The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة ص (38)

 

 


الآية: 74 من سورة ص

إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (74)

سمى اللّه إبليس كافرا ، لأنه يستر عن العباد طريق سعادتهم التي جاء بها الشرع في حق كل إنسان بما يقدر عليه من ذلك ، ولم يقل من المشركين ، لأنه يخاف اللّه رب العالمين ، ويعلم أن اللّه واحد - راجع البقرة آية 34- .

[سورة ص (38) : آية 75]

قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (75)

إن اللّه خلق آدم بيديه على جهة التشريف لقرينة الحال ، حين عرّف بذلك إبليس لما ادعى الشرف على آدم بنشأته ، فما توجهت اليدان إلا على طينة آدم وطبيعته ، فقال تعالى : «ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ» فما أضاف الحق آدم إلى يديه إلا على جهة التشريف والاختصاص على غيره ، والتنويه لتعلم منزلته عند اللّه ، فإنه لم يجمع سبحانه لشيء مما خلقه من أول موجود إلى آخر مولود وهو الحيوان بين يديه تعالى إلا الإنسان وهذه النشأة البدنية الترابية ، بل خلق كل ما سواها إما عن أمر إلهي ، أو عن يد واحدة ،

قال تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فهذا عن أمر إلهي ، وورد في الخبر [ إن


اللّه عزّ وجل خلق جنة عدن بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس شجرة طوبى بيده ، وخلق آدم الذي هو الإنسان بيديه ]

فلما جمع اللّه لآدم في خلقه بين يديه ، علمنا أنه قد أعطاه صفة الكمال فخلقه كاملا جامعا ، ولهذا قبل الأسماء كلها ؛ وقد وردت الأخبار والآيات بتوحيد اليد الإلهية وتثنيتها وجمعها ، وما ثنّاها إلا في خلق آدم عليه السلام وهو الإنسان الكامل ،

ولا شك أن التثنية برزخ بين الجمع والإفراد ، بل هي أول الجمع ، والتثنية تقابل الطرفين بذاتها ، فلها درجة الكمال ، لأن المفرد لا يصل إلى الجمع إلا بها ، والجمع لا ينظر إلى المفرد إلا بها ، فبالإنسان الكامل ظهر كمال الصورة ،

فهو قلب لجسم العالم الذي هو عبارة عن كل ما سوى اللّه ، وهو البيت المعمور بالحق لما وسعه ولا يسوغ هنا حمل اليدين على القدرة لوجود التثنية ، ولا على أن تكون اليد الواحدة النعمة ، والأخرى يد القدرة ، فإن ذلك سائغ في كل موجود ، فلا شرف لآدم بهذا التأويل ، فلا بد أن يكون لقوله «بِيَدَيَّ» خلاف ما ذكرناه مما يصح به التشريف ،

فإنه لما أراد اللّه كمال هذه النشأة الإنسانية جمع لها بين يديه ، وأعطاها جميع حقائق العالم ، وتجلى لها في الأسماء كلها ، فحازت الصورة الإلهية ، والصورة الكونية وجعلها روحا للعالم ، وجعل أصناف العالم له كالأعضاء من الجسم للروح المدبر له ،

فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم ، كما يتعطل الدنيا بمفارقة الإنسان ، فالدار الدنيا جارحة من جسد العالم الذي الإنسان روحه ، ولكونه جامعا قابل الحضرتين بذاته ، فصحت له الخلافة ، وتدبير العالم وتفصيله ، فإذا لم يحز إنسان رتبة الكمال فهو حيوان ، تشبه صورته الظاهرة صورة الإنسان ، فإن اللّه ما خلق أولا من هذا النوع إلا الكامل وهو آدم عليه السلام «أَسْتَكْبَرْتَ» في نظرك ؟ بقوله : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) وكذلك كان ، فإن اللّه أخبر عنه أنه استكبر فقوله تعالى «أَسْتَكْبَرْتَ» ؟

على من هو مثلك يعني عنصريا «أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ» أي أنك في نفس

[ العالون من الملائكة ]

