موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

كتاب سعادة الدارين في الصلاة على سيد الكونين

للشيخ يوسف النبهاني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


المبحث الثالث: في معنى اسم النبي صلى الله عليه وسلم محمد واشتقاقه:

وقوله في حديث أبي داود كان يقول بين السجدتين [اللهم اغفر لي وارحمني ... ] إلى آخره قال شيخنا: قلت لا يٌرد بهذا على ابن عبد البر حيث منع الدعاء له صلى الله عليه وسلم بالمغفرة والرحمة فإن هذا الحديث سِيق للتشريع وتعليم الأمة كيف يقولون في هذا المحل من الصلاة مع ما فيه من تواضعه صلى الله عليه وسلم لربه وأما نحن فلا ندعو له إلا بلفظ الصلاة التي أمرنا أن ندعو له بها لما فيها من التعظيم والتفخيم والتبجيل اللائق بمنصبه الشريف

وقد وافق ابن عبد البر على المنع: أبو بكر ابن العربي ومن أصحابنا الصيدلاني ونقله الرافعي في (الشرح) وأقره النووي في (الأذكار). انتهت عبارة العزيزي.

المبحث الثالث: في معنى اسم النبي صلى الله عليه وسلم محمد واشتقاقه:

قال ابن القيم: هذا الاسم هو أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم وهو في الأصل اسم منقول من الحمد وهو يتضمن الثناء على المحبوب ومحبته وإجلاله وتعظيمه هذا هو حقيقة الحمد

وبناؤه على زنة مٌفعَّلْ مثل معظَّم ومحبَّب ومودَّد ومبجَّل ونظائرها لأن هذا البناء موضوع للتكثير

فإن اشتق منه اسم فاعل فمعناه: من كثر صدور الفعل منه مرة بعد مرة كمعلِّم ومفهِّم ومبيِّن ومخلِّص ومفرِّح ونحوه

وإن اشتق منه اسم مفعول فمعناه: من تكرر وقوع الفعل عليه مرة بعد أخرى أو الذي استحق أن يحمد مرة بعد أخرى يقال حٌمِّدَ فهو محمد كما يقال عٌلِّمَ فهو معلم

وهذا عَلمْ وصفة اجتمع فيه الأمران في حقه صلى الله عليه وسلم وإن كان عَلَمَاً محضاً في حق كثير ممن تسمى به غيره وهذا شأن أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه وأسماء نبيه هي أعلام دالة على معانٍ هي بها أوصاف ولا تضاد فيها العَلَمِيةِ الوصف بخلاف غيرها من أسماء المخلوقين

فهو الله الخالق الباريء المصور الغفار فهذه أسماء دالة على معان هي صفاته

وكذلك القرآن والفرقان والكتاب المبين وغير ذلك من أسمائه

وكذلك أسماء النبي صلى الله عليه وسلم محمد وأحمد والماحي

وفي حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر]

فذكر صلى الله عليه وسلم هذه الأسماء مبيناً ما خصه الله به من الفضل وأشار إلى معانيها وإلا فلو كانت أعْلاماً محضة لا معنى لها لمْ تدل على مدح ولهذا قال حسان رضي الله عنه

وشَقَّ له من إسمه ليٌجْله ***** فذو العرش محمود وهذا محمد

إذا ثبت هذا فتسميته صلى الله عليه وسلم بهذا الاسم لِما اشتمل عليه مسماه وهو الحمد فإنه صلى الله عليه وسلم محمود عند الله ومحمود عند ملائكته ومحمود عند إخوانه من المرسلين ومحمود عند أهل الأرض كلهم وإن كفر به بعضهم

فإن ما فيه من صفات الكمال محمودة عند كل عاقل وإن كابر جحوداً أو عناداً أو جهلاً باتصافه بها لحمده فإنه يحمد من اتصف بصفات الكمال ويجهل وجودها فيه فهو في الحقيقة حامد له

وهو صلى الله عليه وسلم اختص من مٌسمْىَ الحمد بما لم يجتمع لغيره

فإنه محمد وأحمد

وأمته الحمادون يحمدون الله على السراء والضراء

وصلاة أمته مفتتحة بالحمد

وخطبه مفتتحة بالحمد

وكتابه مفتتح بالحمد

وبيده صلى الله عليه وسلم لواء الحمد يوم القيامة

ولمَّا يسجد بين يدي ربه عز وجل للشفاعة ويؤذن له فيها يحمد ربه بمحامد يفتحها عليه حينئذ

وهو صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون قال تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} وإذا قام في ذلك المقام حمده حينئذ أهل الموقف كلهم مسلمهم وكافرهم أولهم وآخرهم

وهو محمود صلى الله عليه وسلم بما يملأ به الأرض من الهدى والإيمان والعلم النافع والعمل الصالح وفتح به القلوب وكشف به الظلمة عن أهل الأرض واستنقذهم من أسر الشيطان ومن الشرك بالله والكفر به والجهل به حتى نال به أتباعه شرف الدنيا والآخرة فإن رسالته وافت أهل الأرض أحوج ما كانوا إليها فإنهم كانوا بين عباد أوثان وعباد صلبان وعباد نيران وعباد الكواكب ومغضوباً عليهم قد باؤا بغضب من الله وحيران لا يعرف رباً يعبده ولا بماذا يعبده والناس يأكل بعضهم بعضاً من استحسن شيئاً دعا إليه وقاتل من خالفه وليس في الأرض موضع قدم مشرقاً بنور الرسالة وقد نظر الله سبحانه وتعالى حينئذ إلى أهل الأرض فمقتهم عَرَبهم وعجمهم إلا بقايا على آثارٍ من دين صحيح فأغاث الله به صلى الله عليه وسلم البلاد والعباد وكشف به تلك الظلم وأحيى به الخليقة بعد الموت فهدى به من الضلالة وعَلَّمَ به بعد الجهالة وكَثَّر به بعد القلة وأعزَّ به بعد الذلة وأغنى به بعد العيلة وفتح به أعيناً عٌميا وآذاناً صٌما وقلوباً غٌلفا فعرف الناس ربهم ومعبودهم إلى غاية ما يمكن أن تناله قواهم من المعرفة وأبدأ وأعاد واختصر وأطنب في ذكر أسمائه وصفاته وأفعاله حتى تجلت معرفته سبحانه في قلوب عباده المؤمنين وانجابت سحائب الشك والريب عنها كما تنجاب السحاب عن القمر ليلة إبداره ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله ولا إلى من بعده بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}

روى أبو داود في مراسيله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى بيد بعض أصحابه قطعة من التوراة فقال [كفى بقوم ضلالة أن يتبعوا كتاباً غير كتابهم الذي أنزل على نبيهم] فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}

وعرفهم صلى الله عليه وسلم الطريق الموصل إلى ربهم ورضوانه ودار كرامته فلم يدع حسناً إلا أمر به ولا قبيحاً إلا نهى عنه كما قال صلى الله عليه وسلم [ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد أمرتكم به ولا من شيء يقربكم من النار إلا وقد نهيتكم عنه]

قال أبوذر رضي الله عنه [لقد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً]

وعرفهم صلى الله عليه وسلم حالهم بعد القدوم على ربهم أتم تعريف فكشف الأمر وأوضحه ولم يدع باباً من العلم النافع للعباد المقرب لهم إلى ربهم إلا فتحه ولا مٌشْكلاً إلا بيَّنه وشرحه حتى هدى الله به القلوب من ضلالها وشفاها به من أسقامها وأغاثها به من جهلها فأي بشر أحق باسم محمد منه صلى الله عليه وسلم وجزاه عن أمته أفضل الجزاء.

