The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 184 من سورة البقرة

أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) «أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» العامل في الأيام كتب الأول بلا شك ، فإنه ما عندنا علم بما كتب

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

الشمس ، بنية القربة إلى اللّه تعالى عبادة «كَما كُتِبَ» أي مثل ما فرض «عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» من الأمم الخالية «لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» اللّه فيما أمرتم به من الإمساك عنه من أكل وشرب ونكاح وغيبة زمان الإمساك ، ثم قال : (185) «أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» فقللها لأن بنية أفعال لجمع القلة ، وكذلك أفعل وأفعلة وفعلة ، ونصبه بكتب الأول على المفعولية ، وكذلك أيام شهر رمضان


ص 257



على من قبلنا ، هل كتب عليهم يوم واحد وهو عاشوراء ، أو كتب عليهم أيام ، والذي كتب علينا إنما هو شهر ، والشهر إما تسعة وعشرون يوما وإما ثلاثون يوما ، بحسب ما نرى الهلال ، والأيام من ثلاثة إلى عشرة لا غير ، فطابق لفظ القرآن ما أعلمنا به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في عدد أيام الشهر ، فقال : [ الشهر هكذا وأشار بيده عشرة أيام ، ثم قال : هكذا يعني عشرة أيام ، وهكذا ، وعقد إبهامه في الثالثة ، يعني تسعة أيام ، وفي المرة الأخرى لم يعقد الإبهام ، فأراد أيضا عشرة أيام ] وذلك لما قال تعالى : «أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» عدد الشارع أيام الشهر بالعشرات حتى يصح ذكر الأيام موافقا لكلام اللّه ، فإنه لو قال ثلاثون يوما لكان كما قال في الإيلاء لعائشة ، قد يكون الشهر تسعة وعشرين يوما ، ولم يقل هكذا وهكذا كما قال في عدد شهر رمضان ، فعلمنا أنه أراد موافقة الحق تعالى فيما ذكر في كتابه ، ثم قال: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» فأتى بذكر الأيام أيضا وأشار إلى المخاطبين بقوله : «مِنْكُمْ» وهم الذين آمنوا ، والذي أذهب إليه أن المريض والمسافر إن صاما شهر رمضان فإن ذلك لا يجزيهما ، وأن الواجب عليهما عدة من أيام أخر ، غير أني أفرق بين المريض والمسافر إذا أوقعا الصوم في هذه الحالة في شهر رمضان ، فأما المريض فيكون الصوم له نفلا ، وهو عمل بر وليس بواجب عليه ، ولو أوجبه على نفسه فإنه لا يجب عليه ، وأما المسافر لا يكون صومه في السفر في شهر رمضان ولا في غيره من عمل بر ، وإذا لم يكن من عمل بر كان كمن لم يعمل شيئا ، وهو أدنى درجاته ، أو يكون على ضد البر ونقيضه وهو الفجور ، ولا أقول بذلك ، إلا أني أنفي عنه أن يكون في عمل بر في ذلك الفعل في تلك الحال ، وعلى المسافر أن يفطر في كل ما ينطلق عليه اسم السفر ، وكذلك المريض عليه أن يفطر في أقل ما ينطلق عليه اسم مرض ، والواجب عدة من أيام أخر في غير رمضان ، فهو واجب موسع الوقت من ثاني يوم شوال إلى آخر عمره ، وإذا كنا مسافرين فأفطرنا فنقضي أيام رمضان أو نؤديه في أيام غير معينة ، فإن اللّه تعالى نكّر

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

بالنسبة إلى أيام السنة قليلة ، ثم قال : «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» يأتي تفسيره في الآية التي تلي هذه ، والذي يتعلق من ذلك بهذه الآية ، أنه من رجح الصوم على الإطعام لما كان مخيرا بينهما مع الطاقة ، كان حكمه إذا مرض أو سافر عدة من أيام أخر ، إذ قد انقضى زمان شهر رمضان بنية الصوم لولا المرض أو السفر ، فلا يجوز له

