موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

للشيخ يوسف النبهاني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المسألة الثالثة عشر في كون الجنة تزيد بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

المسألة الثالثة عشر في كون الجنة تزيد بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

قال في الباب الحادي عشر من كتاب (الإبريز) وسمعته رضي الله عنه يقول أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي ذكر الملائكة الذين هم على أطراف الجنة ومن بركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كلما ذكروها زادت الجنة في الإتساع فهم لا يفترون عن ذكرها والجنة لا تفتر عن الاتساع فهم يجرون والجنة تجري خلفهم ولا تقف الجنة عن الاتساع حتى ينتقل الملائكة المذكورين إلى التسبيح ولا ينتقلون إليه حتى يتجلى الحق سبحانه لأهل الجنة في الجنة فإذا تجلى لهم وشاهده الملائكة المذكورين أخذوا في التسبيح فإذا أخذوا فيه وقفت الجنة واستقرت المنازل بأهلها ولو كانوا عندما خلقوا أخذوا في التسبيح لم تزد الجنة شيئا فهذا من بركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وسألته رضي الله عنه لم كانت الجنة تزيد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دون التسبيح وغيره من الأذكار فقال رضي الله عنه لأن الجنة أصلها من نور النبي صلى الله عليه وسلم فهي تحن إليه حنين الولد إلى أبيه وإذا سمعت بذكره انتعشت وطارت إليه لأنها تسقى منه صلى الله عليه وسلم

ثم ضرب مثلا بدابة اشتاقت إلى قوتها وعلقها وشعيرها فجيء إليها بالشعير وهي أجوع ما كانت فإذا شمت رائحته فإنها تقرب منه وإذا بعد عنها تبعته دائما حتى تدركه فكذا حال الملائكة الذين في أطراف الجنة وأبوابها يشتغلون بذكر النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فتحن الجنة إلى ذلك وتذهب نحوهم وهم في جميع نواحيها فتتسع من جميع الجهات

قال رضي الله عنه ولولا إرادة الله ومنعه لخرجت إلى الدنيا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتذهب معه حيث ذهب وتبيت معه حيث بات إلا أن الله تعالى منعها من الخروج إليه صلى الله عليه وسلم ليحصل الإيمان به صلى الله عليه وسلم على طريق الغيب.

قال رضي الله عنه وإذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم الجنة وأمته فرحت بهم الجنة وحصل لها من السرور والحبور ما لا يحصى فإذا دخلها الأنبياء عليهم الصلاة و السلام وأممهم تنكمش وتنقبض فيقولون لها في ذلك فتقول ما أنا منكم ولا أنتم مني حتى يقع الفصل بواسطة استمداد أنبيائهم من النبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلام الإبريز بتقديم وتأخير.

(تعليق الشيخ مصباح) اختلف العلماء في أولية الخلق فقال بن الحجر الهيتمي والنبهاني وابن عربي وعبد الغني النابلسي والشيخ عبد العزيز الدباغ والإمام محمد الكتاني في شرح نظم المتناثر من الحديث المتواتر وكثيرون غيرهم بأن أول ما خلق الله هو نور سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم. وقال آخرون بأن حديث جابر لم يرق إلى درجة الحديث الصحيح فلا يؤخذ به. وقد ضعفه الحافظ العراقي حيث قال في تخريج الإحياء (رواه -حديث جابر_ الطبراني في الأوسط من حديث أبي أمامة، وأبو نعيم من حديث عائشة بإسنادين ضعيفين) ٠

أما المؤمنين بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والذين لهم اتصال روحي به، فمتيقنون أن نور الحبيب المصطفى هو أول المخلوقات، وكل المخلوقات فيه من نوره الشريف، ولا يظن ظان أننا نعنى بذلك أن هذا النور مثل الأنوار المادية التي نراها بل مثلما نرى الماء أصل كل شيء (وجعلنا من الماء كل شيء) ومثلما ينظر أستاذ الفيزياء إلى الأشياء فيرى الالكترونات تجرى والنويات تتحرك ويرى ما بداخل النواة يسرع ويدور، فإذا ذكر هذه الحقائق لأمي أو جاهل أو قصير النظر كذبه وسخر منه، وحين ينظر أستاذ الطب إلى أي بشر فيرى المخ ومراكز السمع والبصر والحركة وكل شيء فإذ اذكر حقيقة أن كل شيء في المخ أمام جاهل أو قصير النظر ضحك منه وتعجب لأن اليد هي التي تتحرك والأذن هي التي تسمع ولا يرى غير ذلك.

فإن أهل الإيمان يرون أن نور الحبيب المصطفى يسرى في الكون كسريان الماء في كل شيء.

وحديث سيدنا جابر رضي الله عنه يثبت أسبقية نوره صلى الله عليه وسلم، فقد روى عن عبد الرازق بسنده في كتابه (جنة الخلد) عن جابر عن عبد الله الأنصاري قال: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء قال: (يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الجزء الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء فخلق من الجزء الأول نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني نور قلوبهم، وهي المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد: لا اله إلا الله محمد رسول الله ثم نظر إليه فترشح النور عرقاً فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفا وأربعة ألاف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفسهم أرواح الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة، فالعرش والكرسي من نوري، والكروبيون من نوري، والرحمانيون من نوري، والجنة وما فيها من النعيم من نوري، والشمس والكواكب من نوري، والعقل والعلم والتوفيق من نوري، وأرواح الأنبياء والرسل من نوري، والسعداء والصالحون من نتائج نوري. ثم خلق الله آدم من الأرض، وركب فيه النور وهو الجزء الرابع، ثم انتقل منه إلى شيث. وكان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن وصل إلى صلب عبد الله بن عبد المطلب، ومنه إلى وجه أمي آمنة، ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين وقائد الغر المحجلين، هكذا بدء خلق نبيك يا جابر)



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!