وأصح القولين في قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} أنه على عمومه وفيه على هذا التقدير وجهين

أحدهما: أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته صلى الله عليه وسلم

أما أتباعه فنالوا به كرامة الدنيا والآخرة

وأما أعداؤه والمحاربون له فجعل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم لأن حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة وهم قد كتب عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر

وأما المعاهدون له فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته وهم أقل شراً بذلك العهد من المحاربين له

وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوارث وغيره

وأما الأمم النائية عنه فإن الله سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض

فأصاب كل العالمين النفع برسالته صلى الله عليه وسلم

والوجه الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم رحمة لكل أحد لكن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى والكفار ردوها فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم لكن لم يقبلوها كما يقال هذا دواء لهذا المرض فإذا لم يستعمله المريض لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض

ومما يحمد عليه صلى الله عليه وسلم ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق وكرائم الشيم فإن من نظر في أخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم علم أنها أخلاق الخلق وأكرم شيم الخلق فإنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم الخلق وأعظمهم أمانة وأصدقهم حديثاً وأحلمهم وأجودهم وأسخاهم وأشدهم احتمالاً وأعظمهم عفواً ومغفرة وكان لا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً كما روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة [محمد عبدي ورسولي سميته المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولم أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء وأفتح به أعيناً عٌميا وآذاناً صٌما وقلوباً غٌلفا حتى يقولوا لا إله إلا الله]

وكان صلى الله عليه وسلم أرحم الخلق وأرأفهم بهم وأعظم الخلق نفعاً لهم في دينهم ودنياهم وأفصح خلق الله وأحسنهم تعبيراً عن المعاني الكثيرة بالألفاظ الوجيزة الدالة على المراد وأصبرهم في مواطن الصبر وأصدقهم في مواطن اللقاء وأوفاهم بالعهد والذمة وأعظمهم مكافأة على الجميل بأضعافه وأشدهم تواضعاً وأعظمهم إيثاراً على نفسه وأشد الخلق ذباً عن أصحابه وحماية لهم ودفاعاً عنهم وأقوم الخلق بما يؤمر به وأتركهم لما ينهى عنه وأوصل الخلق لرحمه

قال علي رضي الله عنه [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس صدراً وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه] يقول ناعته [لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم]

شرح قول علي رضي الله عنه:

فقوله كان أجود الناس صدرأ

أراد به بر الصدر وكثرة خيره وأن الخير يتفجر منه تفجيراً وأنه منطو على كل خلق جميل وعلى كل خير كما قال بعض أهل العلم [ليس في الدنيا كلها محل كان أكثر خيراً من صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جٌمِعَ بحذافيره وأودع في صدره صلى الله عليه وسلم]

وقوله أصدق الناس لهجة

هذا مما أقر له به أعداؤه المحاربون له ولم يٌجربْ عليه أحد من أعدائه كذبة واحدة دع شهادة أوليائه كلهم له به وقد حاربه أهل الأرض بأنواع المحاربات مشركوهم وأهل الكتاب منهم وليس منهم أحد يوماً من الدهر طعن فيه بكذبة واحدة صغيرة ولا كبيرة

قال المسور بن مخرمة قلت لأبي جهل وكان خالي يا خال

هل كنتم تتهمون محمداً بالكذب قبل أن يقول مقالته؟

فقال والله يا ابن أختي لقد كان محمد وهو شاب يٌدعىَ فينا الأمين فلما وخطه الشيب لم يكن ليكذب

قلت يا خال فلم لا تتبوعنه؟

قال يا ابن أختي تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف فأطعموا وأطعمنا وسقوا وسقينا وأجاروا وأجرنا فلما تجائينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي فمتى نأتيهم بهذه.

فقال تعالى يسليه ويهون عليه قول أعدائه {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ}

وقوله وألينهم عريكة

يعني أنه سهل لين قريب من الناس مجيب لدعوة من دعاه قاض لحاجة من استقضاه جابر لقلب من قصده لا يحرمه ولا يرده خائباً وإذا أراد أصحابه منه أمراً وافقهم وتابعهم فيه وإن عزم على أمر لم يستبد دونهم بل يشاورهم ويؤامرهم وكان يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم

وقوله أكرمهم عشرة

يعني أنه لم يكن يعاشر جليساً له إلا كان أتم عشرة وأحسنها وأكرمها كان لا يعبس في وجهه ولا يغلظ في مقالة ولا يطوي عنه بشرة ولا يمسك عليه فلتات لسانه ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة ونحوها بل يحسن إلى عشيره غاية الإحسان ويحتمله غاية الإحتمال فكانت عشرته لهم احتمال آذاهم وجفوتهم جملة لا يعاتب أحداً منهم ولا يلومه ولا يبادئه بما يكره

من خالطه يقول أنا أحب الناس إليه لما يرى من لطفه به وقربه منه وإقباله عليه واهتمامه بأمره ونصيحته له وبذل إحسانه إليه واحتمال جفوته فأي عشرة كانت أو تكون أكرم من هذه العشرة

قال الحسين رضي الله عنه سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال [كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤيس منه راجيه ولا يٌخَيِّبٌ فيه قد ترك نفسه من ثلاث كان لا يذم أحداً ولا يعيبه ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه وإذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤسهم الطير وإذا سكت تكلموا لا يتسارعون الحديث من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث أولهم , يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسئلته حتى إن كان أصحابه يستجلبونهم ويقول إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها فأرفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكافيء ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.

وقوله من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه

وصفه بصفتين خص الله بهما أهل الصدق والإخلاص وهما الإجلال والمحبة وكان قد ألقى عليه هيبة منه ومحبة فكان كل من يراه يَهابَه ويٌجلْه ويملأ قلبه تعظيماً وإجلالاً وإن كان عدواً له فإذا خالطه وعاشره كان أحب إليه من كل مخلوق فهو المجَّل المٌعَظَّم المحبوب المٌكَرَّم وهذا كمال المحبة أن تقترن بالتعظيم والهيبة فالمحبة بلا هيبة ولا تعظيم ناقصة والهيبة والتعظيم من غير محبة كما يكون للقادر الظالم نقص أيضاً

والكمال أن تجتمع المحبة والود والتعظيم والإجلال وهذا لا يوجد إلا إذا كان في المحبوب صفات الكمال التي يستحق أن يٌعظمْ لأجلها ويٌحبْ لأجلها

ولمَّا كان الله سبحانه وتعالى أحق بهذا من كل أحد كان المستحقَّ بأن يٌعظَّمْ ويٌكَبَّر ويٌهاب ويٌحب ويٌود بكل جزء من أجزاء القلب ولا يجعل له شريك في ذلك

