موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة سبإ (34)

 

 


الآيات: 22-23 من سورة سبإ

قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)

[ الصلاة على الميت شفاعة من المصلي عليه ]

" وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ "

وقد أذن اللّه تعالى لنا بالصلاة على الميت ، وهو لا يأذن وفي نفسه أن لا يقبل سؤال السائل ، فقد أذن لنا أن نشفع فيه بالصلاة عليه ، فقد تحققنا الإجابة بلا شك ، والصلاة على الميت شفاعة من المصلي عليه عند ربه ، ولا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضى الحق أن يشفع فيه ، ولم يرتض سبحانه من عباده إلا العصاة من أهل التوحيد ، سواء كان عن دليل أو إيمان ، ولهذا شرع تلقين الميت ليكون الشفيع على علم بتوحيد من يشفع فيه ، وكل من قال إن الميت إذا كان من أهل الصلاة عليه وصلي عليه لا تقبل الشفاعة فما عنده خبر جملة واحدة ، لا واللّه ، بل ذلك الميت سعيد بلا شك ، ولو كانت ذنوبه عدد الرمل والحصى والتراب ، أما المختصة باللّه من ذلك فمغفورة ، وأما ما يختص بمظالم العباد فإن اللّه يصلح بين عباده يوم القيامة ، فعلى كل حال لا بد من الخير ولو بعد حين ، ولهذا ينبغي للمصلي على الميت إذا شفع في صلاته عند اللّه أن لا يخص جناية بعينها ، وليعم ذكره ما ينطلق عليه به أنه مسيء إساءة تحول بينه وبين سعادته ، وليسأل اللّه التجاوز عن سيئاته مطلقا ، وأن يعترف عن الميت بجميع السيئات ، وإن لم يحضر المصلي التعميم في ذلك فإن اللّه إن شاء عمه بالتجاوز ، وإن شاء عامل الميت بحسب ما وقعت فيه الشفاعة من الشافع ، ولهذا ينبغي للمصلي على الميت أن يسأل اللّه له في التخليص من العذاب ،


لا في دخول الجنة ، لأنه ما ثمّ دار ثالثة ، إنما هي جنة أو نار ، وذلك أنه إن سأل في دخول الجنة لا غير فإن اللّه يقبل سؤاله فيه ، ولكن قد يرى في الطريق أهوالا عظاما ، فلهذا ينبغي أن تكون شفاعة المصلي في أن ينجي اللّه من صلى عليه مما يحول بينه وبين العافية واستصحابها له ، فإن ذلك أنفع في حق الميت ، واللّه أسأل لنا ولإخواننا إذا جاء أجلنا أن يكون المصلي علينا عبدا محبوبا عند ربه ، يكون الحق سمعه وبصره ولسانه ، لنا ولإخواننا وأولادنا وآبائنا وأهلينا ومعارفنا وجميع المسلمين من الجن والإنس ، آمين بعزته وكرمه . واعلم أيدنا اللّه وإياك بروح منه أن الملائكة أرواح في أنوار أو لو أجنحة ، وأن نزول الوحي على قلوب الملائكة ، والقلب هو المدبر للجسد ، فاشتغل القلب بما نزل إليه ليتلقاه فغاب عن تدبير بدنه ، فسمي بذلك غشيا وصعقا ، فإذا تكلم اللّه بالوحي على صورة خاصة وتعلقت به أسماعهم كأنه سلسلة على صفوان ، وهو وحي إجمالي ،

وقد أخبر النبي صلّى اللّه عليه وسلم عن الملائكة في طريان هذا الحال فقال : [ إن الملائكة إذا تكلم اللّه بالوحي كأنه سلسلة على صفوان ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا - أي لهذا التشبيه - فتصعق الملائكة ، وهو أشد الوحي ، فيصعقون ما شاء اللّه ثم ينادون فيفيقون ]

وهو قوله تعالى في حقهم : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) وهو إفاقتهم من صعقتهم ، وهنا يقع التفصيل فيما أجمل ، فأخبر اللّه عنهم

- الوجه الأول - «قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ» وهنا وقف ، فيقول بعضهم لبعض وهو قوله تعالى «قالُوا الْحَقَّ» وهو من قول الملائكة. –

-الوجه الثاني - «قالُوا ما ذا ؟» وهنا وقف ، فاستفهموا بعد صعقتهم أي يقول بعضهم لبعض «ما ذا ؟» «قالَ» أي فيقول بعضهم

