موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

للشيخ يوسف النبهاني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


فائدة مهمة في حكم قناديل الذهب التي في حجرته الشريفة صلى الله عليه وسلم

فائدة مهمة في حكم قناديل الذهب التي في حجرته الشريفة صلى الله عليه وسلم

رأيت في فتاوى الإمام تقي الدين السبكي جمعْ ولده الإمام تاج الدين عبد الوهاب رسالة سماها (تنزيل السكينة على قناديل المدينة) قال فيها بعد البسملة والحمد لله والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وبعد

[فإن الله يعلم أن كل خير أنا فيه ومنَّ عليَّ به فهو بسبب النبي صلى الله عليه وسلم والتجائي إليه واعتمادي في كل أموري عليه فهو وسيلتي إلى الله تعالى في الدنيا والآخرة وكم له من نعمة باطنة وظاهرة وإنه بلغني أنه وقع كلام في بيع القناديل الذهب التي هي بحجرته المقدسة التي هي على الخير والتقوى مؤسسة ليصرف ثمنها في عمارتها وعمارة الحرم فحصل لي من ذلك هم وغم فأردت أن أكتب ما عندي من ذلك وأقدم حديثاً صحيحاً يكون في الإستدلال من أوضح المسالك]

ثم روى بسنده حديث البخاري عن أبي وائل قال [جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال لقد جلس هذا المجلس عمر فقال لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت إن صاحبيك لم يفعلا قال هما المرآن أقتدي بهما]

وفي رواية له [هما المرآن يقتدى بهما]

ثم ساق الإمام السبكي عدة طرق لهذا الحديث وأقوال العلماء في عدم جواز التصرف بأموال الكعبة وحُليها من الذهب والفضة وأطال في ذلك بنحو كراس ثم قال [فننتقل إلى المدينة الشريفة دار الهجرة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ونقول فيها المسجد والحجرة المعظمة

أما المسجد فقد ذكرنا حكم المساجد وتعليق القناديل الذهب والفضة فيها

وقلنا إن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالجواز من سائر المساجد التي لا تشد إليها الرحال ومن مسجد بيت المقدس وإن كانت الرحال تشد إليه ومن مسجد مكة عند مالك رضي الله عنه بلا إشكال

وقلنا إنه يحتمل أن يقال بأولويته على مذهب من يقول بتفضيل مكة أيضا لما يختص به هذا المسجد الشريف من مجاورة النبي صلى الله عليه وسلم

ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمنع من رفع الصوت فيه ولم يكن يفعل ذلك في مسجد مكة وما ذاك إلا للأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوب معاملته الآن كما كان يجب أن يُعامل به لمَّا كان بين أظهرنا

وكانت عائشة رضي الله عنها تسمع الوتد يُوتد والمسمار يُضرب في البيوت المطيفة به فتقول لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

فمن هذا الوجه يستحق من التعظيم والتوقير ما لا يستحقه غيره وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام}

وعندنا وعند الحنفية والحنابلة الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة فيه

واختلفوا إذا وسع عما كان عليه هل تثبت هذه الفضيلة له أو تختص بالقدر الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم

وممن رأى الإختصاص النووي رضي الله عنه للإشارة إليه بقوله (مسجدي)

هذا ورأى جماعة عدم الإختصاص وأنه لو وُسِّع مهما وُسَّع فهو مسجده كما في مسجد مكة إذا وُسِّع وتلك الفضيلة ثابتة له

وقد قيل إن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان في حياته سبعين ذراعاً في ستين ذراعاً ولم يزد أبو بكر فيه شيئا

وزاد عمر ولم يغير صفة بنائه

ثم زاد فيه عثمان زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة وهي الجص وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج

ثم زاد فيه الوليد في ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة ومباشرته وعمل سقفه بالساج وماء الذهب وكان الوليد أرسل إلى ملك الروم أني أريد أن أبني مسجد نبينا فأرسل إليه أربعين ألف دينار وأربعين رومياً وأربعين قبطياً عمالا وشيئاً من آلات العمارة وعمر بن عبد العزيز أول من عمل له محراباً وشُرَفاً في سنة إحدى وسبعين

ثم وسعه المهدي على ما هو اليوم في المقدار وإن تغير بناؤه

أما الحجرة الشريفة المعظمة فتعليق القناديل الذهب فيها أمر معتاد من زمان ولا شك أنها أولى بذلك من غيرها

والذين ذكروا الخلاف في المساجد لم يذكروها ولا تعرضوا لها كما لم يتعرضوا لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم

وكم من عالم وصالح من أقطار الأرض قد أتاها للزيارة ولم يحصل من أحد إنكار للقناديل الذهب التي هناك

فهذا كله قاضٍ في العلم بالجواز مع الأدلة التي قدمناها مع استقراء الأدلة الشرعية فلم يوجد فيها ما يدل على المنع منه فنحن نقطع بجواز ذلك ومن منع أو رام إثبات خلافه فليبينه

والمسجد وإن فضلت الصلاة فيه فالحجرة لها فضل آخر مختص بها يزيد شرفها به فحكم أحدهما غير حكم الآخر والحجرة الشريفة هي مكان المدفن الشريف في بيت عائشة وما حوله ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم وسع وأدخلت حجر نسائه التسع فيه وحجرة حفصة هي الموضع الذي تقف فيه الناس للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وكانت مجاورة لحجرة عائشة التي دفن فيها صلى الله عليه وسلم في بيتها وتلك الحجر كلها دخلت في المسجد