وهذا هو الشرك الذي لا يغفره سبحانه أن سوى بينه وبين خلقه في هذا الحب قال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} فأخبر أن من أحب شيئاً غير الله مثل حبه لله كان قد اتخذه نداً

وقال أهل النار في النار لمعبوديهم {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ولم يكن تسويتهم لهم بالله في كونهم خلقوا السماوات والأرض أو خلقوهم وخلقوا آباءهم وإنما سووهم برب العالمين في الحب لهم كما يحب الله تعالى فإن حقيقة العبادة هي الحب والذل

وهذا هو الإجلال والإكرام الذي وصف به نفسه في قوله تعالى {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ}

وأصح القولين في ذلك أن الجلال هو التعظيم والإكرام هو الحب وهو سر قول العبد لا إله إلا الله والله أكبر

ولهذا ورد في مسند الإمام أحمد من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام] أي إلزموها والهجو بها

وفي مسند أبي يعلي الموصلي عن بعض الصحابة أنه طلب أن يعرف اسم الله الأعظم فرأى في منامه مكتوباً في السماء في النجوم [يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام]

وكل محبة وتعظيم للبشر فإنما تجوز تبعاً لمحبة الله وتعظيمه كمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها من تمام محبة مٌرْسِلَه وتعظيمه فإن أمته يحبونه بحب الله له ويعظمونه ويجلٌّونه لإجلال الله له فهي محبة لله من موجبات محبة الله

وكذلك محبة أهل العلم والإيمان ومحبة الصحابة رضي الله عنهم وإجلالهم تابعة لمحبة الله ورسوله لهم

والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم ألقى الله سبحانه وتعالى عليه منه المهابة والمحبة ولكل مؤمن مخلص حظ من ذلك

قال الحسن البصري رحمه الله [إن المؤمن ذو حلاوة ومهابة] يعني يٌحب ويٌهاب ويٌجل بما ألبسه الله سبحانه من ثوب الإيمان المقتضي لذلك

ولهذا لم يكن بشراً أحب إلى بشر ولا أهيب وأجل في صدره من رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدور أصحابه

قال عمرو بن العاص قبل إسلامه إنه لم يكن شخص أبغض إليه منه فلما أسلم لم يكن شخص أحب إليه منه ولا أجل في عينه منه قال ولو شئت أن أصفه لكم لما أطقت لأني لم أكن أملأ عينيَ منه إجلالاً له

وقال عروة بن مسعود لقريش [يا قوم والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والملوك فما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً والله ما يحدٌّون النظر إليه تعظيماً له وما يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وصدره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه]

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتملاً على ما يقتضي أن يٌحمد عليه مرة بعد مرة سٌمي محمداً وهو اسم موافق لمسماه ولفظ مطابق لمعناه

والفرق بين لفظ أحمد ومحمد من وجهين

أحدهما: أن محمداً هو المحمود حمداً بعد حمد فهو دال على كثرة حمد الحامدين له وذلك يستلزم كثرة موجبات الحمد فيه

وأحمد أفعل تفضيل من الحمد يدل على أن الحمد الذي يستحقه أفضل مما يستحقه غيره

فمحمد زيادة حمده في الكمية وأحمد زيادته في الكيفية فيٌحمد أكثر حمد وأفضل حمد حمده البشر

الوجه الثاني: أن محمداً هو المحمود حمداً متكرراً كما تقدم

وأحمد هو الذي حَمْدٌهٌ لربه أفضل من حمد الحامدين غيره

فدل أحد الإسمين وهو محمد على كونه محموداً ودل الاسم الثاني وهو أحمد على كونه أحمد الحامدين لربه

وهذا هو القياس فإن أفعل التفضيل والتعجب عند جماعة البصريين لا يبنيان إلا من فعل الفاعل ولا يبنيان من فعل المفعول

ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا يجوز بناء فعلي التعجب والتفضيل من فعل الفاعل ومن الواقع على المفعول.

والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم سمي محمداً وأحمد لأنه يحمد أكثر مما يٌحْمَدٌ وأفضل مما يٌحْمَدٌ غيره فالاسمان واقعان على المفعول وهذا هو المختار. وذلك أبلغ في مدحه وأتم معنى

ولو أريد به معنى الفاعل سمي الحماد وهو كثير الحمد كما سمي محمداً وهو المحمود كثيراً فإنه صلى الله عليه وسلم كان أكثر الخلق حمداً لربه فلو كان اسمه باعتبار الفاعل لكان الأولى أن يسمى حماداً كما أن اسم أمته الحمادون

وأيضاً فإن الاسمين إنما اشتقا من أخلاقه وخصائله المحمودة التي لأجلها استحق أن يسمى محمداً وأحمد فهو الذي يحمده أهل الدنيا وأهل الآخرة ويحمده أهل السماء والأرض فلكثرة خصائله المحمودة التي تفوت العادَّين سمي باسمين من أسماء الحمد يقتضيان التفضيل والزيادة في القدر والصفة. انتهى كلام ابن القيم.

وقال القاضي عياض قد حمى الله هذين الاسمين يعني محمداً وأحمد أن يتسمى بهما أحد قبل زمانه أما أحمد الذي ذكر في الكتب وبشر به عيسى عليه السلام فمنع الله بحكمته أن يٌسمى به أحد غيره أو يٌدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل اللَّبْس ولا الشك فيه على ضعيف القلب وأما محمد فلم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا حين شاع قبيل مولده أن نبياً يٌبعث اسمه محمد فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو والله أعلم حيث يجعل رسالاته. أ. هـ

ورأيت في شرح العارف بالله عبد الله بن أبي حمزة على مختصره للبخاري عند قوله صلى الله عليه وسلم [تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي] ما نصه

وإباحته صلى الله عليه وسلم لهم التسمية باسمه عليه الصلاة والسلام فذلك لما جاء فيه من الخبر لأنه قد جاء أن [ما من بيت فيه من أسمه محمد إلا لا يخلو عن خير]

وقد ذكر أنه [إذا نوديَ يوم القيامة باسمه يا محمد فمن سمعه ورفع له رأسه أفلح وسعد] وجاءت فيه مما يشبه هذا آثاراً كثيرة

قال وقد رأيت بعض المباركين وكان عنده شيء من لسان العلم وكان له جملة أولاد كلهم سماهم محمداً وما فرق بينهم إلا بالكٌنى لمِا سمع من الخبر الذي جاء في هذا الاسم المبارك ولمن سمي به ابنه ولذلك ما رأيته وإياهم إلا في خير عظيم من غير أن يقصد أحداً أو يخرج عما كان مشتغلاً مما يعنيه من دينه. انتهى

وقال الحافظ السيوطي في كتابه (الرياض الأنيقة في أسماء خير الخليقة) في الكلام على هذا الاسم الكريم

قال تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} وقال {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} وقال {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}

وسبق في الأحاديث ذكره وهو أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم وأجلها ولذلك اختص بأمور

* منها أنه لا يصح إسلام الكافر حتى يتلفظ به بأن يقول محمد رسول الله فلا يكفي أحمد

وجوزه الحليمي بشرط أن يضم إليه أبو القاسم وأقره الاسنوي في (التمهيد)

