موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة فصلت (41)

 

 


الآيات: 4-5 من سورة فصلت

بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (5)


الكنّ بيت الطبيعة ، فالقلب مشغول بأمه ما عنده خبر بأبيه الذي هو روح اللّه ، فلا يزال في ظلمة الكنّ وهي حجاب الطبيعة ، فهو في حجابين كنّ وظلمة ،

فهو يسمع ولا يفهم ، كما قال اللّه فيهم (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ)

أي لا يفهمون فهنا قال الكفار «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ» فكانت قلوبهم في أكنة مما يدعوها الرسول إليه خاصة ، لا أنها في كنّ ، ولكن تعلقت بغير ما تدعى إليه ،

فعميت عن إدراك ما دعيت إليه فلا تبصر شيئا «وَفِي آذانِنا وَقْرٌ» فطابق ذلك قول اللّه : إنهم صم ، فلم يسمعوا ، والوقر هنا هو ثقل الأسباب الدنياوية التي تصرف عن الآخرة «وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ» إن كان الوقر طخاء ، فهو قساوة قلبه أن يؤثر فيه قبول ،

ما يخطر له حديث النفس من النظر والإصغاء إلى هذا الداعي الذي هو الشارع ، قال بعضهم ذلك لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، يعنون بالحجاب هنا الأكنة «فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ»

- الوجه الأول -أي اعمل في رفع ذلك إننا عاملون في رفع ذلك ،

في حق من يحتمل صدقه عندهم ، فإنهم اعترفوا أن قلوبهم في أكنة مما يدعوهم إليه ، فما جحدوا قوله ولا ردوه كما اعتقد غيرهم ممن لم يقل ذلك ،

ولا ندري ما آل إليه أمر هؤلاء ، فإنا نعلم قطعا أن الرسول يعمل في رفع الغطاء عن أعينهم بلا شك ،

ولذا قال في الآية التالية (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) ولم يقل : وويل لكم ،

فهذا يدل بقرينة الحال أنهم عاملون في رفع الحجاب وإخراج قلوبهم من الأكنة ، وإنما كثر الأكنة لاختلاف أسباب توقفهم في قبول ما أتاهم به ، فمنهم من كنّه الحسد ، وآخر الجهل ، وآخر شغل الوقت بما كان عنده أهم حتى يتفرغ منه ، والكل حجاب -

-الوجه الثاني - «وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ» أي هو منّا «وَفِي آذانِنا وَقْرٌ» أي هو منّا ، «وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ» أي هو منّا «فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ» فقال اللّه تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) وهو العمل الذي قالوه وطلبوه -إشارة وموعظة : [ القلب مرآة مصقولة ]

-اعلم أن القلب مرآة مصقولة ، كلها وجه لا تصدأ أبد، فإن أطلق يوما عليها أنها صدئت كما قال عليه السلام : [ إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد - الحديث ] وفيه أن جلاءها ذكر اللّه وتلاوة القرآن ، ولكن من كونه الذكر الحكيم ، فليس المراد بهذا الصدأ أنه طخاء طلع على وجه القلب ، ولكنه لما تعلق واشتغل بعلم الأسباب عن العلم باللّه ، كان تعلقه بغير اللّه صدأ على وجه القلب ، لأنه المانع من تجلي الحق إلى هذا القلب ، لأن الحضرة الإلهية متجلية على الدوام ، لا يتصور في حقه


حجاب عنا ، فلما لم يقبلها هذا القلب من جهة الخطاب الشرعي المحمود ، لأنه قبل غيرها ، عبّر عن قبول ذلك الغير بالصدإ والكن والقفل والعمى والران وغير ذلك ، وإلا فالحق يعطيك أن العلم عنده ، ولكن بغير اللّه في علمه وهو باللّه في نفس الأمر عند العلماء باللّه ، فالقلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء مصقولة صافية ، فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر ، الذي هو التجلي الذاتي ، فذلك قلب المشاهد المكمل العالم ، الذي لا أحد فوقه في تجل من التجليات ، ودونه تجلي الصفات ، ودونهما تجلي الأفعال ، ولكن من كونها من الحضرة الإلهية ، ومن لم تتجل له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن اللّه تعالى ، المطرود من قرب اللّه تعالى ، فانظر وفقك اللّه في القلب على حد ما ذكرناه .


المراجع:

(5) الفتوحات ج 4 / 25 - ج 1 / 91">91 - ج 4 / 163 ، 25 - ج 3 / 214 - ج 1 / 91">91

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!