أما المدفن فلا يشمله حكم المسجد بل هو أشرف من المسجد وأشرف من مسجد مكة وأشرف من كل البقاع كما حكى القاضي عيَّاض رحمه الله الإجماع على ذلك إن الموضع الذي يضم أعضاء النبي صلى الله عليه وسلم لا خلاف في كونه أفضل

وأنه مستثنى من قول الشافعية والحنفية والحنابلة وغيرهم إن مكة أفضل من المدينة ونظم بعضهم في ذلك

جزم الجميع بأن خير الأرض ما ***** قد حاط ذات المصطفى وحواها

ونعم لقد صدقوا بساكنها علت ***** كالنفس حين زكت زكا مأواها

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في تفضيل بعض الأماكن على بعض

إن الأماكن والأزمان كلها متساوية ويفضلان بما يقع فيهما لا بصفات قائمة بهما ويرجع تفضيلهما إلى ما يُنِيل الله تعالى العباد فيهما من فضله ومنِّه وكرمه فمعنى التفضيل الذي فيهما أن الله تعالى يجود على عباده بتفضيل أجر العاملين فيهما كذا قال الشيخ عز الدين بن]

قال السبكي [وأنا أقول قد يكون لذلك وقد يكون للرضوان والملائكة ولما له عند الله من المحبة وله ولساكنه ما يقصر العقول عن إدراكه وليس لمكان غيره فكيف لا يكون أفضل الأمكنة وليس محل عمل لنا لأنه ليس مسجداً ولا له حكم المساجد بل هو مستحق النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم حيُ وأعماله فيه مضاعفة أكثر من كل أحد فلا يختص التضعيف بأعمالنا نحن فافهم هذا ينشرح صدرك لما قاله القاضي عياض من تفضيل ما ضم أعضاءه صلى الله عليه وسلم باعتبارين

أحدهما ما قيل أن كل أحد يدفن بالموضع الذي خلق من تربته والثاني تنزل الرحمة والبركات عليه وإقبال الله تعالى

ولو سلمنا أن الفضل ليس للمكان لذاته لكن لأجل من حل فيه.

إذا عرفت ذلك فهذا المكان له شرف على جميع المساجد وعلى الكعبة ولا يلزم من منع تعليق قناديل الذهب في المساجد والكعبة أي على القول بذلك المنع من تعليقها هنا ولم نرَ أحداً قال بالمنع هنا

وكما أن العرش أفضل الأماكن العلوية وحوله قناديل كذلك هذا المكان أفضل الأماكن الأرضية فناسب أن يكون فيه قناديل وينبغي أن تكون من أشرف الجواهر كما أن مكانها أشرف الأماكن فقليل في حقها الذهب والياقوت

وليس المعنى المقتضي التحريم موجوداً هنا فزالت شبهة المنع والقنديل الذهب ملك لصاحبه يتصرف فيه بما يشاء فإن وقفه هناك إكراماً لذلك المكان وتعظيماً صح وقفه ولا زكاة فيه وإن لم يقفه واقتصر على إهدائه صح أيضا وخرج عن ملكه يقبض من صح قبضه

وبعد تعليق هذه القناديل في الحجرة وصيرورتها لها بوقف أو تمليك أو إهداء أو نذر أو هبة لا يجوز إزالتها لأنها لم يكن تعليقها في الأول واجبا ثم صار شعاراً ويحصل بسبب إزالتها تنقيص فيجب إدامتها كما قدمناه في كسوة الكعبة استدامتها واجبة وابتداؤها غير واجب.

فالكعبة والحجرة الشريفة قد علم حالهما الأولى بالنص للحديث الوارد الذي قدمناه والثانية بالإلحاق به والقطع بعظمتهما.

وفي كثير من البلاد غيرهما أماكن ينذر لها ويهدى إليها وقد يسأل عن حكمها ويقع النظر في أنها هل تلحق بهذين المكانين وإن لم تبلغ مرتبتهما أو لا

وقد ذكر الرافعي عن صاحب التهذيب وغيره أنه لو نذر أن يتصدق بكذا على أهل بلد بعينه يجب أن يتصدق به عليهم

قال ومن هذا القبيل ما ينذر بعثه إلى القبر المعروف بجرجان فإن ما يجتمع منه على ما يُحكى يقسَّم على جماعة معلومين وهذا محمول على أن العُرْف اتقضى ذلك فنزل النذر عليه

ولا شك أنه إذا كان عُرْف حمل عليه وإن لم يكن عُرْف فيظهر أن يجري فيه خلاف وجهين

أحدهما لا يصح النذر لأنه لم يشهد له الشرع بخلاف الكعبة والحجرة الشريفة

والثاني يصح إذا كان مشهوراً بالخير

وعلى هذا ينبغي أن يصرف في مصالحه الخاصة به ولا يتعداها والله أعلم

والأقرب عندي بطلان النذر لما سوى الكعبة والحجرة الشريفة والمساجد الثلاثة لعدم شهادة الشرع لها وإن من خرج من ماله عن شيء لها واقتضى العُرْف صَرْفه في جهة من جهاتها صُرِف إليها واختصت به والله تعالى أعلم] انتهى باختصار

وذكر في آخر هذه الرسالة سبعة عشر بيتاً من نظمه قال إنه نظم الأحد عشر الأول منها في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة في الكلام على تفسير قوله تعالى {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}