* ومنها أنه يتعين الإتيان به في التشهد ولا يكفي غيره من أسمائه صلى الله عليه وسلم ولا أحمد كما في شرح (المهذب) و (التحقيق) وكذا الخطبة

*ومنها أنه يكره حمله في الخلاء ويجب تحويله من اليد (إذا كان منقوشاً على خاتم وتلبسه في يدك اليسرى) عند الاستنجاء

فلو نقش من اسمه محمد هذا الاسم مريداً نفسه ففي الالتحاق به نظر

* ومنها أنه يخرج منه بالضرب مع الكسر والبسط عدد المرسلين وهو ثلاثمائة وثلاثة عشر

وذلك أن فيه الميم الأولى والثانية المشددة بحرفين والميم إذا كسرت فهي (م ى م) وكل ميم بتكسيرها في الحساب تسعون إذاً الميم بأربعين والياء بعشرة فالثلاثة مائتان وسبعون والدال خمسة وثلاثون لأن الدال بأربعة والألف بواحد واللام بثلاثين والحاء بثمانية ولا تكسر فمبلغها العدد المذكور (ثلاثمائة وثلاثة عشر)

ثم روى في سبب تسميته به صلى الله عليه وسلم

بسنده (السيوطي) إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال [لمَّا ولد النبي صلى الله عليه وسلم عقَّ عنه عبد المطلب بكبش وسماه محمداً فقيل له يا أبا الحارث ما حملك على أن تسميه محمداً ولم تسمه باسم آبائه فقال أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض]

وأخرج البيهقي بسنده عن ابن اسحاق قال [كانت آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد مع أبيات أخرى وسميه محمداً فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في الإنجيل أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض واسمه في القرآن محمد فسمته محمداً لذلك]

وقال الكلاعي في سيرته [ويروى أن عبد المطلب إنما سماه محمداً لرؤيا رآها زعموا أنه رأى في منامه كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف في السماء وطرف في الأرض وطرف في المشرق وطرف في المغرب ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها فقصها فعٌبِّرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب ويحمده أهل السماء والأرض فلذلك سماه محمداً مع ما حدثته به أمه]

وروى الحافظ السيوطي بسنده إلى أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ليلة عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوباً محمد رسول الله] وأخرجه أبو يعلي والبزار

وروى الطبراني بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لمَّا أذنب آدم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى العرش فقال أسألك بحق محمد إلا غفرت لي فأوحى الله إليه ومن محمد فقال تبارك اسمك لمَّا خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك]

وأخرجه الحاكم في (المستدرك) وصححه والبيهقي في (دلائل النبوة)

وروى أبو نعيم في (الحلية) بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما في الجنة شجرة عليها ورقة إلا مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله]

وأخرج البزار وغيره عن أبي ذر رفعه [أن الكنز الذي ذكر الله في كتابه لوح من ذهب مصمت فيه بسم الله الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالقدر ثم ينصب عجبت ممن ذكر النار ثم يضحك عجبت ممن ذكر الموت ثم يغفل لا إله إلا الله محمد رسول الله]

وروى أي السيوطي بسنده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [كان نقش خاتم سليمان بن داود لا إله إلا الله محمد رسول الله]

وروى الطبراني بسنده إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [كان فص خاتم سليمان بن داود سماوياً فألقي إليه فوضعه في خاتمه وكان نقشه أنا الله لا إله إلا أنا محمد عبدي ورسولي]

قال وأصلح الأحاديث التي رويت في فضل التسمية به حديث أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له مولود فسماه محمداً حباً وتبركاً بإسمي كان هو ومولوده في الجنة] واسناده لا بأس به. أ. هـ

وقال ابن حجر المكي في شرح (الشمائل)

ومن مزاياهما أي اسم محمد وأحمد مساواتهما لحروف الجلالة

ومن فوائد هذين الاسمين الشريفين أن من كتبهما في بطاقة وحملها واستدام النظر إليها وهو يصلي عليه صلى الله عليه وسلم كثرت رؤيته في المنام للنبي صلى الله عليه وسلم.

وقال سيدي السيد مصطفى البكري في آخر شرحه على (حزب الإمام النووي) رضي الله عنهما

محمد هو أشهر أسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يتسم به أحد قبله لكن لمَّا قرب زمان ظهور نوره وفشا ذكره وانتشر سمى به أهل الكتاب أولادهم رجاء النبوة وعِدَّتهم خمسة عشر

وأسماؤه صلى الله عليه وسلم قيل ألف وقيل ألفان وعشرون ولكن ألذها للأسماع وأشرفها لتسكين لاعج الإلتياع هذا الاسم الكريم وإن كانت كل أسمائه صلى الله عليه وسلم بهذا المنزل العظيم

قال شارح (الدلائل) قريباً من الأوائل هو أشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم وأخصها وأعرفها وبه يناديه الله تبارك وتعالى ويسميه في الدنيا والآخرة وهو المختص بكلمة التوحيد وبه كني آدم عليه الصلاة والسلام وبه تشفع وعليه صلى في مهر حواء وبه كان يٌسمي نفسه صلى الله تعالى عليه وسلم فيقول [أنا محمد بن عبد الله] [والذي نفس محمد بيده]

و [فاطمة بنت محمد] ويكتب [من محمد رسول الله] وبه يصلي عليه الملائكة وبه يسميه عيسى عليه السلام في الآخرة حين يدل عليه للشفاعة وبه سمَّاه جبريل في حديث المعراج وغيره وبه سمَّاه إبراهيم عليه السلام في حديث المعراج أيضاً وبه سمَّاه جده عبد المطلب حين ولد وبه كان يدعوه قومه وبه ناداه ملك الجبال وبه صعد ملك الموت إلى السماء باكياً لمَّا قبض روحه الشريفة ينادي [وامحمداه] وبه يٌسمي نفسه صلى الله عليه وسلم لخازن الجنان حين يستفتح فيٌفتح له إلى غير ذلك مما لم يحضرني الآن

وقال عند شرح أسمائه صلى الله عليه وسلم

وهو اسم عَلَم على ذاته صلى الله تعالى عليه وسلم قال تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}

وهو منقول من الصفة إذ أصله اسم مفعول من حمَّد المضاعف ثم نٌقِل وجٌعِل علماً عليه صلى الله تعالى عليه وسلم

وهو من صيغ المبالغة معنىً إذا الثلاثي تٌضعَّف عينه لقصد المبالغة فكان الأصل محموداً من حٌمِد المبني للمفعول ثم ضٌعِّف فصار الفعل حمًّد بالتضعيف والمفعول محمد كذلك وذلك للمبالغة لتكرار الحمد له مرة بعد مرة فالمحمد في اللغة هو الذي يٌحمد حمداً بعد حمد ولا يكون مٌفعَّل مثل مضرب وممدح إلا لمن تكرر عليه الفعل مرة بعد أخرى

فهو اسم مطابق لذاته ومعناه صلى الله عليه وسلم إذ ذاته محمودة على ألسنة العوالم من كل الوجوه حقيقة وأوصافاً وخَلقاً وخٌلقاً وأعمالاً وأحوالاً وعلوماً وأحكاماً وجميع عوالمه المتنزل لها والظاهر بها

