موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 190-194 من سورة البقرة

وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)

لما أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلم بتبليغ رسالات ربه إلى عباده ، لم يشرع له أن يبدأ بالقتال ، والمشروع له وللمؤمنين أن يبدءوا بدعائهم إلى الإسلام ، فإن أجابوا كففنا عنهم ، وإن لم يجيبوا فلا

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

من قبل الباب ، وكان يوضع له سلم إلى ظهر البيت فيرقى فيه وينحدر منه إلى بيته ، أو يتسور من الجدار ، أو يثقب ثقبا في ظهر بيته فيدخل منه ويخرج حتى يتوجه إلى مكة محرما ، وإن كان من الوبر دخل وخرج من وراء بيته ، وإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم دخل يوما نخلا لبني النجار ودخل معه قطبة بن عامر الأنصاري من بني سلمة من جشم من قبل الجدار وهو محرم ، فلما خرج النبي صلّى اللّه عليه وسلم من الباب وهو محرم خرج قطبة من الباب ، فقال رجل هذا قطبة خرج من الباب وهو محرم ، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : ما حملك أن تخرج من الباب وأنت محرم ؟ فقال : يا نبي اللّه رأيتك خرجت من الباب وأنت محرم فخرجت معك ، وديني دينك ، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم :خرجت لأني من الحمس ، فقال قطبة للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : إن كنت بأحمس فأنا أحمس ، وقد رضيت بهداك ودينك واستننت بسنتك ، فأنزل اللّه في قول قطبة بن عامر للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : «وَلَيْسَ الْبِرُّ» أي ليس من البر المشروع ولا المعقول «بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى» أي تقوى اللّه ،



ص 279

يخلو إما أن يكونوا أهل كتاب أو لا يكونوا ، وإن كانوا أهل كتاب وجنحوا للسلم الذي هو الصلح عرضنا عليهم أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإن أبوا أو لم يكونوا أهل كتاب قاتلناهم ، فلهذا قال : «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ» أي لا تبدءوهم بقتال قبل الدعوة وقبل عرض الجزية إن كانوا أهل كتاب ، ويدخل أيضا في هذا الخطاب من قاتلنا

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

وأقام الموصوف بها مقامها به ، أو يكون ولكن البر بر من اتقى ، وقد تقدم الكلام عليه في (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) «وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها» فحصل من الفائدة في هذه المسألة أن الإنسان أولا كان إذا دخل من باب بيته أتى مباحا أو محظورا ، والآن قد اقترن به الأمر ، فيكون في إتيان المحرم إلى بيته من الباب عن أمر الشرع مأجورا وإن كان مباحا ، فإنه ما أتاه إلا لأمر الشارع لا لهوى نفسه ، وكل مباح إذا اقترن مع فاعله فعله لكون الشارع أباحه له كان له من الأجر ما يقابل حرمة القصد في ذلك لا لعين الفعل ، وهو قوله : (وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) فالمباح من ذلك إذا كان فعله له لإباحته ، ثم قال : «وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» قد تقدم الكلام في أول سورة البقرة على التقوى والفلاح ثم قال : (191) «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» الآيات ، يقول : «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ» لما أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلم بتبليغ رسالات ربه إلى عباده لم يشرع له أن يبدأ بقتال ، والمشروع له وللمؤمنين أن يبدءوا بدعائهم إلى الإسلام ، فإن أجابوا كففنا عنهم ، وإن لم يجيبوا فلا يخلو إما أن يكونوا أهل الكتاب أو لا يكونوا ، وإن كانوا أهل كتاب وجنحوا إلى السلم الذي هو الصلح عرضنا عليهم أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإن أبوا أو لم يكونوا أهل كتاب قاتلناهم ، فلهذا قال : «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ» أي لا تبدءوهم بقتال قبل الدعوة وقبل عرض الجزية إن كانوا أهل كتاب ، ويدخل أيضا في هذا الخطاب من قاتلنا في الحرم الذي يحرم القتال فيه «وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» أي لا تتجاوزوا ما حددنا لكم من النهي عن قتل الرهبان والنساء والصبيان ، وكل من انحجز عن قتالكم من الرجال ، ولكن هذا في الحرم خاصة ، وأما في غير الحرم فنحن مأمورون بقتال المشركين كافة ، فلا يغنيهم كونهم انحجزوا عنهم ، فلا نقاتل في الحرم إلا من باشر القتال ، ومن هنا صوّب من صوب قتال ابن الزبير للحجاج ، فإن الحجاج قصده وقاتله لكونه ثبتت خلافته عنده ، ومن صوب قتال الحجاج لابن الزبير لم تصح عنده خلافة ابن الزبير ورآه خارجا على الإمام ، ومن خرج على الإمام فقد عصى والحرم لا يعين عاصيا عند من يرى ذلك ، فقاتله الحجاج بحق في الحرم ، ولم يكن لابن الزبير أن يقاتله في الحرم ولا في غير الحرم (192) «وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ» يقول : واقتلوهم