الأمر خير منه فكنت من العالين عن العنصر ، ولست كذلك ، ويعني بالعالين من علا بذاته عن أن يكون عنصريا في نشأته النورية العنصرية وإن كان طبيعيا ، فهو علو المكانة عند اللّه ، فهنا ظهر جهل إبليس ، وقد يريد بالعالين الملائكة المهيمة في جلال اللّه الذين لم يدخلوا تحت الأمر بالسجود ، فهم المهيمون الكروبيون ، وهم أرواح ما هم ملائكة ، فإن الملائكة هم الرسل من هذه الأرواح ، كجبريل عليه السلام وأمثاله ، فإن الألوكة هي الرسالة في


لسان العرب ، ولم تدخل الأرواح المهيمة فيمن خوطب بالسجود ، فإن اللّه ما ذكر أنه خاطب إلا الملائكة ،

فقال : «أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ» وهم هذه الأرواح المهيمة في جلال اللّه ، لا تعلم أن اللّه خلق آدم ولا شيئا لشغلهم باللّه ، أي هل أنت من هؤلاء الذين ذكرناهم فلم تؤمر بالسجود ؟

فالعالون هم العابدون بالذات لا بالأمر ، ما أمروا بالسجود لأنهم ما جرى لهم ذكر في تعريف اللّه إيانا ، ومن العالين اللوح والقلم فلا يتمكن لهم إنكار آدم الإنسان الكامل ،

والقلم قد سطره ، واللوح قد حواه ،

فإن القلم لما سطره سطّر رتبته وما يكون منه ، واللوح قد علم علم ذوق ما خطه القلم فيه ،

وأما الأرواح المهيمة فإن اللّه خلقها في العماء وهيّمها في جلاله ، ثم خلق الخلق فشغلهم هيمانهم في جلال جماله أن يروا سواه ، فهم الذين لا يعرفون أن اللّه خلق أحدا ،

فأعلاهم الحق أن يكون شيء من الخلق لهم مشهودا ولا نفوسهم ، فهم عبيد اختصهم اللّه لذاته ، والتجلي لهم دائم ، وهم فيه هائمون لا يعلمون ما هم فيه ، فهم لا يشهدون علو الحق ، لأنه لا يشهد علو الحق إلا من شهد نفسه ،

وهم في أنفسهم غائبون ، فهم أرفع الأرواح العلوية ، وكل روح لا يعطي رسالة فهو روح ، لا يقال فيه : ملك إلا مجازا .

فالعالون ليسوا بملائكة من حيث الاسم ، فإنه موضوع للرسل منهم خاصة ، فمعنى الملائكة الرسل ، وهو من المقلوب وأصله مألكة ، والألوكة الرسالة والمألكة الرسالة ، فما تختص بجنس دون جنس ، ولهذا دخل إبليس في الخطاب بالأمر بالسجود لما قال اللّه للملائكة (اسْجُدُوا)

*لأنه ممن كان يستعمل في الرسالة فهو رسول ، فأمره اللّه فأبى ، فالرسالة جنس حكم يعم الأرواح الكرام البررة السفرة والجن والإنس ، من كل صنف من أرسل ، فكان قوله تعالى لإبليس «ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ» بحسب ما يليق بجلاله على جهة التشريف الإلهي الذي خص به آدم بخلقه بيديه ، إذ اليد بمعنى القدرة لا شرف فيها على من شرف عليه ،

واليد بمعنى النعمة مثل ذلك ، فإن النعمة والقدرة عمت جميع الموجودات ، فلا بد أن يكون لقوله بيدي أمر معقول له بخصوص وصف بخلاف هذين وهو المفهوم من لسان العرب الذي نزل القرآن بلغتهم ،

فإذا قال صاحب اللسان : إنه فعل هذا بيده ، فالمفهوم منه رفع الوسائط «أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ» على طريق الاستفهام بما هو به عالم ، ليقيم شهادته على نفسه بما ينطق به .

- مسئلة - هذه الآية من أدل الأدلة على إثبات الأسباب عند اللّه ، فإن اللّه قادر أن يكون


آدم ابتداء من غير تخمير ولا توجه يديه ولا تسوية ولا تعديل لنفخ روح ، بل يقول له :

كن فيكون ، ومع هذا خمر طينته بيديه وسواه وعدله ، ثم نفخ فيه الروح ، وعلمه الأسماء ، وأوجد الأشياء على ترتيب . فقال إبليس .


المراجع:

(74) الفتوحات ج 2 / 426

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!