The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 266-268 من سورة البقرة

أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (268)

اعلم أن النفس جبلت على الشح ، والإنسان ما دامت حياته مرتبطة بجسده فإن حاجته بين عينيه وفقره مشهود له ، وبه يأتيه اللعين في وعده ، فقال تعالى : «الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ» فلا يغلب نفسه ولا الشيطان إلا الشديد بالتوفيق الإلهي ، فإنه يقاتل نفسه والشيطان المساعد لها عليه ، ولهذا سماها ، الشارع صدقة لأنها تخرج عن شدة وقوة ، يقال رمح صدق أي قوي شديد ، فلو لم يأمل البقاء وتيقن بالفراق هان عليه إعطاء المال ، لأنه مأخوذ عنه بالقهر شاء أم أبى ، ومن إسراف إبليس ، أنه يعدنا الفقر ويأمرنا بالفحشاء ، أي بإظهارها ، يعني بذلك وقوعها ، لما علم أن الإنسان قد رفع عنه الحق ما حدث به نفسه وما هم به من السوء إلا أن يظهر ذلك على جوارحه بالعمل ، وهو الفحشاء ، فقال تعالى : «وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا» فجعل اللّه ذلك للمؤمن إرغاما للشيطان الذي يزين للإنسان سوء عمله ، فجعل اللّه كل مخالفة تكون من الإنسان من إلقاء العدو ، وليحور على إبليس جميع ما يغوي به بني آدم ، ووعد اللّه بالمغفرة في مقابلة الفحشاء التي يأمر بها الشيطان إذا وقعت منا ، والمغفرة هي الستر الذي يجعله اللّه بين المؤمن العاصي وبين الكفر الذي يرديه عند وقوع

المعصية ، فيعتقد أنها معصية ولا يبيح ما حرم اللّه ، وذلك من بركة ذلك الستر ، ثم ثمّ مغفرة أخرى وهو ستر خلف سترين ، ستر عليه في الدنيا ، لم يمض فيه حد اللّه المشروع في تلك المعصية ، وإن ستر عليه في الآخرة لم يعاقبه عليها ، فالستر الأول محقق في الوقت ، والثاني لطائفة لا تضرهم الذنوب التي وقعت منهم ، فلا تمسهم النار بما تاب اللّه عليهم ، واستغفار الملأ الأعلى لهم ، فقال تعالى : «وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ» لما وقع منكم من الفحشاء التي أمركم بها الشيطان «وَفَضْلًا» فجعل فضله في مقابلة ما وعد به الشيطان من الفقر الذي هو به مأمور في قوله تعالى : (وعدهم) فأراح اللّه المؤمن حيث ناب عنه الحق سبحانه في مدافعة ما أراد الشيطان إمضاءه في المؤمن ، فدفع اللّه عن عبده المؤمن وعدا إلهيا دفع به وعدا شيطانيا ، واللّه لا يقاوم ولا يغالب ، فالمغفرة متحققة والفضل متحقق ، وباء الشيطان بالخسران المبين ، ولهذه الحقيقة أمرنا اللّه أن نتخذه وكيلا في أمورنا ، فيكون الحق هو الذي يتولى بنفسه دفع مضار هذه الأمور عن المؤمنين ، وما غرض الشيطان المعصية لعينها ، وإنما غرضه أن يعتاد العبد طاعة الشيطان ، فيستدرجه حتى يأمره بالشرك الذي فيه شقاوة الأبد ، وهذه الآية أعظم آية وأشدها مرت على سمع إبليس ، فإنه علم أنه لا ينفعه إغواؤه ، ولهذا لا يحرص إلا على الشرك خاصة ، لكونه سمع الحق يقول : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) *وتخيل أن العقوبة على الشرك لا ينتهي أمدها ، واللّه ما قال ذلك ، فلا بد من عقوبة المشرك ومن سكناه جهنم ، فإنه ليس بخارج من النار ، فهو مؤبد السكن ، ولم يتعرض لانتهاء مدة العذاب فيها بالشقاء ، وليس الخوف إلا من ذلك لا من كونها دار إقامة لمن يعمرها ، فصدق اللّه بكون المشرك مأخوذا بشركه ، فهو بمنزلة إقامة الحد على من تعين عليه ، سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة ، فهي حدود إلهية يقيمها الحق على عبده إذا لم يغفر له أسبابها ، وجهل إبليس انتهاء مدة عقوبة المشرك من أجل شركه ، لذلك قال تعالى : «وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ» فإن الأمر بالفحشاء من الفحشاء ، فدخل إبليس تحت وعد الحق بالمغفرة فزاده طمعا وإن كانت دار النار مسكنه ، ولا يعظم الفضل الإلهي إلا في المسرفين والمجرمين ، وأما المحسنين فما على المحسنين من سبيل ، فإن الفضل الإلهي جاءهم ابتداء ، وبه كانوا محسنين ، وما بقي الفضل الإلهي إلا في غير المحسنين.


المراجع:

(268) الفتوحات ج 1 / 580 - ج 4 / 4 - ج 3 / 382 ، 71 ، 382 ، 71 - ج 1 / 301 - ج 3 / 207 - ج 4 / 4 - ج 3 / 71 ، 382 - ج 4 / 4

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!