موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الأحزاب (33)

 

 


الآية: 41 من سورة الأحزاب

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (41)

أي في كل حال .

فالحمد للّه الذي قد وقى *** من شر ما يمكن أن يحذر


لولا كتاب سابق فيكمو *** نبذتمو لفعلكم بالعر

ما شرع الرحمن أذكاره *** إلا لكي تعصمكم كالعرى

لأنها أعصم ما يتقى *** لما به الرحمن قد قدّر

تعوذوا منه به أسوة *** بسيد يعلم ما قرر

[ الذكر بالاسم المفرد : اللّه اللّه ]

واعلم أن كلام اللّه لا يضاهيه شيء من كل كلام مقرب إلى اللّه ، فينبغي للذاكر إذا ذكر اللّه متى ذكره أن يحضر في ذكره ذلك ذكرا من الأذكار الواردة في القرآن ، فيذكر اللّه به ليكون قارئا في الذكر ، وإذا كان قارئا فيكون حاكيا للذكر الذي ذكر اللّه به نفسه ، فلا يحمد اللّه ولا يسبحه ولا يهلله إلا بما ورد في القرآن عن استحضار منه لذلك - بحث في الذكر بالاسم المفرد - ما أمر اللّه بالكثرة من شيء إلا من الذكر ، فقال : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً»

وقال : (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ)

وما أتى الذكر قط إلا بالاسم اللّه خاصة معرى عن التقييد ، فقال «اذْكُرُوا اللَّهَ»

وما قال : بكذا وقال : (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)

وما قال : بكذا ، ومثل ذلك من الآيات التي أمر فيها بالذكر ،

وقال تعالى : في الحديث القدسي [ من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه»

فقوله تعالى : «اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً» هو تكرار هذا الاسم ولم يذكر إلا الاسم اللّه خاصة ، وقد قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول اللّه اللّه ]

فأتى به مرتين ولم يكتف بواحدة ، وأثبت بذلك أنه ذكر على الانفراد ، ولم ينعته بشيء ، وسكّن الهاء من الاسم ، وهو صلّى اللّه عليه وسلم مأمور أن يبيّن للناس ما نزّل إليهم ، فلو لا أن قول الإنسان اللّه اللّه له حفظ العالم الذي يكون فيه هذا الذكر ، لم يقرن بزواله زوال الكون الذي زال منه ، وهو الدنيا ،

وقال تعالى : (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)

فلهذا الذكر المفرد إنتاج أمر عظيم في قلب الذاكر به لا ينتجه غيره وما قيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الاسم اللّه في هذا الحديث بأمر زائد على هذا اللفظ ، لأنه ذكر الخاصة من عباد اللّه الذين يحفظ اللّه بهم عالم الدنيا ، وكل دار يكونون فيها ؛ فإذا لم يبق منهم أحد لم يبق للدنيا سبب حافظ يحفظها اللّه من أجله ، فتزول وتخرب وكم من قائل اللّه باق في ذلك الوقت ، ولكن ما هو ذاكر باستحضار ، فلا يعتبر اللفظ دون استحضار ،

وقد قال بعض العلماء بالرسوم : إنه لم ير هذا الذكر لارتفاع الفائدة عنده فيه ، إذ كل مبتدأ لا بد له من خبر ،

فيقال له : ل


يلزم ذلك في اللفظ ، بل له خبر ظاهر لا في اللفظ ، كإضافة إلى تنزيه أو ثناء بفعل ، ومعلوم أنه إذا ذكر أمر ما ، وكرر على طريق التأكيد له ، أنه يعطي من الفائدة ما لا يعطيه من ليس له هذا الحكم ، فمن هذه الآية وأمثالها ومن الحديث الذي ذكرناه ، رجّح أهل اللّه ذكر لفظة اللّه اللّه ، وذكر لفظه (هو) على الأذكار التي تعطي النعت ، ووجدوا لها فوائد ؛

واعلم أن الذكر ليس بأن تذكر اسمه ، بل لتذكر اسمه من حيث ما هو مدح له وحمد ، إذ الفائدة ترتفع بذكر الاسم من حيث دلالته على العين ، وما قصد أهل اللّه بذكرهم اللّه اللّه نفس دلالة اللفظ على العين ، وإنما قصدوا هذا الاسم أو الهو ، من حيث أنهم علموا أن المسمى بهذا الاسم أو هذا الضمير هو من لا تقيده الأكوان ومن له الوجود التام ، فإحضار هذا في نفس الذاكر عند ذكر الاسم بذلك وقعت الفائدة ، فإنه ذكر غير مقيد ، فإذا قيده بلا إله إلا اللّه لم ينتج له إلا ما تعطيه هذه الدلالة ، وإذا قيده بسبحان اللّه لم يتمكن أن يحضر إلا مع حقيقة ما يعطيه التسبيح ، وكذلك اللّه أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه ، وكل ذكر مقيد لا ينتج إلا ما تقيد به ، لا يمكن أن يجني منه ثمرة عامة ، فإن حالة الذاكر تقيده ، وقد عرفنا اللّه أنه ما يعطيه إلا بحسب حاله في قوله : [ إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ] - الحديث –