وزاد السبعة الأخيرة حين تأليفه هذه الرسالة وهي

نفس النبي لديَ أعلى الأنفس ***** فأتبعه في كل النوائب وآنس

واترك حظوظ النفس عنك وقل لها ***** لا ترغبي عن نفس هذا الأنفس

فرُدي الردى واحميه كل ملمة ***** فلقد سعدت إذا خصصت بابؤس

إن تقتلي يصعد بروحك في العلا ***** بيد الكرام على ثياب السندس

وترين ما ترضين في كل المنى ***** في مقعد عند المليك مقدس

أو ترجعي بغنيمة تحظي بها ***** وبذخر أجر ترتجيه وترأسي

ما أنت حتى لا تكوني فدية ***** لمحمد في كل هول ملبس

ما في حياتك بعده خير ولا ***** إن مات تخلفه جميع الأنفس

فمحمد يحيا به هذا الأنا ***** م وتنمحي سدف الظلام الحندسي

ويقوم دين الله أبيض ظاهرا ***** في غيظ إبليس اللعين الأنحس

أعظِم بدين محمد أن يفتدى ***** أهون بنفسك يا أخي وأخسس

ولقبره أعلى البقاع وخيرها ***** قبر على التقوى أجل مؤسس

فبطيبة طاب الثرى ونزيلها ***** أزكى قرى في كل واد مقدس

أفدى عمارتها ومسجدها بما ***** أحوي وبي كل البرية تأتسي

إني يهون عليَّ بيع حشاشتي ***** في ذاك بالثمن الأقل الأبخس

لو جاز بيع النفس بعت وكان لي ***** فخر بذاك الرق أشرف ملبس

صلى عليه الله في كل دقيقة ***** عدد الخلائق ناطق أو أخرس

٣٠ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند رؤية آثاره الشريفة ومواطنه ومواقفه المنيفة كبدر وغيرها

فعن عبد الله مولى أسماء كان يسمع أسماء رضي الله عنها تقول كلما مرت بالحجون [صلى الله على رسوله لقد نزلنا معه هاهنا ونحن خفاف الحقائب] الحديث رواه البخاري

٣١ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الدعاء وفيه أحاديث كثيرة تقدمت في الباب الثاني

وعدة آثار تقدمت في الباب الثالث

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال [ذكر لي أن الدعاء يكون بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم]

رواه اسحاق بن راهويه ورواه أيضا الترمذي والواحدي والديلمي والقاضي عياض في (الشفاء) بألفاظ متقاربة.

قال الحافظ السخاوي والظاهر أن حكمه حكم المرفوع (يقصد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس من قول صحابي) لأن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي كما صرح به جماعة من أئمة الحديث والأصول.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال [إذا دعوت الله فاجعل في دعائك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصلاة عليه مقبولة والله أكرم من أن يقبل بعضا ويرد بعضا] خرجه الباجي

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال [إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فليبدأ بمدحه تعالى والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب] رواه الطبراني وغيره ورجاله رجال الصحيح.

وقال سعيد بن المسيب [ما من دعوة لا يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فيها إلا كانت معلقة بين السماء والأرض] رواه اسماعيل القاضي.

وقال السخاوي روينا عن ابن عطاء قال [للدعاء أركان وأجنحة وأسباب وأوقات فإن وافق أركانه قوى وإن وافق أجنحته طار في السماء وإن وافق مواقيته فاز وإن وافق أسبابه نجح

فأركانه حضور القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب بالله عز وجل وأجنحته الصدق ومواقيته الأسحار وأسبابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم] يعني أوله وآخره.

وقال أبو سليمان الداراني [من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يرد ما بينهما] أخرجه النميري.

وقال الإقليشي [ومهما دعوت إلهك فابدأ بالتحميد ثم الصلاة على نبيك المجيد واجعل صلاتك عليه في أول دعائك وأوسطه وآخره وانشر بثنائك عليه نفائس مفاخره فبذلك تكون ذا دعاء مجاب ويرفع بينك وبينه الحجاب صلى الله عليه وسلم تسليما]

وقال القاضي البيضاوي [من شرط السائل أن يتقرب إلى المسئول منه قبل طلب الحاجة بما يوجب الزلفى لديه ويتوسل بشفيع له بين يديه ليكون أطمع في الإسعاف وأحق بالإجابة فمن عرض السؤال قبل الوسيلة فقد استعجل]

وقال غيره [إنما تقدم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الدعاء لأن من أتى باب الملك لابد له من التحفة لخاصته وأخص خواص الله تعالى هو النبي صلى الله عليه وسلم وتحفته الصلاة عليه ولأن تقديمها على الدعاء أقرب إلى الإجابة لأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مستجابة فالدعاء بعد المستجاب يرجى أن يستجاب لأن الكريم بعد إجابته أول المسئولات لا يرد باقيها]

وقال الشيخ أبو بكر الكتاني في كتابه (المنهج الحنيف)

[اعلم وفقك الله أن للداعي آدابا منها أن يجلس في خلوة معتزلا عن الناس لتجتمع حواسه ويُقبل بكليته على الدعاء مستقبل القبلة ليس بينه وبين الأرض حائل حاسر الرأس لما فيه من إظهار الذل والمسكنة وأن يغض بصره لقوله صلى الله عليه وسلم {لينتهين أقوام عن رفع بصرهم إلى السماء عند الدعاء أو لتخطفن أبصارهم} وأن يبدأ بالحمد والثناء عليه تعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال {إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئا فليبدأ بمدحه تعالى والثناء عليه بما هو أهله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح}

قال النووي [أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله والثناء عليه تعالى ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك يختم الدعاء بهما وإذا كان كذلك فليأت من ذلك بالأفضل فإنه أسرع للإجابة]

وقال النووي أيضا قال المتأخرون من أصحابنا الخرسانيين [لو حلف إنسان ليحمدن الله تعالى بمجامع الحمد أو بأجل التحميد فطريقه في بر يمينه أن يقول {الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافيء مزيده} ومعنى يوافي نعمه يلاقيها فتحصل معه ويكافيء بهمزة في آخره أي يساوي مزيد نعمه ومعناه يؤدي شكر ما زاد من النعم والإحسان].

