موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة فاطر (35)

 

 


الآية: 1 من سورة فاطر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)

«الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ»

- الوجه الأول -الفطر الفتق قال تعالى: (أو لم يروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)

- الوجه الثاني - «الْحَمْدُ لِلَّهِ


فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» هو قوله تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إذ الفطرة هي النور الذي تشق به ظلمة الممكنات ويقع به الفصل بين الصور ،

فيقال : هذا ليس هذا ، إذ قد يقال : هذا عين هذا من حيث ما يقع به الاشتراك ، والعالم كله سماء وأرض ليس غير ذلك ، وبالنور ظهرت ، واللّه مظهرها .

فهو نورها ، ففطر السماء والأرض به ، فبه تميزت الأشياء وانفصلت وتعينت في ظهورها ، فما تميزت الأعيان في وجودها إلا بالفطرة التي فصلت بين العين ووجودها ، وهو من أغمض ما يتعلق به علم العلماء باللّه ، كشفه

[ " جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا . . . " الآية - أجنحة الملائكة ]

عسير وزمانه يسير «جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا» الملائكة من المألكة وهي الرسالة «أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ» الملائكة أو لو أجنحة على طبقاتها في الأجنحة ، فأعلاهم أقلهم أجنحة ، وأقلهم أجنحة من له جناحان ، فمن الملائكة من له جناحان إلى ستمائة جناح إلى ما فوق ذلك ، وأجنحة الملائكة للنزول لا للصعود ، وأجنحة الأجسام العنصرية للصعود لا للنزول ، لأن الملائكة تجري بطبعها الذي عليه صورة أجسامها إلى أفلاكها التي عنها كان وجودها ، فإذا نزلت إلى الأرض نزلت طائرة بتلك الأجنحة ،

وهي إذا رجعت إلى أفلاكها ترجع بطبعها بحركة طبيعية وإن حركت أجنحتها ، حتى إنّها لو لم تحرك أجنحتها لصعدت إلى مقرها ومقامها بذاتها ، وأجسام الطير العنصري يحرك جناحه للصعود ، ولو ترك تحريك جناحه أو بسطه لنزل إلى الأرض بطبعه ،

فما يبسط جناحه في النزول إلا للوزن في النزول ، لأنه إن لم يزن في نزوله وبقي على طبعه تأذى من نزوله لقوة حكم الطبع ، فحركة الجناح في النزول حركة حفظ .

واعلم أن اللّه تعالى ما جعل للأرواح أجنحة إلا للملائكة منهم ، لأنهم السفراء من حضرة الأمر إلى خلقه ، فلا بد لهم من أسباب يكون لهم بها النزول والعروج ، فإن موضوع الحكمة يعطي هذا ، فجعل لهم أجنحة على قدر مراتبهم في الذي يسرون به من حضرة الحق أو يعرجون إليه من حضرة الخلق ، فهم بين الخلق والأمر يترددون ،

ولذلك قالوا : (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) فإذا نزلت هذه السفرة على القلوب فإن رأتها قلوبا طاهرة قابلة للخير أعطتها من علم ما جاءت به على قدر ما يسعها استعدادها ، وإن رأتها قلوبا دنسة ليس فيها خير نهتها عن البقاء على تلك الحال وأمرتها بالطهارة بما نص لها الشارع ، إن كان في العلم باللّه فبالعلم به مما يطلبه الفكر وجاء به الخبر النبوي عن اللّه ، وإن كان في الأكوان فبعلم الأحكام واعتقاداتها ،


واعلم أنه ليس لمخلوق كسب ولا تعمل في تحصيل مقام لم يخلق عليه ، بل قد وقع الفراغ من ذلك ، فجميع الأحوال اختصاص ، والكسب اختصاص ،

فإذا علمت هذا علمت أن الملائكة ما لها كسب بل هي مخلوقة في مقاماتها لا تتعداها ، فلا تكتسب مقاما وإن زادت علوما ولكن ليس عن فكر واستدلال ،

لأن نشأتهم لا تعطي ذلك مثل ما تعطيه نشأة الإنسان ،

والقوى التي هم عليها الملائكة المعبر عنها بالأجنحة ، وقد صح في الخبر أن جبريل له ستمائة جناح ، فهذه القوى الروحانية ليس لها في كل ملك تصرف فيما فوق مقام صاحبها ، مثل الطائر عندنا الذي يهوي سفلا ويصعد علوا ، وأجنحة الملائكة إنما تنزل بها إلى من هو دونها ؛ وليس لها قوة تصعد بها فوق مقامها ،

فإذا نزلت بها من مقامها إلى ما هو دونه رجعت علوا من ذلك الذي نزلت إليه إلى مقامها لا تتعداه ، فما أعطيت الأجنحة إلا من أجل النزول كما أن الطائر ما أعطي الجناح إلا من أجل الصعود ، فإذا نزل نزل بطبعه وإذا علا علا بجناحه ، والملك على خلاف ذلك ،

إذا نزل نزل بجناحه وإذا علا علا بطبعه ، وأجنحة الملائكة للنزول إلى ما دون مقامها والطائر جناحه للعلو إلى ما فوق مقامه ، وذلك ليعرف كل موجود عجزه وأنه لا يتمكن له أن يتصرف بأكثر من طاقته التي أعطاه اللّه إياها ،

فالكل تحت ذل الحصر والتقييد والعجز ، لينفرد جلال اللّه بالكمال في الإطلاق ، لذلك قال تعالى متمّما «إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» .


المراجع:

(1) الفتوحات ج 1 / 568 - ج 2 / 70 ، 67 - ج 3 / 261 ، 385 ، 54

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!