فلهذا رجحت الطائفة ذكر لفظة اللّه وحدها أو ضميرها من غير تقييد ، فما قصدوا لفظة دون استحضار ما يستحقه المسمى ، وبهذا يكون ذكر الحق عبده باسم عام لجميع الفضائل اللائقة به ، التي تكون في مقابلة ذكر العبد ربه بالاسم اللّه ، فالذكر من العبد باستحضار والذكر من الحق بحضور ، لأنا مشهودون له معلومون ، وهو لنا معلوم لا مشهود ، فلهذا كان لنا الاستحضار وله الحضور

شروط الذكر -قوله تعالى :[ شروط الذكر ] اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً. ما قيّد حال طهارة من حال ، فكما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم :[ إني كرهت أن أذكر اللّه إلا على طهر ، أو قال : على طهارة ]

فقد قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ الحمد للّه على كل حال ]

وقالت عائشة رضي اللّه عنها : [ كان النبي صلّى اللّه عليه وسلم يذكر اللّه على جميع أحواله لا تمنعه إلا الجنابة ]

لذلك فإن الذكر في طريق اللّه لا يختص بالقول فقط ، بل تصرف العبد إذا رزق التوفيق في جميع حركاته ، لا يتحرك إلا في طاعة اللّه تعالى من واجب أو مندوب إليه ، ويسمى ذلك ذكرا للّه ، أي لذكره في ذلك الفعل أنه للّه بطريق القربة سمي ذكرا ،

لذلك قالت عائشة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ إنه كان يذكر اللّه على كل أحيانه ] فعمّت جميع أحواله


في يقظة ونوم وحركة وسكون ، تريد أنه ما تصرف ولا كان على حال من الأحوال إلا في أمر مقرب إلى اللّه فجميع الطاعات كلها من فعل وترك إذا فعلت أو تركت لأجل اللّه ، فذلك من ذكر اللّه أي اللّه ذكر فيها ومن أجله فعلت أو تركت على حكم ما شرع فيها ،

[إشارةللعارفين : الغيرة ]

وهذا هو ذكر الموفقين من العلماء باللّه - إشارة للعارفين - يغار أكثر أهل الطريق ولا سيما أهل الورع منهم أن يذكر اللّه بين العامة ، فيذكرونه بقلوب غافلة عن الحضور عما يجب للّه من التعظيم ، وقد أخطئوا في ذلك ، فإن القلب وإن غفل عن الذكر الذي هو حضوره مع المذكور ، فإن الإنسان من كونه سميعا قد سمع ذكر اللّه من لسان هذا الذاكر ، فخطر بالقلب ووعى ما جاء به هذا الذاكر ، ولم يجئ إلا بذكر اللسان الذي وقع بالسمع ، فجرد له هذا القلب ما يناسبه من الذاكرين منه وهو اللسان ، فذكر اللّه بلسانه موافقة لذكر ذلك المذكّر له ، والقلب مشغول في شأنه الذي كان فيه ، مع أنه لم يشتغل عن تحريك اللسان بالذكر ، فلم يشغله شأن عن شأن ، فما ذكر أحد اللّه عن غفلة قط ، وما بقي إلا حضور باستفراغ له أو حضور بغير استفراغ ، بل بمشاركة ، ولكن زمان أمره اللسان بالذكر ما هو زمان اشتغاله بغيره ، فما ذكره غافل قط أي عن غفلة في حال أمر القلب اللسان بالذكر إلا في حال ذكر اللسان ، ثم إن اللسان قد وفّى حقه في العلانية من الذكر ، فإنه من الأشياء المسبحة للّه ، فمن غار على اللّه لم يعرفه ، وإنما يغار له لا عليه .


المراجع:

(41) الفتوحات ج 1 / 539 - الديوان / 107 - الفتوحات ج 4 / 461 - ج 2 / 229 - ج 3 / 299 - ج 2 / 229 - ج 3 / 299 - ج 2 / 228 ، 229 - ج 4 / 36 - ج 1 / 713 - ج 4 / 36

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!