وقالوا [لوحلف ليثنين على الله أحسن الثناء فطريقه في بر يمينه أن يقول {لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك}

وزاد بعضهم في آخره {فلك الحمد حتى ترضى}]

وصور أبو سعيد المتولي المسئلة فيمن حلف ليثنين على الله بأجل الثناء وأعظمه وزاد في أول الذكر [سبحانك]

وعن أبي النصر التمار عن محمد بن النضر قال [قال آدم يا رب شغلتني بكسب يدي فعلمني شيئا فيه مجامع الحمد والتسبيح فأوحى الله تعالى إليه يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثا وإذا أمسيت فقل ثلاثا {الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافيء مزيده} فذلك مجامع التسبيح]

قال الكتاني بعد هذا [وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن من العلماء من قال بوجوبها في أول كل دعاء ووسطه وآخره واستدل بحديث رواه الطبراني وهو قوله صلى الله عليه وسلم {لا تجعلوني كقدح الراكب اجعلوني في أول الدعاء ووسطه وآخره}]

٣٢ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند ختم القرآن

روى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مظانه]

وروى ابن أبي داود في فضائل القرآن عن ابن مسعود أنه قال [من ختم القرآن فله دعوة مستجابة]

ووردت آثار أن هذا المحل محل دعاء وعند ختم القرآن تنزل الرحمة والدعاء يستجاب وإذا تبين أن محل ختم القرآن من آكد مواضع الدعاء وأحقها بالإجابة فهو آكد مواطن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

٣٣ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند قراءة الحديث

قال ابن حبان بعد تخريجه حديث [إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة]

إن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب الحديث إذ ليس في الأمة أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منهم.

وقال الخطيب قال لنا أبو نعيم هذه منقبة شريفة تختص بها رواة الآثار لأنه لا يعرف لأحد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما لهذه العصابة في نسخ وذكر.

وقال سفيان الثوري لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لكفى فإنه يُصلَّى عليه ما دام اسمه في الكتاب.

وقال غيره في هذا الحديث بشارة عظيمة لأصحاب الحديث لأنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا نهاراً وليلاً وعند القراءة والكتابة فهم أكثر الناس صلاة ولذلك اختصوا بهذه المنقبة من بين سائر فرق العلماء فالحمد لله على هذه المنة.

وقال أبو اليمن بن عساكر فليهنيء أهل الحديث كثَّرهم الله هذه البشرى وقد أتم الله النعمة عليهم بهذه الفضيلة الكبرى فإنهم أولى الناس بنبيهم صلى الله عليه وسلم وأقربهم إن شاء الله وسيلة يوم القيامة إلى رسوله فإنهم يخلدون ذكره في طروسه ويجددون الصلاة والسلام عليه في معظم الأوقات في مجالس مذاكرتهم وتحديثهم ومعارضتهم ودروسهم فالثناء عليه صلى الله عليه وسلم شعارهم ودثارهم وبتحسين نشرهم لآثاره الرفيعة تحسن آثارهم مع ما لهم من الوقوف عند نصوص الأخبار واقتفاء آثار الآثار التي هي إذا أظلم ليل الرأي أشرقت كأنها شمس نهارهم إن شاء الله الفرقة الناجية جعلنا الله منهم ومعهم ويرحم الله عبداً قال آمينا.

وكان أبو عروبة الحرائي لا يترك أحدا يقرأ عليه الأحاديث إلا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويبين ذلك وكان يقول بركة الحديث كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ونعيم الجنة في الآخرة إن شاء الله تعالى.

وعن وكيع بن الجراح أنه قال لولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثت.

وعن أبي الحسن النهاوندي الزاهد قال لقى رجل خضراً النبي عليه السلام فقال له أفضل الأعمال اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه قال الخضر وأفضل الصلاة عليه ما كان عند نشر حديثه وإملائه يذكر باللسان ويكتب في الكتاب يرغب فيه شديدا ويفرح به كثيرا.

وعن أبي أحمد الزاهد قال أبرك العلوم وأفضلها وأكثرها نفعا في الدين والدنيا بعد كتاب الله أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيها من كثرة الصلاة عليه فإنها كالرياض والبساتين تجد فيها كل خير وبر وفضل. رواه التيمي.

٣٤ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند كتابة اسمه الشريف

روى ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من صلى عليَّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب]

وقد تقدم مع أحاديث أخرى في الباب الثاني.