فهو محمود في الأرض وفي السماء وهو أيضاً محمود في الدنيا والآخرة ففي الدنيا بما هدى إليه ونفع به من العلم والحكمة وفي الآخرة بالشفاعة

فقد تكرر معنى الحمد كما يقتضي اللفظ ومع ذلك هو الحامد إذ ما حمده أحد إلا بما علَّمه إياه إذ هو نبي الجميع فهو الحامد وإن شئت قلت هو الحامد لله تعالى على الإطلاق بالتحقيق وبحمده لله تعالى حمده الله على ألسنة عباده فهو الحامد المحمود

إلا أنه أخص من حيث تنزل الأمر ومبدأ الفاعلية بالأحمدية ومن حيث بلوغ الأمر ومنتهى المفعولية بالمحمدية فكان اسمه في السماء أحمد وفي الأرض محمداً فهو صلى الله تعالى عليه وسلم خير من حَمِد وأفضل من حٌمِد

وعلى التحقيق لم يَحمِدَ ولم يٌحمدَ من الخلق إلا هو صلى الله عليه وسلم وكيف ولواء الحمد بيده وهو صاحب المقام المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون. أ. هـ

قال يعني الفاسي في (شرح الدلائل)

وغالب هذا الكلام للشيخ أبي عبد الله البكي في شرح (الحاجبية)

ثم إنه لم يكن محمداً حتى كان أحمد وذلك أنه حمد ربه قبل أن يحمده الناس وكذلك وقع في الوجود فإن تسميته أحمد وقعت في الكتب السالفة وتسميته محمداً وقعت في القرآن وأحمد أيضاً منقول من الصفة التي معناها التفضيل بمعنى أحمد الحامدين لربه وكذلك هو في المعنى لأنه يفتح عليه في المقام المحمود بمحامد لم تفتح على أحد قبله فيحمد ربه بها ولذلك يٌعقد له لواء الحمد

ثم قال قال الشيخ أبو عبد الله البكي ولهذا الاسم أعني محمداً إشارات لطيفة من حيث صورته ومادته أي من جهة حروفه المادية ومن جهة هيئته الصورية

أما الأول فلِما اشتمل عليه باعتبار حروفه من ميم الملكوت الأعلى وحاء الحياة والحفظ الذي به وفيه كتب القلم الأسنى وميم الملكوت الباطن في ميم الملك الظاهر ودال الدوام والاتصال الماحية لوهمي الإنقطاع والانفصال

وأما الثاني فإن صورة هذا الاسم على صورة الإنسان فالميم الأولى رأسه والحاء جناحاه والميم الثانية بطنه والدال رجلاه. أ. هـ

وقال الشيخ عبد الرحمن البسطامي رحمه الله تعالى في كتاب (درة الظنون في رؤية قرة العيون) في الفصل الثاني منه ثم إن هذا الاسم الأقدس لم يتسمَّ به على الحقيقة أحد قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم وإنما وقع للناس مشاركات في جهات من جهات لفظه لا من جهات معناه إذ ما من مخلوق سواه إلا ويلحقه نقص ما ولو عدم التناهي في الكمال إلى رتبته صلى الله عليه وسلم فلا يكون محمداً على الإطلاق فإن الوصف بعدم بلوغ الغاية في الكمال نوع من الذم ومن يلحقه الذم بوجه ما فليس محمداً على الحقيقة فلا محمداً إلا محمد صلى الله عليه وسلم

ولهذا المعنى لمَّا أراد المشركون هَجْوَهٌ بالكلام الموزون صرف الله تعالى عنه ذلك لأن حقيقته صلى الله عليه وسلم لا تقتضيه بوجه من الوجوه فكانوا يهجون مذمماً وهو الشيطان فإن هذا الاسم أجمع أسماء الشياطين لإشتماله على ما يتضمن نقصاً مع بلوغ الغاية وللمباينة الواقعة بين هذين الاسمين وعدم الاشتراك بينهما في وصف من الأوصاف لم يكن للشيطان أن يتمثل على صورته صلى الله عليه وسلم

فإن قيل إذا كان اشتقاق اسم محمد من اسمه عز وجل محمود كما قال حسان رضي الله تعالى عنه أي في قوله

وشق له من إسمه ليجله ******* فذو العرش محمود وهذا محمد

فلِمَ بولغ في هذا دون ذلك؟

فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم لمَّا كان بشراً وليس من شأن البشر الكمال في الأوصاف ولا بلوغ الغاية فيها أحتيج إلى المبالغة في اسمه صلى الله عليه وسلم للإعلام بأنه ليس مثلهم في هذا الوصف بل مرآته قابلة لجميع حقائق الأسماء والصفات. أ. هـ

وقال سيدي أبو المواهب الشاذلي رضي الله تعالى عنه في (قوانين الإشراق)

قال الله تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} فإن قلت السجود لغير الله حرام فكيف جاز السجود؟

قلنا هذا السجود معناه خضوع تواضع الأصغر للأكبر لا أنه سجود المربوب للرب لأن آدم عليه السلام عبد لا رب لكنه أٌكْرِمَ في الصورة الآدمية بظهور السمة المحمدية فهذا هو الذي أوجب السجود في المحراب يا أولي الأذواق والألباب وذلك أن رأس آدم ميم ويده حاء وسرته ميم وباقيه دال وكذلك كان يٌكتب في الخط القديم

قال أبو المواهب رحمه الله ويؤيد مقالنا ما قاله استاذنا أي سيدي علي وفا رضي الله تعالى عنه

لو أبصر الشيطان طلعة نوره ****** في وجه آدم كان أول من سجد

وهو صلى الله عليه وسلم نور جميع الرسل والأنبياء وكل أهل الصلاح من الأتقياء كما قال

عيسى وآدم والصدور جميعهم ******* هم أعين هو نورها لما ورد

وذلك أنه صلى الله عليه وسلم جمع الله تعالى له نور الأنبياء وإرشاد الرسل وهداية الأولياء ثم اختصه بنور الختم

وههنا لطيفة وهي أن اسم محمد الميم الأولى منه إذا قلت ميم كانت ثلاثة أحرف والحاء حرفان حاء وألف والهمزة لا تعد لأنها الألف والميمان المضعَّفان ستة أحرف والدال ثلاثة دال وألف ولام فإذا عددت حروف اسمه كلها ظاهرها وباطنها حصل لك من العدد ثلاثمائة وأربعة عشر الثلاثمائة وثلاثة عشر على عدد الرسل الجامعين للنبوة ويبقى واحد من العدد هو لمقام الولاية المفرق على جميع الأولياء التابعين للأنبياء وله عليه وعليهم الصلاة والسلام

وههنا رقية وهي كونه لم يبق من العدد المفرق على الأولياء إلا الفرد لأن فيهم الأفراد الذين اختصوا من التحقيق بالإنفراد أولئك الواحد منهم يجعله الحق في كيانه جامعاً لنور زمانه وهذه الدقيقة الفردانية من الحقيقة الجامعة المحمدية كما قال

وليس على الله بمستنكر ***** أن يجمع العالم في واحد

.ا. هـ

ونقل الشيخ شهاب الدين أحمد بن العماد الأفقهسي في كتابه (كشف الأسرار عما خفى عن الأفكار)

