The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 232-233 من سورة البقرة

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232) وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)

«لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها» النفس هنا عبارة عن إكمال الحس ، لأن النفس المعنوية

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

ضِراراً لِتَعْتَدُوا» نهى اللّه الرجل أن يمسك المرأة ويضاررها في ذلك ليعتدي عليها ، إما مناكدة منه ورغبة في أذاها ، فقد تعدى فيها حد اللّه ، وإما يقصد بإضرارها لتختلع ويأخذ بذلك طائفة من مالها ، فقد تعدى حد اللّه في ذلك ، فإنه حرام عليه أخذه ، وإنما يحل من ذلك ما تعطيه على الخوف من جهتها أن تتعدى في زوجها حد اللّه ، قال : «وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ» يعني الإمساك على الإضرار «فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ» بما تأخذ المرأة من حسنات الرجل لذلك ، أو يحمل نفسه من أوزارها ، وعلى الوجهين فهو ظالم نفسه ، ثم قال: «وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً» أي ما نصب لكم فيما أنزل عليكم من الدلالات على مؤاخذته إياكم على مثل هذا الفعل «هُزُواً» يعني لا تبالون به وتتأولونه على غير وجهه ، وأما الاستهزاء على غير وجه التأويل فهو كفر يناقض الإيمان واستخفاف بحق اللّه نعوذ باللّه من ذلك ، ثم قال : «وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» فيما أحله لكم من نيل شهواتكم واستمتاعكم بطيبات رزق اللّه الذي رزقكم ، واذكروا أيضا «وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ


ص 350



لا كلفة عليها إلا إذا كانت صاحبة غرض ، فكلفت بما لا غرض لها فيه ، ولهذا لم يعذر

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ» على جهة الوعظ لكم لتزدجروا وتنتهوا وتقفوا عند حدوده ، ثم قال : «وَاتَّقُوا اللَّهَ» في ذلك أي في كل ما ذكرناه «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ» تعملونه وتضمرونه في قلوبكم من خير وشر «عَلِيمٌ» وعيد من اللّه وتعليم وتنبيه وتذكرة ، ثم قال :

(233) «وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ» يقول : «وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ» بانقضاء العدة على كل وجه كما تقدم «فَلا تَعْضُلُوهُنَّ» يخاطب من يخاطب المرأة من عائلته من أوليائها ، يقول : لا تمنعوهن «أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ» أن ترجع إلى زوجها إذا تراضيا على ذلك بالمعروف ، فهو أحق بها من غيره ، وفي هذه الآية دليل على أن تنكح المرأة نفسها ، وقوله : «بِالْمَعْرُوفِ» يعني : «إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ» بما تجيزه الشريعة من ذلك ، أي على الوجه المشروع ، ثم قال : «ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» الإشارة بذلك لقوله : (تَعْضُلُوهُنَّ) ولقوله : (بِالْمَعْرُوفِ) في هذه الآية ، العضل في اللسان الأمر الذي لا يطاق لشدته على النفوس ، ومنه الداء العضال وهو الذي لا يطاق علاجه ، يقال عضل الفضاء بالجيش أي ضاق عنه لكثرته فلا يسعه ، وعضلت المرأة إذا نشب الولد في رحمها لضيق المخرج ، وأعضل الأمر إذا اشتد ، يقول : وهذا الوعظ المنزل من اللّه لا يقبله إلا من كان منكم يؤمن باللّه ، أي يصدق باللّه ، إنه عليم بما يكون منكم وقادر على مؤاخذتكم على ذلك «وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» يقول : ويصدق بأن ثمّ يوما بعد انقضاء الدنيا ، يأخذ اللّه فيه من الظالم للمظلوم ، وقوله : «ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ» أي لا تعضلوهن ، وفي حق الزوجين أزكى وأطهر إن تراضيا بالمعروف «وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» أي واللّه يعلم ما ينفعكم عنده فيأمركم به ، وما يضركم عنده فينهاكم عنه «وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» ذلك ، ففي هذا رد على الفلاسفة حيث يزعمون أنهم عالمون بذلك من غير ورود وحي من اللّه ، وأن ذلك من مدارك العقول ، وعند المعتزلة أن بعض ذلك من مدارك العقول ، وبعضه لا يدرك إلا بإعلامه لاشتباهه علينا ، فنفى الحق ذلك بقوله : «وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» نزلت هذه الآية في معقل ابن يسار حين عضل أخته ، وقيل في جابر بن عبد اللّه حين عضل بنت عمه (234) «وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» أمر خرج مخرج الخبر ، يقول : حق على الوالدة رضاع ولدها ، والذي يقول إنه لا يجب عليها ذلك لقوله تعالى : (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّوَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) وأنه إنما يجب على المولود له وهو الأب ، يقول : بإيجابه إذا لم يقبل غير ثدي أمه ، أو يكون الوالد معسرا ، فالقرآن أوجب الرضاعة على الأم وأوجب على الأب نفقة