وعن جعفر بن محمد الصادق قال [من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب صلت عليه الملائكة غدوة ورواحا ما دام اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب]

وقال ابن الصلاح وينبغي أن يحافظ على كتب الصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكره ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبهم ومن أغفل ذلك حرم حظا عظيما وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه فلذلك لا يتقيد بالرواية ولا يقتصر فيه على ما في الأصل وهكذا الأمر في الثناء على الله تعالى عند ذكر اسمه نحو عز وجل وتبارك وتعالى

ثم قال وليجتنب في اثباتها نقصين

أحدهما أن يكتبها منقوصة صورة رامزاً إليها بحرفين أو نحو ذلك كما يفعله بعض الكسالى والجهلة والعوام فيكتبون صورة (صلعم) بدلا عن صلى الله عليه وسلم

والثاني أن يكتبها منقوصة معنى بأن لا يكتب فيها (وسلم).أ. هـ

ثم رأيت في كتاب (اللواء المعلم) للقطب الخيضري ما نصه [تنبيه] إذا علمت استحباب كتابة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عند كتابة اسمه وكلامه وما ينقل عنه فاعلم أنه إن كان ذلك ثابتا في أصل السماع أو أصل الشيخ فواضح التلفظ به وإن لم يكن مكتوبا في أصله فلا يتقيد به أيضا بل يتلفظ به ويكتبه وذلك لأنه ثناء ودعاء يثبته لا كلام يرويه ذكره ابن الصلاح وغيره وأما ما وجد في خط أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى من إغفال الصلاة والتسليم

فقال الخطيب البغدادي قد خالفه غيره من الأئمة المتقدمين

قال ابن الصلاح لعل سببه أنه كان يرى التقييد في ذلك بالرواية وعز عليه اتصالها في جميع من فوقه من الرواة

قال الخطيب وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لفظا لا خطا

وقد مال ابن دقيق العيد إلى ما فعله الإمام أحمد فقال في (الإقتراح) والذي نميل إليه أن تتبع الأصول والروايات قال وإذا ذكر الصلاة لفظا من غير أن تكون في الأصل فينبغي أن يصحبها بقرينة تدل على ذلك من كونه يرفع رأسه عن النظر في الكتاب وينوي بقلبه أنه هو المصلي لا حاكٍ عن غيره هكذا قاله ابن دقيق العيد والله أعلم. انتهت عبارة (اللواء المعلم)

وقد روينا منامات صالحة رؤيت لكتبة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام صاحب (اللواء المعلم) رحمه الله تعالى

وقال الحافظ السخاوي وأما الصلاة عليه عند كتابة اسمه صلى الله عليه وسلم وما فيه من الثواب وذم من أغفله فاعلم أنه كما تصلي عليه بلسانك فكذلك خط الصلاة عليه ببنانك ومهما كتبت اسمه الشريف في كتاب فإن لك به أعظم الثواب وهذه فضيلة يفوز بها تبَّاع الآثار ورواة الأخبار وحملة السنة فيا لها من منة وقد استحب أهل العلم أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما كتبه

وروى النميري عن عبد الله بن سنان قال سمعت عباساً العنبري وعلي بن المديني يقولان [ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حديث سمعناه وربما عجلنا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه]

وقد تقدمت عدة مرائي في فضل كتابة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب اللطائف.

٣٥ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند كتابة الفتيا

قال النووي في (زوائد الروضة) يستحب عند إرادة الإفتاء أن يستعيذ من الشيطان ويسمي الله تعالى ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لا حول ولا قوة إلا بالله {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي}.

ثم قال وإذا كان السائل قد أغفل الدعاء أو الحمد أو الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الإستفتاء ألحق المفتي ذلك بخطه فإن العادة جارية بذلك. قاله في (المسالك)

٣٦ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند افتتاح كل كلام ذي بال

روى أبو موسى المديني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [كل كلام لا يذكر الله تعالى فيه فيبدأ به وبالصلاة عليَّ فهو أقطع ممحوق من كل بركة]

٣٧ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في كل موضع يجتمع فيه لذكر الله تعالى

روى التيمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال [إن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحِلق الذكر قال بعضهم لبعض اقعدوا فإذا دعا القوم أمَّنوا على دعائهم فإذا صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم صلوا معهم حتى يفرغوا ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفوراً لهم]

وقد تقدم في الباب الثاني مع أحاديث أخرى في هذا المعنى.

٣٨ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند إرادة قيام القوم بعد اجتماعهم

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما قعد قوم مقعداً لم يذكروا فيه الله ولم يصلوا فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة] رواه أحمد باسناد صحيح

وقد تقدم في الباب الثاني مع غيره مما له مناسبة لذلك.

٣٩ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند لقاء الإخوان وتصافحهم

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ما من عبدين متحابين في الله عز وجل يلتقيان فيتصافحان ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر] رواه الحسن بن سفيان وأبو يعلي الموصلي في مسنديهما جميعا وقد تقدم في الباب الثاني والرابع من هذا الكتاب.

٤٠ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الهموم والشدائد والكروب

وقد ذكرت فوائد جمة وأحاديث مهمة في باب فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

٤١ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند إلمام الفقر وخوف وقوعه

وتقدم فيه حديث جابر بن سمرة الذي رواه أبو نعيم في الباب الثاني.

٤٢ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند وقوع الطاعون

ذكر ابن أبي حجلة عن ابن خطيب يبرود أن رجلا من الصالحين أخبره أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تدفع الطاعون

قال ابن أبي حجلة فتلقيت ذلك بالقبول فأنا أقول في كل حين {اللهم صل على محمد .... } إلى آخر صلاته المذكورة في باب كيفيات الصلاة وأنه استدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق [إذا تكفى همك].