أن لإسمه الشريف عشرة خصائص إلى أن قال

والرابع كتب اسمه صلى الله عليه وسلم على ساق العرش

ويروى [أن الله تعالى لمَّا خلق العرش اضطرب فلما كتب عليه اسم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم سكن] وفيه تنبيه على أنه صلى الله عليه وسلم هو المخلوق الأكبر

وقال في حروف اسمه صلى الله عليه وسلم قال قوم

أن معنى الميم محو الكفر بالاسلام أو محو سيئات من اتبعه وقيل الميم منَّ الله تعالى على المؤمنين وقيل ملك أمته أو المقام المحمود

وأما الحاء فقيل حكمه بين الخلق بأحكام الله تعالى قال الله تعالى {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} وقيل حياة أمته

وأما الميم الثانية فمغفرة الله تعالى لأمته وقيل منادي الموحدين

وأما الدال فهو الداعي إلى الله تعالى قال الله تعالى {وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} فهو صلى الله عليه وسلم دليلهم في الدنيا والآخرة إلى الجنة ذكره النيسابوري. أ. هـ

وما أحسن قول الإمام البوصيري رضي الله تعالى عنه في (بردته)

فإن لي ذمة منه بتسميتي ******** محمداً وهو أوفى الخلق في الذمم

قال العلامة شهاب الدين أحمد القسطلاني رحمه الله تعالى في شرحه عليها

وفي كلامه دليل على الترغيب في التسمية باسمه صلى الله تعالى عليه وسلم

وقد جاء في ذلك أحاديث فمنها

١ - وذكر سنده إلى حميد الطويل عن أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم [يوقف عبدان بين يدي الله عز وجل فيأمر بهما إلى الجنة فيقولان ربنا بم استأهلنا الجنة ولم نعمل عملاً يجازينا الجنة فيقول الله عز وجل عبديَّ ادخلا الجنة فإني آليت على نفسي لا يدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد]

٢ - وعن نبيط بن شريظ قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال الله عز وجل [وعزتي وجلالي لا عذبت أحداً تسمى باسمك في النار] رواه ابو نعيم وعنه أبو علي الحداد وعنه أبو منصور الديلمي في (مسند الفردوس) بسنده مرفوعاً وقال متصل الإسناد

٣ - وروي عن جعفر بن محمد [إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ليقم من اسمه محمد فيدخل الجنة لكرامة اسمه صلى الله تعالى عليه وسلم]

وفي لفظ آخر [ينادى يوم القيامة يا محمد فيرفع رأسه في الموقف من اسمه محمد فيقول الله جل جلاله أشهدكم أني قد غفرت لكل من اسمه على اسم محمد نبيي]

٤ - وعن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال [من ولد له مولود فسماه محمداً تبركاً كان هو ومولوده في الجنة] رواه صاحب (الفردوس) وابنه منصور

٥ - ورويا أيضاً عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال [ما من مائدة وضعت فحضر عليها من اسمه أحمد أو محمد إلا قدَّس الله تعالى ذلك المنزل كل يوم مرتين]

قال أي القسطلاني قلت وأنا ولله الحمد لي منه صلى الله تعالى عليه وسلم ذمة بتسميتي أحمد كإسمه الشريف وأسأل الله من فضله كما منَّ عليَّ بذلك أن ينظمني في سلك محبيه وورثته بمنه وفضله ورحمته. أ. هـ

وقال السيد مصطفى البكري قلت

وقد صح لي بحمد الله ذمة من المقتفى بتسميتي كإسمه الشريف مصطفى وأخبرني مكاشف من أهل الوفا راشف كأس عين الصفا أن بعض الفقراء له حقائق كثيرة مسماه بأسماء كبيرة وقد سميت واحدة منها بهذا الاسم الكريم ولكن الحاكم هو الاسم الظاهر وله بحسب المقام وصف التقديم

وفي شرح (البردة) للأفقهسي رحمه الله تعالى زيادة على بعض ما تقدم

١ - عن الحسن البصري رحمه الله تعالى [أن الله تعالى يوقف عبداً بين يديه يوم القيامة اسمه أحمد أو محمد فيقول يا جبريل خذ بيد عبدي فأدخله الجنة فإني استحييت أن أعذب بالنار من اسمه على اسم حبيبي محمد]

٢ - وعن علي بن موسى عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا سميتم محمداً فعظموه ووقروه وبجلوه ولا تذلوه ولا تقهروه ولا تردوا له قولاً تعظيماً لمحمد صلى الله عليه وسلم]

٣ - وعن وائلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له ثلاثة من الولد ولم يسمِّ أحداً منهم محمداً فقد جهل]

٤ - وعن علي رضي الله تعالى عنه [ما اجتمع قوم في مشورة مع رجل منهم اسمه محمد فلم يدخلوه في مشورتهم إلا لم يبارك لهم]

٥ - وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم [لا يدخل الفقر بيتاً فيه إسمي].أ. هـ

قال السيد مصطفى البكري بعد ما ذكر

وهذا الاسم الشريف يوافق عدده من الأسماء الحسنى [[باسط ودود]] فيناسب من كان اسمه محمداً أن يذكر هذين الإسمين

وأفادنا شيخنا الشيخ محمد الخليلي القاطن الآن في بيت المقدس أنه تلقى عن بعض مشايخه اسم [[أمان]] وأن هذا اسم إلهي موافق عدد اسم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم

وله كان الله له رسالة في هذا الاسم المحمدي الشريف وأخبرني أنه يريد أن يشرحها ليفوز بظل الأجر الوريف وهو أحد من أجازني بمشيخته حباه الله جزيل مننه

وقال اليافعي رحمه الله تعالى في (الدر النظيم في خواص القرآن العظيم)

حكى لي بعض أصحابنا عن بعض مشايخه أن الشيخ محيي الدين بن العربي قال

من أخذ عدد اسمه بالجملة ونظر تلك الجملة في أي شيء من أسماء الله تعالى الحسنى اتفق فإن وجده في اسم وإلا طلبه في اسمين أو في ثلاثة أو في أربعة

مثاله محمد عدده اثنان وتسعون نظرنا موافقته في اسم فلم نجده وفي اسمين وجدناه في عدد [[أول دائم]] وفي ثلاثة فلم نجده ووجدناه في أربعة أسماء من أسماء الله الحسنى جل وعلا وهي [[حي وهاب واجد ولي]]

فقال يقرأ الفاتحة اثنتين وتسعين مرة عدد الاسم ثم آية الكرسي والمعوذتين كذلك وسورة ألم نشرح العدد المذكور وبعد ذلك يذكر الأسماء الأربعة العدد المذكور ويتخذ ذلك رياضة ويقول في آخر الذكر عند انقضاء العدد [يا حي أحي ذكري وارزقني أو ماشاء يا وهاب هب لي كذا يا واجد أوجد لي كذا يا ولي تولني] وقس على ذلك. أ. هـ

وعن بعض المشايخ أن اسمه تعالى [[سلام]] إذا أضيف إليه واحد كان عدد اسم محمد صلى الله عليه وسلم فإن عدده إذا قلنا بأن الميم المشدد بحرفين مائة واثنين وثلاثون ولهذا الاسم مناسبة باسم محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه قلب العالم ويس قلب القرآن و {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} قلب يس والسلام الأمان وهو صلى الله تعالى عليه وسلم أمان لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم [أنزل الله تعالى عليَّ أمانين لأمتي {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فإذا مضيتٌ تركت فيهم الإستغفار إلى يوم القيامة}]

