موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة النمل (27)

 

 


الآيات: 51-59 من سورة النمل

فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (53) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55)

فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)

«قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» اعلم أن الحمد والمحامد هي عواقب الثناء ، ولهذا يكون آخرا في


الأمور ، كما ورد أن آخر دعواهم (أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وقوله صلّى اللّه عليه وسلم في الحمد : إنّها تملأ الميزان ، أي هي آخر ما يجعل في الميزان ، وذلك لأن التحميد يأتي عقيب الأمور ، ففي السراء يقال :الحمد للّه المنعم المفضل ،

وفي الضراء يقال : الحمد للّه على كل حال ؛ والحمد هو الثناء على اللّه ، وهو على قسمين ، ثناء عليه بما هو له ، كالتسبيح والتكبير والتهليل ، وثناء عليه بما يكون منه ، وهو الشكر على ما أسبغ من الآلاء والنعم ، وله العواقب فإن مرجع الحمد ليس إلا إلى اللّه ، فإنه المثني على العبد والمثنى عليه ،

وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلم :[ أنت كما أثنيت على نفسك ]

وهو الذي أثنى به العبد عليه ، فرد الثناء له من كونه مثنيا اسم فاعل ، ومن كونه مثنيا عليه اسم مفعول ، فعاقبة الحمد في الأمرين له تعالى . وتقسيم آخر ، وهو أن الحمد يرد من اللّه مطلقا ومقيدا في اللفظ ، وإن كان مقيدا بالحال ، فإنه لا يصح في الوجود إطلاق فيه ، لأنه لا بد من باعث على الحمد ، وذلك الباعث هو الذي قيده وإن لم يتقيد لفظا ،[ " قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ " ]

كأمره في قوله تعالى : «قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» فلم يقيد ، وأما المقيد فلا بد أن يكون مقيدا بصفة فعل ، كقوله (الحمد للّه الذي خلق السماوات والأرض)

وكقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) (والحمد للّه فاطر السماوات) وقد يكون مقيدا بصفة تنزيه ، كقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً) .

واعلم أن الحمد لما كان يعطي المزيد للحامد ، علمنا أن الحمد بكل وجه شكر ، كذلك ما أعطى المزيد من الأذكار فهو شكر ، فهو حمد كله ، لأنه ثناء على اللّه ، ولا نحمده إلا بما أعلمنا أن نحمده به ، فحمده مبناه على التوقيف ، وقد خالفنا في ذلك جماعة من علماء الرسوم ، لا من العلماء الإلهيين ، فإن التلفظ بالحمد على جهة القربة لا يصح إلا من جهة الشرع ، فلا يتمكن أن يقال على جهة القربة وإن عقل أنه خير إلا حتى يقول الحق اذكروني ، فإما أن يطلق بكل ذكر ينسب إليه الحسن في العرف ، وهو من مكارم الأخلاق ، وإما أن يقيده فيعين ذكرا خاصا فالثناء على اللّه بما هو فاعل ثناء عرفي يثني به المخلوق على الخالق ، ما لم ينه عنه إذا كان ذلك الثناء مما يعظم في العالم ، فقد يكون من حيث ما هو فاعل وليس بعظيم في العالم ، فإذا ذكر بما هذا مثله نكر ، ومثاله أن يقول : الحمد للّه خالق كل شيء ، فيدخل فيه كل مخلوق معظّم ومحقّر ، ومثال المعظم في العرف أن تقول : الحمد للّه الذي خلق السماوات ، ومثل ذلك ، ولا ينبغي أن يعين في الثناء خلق المحقر عرفا ، والمستقذر طبعا ، وإن دخل في عموم كل


شيء ، ولكن إذا عين لا يقتضيه الأدب بل ينسب معيّنه إلى سوء الأدب ، أو فساد العقيدة ، مع صحة ذلك ، والكل منه ونعمته ، ولولا حقارة ذلك بالعرف لم نقل به ، فإني ما أرى شيئا ليس عندي بعظيم ، لأني انظر بعين اعتناء اللّه به حيث أبرزه في الوجود ، فأعطاه الخير ، فليس عندنا أمر محتقر ، فالكل نعمته ظاهرة وباطنة ، فظاهرة ما شوهد منها ، وباطنة ما علم ولم يشهد ، وظاهرة التعظيم عرفا ، وباطنة التعظيم عند أهل اللّه وأهل النظر المستقيم مما ليس بعظيم في الظاهر «وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى» الاصطفاء لا يكون إلا بعد الخلق ، فإنه ما كل خلق مصطفى ، كما أنه ما كل مصطفى نبي ، وكل نبي مصطفى ، والمصطفون بمنزلة الصفي من المغنم ، وهم نصيب الحق من الخلق .


المراجع:

(59) الفتوحات ج 4 / 96 - ج 2 / 118

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!