وأن آخر رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وشكا إليه كثرة الطاعون إذ ذاك فأمره أن يدعو بهذا الدعاء [اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون وعظيم البلاء في النفس والمال والأهل والولد الله أكبر الله أكبر الله أكبر مما نخاف ونحذر الله أكبر الله أكبر الله أكبر عدد ذنوبنا حتى تغفر الله أكبر الله أكبر الله أكبر اللهم كما شفعت نبيك فينا فأمهلنا وعمرت بنا منازلنا فلا تهلكنا بذنوبنا يا أرحم الراحمين]

قال القسطلاني بعد هذا ومما يقال لدفع الطاعون كل يوم ويحملها من لا يحسن القراءة مما رأيته بخط بعض العلماء [سبحان من علا وهو في علوه دان سبحان من علا كل شيء سلطانه وقهر كل شيء جبروته سبحان الذي لا إله غيره ولا عز لأحد سواه سبحان الله عدد ما خلق الله وما هو خالق إله أرضنا وسمائنا ادفع عنا شر أعدائنا اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ يا لطيف لم يزل الطف بنا فيما نزل إنك لطيف لم تزل حي صمد باق له كنف واق اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون وعظيم البلاء في النفس والمال والأهل والولد الله أكبر الله أكبر الله أكبر وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم]

ويأتي أيضا في باب الكيفيات صيغة فاضلة للأستاذ الأعظم الشيخ خالد النقشبندي رحمه الله تعالى.

٤٣ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند طلب الشفاء من مرض ونحوه

٤٤ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إذا اتهم وهو بريء

قال صاحب (الدر المنظم) روي [أن جماعة شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم على رجل بالسرقة فأمر بقطعه وكان المسروق جملا فصاح الجمل لا تقطعوه فقيل له بم نجوت؟ فقال بصلاتي على النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم مائة مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نجوت من عذاب الدنيا والآخرة] وكذا رواه ابن بشكوال بلا سند.

٤٥ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الرسائل

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى ومن مواطن الصلاة التي مضى عليها عمل الأمة ولم ينكروها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الرسائل وما يكتب بعد البسملة ولم يكن هذا في الصدر الأول وأُحدث عند ولاية بني هاشم فمضى به عمل الناس في أقطار الأرض ومنهم من يختم به الكتاب أيضا وقال صلى الله عليه وسلم [من صلى عليَّ في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب].أ. هـ

وفي (الإكتفاء) للحافظ أبي الربيع الكلاعي أن أبا بكر رضي الله عنه كتب إلى خليفة بن حاجر عامله على بني سليم [بسم الله الرحمن الرحيم من أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خليفة بن حاجر سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله غيره وأسأله أن يصلي على محمد رسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد ..... إلى آخر الكتاب].

٤٦ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عقب الذنب

وقد تقدم في هذا المعنى عدة أحاديث في الباب الثاني منها

قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس عند أبي عاصم [صلوا عليَّ فإن الصلاة عليَّ كفارة لكم]

وحديث أبي هريرة عند أبي الشيخ [صلوا عليَّ فإن صلاتكم زكاة لكم]

قال ابن القيم ففي الحديث الإخبار بأن الصلاة زكاة للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة والذي قبله فيه أنها كفارة وهي تتضمن محو الذنب

قال فتضمن الحديثان أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت بها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها

قال وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفس فعلم أنه لا كمال إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من لوازم محبته ومتابعته وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين.

٤٧ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند البيع

استنبطه القائل به من قوله صلى الله عليه وسلم في إحدى الروايات [كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بذكر الله ثم الصلاة عليَّ فهو أقطع]

٤٨ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الزرع

قال القرطبي في تفسيره

المستحب لكل من يلقي البذر في الأرض أن يقول بعد قوله [{أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}

بل الله الزارع والمنبت والمبلغ اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره واجعلنا لأنعمك من الشاكرين]

قال ويقال أن هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات من الدود والجراد وغير ذلك سمعناه من ثقة وجرب فوجد كذلك

قاله القسطلاني ويأتي في هذا المعنى في باب فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الفائدة المنقولة عن القرطبي في تفسيره.

٤٩ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الذبيحة

قال القسطلاني قرأت في كتاب (معرفة السنن والآثار) للبيهقي

قال الشافعي رحمه الله والتسمية على الذبيحة [بسم الله] فإن زاد بعد ذلك شيئا من ذكر الله تعالى فالزيادة خير ولا إكره مع التسمية على الذبيحة أن يقول [صلى الله على رسول الله] بل أحبه له وأحب أن يكثر الصلاة عليه إيمانا بالله وعبادة له يؤجر عليها من قالها إن شاء الله تعالى وذكر حديث عبد الرحمن ابن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [لقيني جبريل عليه السلام فأخبرني عن الله تعالى أنه قال من صلى عليك صليت عليه]

وأنكر ذلك أصحاب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى. انتهى كلام القسطلاني

ونحوه في كتاب (اللواء المعلم) للقطب الخيضري إلا أنه نقل عبارة الإمام الشافعي المذكورة عن (الأم) وفصَّل الخلاف في هذه المسئلة عند المذاهب الأربعة وحاصله

الكراهة عند أصحاب أبي حنيفة ومالك والإمام أحمد رضي الله عنهم سوى أبي اسحاق بن شاقلا من أصحاب الإمام أحمد فإنه قال باستحبابها.