في الحرم الذي يحرم القتال فيه «وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» أي لا تتجاوزوا ما حددنا لكم من النهي عن قتل الرهبان والنساء والصبيان وكل من انحجز عن قتالكم من الرجال ، لكن هذا في الحرم خاصة ، وأما في غير الحرم فنحن مأمورون بقتال المشركين كافة فلا يغنيهم كونهم انحجزوا عنهم ، فلا نقاتل في الحرم إلا من باشر القتال ، ووقع النهي

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

حيث ثقفتموهم أي وجدتموهم على طريق القهر والغلبة ، يقال في اللسان رجل ثقف إذا كان سريع الأخذ لأقرانه ، وإذا كان على هذا ، فلا يكون قتالهم على وجه الأخذ والغلبة إلا بعد المنع مما دعوناهم إليه ، أو ابتداء القتال منهم ، ثم قال : «وَأَخْرِجُوهُمْ» خطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلم والمؤمنين «مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ» يعني مكة ، وهو قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم لورقة بن نوفل حين أخبره أن قومه يخرجونه ، قال : أو مخرجي هم ؟ قال : نعم ، فقال اللّه له : «وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ، وَالْفِتْنَةُ» أي الابتلاء بالصد عن المسجد الحرام وبمفارقة الأوطان ، والخروج من الديار مع وجود الحياة وتجدد الآلام في كل وقت لذلك «أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» فإن القتل إنما هو ساعة وينتقل فيستريح من عذاب مفارقة الوطن عن كره لشغله بما يصير إليه من خير أو شر ، وإن أراد بالفتنة الكفر باللّه والشرك ، فنقول : والشرك باللّه في الحرم أشد من القتل بلا شك ، ثم قال : «وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ» أي لا تبدءوهم بقتال كما ذكرنا قبل ، وقد يفهم من هذا ما ذهب إليه عطاء بن أبي رباح أن الحرم كله مسجد ، فإن النهي إنما وقع عن القتال في الحرم ، وهذا الخطاب عام إلى يوم القيامة ، ثم قال : «فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» أي فإن قاتلوكم فيه يعني في الحرم ، فهنا لا يسوغ إلا قتال من قاتل منهم لا قتال من انحجز عنهم ولم يقاتل لحرمة الحرم ، وكذلك في غير الحرم لو انحجز من المحاربين طائفة ولم تقاتل وطلبت السلم منا وأخرجوا أيديهم عن طاعة من قاتلنا منهم لغير خداع فلنا أن نسالم تلك الطائفة ، ثم قال : «كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ» فجعل قتالنا لمن قاتلنا جزاء ، والجزاء لا يكون ابتداء ، ففيه تأكيد أن لا نبدأ بقتال كما أشرنا ، والكاف في كذلك إن شئت جعلتها زائدة ، وإن شئت كانت صفة ، أي مثل ذلك يكون أيضا جزاء الكافرين من أهل الكتاب إذا قاتلوكم وكل من قاتلكم ممن ليس بمشرك لما كانت الآية نزلت في حرب أهل الأوثان الذين ليسوا أهل كتاب ، فأراد اللّه تعريفنا بأن ذلك جزاء كل كافر شرعا ، ثم قال : (193) «فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» أي فإن انتهوا عن قتالكم في الحرم أو عن الشرك والكفر ، فإن اللّه يغفر لهم ما وقع منهم من الإثم والعدوان في أيام كفرهم «رَحِيمٌ» بكم وبهم حيث قرر لهم أن يسلموا على ما أسلفوا من خير ولم يحبط لهم ما كانوا عليه في الكفر من العتق والبر ومكارم الأخلاق ، وإن تمادوا على غيهم ولم ينتهوا قال :

عن القتال في الحرم ، وهذا الخطاب عام إلى يوم القيامة ، وقوله تعالى : «فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» أي فإن قاتلوكم فيه يعني في الحرم فهنا لا يسوغ إلا قتال من قاتل منهم ، لا من انحجز عنهم ولم يقاتل لحرمة الحرم ، وكذلك في غير الحرم ، لو انحجز من المحاربين طائفة

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

(194) «وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ» أي حتى لا يبقى كفر ولا يبقى كافر في قوة تكون منه فتنة ، أي محنة وبلاء للمؤمنين «وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ» إما بزوال الكفر رأسا ، وإما بإعلاء كلمة اللّه على كلمة الكفر بأن يكونوا تحت ذمة المسلمين إن كانوا من أهل الكتاب ، وأما المشركون من عبدة الأوثان فليس إلا الإسلام أو القتل «فَإِنِ انْتَهَوْا» أيضا «فَلا عُدْوانَ» أي فلا تعتدوا «إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ» إن اعتدوا عليكم مثل قوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فسمى جزاء الظالم ظلما ، كأنه عين الظلم الذي فعله عاد عليه ، مثل قوله : [ إنما هي أعمالكم ترد عليكم ] ثم قال :