الأيام في قوله «فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» فالذي يجب على المكلف في سفره عدة من أيام أخر ، له الاختيار في تعيينها ، وإذا قضيت أيام رمضان من مرض أو سفر فاقضه متتابعا كما أفطرته متتابعا ، تخرج بذلك من الخلاف «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» الآية عندي مخصصة غير منسوخة في حق الحامل والمرضع والشيخ والعجوز ، فالحامل والمرضع يطعمان ولا قضاء عليهما ، والشيخ والعجوز إذا لم يقدرا على الصوم يفطران ولا يطعمان ، فإن الإطعام شرع مع الطاقة على الصوم ، وأما من لا يطيقه فقد سقط عنه التكليف في ذلك ، وليس في الشرع إطعام من هذه صفته من عدم القدرة عليه ، فإن اللّه ما كلف نفسا إلا وسعها وما كلفها الإطعام ، فلو كلفها مع عدم القدرة لم نعدل عنه وقلنا به ، والإطعام مد عن كل يوم «وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ» فقد قال فيه إن الصوم لا مثل له ، فهو عبادة لا مثل لها في الخيرية «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» قد تكون إن هنا بمعنى ما يقول . ما كنتم تعلمون أن الصوم خير من الإطعام لولا ما أعلمتكم ، ويكون معناها أيض «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» الأفضل فيما خيرتكم فيه ، فقد أعلمتكم مرتبة الصوم ومرتبة الإطعام –

[ التخيير اختبار وابتلاء ]

تحقيق - اعلم أن الحق إذا خير العبد فقد حيره ، فإن حقيقته العبودية فلا يتصرف إلا بحكم الاضطرار والجبر ، والتخيير نعت السيد ما هو نعت العبد ، وقد أقام السيد عبده في التخيير اختبارا وابتلاء ، ليرى هل يقف مع عبوديته أو يختار فيجري في الأشياء مجرى سيده ، وهو في المعنى مجبور في اختياره مع كون ذلك عن أمر سيده ، فكان لا يزول عن عبوديته ولا يتشبه بربه فيما أوجب اللّه عليه التخيير ، ولما نبه تعالى عباده على أن الصوم خير لهم إذا اختاروه أبان لهم بذلك عن طريق الأفضلية ، ليرجحوا الصوم على الفطر ، فكان هذا من رفقه سبحانه بهم

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

في القضاء الإطعام كما جاز في زمان رمضان ، لأن الصوم قد ترتب في الذمة بالترجيح في زمان التخيير ، وانقضى الزمان على ذلك ، ثم قال : «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ» أي يصومونه طاقتهم «فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» لكل يوم إطعام مسكين ، واختلف الناس في قدر ذلك ، والأولى أن يكون الإطعام نصف صاع من طعام ، إذ قد نص الشارع عليه في بعض الكفارات ، فالرجوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام عند الخلاف أولى «فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً» أي زاد على الواجب من جنسه فأطعم أكثر من مسكين أو أكثر من نصف صاع «فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ» أي أعظم لأجره «وَأَنْ تَصُومُوا» بدلا من الإطعام «خَيْرٌ لَكُمْ» عند اللّه وأعظم أجرا «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» أي إن عملتم بما

حيث أزال عنهم الحيرة في التخيير بهذا القدر من الترجيح ، ومع هذا فالابتلاء له مصاحب ، لأنه تعالى لم يوجب عليه فعل ما رجحه له ، بل أبقى له الاختيار على بابه ، أما في الكفارة فإن الترتيب أولى من التخيير ، فإن الحكمة تقتضي الترتيب ، واللّه حكيم والحكمة في بعض الأشياء أولى من الترتيب لما اقتضته الحكمة ، والعبد في الترتيب عبد اضطرار كعبودة الفرائض ، والعبد في التخيير عبد اختيار كعبودة النوافل ، وفيها رائحة من عبودية الاضطرار ، وبين عبادة النوافل وعبادة الفرائض في التقريب الإلهي بون بعيد في علو الرتبة ، فإن اللّه جعل القرب في الفرائض أعظم من القرب في النوافل ، وأن ذلك أحب إليه .


المراجع:

(184) الفتوحات ج 1 / 612 - ج 3 / 543 - ج 4 / 486 - ج 1 / 617 ، 629 ، 623 ، 620

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!