بسوء حكمهم ثم ذكر حكمهم عنده في المحيا والممات فقال: (سَواءً مَحْيَاهُمْ وَمَماتُهُم) الجاثية: 21، أي كما كانوا في الحياة كذلك يكونون بعد الوفاة، ثم عقب ذلك بذكر عدله في خلقه فقال: (وَخَلَقَ اللهُ السَّموات والأرْضَ بِالحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) الجاثية: 22 فكان هذا فصل الخطاب وتذكار أولي الألباب، وقال في معناه وأمر بتدبر كلامه وأمر بتذكر العقلاء عن خطابه فقال: (كِتَابٌ أنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِه وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الألْبَابَ) ص: 29، هل يتدبرون فيجدون أنا نجعل المفسدين كالمصلحين أو نجعل المتقين كالفاسقين وهو قوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلْوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدينَ في الأرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتقَّينَ كَالْفُجّارِ) ص: 28، فالتدبر التفهم، والتذكر التقوى والعمل، وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحب أن يعلم منزلته عند الله عزّ وجلّ فلينظر كيف منزلة الله تعالى من قلبه فإن الله عزّ وجلّ ينزل العبد عنده بحيث نزله العبد من نفسه، فإذا نام العبد على طهارة وذكر وعن مثل هذه المشاهدة والفكر فإن مضطجعه يكون مسجداً وإنه يكتب مصلياً حتى يستيقظ ويدخل في شعاره ملك فإن تحرك في نومه فذكر الله عزّ وجلّ دعا له الملك واستغفر له، وفي الخبر: إذا نام العبد على طهارة عرج بروحه إلى العرش فكانت رؤياه صادقة، وإن لم ينم على طهارة قصرت روحه عن البلوغ فتلك المنامات أضغاث أحلام لا تصدق، فإن غلبه النوم حتى يصبح حسب له قيام ليلة وكان نومه عليه صدقة ومن كان هذا وصفه في منامه يسبق كثيراً من العباد في قيامهم عن شهود غفلة وسهو. وقد روينا في خبر نوم العالم عبادة ونفسه تسبيح.

ذكر ما يستحب من القول عند القيام إلى التهجد

فإذا قام من الليل متهجداً فليقل: الحمد لله الذي أحياني بعد إذ توفاني وإليه النشور، وليقرأ العشر الأواخر من سورة آل عمران، وليستك وليتوضأ ويقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأسألك التوبة فاغفر لي وتب علي إنك أنت التوّاب الرحيم، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهرين واجعلني صبوراً شكوراً واجعلني أذكرك كثيراً وأسبحك بكرة وأصيلاً، ثم يرفع رأسه إلى السماء فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، أنا عبدك ابن عبدك، ناصيتي بيدك، جارِ فِي حكمك، عدل فيّ قضاؤك، هذه يدي بما كسبت، هذه نفسي بما اجترحت، لا إله إلاّ إنت سبحانك إني كنت من الظالمين عملت سوءًا وظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنك أنت ربّي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فإذا قام إلى الصلاة متوجهاً فليقل الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراًً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، ثم ليسبح عشراً وليحمد عشراً وليهلل عشراً وليكبر عشراً وليقل الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والجلال والعظمة والقدرة، وليقل هذه الكلمات فإنها مأثورة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قيامه للتهجد: اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد، أنت بهاء السموات والأرض، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت زين السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ومن فيهن ومن عليهن، أنت الحق، ومنك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر اللهم يا ربّ لي ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، اللهم آت نفسي تقواها، اللهم زكها، أنت خير من زكاها، أنت وليها، ومولاها، اللهم اهدني لأحسن الأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، أسألك مسألة البائس المسكين وأدعوك دعاء المفتقر الذليل فلا تجعلني بدعائك رب شقياً، وكن بي رؤوفاً رحيماً، يا خير المسؤولين، ويا أكرم المعطين، ويستحب أن يفتح صلاته بركعتين خفيفتين، ويستحب له أن لا يأكل شيئاً ولا يشرب ماء حتى يقضي همته من صلاته فإن العبد إذا استيقظ من نومه يكون جام القلب فارغ الهم، فإذا أكل وشرب تغير قلبه عن هيئته فليغيب أكله إلاّ أن يخاف أن يفجأه الفجر إن لم يتسحر أو يشرب فليبدأ حينئذ بذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


4hFnTkfUWdo

 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Veuillez noter que certains contenus sont traduits de manière semi-automatique !