(195) «الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ» نزلت هذه الآية في عمرة القضاء ، وذلك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عام الحديبية جاء معتمرا والمؤمنين معه ، فصدهم المشركون عن المسجد الحرام والوصول إليه ، وكان في الشهر الحرام الذي هو ذي القعدة ، وما كان لهم أن يصدوه في هذا الشهر ، فلما كان في العام القابل جاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لعمرة القضاء الذي صدّ عن إتمامها عام أول في هذا الشهر ، وكان المشركون قد عاهدوه على أن يخلوا بينه وبين الكعبة ثلاثة أيام في العام الآتي ، وخاف المسلمون أن لا يفي المشركون بعهدهم فتأهبوا لقتالهم إن صدوهم ، فلما جاءوا أيضا في ذي القعدة خلوا بينهم وبين الكعبة على الشرط المعروف المذكور ، فأقاموا ثلاثة أيام ثم خرجوا ، وكان اللّه قد أنزل عليهم «الشَّهْرُ الْحَرامُ» الذي قضيتم فيه عمرتكم «بِالشَّهْرِ الْحَرامِ» الذي صدوكم فيه عن تمام العمرة «وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ» أي من انتهك حرمة انتهكت حرمته ، فإن دخول المسلمين في عمرة القضاء الحرم كان من أشق شيء على المشركين ، وقال اللّه لنبيه والمؤمنين : «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ» فقاتلكم أو آذاكم «فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» من غير زيادة «وَاتَّقُوا اللَّهَ» في الابتداء بالتعدي أو بمجاوزة المثل في القصاص فيمن اعتدى عليكم «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» بالنصر والكلاءة ، في هذه الآية دليل لمن يرى أن يعتدي من اعتدي عليه بمثل ما اعتدي عليه في مال وغير ذلك من غير حكم حاكم ولا ارتفاع إليه ، وهو مذهب ابن عباس ، ومنع غيره من ذلك وقال له : ليس له أن يتعدى عليه ويرفعه إلى الحاكم ، ويكون معنى قوله : «فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ» بعد حكم الحاكم لا تتجاوزوا القدر الذي اعتدى عليكم فيه إذا مكنتم من القصاص ، وكلا الوجهين سائغ في الآية ، والأول أقوى والثاني أحوط ، وفي عمرة القضاء التي نزلت فيها هذا الآية أنّ الشروع في نوافل العبادات ملزم ، قال تعالى : (وَلا تُبْطِلُوا



ولم تقاتل وطلبوا السلم منّا وأخرجوا أيديهم من طاعة من قاتلنا منهم لغير خداع فلنا أن نسالم تلك الطائفة .

سورة البقرة (2) : آية 195

وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» وهو هنا البخل «وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» (195) .
المحسنون بما أشهدهم من كبريائه

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

أَعْمالَكُمْ) وفيها قضاء نوافل العبادات ، وفيه أنه من صدّ عن عبادة شرع فيها فله أجر الصد وما له أجر العمل ، إذ لو كان له أجر العمل - وفائدة العمل حصول الثواب - وقد حصل ، فكان إذا شرع في وقت آخر في مثل ذلك العمل لا يكون قضاء ، وإنما يكون ابتداء عمل آخر مشابه للعمل الذي صدّ عنه ، ولا كان يسمى ذلك عمرة القضاء ، هذا إن كان النقل عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم هذه التسمية ، وإن لم تكن منه فهذه عمرة أخرى ، وتلك العمرة التي صد عن إتمامها حصل له أجرها وكان محله حيث حبس ، ولهذا شرع للمحرم أن يقول : إن محلي حيث حبستني ، وإذا لم يقل ذلك عندنا وحبس عن تمام حجه أو عمرته فعليه دم على تركه هذا القول ، فإنه السنة ، والدماء في الحج لترك السنن ، والنبي صلّى اللّه عليه وسلم قد قضى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الظهر بعد العصر ، وأخبر أنهما تلك الركعتان ، فقضاهما وما كان قد شرع فيهما ، وإنما جاء الوفد فشغله قبل الشروع فيهما ، فكان قضاء لخروج الوقت الذي كان التزم أن يصليهما فيه دائما ، ثم قال :

(196) «وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» الآية ، يقال أهلك فلان نفسه بيده ، فالمعنى ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة ، وقد تكون الباء زائدة ، والمعنى ولا تلقوا أيديكم إلى التهلكة ، أي إذا دعاكم ما يكون فيه هلاككم لا تلقوا بأيديكم إليه ، أي لا تنقادوا ولا تسمعوا له ، يحتمل سبيل اللّه هنا طرق البر كلها ، ويحتمل الجهاد خاصة ، وإن كان نزولها في الجهاد لما آثرت الأنصار الإقامة في أهلها وإصلاح أموالها وترك الجهاد حين فشا الإسلام وكثر ، ولكن سبيل اللّه كثيرة ، فالعدول إلى التخصيص تحكم أنه المقصود بالآية ، والتهلكة هنا يحتمل أمران : الواحد البخل ، والآخر التبذير ، فكأنه يريد الاقتصاد في النفقة حتى لا يقعد ملوما محسورا ، ولا يترك أولاده عالة يتكففون الناس ، وهذا يبنى على قدر الأوقات ، فقد يحسن في وقت بل يجب إخراج المال كله




المراجع:

(194) إيجاز البيان

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!