ويأتي في آخر باب فوائد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فوائد شتى لآيات قرآنية وأذكار نبوية وغيرها ومن جملتها فوائد تتعلق بهذا الاسم الشريف اسم محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد رأيت مؤلفاً مخصوصاً في فضائل اسم أحمد ومحمد جمع أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير الحافظ بخط عبد الرحمن بن محمد الشهير بابن الفرفير الدمشقي سبط شيخ الاسلام القطب الخيضري كتبه سنة ٩٨٩ هجرية في دمشق الشام وعلى ظهره تحت اسم الكتاب بخطه ما صورته

الحمد لله تعالى وحده أروي هذا الكتاب المذكور أعلاه عن شيخنا شيخ الاسلام شمس الدين محمد بن أبي اللطف المقدسي الشافعي مكاتبة مما كتبه إلىَّ من البيت المقدس عن شيخه شيخ الاسلام الكمال بن أبي شريف المقدسي عن شيخه شيخ مشايخ الاشلام قاضي القضاة أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الشافعيين قال

أخبرنا به المسند العابد زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن مبارك ابن حماد الغزي الشهير بابن الشيخة رحمه الله تعالى قال أنبأنا به أبو العباس أحمد بن يعقوب الصابوني قال أنبأنا به الفخر أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد الحنبلي الشهير بابن البخاري أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد سماعاً وعبد العزيز بن محمد ابن الأخضر قال أنبأنا يحيى بن علي بن محمد بن علي بن الطراح أنبأنا الحسين بن أحمد ابن عبد الله بن بكير فذكره

وهذا نص المؤلف المذكور

بسم الله الرحمن الرحيم

أخبرنا الشيخ الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن محمود الجنابذي قراءة عليه وأنا أسمع في ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ببغداد قيل له أخبركم الشيخ الصالح أبو محمد يحيى بن علي بن محمد بن علي بن الطراح المدبر في يوم الجمعة قبل الصلاة الثاني من شهر رمضان سنة خمس وثلاثين وخمسمائة فأقر به أخبركم القاضي الشريف أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد المهتدي بقراءة أبيك علي بن محمد عليه في ذي الحجة من سنة ثلاث وستين وأربعمائة فأقر به حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن عبد الله بن بٌكَيْر الحافظ قال

باب ما روي من الآثار الحميدة السند الجليلة البهية العمد في فضل من اسمه أحمد ومحمد

١ - حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا جدي لأبي أبو العباس صدقة بن موسى بن تميم بن ربيعة بن ضمرة الغنوي مولى علي بن أبي طالب حدثنا أبي عن حٌميدَ الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [يوقف عبدان بين يدي الله تبارك وتعالى فيأمر بهما إلى الجنة فيقولان ربنا وبم استأهلنا الجنة ولم نعمل عملاً يجازينا الجنة فيقول الله عز وجل لهما عبداي ادخلا الجنة فإني آليت على نفسي أن لا يدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد]

٢ - حدثني أبو الحسن حامد بن حماد بن المبارك عن عبد الله العسكري بنصيين حدثنا اسحاق بن يسار بن محمد أبو يعقوب النصيبي حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا حماد بن سنمة عن برد بن سنان عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له مولود فسماه محمداً تبركاً به كان هو ومولوده في الجنة]

٣ - حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا حبيب بن نصر بن زياد المهلَّى حدثنا عبد الصمد بن محمد بن مقاتل العبَّاداني بعبَّادان حدثنا منصور بن عكرمة بعبادان في رباطنا عن أبي العلاء بن سنان عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له مولود فسمَّاه محمداً حباً لي وتبركاً باسمي كان هو ومولوده في الجنة]

٤ - حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد بن علي بن الحسين بن الفرج الوافقي السكري المقري حدثنا القاسم بن علي بن أبان العلاف حدثنا علي بن ميمون العطار حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن عمر بن موسى الوجيهي عن القاسم عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له ثلاثة أولاد ولم يسمِّ أحدهم محمد فقد جهل]

٥ - حدثني أبو الحسين سِلَّار بن علي ابن أيوب الباجدابي حدثنا أبو بدر أحمد بن خالد بن مسرح الحراني حدثنا عمي الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحراني حدثنا موسى بن أعين عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد ابن جبر عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له ثلاثة فلم يسمِّ أحدهم محمداً فقد جهل]

٦ - وحدثني أبو القاسم بن أبي الخطاب لفظاً حدثنا أبو عمرو الشاهد بالأنبار حدثنا علي بن محمد النخعي حدثنا محمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد الله بن داهر الرازي حدثنا عمرو بن جميع عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من رزق ثلاثة من الولد فلم يسمِّ أحدهم محمداً فهو من الجاهلين]

٧ - حدثني أبو محمد اسماعيل بن الحسين بن الحسن بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له ثلاثة فلم يسمِّ أحدهم محمداً فقد جفاني]

٨ - أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن معقل بن سنان بخطه عن الحسن بن علي ابن عفان العامري حدثنا عثمان بن عبد الرحمن وحدثنا أبو سعيد نافع بن محمد بن الحسن ابن عَلٌّويَةْ بن حَيٌّويَهْ بن يوسف بن واقد بن حزَوَّر الابيوردي الشافعي حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب بن معقل حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا عثمان ابن عبد الرحمن الحراني عن أحمد بن حفص الجزري عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم [ما اجتمع قوم في مشورة معهم رجل اسمه محمد فلم يدخلوه في مشورتهم إلا لم يبارك لهم]

٩ - وروي عن الحسين بن علي ابن أبي طالب عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فأدخلوه في مشورتهم إلا خير لهم] حدثنا بذلك أحمد ابن محمد بن يعقوب حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي قال حدثني أبي حدثنا علي ابن موسى الرضا قال حدثني موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد ابن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أبي علي بن أبي طالب

١٠ - وحدثني ابن عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن الذهبي وعبيد الله بن يحيى بن زكريا بن يزيد بن أبي عمرو الدقيقي قال حدثنا أبو طالب عبد الله بن محمد بن الحسن بن شهاب البكري حدثنا عبد الله بن محمد بن غياث أبو القاسم الهروي الكاتب الخرساني حدثنا أحمد بن عامر ابن سليمان الطائي حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى قال حدثني أبي جعفر قال حدثني أبي محمد قال حدثني أبي علي قال حدثني أبي الحسين قال حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه أحمد أو محمد فأدخلوه في مشورتهم إلا خير لهم]

١١ - حدثني أبو حفص الفاروق بن عبد الكبير بن عمر الخطابي بالبصرة حدثنا العباس بن الفضل الاسفاطي حدثنا أبو عثمان سعيد بن سليمان النشيطي وحدثنا عبد الله بن اسحاق بن إبراهيم بن عبد العزيز البغوي الدقيق حدثنا زياد بن الخليل التُّسَتري حدثنا سعيد بن سليمان النشيطي أبو عثمان حدثنا الحكم بن عطية بن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [يسمونهم محمداً ثم يسبونهم]