٥٠ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند العطاس

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [من عطس فقال {الحمد لله على كل حال ما كان من حال وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته} أخرج الله من منخره الأيسر طائراً يقول اللهم اغفر لقائلها] رواه الديلمي في (مسند الفردوس) وقد ذهب إلى الإستحباب أبو موسى المديني في جماعة ونازعهم آخرون وقالوا لا تستحب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند العطاس وإنما هو موضوع حمد لله وحده قاله في (مسالك الحنفا)

وعبارة (اللواء المعلم) اعلم أنه قد اختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد العطاس والحمد لله

فذهب قوم إلى استحبابها مع الحمد منهم البيهقي وأبوموسى المديني وآخرون واستدلوا لذلك بما روى البيهقي قال أخبرنا أبو طاهر الفقيد أنبأنا أبو عبد الله الصفار حدثنا عبد الله ابن أحمد حدثنا عباد بن زياد الأسدي حدثنا زهير عن أبي اسحاق عن نافع قال [عطس رجل عند ابن عمر فقال لقد بخلت هلا حيث حمدت الله صليت على النبي صلى الله عليه وسلم]

وقال آخرون لا تستحب الصلاة هنا وإنما هو موضع حمد لله وحده ولم يشرع ذكره صلى الله عليه وسلم عند العطاس وإن كان أفضل الأعمال وأحبها إلى الله فلكل موطن ذكر يخصه لا يقوم غيره مقامه فيه كما لا تشرع الصلاة عليه في الركوع والسجود وغيرهما واستدلوا لذلك بما تقدم من حديث عبد الرحيم بن زيد مرفوعا [لا تذكروني عند ثلاث عند تسمية الطعام وعند الذبح وعند العطاس] وتقدم بيان ضعفه وقد روي عن ابن عمر ما يخالف الذي رواه عنه الأولون فروى الترمذي والطبراني وغيرهما من حديث نافع [أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر فقال الحمد لله والسلام على رسول الله فقال ابن عمر ليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال] قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زياد بن صبيغ. أ. هـ

وقد جاء من غير هذا الوجه أخرجه الطبراني من طريق الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع فذكره والله أعلم. انتهت عبارة (اللواء المعلم)

٥١ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند طنين الأذن

عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا طنَّت أذن أحدكم فليصل على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل {ذكر الله بخير من ذكرني}] رواه ابو عاصم.

٥٢ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند خدر الرجل

روى ابن السني من طريق الهيثم بن حنش قال [كنا عند ابن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل اذكر أحب الناس إليك فقال {يا محمد صلى الله عليه وسلم} فكأنما نشط من عقال] وروي أيضا من طريق مجاهد قال [خدرت رجْل رجُل عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال له ابن عباس اذكر أحب الناس إليك فقال {محمد صلى الله عليه وسلم} فذهب خدره].

٥٣ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم إذا نسي الشيء فأراد تذكره

عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا نسيتم شيئا فصلوا عليَّ تذكروه إن شاء الله] رواه أبو موسى المديني وتقدم حديث الديلمي عن عثمان بن أبي حرب في الباب الثاني.

٥٤ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند دخول المنزل

وتقدم فيه في الباب الثاني حديث خرجه أبو موسى المديني عن سهل بن سعد.

٥٥ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند إرادة النوم

وتقدم فيه حديث أبي قرصافة في الباب الثاني وهو وإن رواه الضياء في (المختارة) إلا أن ابن القيم قال إنه معروف من قول أبي جعفر وإنه أشبه.

٥٦ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لمن قل نومه

ذكر ابن بشكوال عن عبد القدوس الرازي أنه وصف لإنسان قليل نومه إذا أردت أن تنام فاقرأ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} وتأتي هذه الفائدة في باب فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

٥٧ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند الخروج إلى السوق والإنصراف من دعوة ونحوها

عن أبي وائل قال [ما رأيت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جلس في مأدبة ولا ختان ولا غير ذلك حين يقوم حتى يحمد الله تعالى ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بدعوات وإن كان يخرج إلى السوق يأتي أغفلها (يقصد أكثر مكان في السوق فيه غفلة) مكانا فيجلس ويحمد الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو بدعوات] رواه ابن أبي حاتم وغيره.

٥٨ - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند استحباب الشيء والتعجب منه

استنبطه بعضهم من نص الشافعي حيث قال

[وأحب أن يكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في كل الحالات خصوصا حيث شرع ذكر الله تعالى وذلك غير مطرد إذ ثمَّ مواضع شُرع فيها ذكر الله تعالى ولم تشرع فيها الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وظاهر النص يقتضي أنها محبوبة لا أنه يفهم منه مشروعيتها في أوقات مخصوصة لأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مستحبة مطلقاً في كل وقت وحالة متأكدة في المواطن التي شرعت فيها سوى ما خص من الأقوال والأحوال] قاله في (مسالك الحنفاء)

وعبارة قطب الدين الخيضري في (اللواء المعلم)

يستحب لمن تعجب من شيء أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم

قال وقد ذكر ذلك شيخنا يعني علاء الدين الصيرفي وقال

أخذته من نص الشافعي في قوله وأحب أن يكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في كل الحالات فدخل في عمومه حالة التعجب

ونقل عن سحنون كراهة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب وقال

لا يصلي عليه إلا على طريق الاحتساب وطلب الثواب

قال الخيضري ثم نازعه شيخنا الصيرفي في ذلك بأن

ذكر الله عند التعجب مشروع وقد بوب عليه البخاري فقال باب التكبير والتسبيح عند التعجب وروى حديث عمر رضي الله عنه قال [قلت للنبي صلى الله عليه وسلم طلقت نساءك قال لا قلت الله أكبر]

وروى أيضا حديث عن علي بن الحسين [أن صفية بنت حُيَيِّ زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره وهو معتكف في المسجد في العشر الغوابر من رمضان فتحدثت عنده ساعة من العشاء ثم قامت تنقلب فقام معها النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها حتى إذا بلغت قريبا باب المسجد الذي عند باب أم سلمة زوج النب صلى الله عليه وسلم مر بهما رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نفذا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنما هي صفية بنت حُيَيِّ فقالا سبحان الله يا رسول الله وكبر عليهما ما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما] [ذكرنا الحديث بنصه من البخاري حيث لم يكتب المؤلف نص الحديث وإنما كتب جزء منه)

