موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الزمر (39)

 

 


الآية: 4 من سورة الزمر

لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (4)

[ أيوجد المحال ؟ ]

«لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى» فجعله من قبيل الإمكان ، فأجاز التبني وجوّز ذلك ، والاصطفاء جعل ، والمجعول ينافي الكفاءة للجاعل ، فجعل ذلك استدلالا بالتنبيه على موضع الدلالة ، «مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ» بقي تعلق الاصطفاء ، بمن يتعلق ؟ هل بالصاحبة ؟ مثل قوله تعالى : (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) يعني الولد (لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّ)


وما له ظهور إلا من الصاحبة التي هي الأم ، فيكون الاصطفاء في حق الصاحبة ، أو يكون يعلق الاصطفاء للبنوة ؟ فذلك التبني لا البنوة ، فنفى تعلق الإرادة باتخاذ الولد ، والإرادة لا تتعلق إلا بمعدوم ، فإن لو حرف امتناع ، ولكنه امتناع شيء لامتناع غيره ، فإذا جاء حرف لا بعد لو كان لو حرف امتناع لوجود ، ولم يأت في هذه الآية لا ، فنفى أن تتعلق الإرادة باتخاذ الولد ، ولم يقل : أن يلد ولدا ؛ فإنه يقول (لم يلد) والولد المتخذ يكون موجود العين من غير أن يكون ولدا ، فيتبنى بحكم الاصطفاء ، والتقريب في المنزلة أن ينزله من نفسه منزلة الولد من الوالد الذي يكون عليه ولادة ، والحقيقة تمنع الولادة والتبني ، لأن النسبة مرتفعة عن الذات ، والنسبة الإلهية من اللّه لجميع الخلق نسبة واحدة لا تفاضل فيها ، إذ التفاضل يستدعي الكثرة ، فلهذا أتى بلفظة لو ولم يجعل بعدها لفظة لا ، فكان حرف امتناع ، أي لم يقع ذلك ولا يقع ، لامتناع الذات أن توصف بما لا تستحقه ، ولهذا قال (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) بعد قوله (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) فوصفه بالعلو عن قيام هذا الوصف لعظمة الرب المضاف إلى المربوب بالذكر ، فكيف بالرب من غير إضافة لفظية ؟ فكيف بالاسم اللّه ؟ فكيف بالذات من غير اسم ؟ فجاء بحرف لو فدل على الامتناع ،

فلم يكن من الوجهين : لا التبني ولا اصطفاء الصاحبة ، وأعظم من هذا التنزيه لا يكون ، وهذه الآية دليل على أن قدرة الحق مطلقة على إيجاد المحال لو شاء وجوده ، كما ذكره عن نفسه ما هو محال في العقل بما يعطيه دليله ، فقال تعالى : «لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ» فألحقه بالنسبة إلى المشيئة الإلهية بدرجة الإمكان ، والعقل قد دل على أن ذلك محال ، لا من كونه لم يرده ، فكانت هذه الآية أولها جرح ، جرح به العقل في صحة دليله ليبطله ، ثم داوى ذلك الجرح في آخر الآية بقوله «سُبْحانَهُ» أي هو المنزه «هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ»

- الوجه الأول -أن يكون لأحديته ثان –

الوجه الثاني -ذهب بعض الناس إلى أن اللّه تعالى لو أراد إيجاد ما هو محال الوجود لنفسه لأوجده ، وإنما لم يوجده لكونه ما أراد وجود المحال الوجود ، فصاحب هذا القول يقول : إن الحق أعطى المحال محاله والواجب وجوبه والممكن إمكانه ، فهذا القائل لا يدري ما يقول ، فإنه سبحانه واجب الوجود لنفسه ، فهو كما قال القائل : أراد أن يعربه فأعجمه ، فإنه أراد أن ينسب إليه تعالى نفوذ الاقتدار ، ولم يعلم متعلق الاقتدار ما هو ؟ فعلّقه بما لا يقتضيه ، وصير الحق


من قبيل الممكنات من حيث لا يشعر ، فإن قلت : فما فائدة إخبار اللّه تعالى «لو أراد أن يتخذ ولدا» فعلق الإرادة بالمحال لنفسه ؟ فكيف أدخله تحت نفي تعلق الإرادة التي لا يدخل تحتها إلا الممكن ، وهو الذي أشار إليه هذا الذي جهلناه وخطأناه في قوله ؟ فاعلم أن هذا من غاية الكرم الإلهي ، حيث أنه قد سبق في علمه إيجاد مثل هذا الشخص من فساد العقل الذي قد قضى به له في قسمه ، فلما قضى بهذا ، علم أن عقله لا بد أن يعتقد مثل هذا ، وهو غاية الجهل باللّه ، فأخبر اللّه تعالى بنفي تعلق الإرادة بالمحال الوقوع لنفسه ، فيأخذ الكامل العقل من ذلك نفي تعلق الإرادة بما لا يصح أن تتعلق به ، ويأخذ منه هذا الضعيف العقل أنه سبحانه لولا ما قال : لو ، وإلا كان يفعل ، فيستريح إلى ذلك ولا ينكسر قلبه ، حيث أراد نفوذ الاقتدار الإلهي وقصد خيرا ، وليعلم الكامل العقل ما فضله اللّه به عليه فيزيد شكرا ، حيث لم يجعل اللّه عقله مثل هذا الناقص العقل ، فيعلم أن اللّه قد فضله عليه بدرجة لم ينلها من قصر عقله هذا القصور ، ولذلك قالت جماعة : إن اللّه يقدر على المحال ، والذي ينبغي أن يقال : إن اللّه على كل شيء قدير ، كما قال اللّه ، والقدرة تطلب محلها الذي تتعلق به ، فالعالم العاقل يعلم متعلق كل نسبة فيضيفها إليها .


المراجع:

(4) الفتوحات ج 2 / 579 - ج 3 / 162 - ج 4 / 92 - ج 3 / 162 - ج 4 / 93 - ج 2 / 580 - ج 3 / 162 - ج 2 / 580 ، 614 - ج 3 / 84

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!