١٢ - وحدثنا محمد بن عبد الله العسكري حدثنا محمد بن اسماعيل بن يوسف بن اسماعيل الترمذي السليمي حدثنا إبراهيم بن حميد الطويل حدثنا الحكم بن عطية عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [يسمونه محمداً ثم يسبونه]

١٣ - حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباد حدثنا محمد ابن غالب أبو جعفر الضَّبي حدثنا إبراهيم بن حميد الطويل حدثنا الحكم بن عطية حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

[يسمونه محمداً ثم يسبونه]

١٤ - حدثنا أحمد بن محمد بن الجراح وأحمد بن محمد بن يعقوب قالا حدثنا عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي حدثنا علي بن موسى الرضا وحدثني أبو الطيب عبيد الله أحمد بن الذهبي بعكبرا وعبيد الله بن يحيى بن زكريا بن يزيد ابن أبي عمرو الدقيق قالا حدثنا أبو طالب عبد الله بن محمد بن الحسن بن شهاب العكبري حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن غياث الهروي الخراساني الكاتب حدثنا أحمد بن عامر بن سليمان الطائي حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر ابن محمد قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني أبي علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن علي قال حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما من مائدة وضعت وحضر عليها من اسمه أحمد أو محمد إلا قدس ذلك المنزل في كل يوم مرتين]

١٥ - حدثني أبو القاسم الحسين بن محمد بن اسحاق بن إبراهيم ابن اسماعيل بن محمد بن أبان بن أبي الخطاب لفظاً حدثنا أبو عمرو عبيد الله بن عبد الله بن الحسن الشاهد الأنباري بالأنبار حدثنا علي بن محمد النخعي أبو القاسم حدثنا محمد بن منصور الرمادي حدثنا عبد الله بن داهر الرازي حدثنا عمرو بن جُميع عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا سميتموه محمداً فعظموه ووقروه وبجلوه ولا تذلوه ولا تحقروه ولا تجبهوه تعظيماً لمحمد صلى الله عليه وسلم]

١٦ - وجدت في كتاب علي بن بندار البردعي حدثنا أبو عيسى محمد ابن أحمد بن مطر حدثنا أبو الأسود محمد بن محمد بن يحيى بن حفص الفريابي حدثنا محمد بن رجاء الواسطي حدثنا عثمان بن زكريا الرازي وهشيم بن بشير عن يونس ابن عبيد عن الحسن البصري رحمه الله قال [إن الله ليوقف عبداً بين يديه يوم القيامة اسمه أحمد أو محمد قال فيقول الله تعالى محمد عبدي أما استحييتني وأنت تعصيني واسمك باسم حبيبي محمد فينكس العبد رأسه ثم يقول اللهم إني فعلت فيقول الله عز وجل يا جبريل خذ بيد عبدي فأدخله الجنة فإني أستحي أن أعذب بالنار من اسمه على اسم حبيبي محمد]

١٧ - حدثني أحمد بن محمد بن يعقوب النسوي وأحمد ابن محمد بن الجراح النهثلي حدثنا عبد الله بن أحمد بن علي بن سليمان الطائي قال حدثني أبي حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد قال حدثني أبي موسى قال حدثني أبي الحسين قال حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحدثنا عبيد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الذهبي أبو الطيب وعبيد الله بن يحيى بن زكريا بن يزيد بن أبي عمرو الدقيقي قال حدثنا أبو طالب عبد الله بن محمد حسن بن شهاب العكبري حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عياش الهروي الخراساني حدثنا أحمد بن عامر بن سليمان الطائي حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى قال حدثني أبي جعفر قال حدثني أبي محمد قال حدثني أبي علي قال حدثني أبي الحسين قال حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا سميتم الولد محمداً فأكرموه وأوسعوا له في المجلس ولا تقبحوا له وجهاً]

١٨ - حدثني أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى ابن جعفر بن أبي محمد البخاري المستملي حدثنا الأمير عبد الله محمد بن عباس العصمي الهروي حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن نصر العطار الدؤلي حدثنا محمد بن هارون المِصَيِصِي قال حدثنا خالد بن يزيد عن محمد بن إبراهيم الهاشمي عن أبي جعفر المنصور عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال [ما من أهل بيت فيهم من اسمه محمد إلا لم يزالوا يتعاهدهم الله عز وجل في كل يوم وليلة] يعني بالبركة في كل يوم وليلة

١٩ - حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن فارس الطوسي الأشقر حدثنا أبو نصر النعمان بن محمد الجرجاني بنيسابور حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ الجرجاني حدثنا الفضل بن عبد الله بن سليمان العطار بأنطاكية حدثنا محمد بن المصفى حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الملك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسمي]

٢٠ - حدثني محمد بن عبد الله حدثنا محمد ابن محمد بن سليمان الباغندي الواسطي حدثنا محمد بن حُمَيْد الرازي حدثنا إبراهيم ابن المختار حدثنا النضر بن حميد عن أبي اسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباته عن علي بن أبي طالب رشي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث الله إليهم ملكاً يقدسهم بالغداة والعشي]

٢١ - وجدت في كتاب أبي محمد جعفر بن الحسن بن منصور البغدادي الأشقر حدثنا أحمد بن العباس البغوي حدثنا عمر بن شبَّة بن عبدة النُّمَيْري حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا إبراهيم بن المختار حدثنا النضر بن حميد حدثنا أبو اسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث إليهم ملكاً يقدسهم بالغداة والعشي]

٢٢ - حدثني أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن يحى بن منصور بن المعافى الأزدي العدل حدثنا أبو بكر عبد الله بن أحمد بن علي الخطيب املاء حدثنا أبو بكر القاسم بن عبد الرحمن الأنباري حدثنا محمد بن يحيى بن رزين المصيصي حدثنا اسماعيل بن يحيى بن عبيد الله بن طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق حدثنا عبد الرحمن بن روح عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما أكل طعام قط من حلال عليه رجل اسمه اسمي إلا تضاعف لهم البركة في طعامهم]

٢٣ - حدثنا محمد بن عبد الله العسكري حدثنا أبو يعقوب اسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شداد بن سعيد الراسبي عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس قالا رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ولد له مولود فليحسن أدبه واسمه فإذا بلغ فليزوجه فإذا بلغ ولم يزوجه فأصاب إثماً باء بإثمه]

٢٤ - وأخبرنا أبو الحسن ابن المهتدى قراءة عليه يوم قرأنا هذا الجزء حدثنا أبو عبد الله بن أحمد بن بكير حدثنا الحديث عبد الرحيم الهروي حدثنا مالك بن سليمان الهروي حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [الهدية ثلاثة هدية مكافأة وهدية لئلا يقال للرجل سوء وهدية يثيبه الله تعالى عليها]

هذا آخر كتاب فضائل من اسمه أحمد ومحمد جمع أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بكير الحافظ وروايته عن شيوخه والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحبابه.

انتهى نص الكتاب المذكور رحم الله مؤلفه.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!