فعلى مقتضى صنيع شيخنا فيما ذهب إليه من نص الشافعي يلزمه مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل الحالات

خصوصا حيث شرع ذكر الله وذلك غير مطرد وقد تقدم أنه ثمَّ مواضع كثيرة شرع فيها ذكر الله تعالى ولم يشرع فيها الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم بل ولا ذكره

وظاهر النص يقتضي أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم محبوبة في كل وقت وحالة فحيثما أتى بها كانت محبوبة لا أنه يُفهم منه مشروعيتها في أوقات مخصوصة فإن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مستحبة مطلقاً في كل وقت وحالة متأكدة في المواطن التي شرعت فيها سوى ما خص من الأوقات والحالات والله أعلم. انتهت عبارة (اللواء المعلم)

وفي (الدر المنضود) قال بعض شراح (الشفاء)

عند ذكر كراهة سحنون للصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب

وقوله أنه لا يصلي عليه إلا على طريق الاحتساب وطلب الثواب الذي عندي أنه يطلب بها دفع السوء عن المتعجب منه مثلما يطلب بالتعوذ بالله رد عين المعيان. أ. هـ

وقال بعض العلماء إنما تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم طاعة إذا قصد بها الدعاء فأما إذا اتخذها عادة كالبيَّاع الذي يقولها على بضاعته فإنه لا يثاب عليها لأنه لا يقولها للتعجب من حسن بضاعته تنفيقا لها.

قال الحليمي أما إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم للتعجب من الشيء كما يقول سبحان الله لا إله إلا الله فلا كراهة فيه

وأما إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم عند الأمر الذي يستقذر أو يُضحَك منه فأخشى على صاحبه الكفر.

وفي فتاوى العارف بالله الشيخ محمد الخليلي الشافعي دفين القدس (سئل) فيما يقوله العامة عند محاوراتهم أنهم يقولون صلوا على النبي وكذلك الفرَّان إذا خبز للإنسان عجينا يقول لصاحب الخبز صل على النبي يُفِّهِمه أنه لم يبق له شيء وكذا عند عرض السلع على البيع وعند خروج الإنسان من الحمام يقول الحمامي صلوا على النبي وكذلك الشعراء ابتداء شعرهم وفي أثنائه وآخره يقولون صلوا على النبي وكذا عند غضب شخص يقول له جليسه صل على النبي وكذا إذا رأى شيئا تعجب منه لحسنه كآدمي وجمل وفرس وغيرها من الحيوانات يقول القائل صلوا على النبي بل يعتقدون أن الصلاة تدفع العين وكذا ذكرها في الأماكن المستقذرة فهل ذلك جائز؟

(أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مجمع على طلبها بالكتاب والسنة وجوبا واستحبابا

ثم قال واعلم أن الآتي بها على قصد تعظيمه صلى الله عليه وسلم أو التبرك بها أو دفع غضَب من غضِب أو إغاظة منافق أو كافر أو دفع ضرر عين عائن فهذا كله مستحب لا نعلم فيه خلافا

وأما عند التعجب من شيء كفرس وجمل وشيء من المتاع فلا ضرر في الإتيان بها كما ذكره الحليمي من أئمتنا بل لو قيل باستحبابها قياسا على سبحان الله فإنها وردت للتعجب كثيرا في الأحاديث وخرجها النووي في أذكاره وكذا لا إله إلا الله أي تأتي للتعجب نادراً ولغيره ووجه استحبابها عند التعجب أنه صلى الله عليه وسلم عرَّفنا حقائق الأشياء في الكتاب والسنة كقوله تعالى {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} فإذا قالها الإنسان تعجبا من شيء فكأنه يقول صلى الله على الذي عرفنا حقائق هذه الأشياء

قال الحليمي فأما ما ذكر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عند ما يستقذر ويضحك منه فأخشى على صاحبه الكفر فإن عَرف ولم يجتنبه كفر ونظر فيه القونوي

قال بعض المتأخرين من أئمتنا والذي يتجه أنه لابد في الكفر من قيد زائد على ذلك ربما يوميء إليه كلامه وهو أن يذكرها عند المستقذر أو المضحوك منه يقصد استقذارها وجعلها ضحكة. أ. هـ

قال ولا أظن أحداً من أهل الإسلام ممن عرف قدره صلى الله عليه وسلم يوردها على هذا الوجه

ولكن جزم البدر العيني من الحنفية بحرمتها كالتسبيح والتكبير عند عمل محرم أو عرض سلعة أو فتح المتاع فلا مانع منها لما علمت أن قائل ذلك إما متعجب ولا منع منها له وإما متبرك فكذلك ومثل ذلك ما يقع من فران وحمامي وشاعر في أول شعره أو آخره وكذلك قول القائل لجليسه صل على محمد ومثل ذلك في المحاورات وكذلك لدفع العين وعند غضب شخص فإنها إنما تقال بمقاصد صالحة وهي التبرك ودفع ضرر العين ودفع غضب واستجلاب الصلح وترقيق القلب والترحم من المخاطب فلا بأس من ذكرها في هذه المواطن كلها

نعم ينبغي أن تصان عن الأماكن المستقذرة لآنها كالقرآن

قال الإمام النووي ولا يؤمر بها عند الغضب خوفا أن يحمله الغضب على الكفر. أ. هـ



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!