موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة لقمان (31)

 

 


الآية: 11 من سورة لقمان

هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11)

[ الإنسان الكامل قطب الفلك وهو العمد ]

إن الخلق يراد به المخلوق في موضع مثل قوله : «هذا خَلْقُ اللَّهِ» فإن الفعل قد يكون نفس المفعول بالشيئية والأشياء ،

فقوله تعالى : «هذا خَلْقُ اللَّهِ» أي مخلوق اللّه .


[سورة لقمان (31) : آية 12]

وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)

«وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ» وهنا تظهر عناية اللّه بعبده إذا أنزل كل حكمة في موضعه .

[سورة لقمان (31) : آية 13]

وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)

[ الشرك ظلم عظيم لمن اتّخذ إلها من غير دعوى منه ]

لما علم لقمان أن الشرك ظلم عظيم للشريك مع اللّه أوصى بها ابنه ، فإن اللّه آتاه الحكمة ، وتصغير لقمان اسم ابنه تصغير رحمة ، ولهذا وصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك فقال «لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» وما ظهر هذا الظلم العظيم من موجود إلا من هذا النوع الإنساني ، فإنه تقع أمور كثيرة يعظم في النفوس قدرها بحيث لا تتسع النفس لغيرها ، ولا سيما في الأمور الهائلة التي تؤثر الخوف في النفوس ، ومنها الشرك باللّه ، فقال تعالى : «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» في نفس الموحد ، يشاهد عظمته في نفس المشرك لا في نفسه ، فيشاهده ظلمة عظيمة ، والمشركون هم الذين يجعلون مع اللّه إلها آخر ، وهو الظلم العظيم الذي ظلموا به هذا المقول عليه إنه إله مع اللّه ، فظلموا اللّه في وحدانية الألوهية له ، وظلموا الشريك في نسبة الألوهية إليه ، فاتخاذ الشريك من مظالم العباد ؛ فإن من اتّخذ إلها من غير دعوى منه ، بل هو في نفسه عبد غير راض بما نسب إليه ، وعاجز عن إزالة ما ادّعي فيه ، فإنه مظلوم حيث سلب عنه هذا المدعي ما يستحقه ، وهو كونه عبدا ، فظلمه ، فينتصر اللّه له لا لنفسه ، فيأخذ اللّه المشركين بظلم الشريك لا بظلمه في أحديته ، فإن الذي جعلوه شريكا يتبرأ منهم يوم القيامة ، حيث تظهر الحقوق إلى أربابها المستحقين له .

[سورة لقمان (31) : آية 14]

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)


[ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» الآية - الأسباب ]

" وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ» وقال تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) على أقل ما يولد من زمن الحمل ويعيش ، وهو ستة أشهر حملا وسنتان رضاعا على التمام ، وإن أتم الحمل المعتاد في الغالب وهو تسعة أشهر ، كانت مدة الرضاع حولين إلا ربع حول ، وهي إحدى وعشرون شهرا «أَنِ اشْكُرْ لِي» من الوجه الخاص ، فقدم نفسه سبحانه ليعرفك أنه السبب الأول والأولى ، ثم عطف وقال «وَلِوالِدَيْكَ» وذلك في مقام إيجاد عين العبد ، حيث كان إيجاده عند سبب اجتماع والديه بالنكاح وتعبهما في إيجاده ، فقال «وَلِوالِدَيْكَ» من الوجه السببي وهي الأسباب التي أوجدك اللّه عندها لتنسبها إليه سبحانه ، ويكون لها عليك فضل التقدم بالوجود خاصة ، لا فضل التأثير ، لأنه في الحقيقة لا أثر لها وإن كانت أسبابا لوجود الآثار ، فبهذا القدر صح لها الفضل ، وطلب منك الشكر ، وشكرهما هو أن تنسبهما إلى مالكهما وموجدهما ، «أَنِ اشْكُرْ لِي» هو قوله (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) في قوله (فَاذْكُرُوا اللَّهَ) * «وَلِوالِدَيْكَ» هو قوله «كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ» ففي هذه الآية شكر اللّه حقيقة ، وشكر السبب عن أمر اللّه عبادة من حيث أمرهم بشكره قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا يشكر اللّه من لم يشكر الناس ] فمن علم أن اللّه هو المعطي لم يشكر غيره إلا بأمره ،

ولذلك تمم فقال «إِلَيَّ الْمَصِيرُ» فالعامل في الكل حقا وخلقا اللّه ، ولذلك قال بعد أن شرك «إِلَيَّ الْمَصِيرُ» فوحد بعد أن شرّك في الشكر .


المراجع:

(11) الفتوحات ج 4 / 289 - كتاب عنقاء مغرب

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!