الإنسان من حيث نفسه ، ويعذر من حيث حسه ، لخروج ذلك عن طاقته في المعهود .

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:

الأم وكسوتها ما دامت ترضعه ، وذلك بالمعروف ، وهو أن لا تكلفه إلا على قدر ما يجده ، ولا تضاره ولا يضارها في الولد ، بأن تكلفه من أجل ولدها فوق استطاعته أو ترميه له ، ويضارها الأب بأن يأخذه منها بعد تألفه بها لتسقط عنه بذلك النفقة وما يجب لها ، وكل ضرر يتعلق بسبب الولد من كل واحد منهما بصاحبه ، وقوله : «حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» يقول : سنتين ، وقوله: «كامِلَيْنِ» رفعا للتجوز الذي يدخل الكلام في ذلك ، تقول في بعض اليوم الثاني ما رأيت فلانا منذ يومين من قبل أن ينقضي اليوم الثاني ، فإذا قال : «كامِلَيْنِ» رفع هذا الالتباس ، ولذلك قال : «لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ» والعامل في قوله : «لِمَنْ» يرضعن فما أوجب سبحانه إتمام الرضاعة له ، ثم قال : «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ» يريد الأب دون الأم ، فإن الولد للأب ، ويقوي هذا قول من يقول من العلماء بهذا الشأن من الحكماء ، إن ماء المرأة لا يتكون منه ولد وإنما ذلك من ماء الرجل ، والتكوين للمولود من ماء الرجل ، وكون المولود ذكرا أو أنثى أو خنثى إنما ذلك راجع إلى سبق أحد الماءين بحيث يعلو أحدهما الآخر ، فإن علا ماء الرجل أذكر ، وإن علا ماء المرأة أنث ، وإن تساويا كان الخنثى ، وتساويهما أن يحصلا معا في الرحم من غير سبق واحد منهما ، فكان هذا المقدار مؤثرا في الذكورية والأنوثة ، وهما عرضان لا في عين التكوين ، فلهذا أضيف إلى الأب ، وإذا أضيف الولد إلى أمه فمن كونه يكون في رحمها ، وكان غذاؤه منها في مدة كونه في بطنها ، وإنما أمهات الناس أوعية ومستودعات ، وللأبناء آباء ، «رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها ، لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها ، وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ» وقوله : «وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ» أحسن التأويلات فيه أن يكون المعنى بالوارث الولد إذا مات أبوه ، أنفق عليه مما يرثه من أبيه من ماله ، وقوله : «مِثْلُ ذلِكَ» أي مثل ما كان يجب على الأب من النفقة والكسوة لمن يرضعه ، وقوله : «فَإِنْ أَرادا فِصالًا عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما» يقول : فإن أراد والداه بعد أن عرفا التحديد على أكمل الوجوه بذكر الحولين لمن أراد تتميم الرضاعة ، يقول : فإن تراضيا وتشاورا على فصاله ، أي فطامه من الرضاعة ، فلا جناح عليهما ، وسبب ذلك أن الأم أعلم بمصالح الطفل الصغير وتربيته ، فينبغي أن لا يكون الفصال إلا بعد مشورتها ومشورة الأب ورضاه لما يلزمه على ذلك ، فإذا رأيا الزيادة أصلح بالطفل زادا ، أو النقص من الحولين اتفقا على ذلك ، للحق الذي لكل واحد منها في الولد ، قال تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) على أقل ما يولد من زمن الحمل ويعيش وهو ستة أشهر حملا ، وسنتان رضاعا على التمام ، وإن أتم الحمل المعتاد في الغالب وهو تسعة أشهر ، كانت مدة الرضاعة حولين


ص 352


المراجع:

(233) الفتوحات ج 2 / 650

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!