أو قال القائل : «رَبُّكُمْ» وهنا وقف ، إعلاما بأن كلامه عين ذاته ،

فيقول بعضهم وهو قوله : «قالُو» لهذا القائل «الْحَقَّ» أي الحق يقول ، بالنصب ، أي قال الحق كذا علمناه

-الوجه الثالث -لما أفاقوا وزال الخطاب الإجمالي المشبه وزالت البديهة «قالُوا ما ذا ؟» وهنا وقف ، ثم يجيبهم فقال لهم : «رَبُّكُمْ» وهو قوله:" قالَ رَبُّكُمْ "، فما صعقوا عند هذا القول بل ثبتوا و (قالُوا الْحَقَّ (أي قال الحق ، أي قال ربنا القول الحق ، يعنون ما فهموه من الوحي أو قوله «قالَ رَبُّكُمْ» أو هما معا وهو الصحيح «وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ "

-الوجه الأول -أن يكون هذا من قول الملائكة قالوا «وَهُوَ الْعَلِيُّ» عن هذا النزول «الْكَبِيرُ» عن هذا التشبيه في هذه النسبة ، وهي كسلسلة على صفوان ،

أي «وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ» عن هذ


التشبيه ، ولكن هكذا نسمع ، فجاءوا في ذكرهم بالاسم العلي في كبريائه إن كان من قولهم ، فإنه محتمل أن يكون قول اللّه «وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ» أو يكون حكاية الحق عن قولهم ، والعالون الذين قال اللّه فيهم لإبليس لما أبى السجود (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ)

هم الذين قالوا لهؤلاء الملائكة الذين أفاقوا «رَبَّكُمُ»

*وهم الذين نادوهم ، وهم العالون ، فلهذا جاء بالاسم العلي ، فمن علم أن للملائكة قلوبا أو علم القلوب ما هي علم أن اللّه تعالى ما أسمعهم في الوحي الذي أصعقهم إلا ما يناسب من الوحي (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ومن هذه الآية علمنا بتفاضل الملائكة في العلم باللّه على بعضهم ، وهو قولهم : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) أي في العلم باللّه ،

وذلك لما ورد من الاستفهام في قول من قال منهم «ما ذا»

*وقد رفعت التهمة عنهم فيما بينهم ، وتصديق بعضهم بعضا ، وانصباغ بعضهم بما عند بعض مما يكون عليه ذلك البعض من صورة العلم باللّه ، فيفيد بعضهم بعضا ، وذلك قوله عنهم :" قالُوا الْحَقَّ " ابتداء ، ولم ينازعوا عندما قال لهم المسؤول «رَبَّكُمُ»

*، ثم أقيموا في (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فلم يروه إلا في الهوية ، وهي ما غاب عنهم من الحق في عين ما تجلى ، وتلك الهوية هي روح صورة ما تجلى ، فنسبوا إليها أعني إلى الهوية من (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) العلو فقالوا : «وَهُوَ الْعَلِيُّ»

*عن التقييد في صورة ما تجلى لهم «الْكَبِيرُ» *من الكبرياء عن الحصر ، فهو العظيم بذاته ، بخلاف الأسباب المعظمة ، وهو الكبير واضع الأسباب ، وأمرنا بتعظيمها ، ومن لا عظمة له ذاتية لنفسه فعظمته عرض في حكم الزوال ، فالكبير على الإطلاق من غير تقييد ولا مفاضلة هو اللّه

- الوجه الثاني -في هذه الآية انته كلام الملائكة عند قوله : «ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ» ثم يقول تعالى : أي فقال اللّه : «وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ» فهو من قول اللّه لا من قول الملائكة ، أي هذه النسبة من حيث هويته ، ومن هذه الآية يظهر عجز الملائكة عن معرفة اللّه تعالى .


المراجع:

(23) الفتوحات ج 1 / 528 - ج 4 / 159 - ج 3 / 215 - ج 4 / 195 - ج 3 / 215 - ج 4 / 195 - ج 3 / 215 - ج 2 / 255 - ج 3 / 215 - ج 2 / 14 - ج 4 / 195 - ج 2 / 78 - ج 4 / 195 - ج 3 / 215 - ج 4 / 195 - ج 2 / 255 - ج 4 / 159 - ج 1 / 399 - ج 3 / 215 - ج 4 / 195 - ج 2 / 78

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!