موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة فصلت (41)

 

 


الآيات: 6-7 من سورة فصلت

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (7)

لا يجوز أخذ الزكاة من كافر ، وإن كانت واجبة عليه مع جميع الواجبات ، إلّا أنه لا يقبل منه شيء ممّا كلّف به إلا بعد حصول الإيمان به ، فإن كان من أهل الكتاب ففيه عندنا نظر ، فإنّ أخذ الجزية منهم قد يكون تقريرا من الشارع لهم دينهم الذي هم عليه ، فهو شرع لهم ، فيجب عليهم إقامة دينهم ، فإن كان فيه أداء زكاة وجاءوا بها قبلت منهم ، وليس لنا طلب الزكاة من المشرك ، وإن جاء بها قبلناها ، وهي لا تجزي عن أهل الذمّة إذا أخرجوه - مع كونها واجبة عليهم كسائر جميع فروض الشريعة - لعدم الشرط المصحح لها ، وهو الإيمان بجميع ما جاءت به الشريعة ، لا بها ولا ببعض ما جاء به الشرع .

[سورة فصلت (41) : الآيات 8 إلى 9]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (9)

[ فصل في خلق الأرض : ]

فصل في خلق الأرض : الأرض أول مخلوق من الأركان ، ثم الماء ، ثم الهواء ، ثم النار ، ثم السماوات ، وأخبر تعالى عنها بأمور تقضي أنها تعقل ، فوصفها بالقول والإباية ، وقال


لها وقالت له ، ونعتها بالطاعة والأخذ بالأحوط ليدل بذلك على علمها وعقلها ، وجعلها محلا لتكوين المعادن والنبات والحيوان والإنسان ، وجعلها حضرة الخلافة والتدبير ، فهي موضع نظر الحق ، وسخر في حقها جميع الأركان والأفلاك والأملاك ، وأنبت فيها من كل زوج بهيج ، من كل ذكر وأنثى ، وما جمع لمخلوق بين يديه سبحانه إلا لما خلق منها ، وهي طينة آدم عليه السلام خمرها بيديه ، وهو ليس كمثله شيء ،

وأقامها مقام العبودية فقال : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا) وظهر عن هذه الأرض من العالم المولدات إلى مقعر فلك المنازل ، وهذا الركن لا يستحيل إلى شيء ، ولا يستحيل إليه شيء ، وإن كان بهذه المثابة بقية الأركان ،

ولكنه في هذا الركن أظهر حكما منه في غيره ، فهي الذلول التي لا تقبل الاستحالة ، فيظهر فيها أحكام الأركان ولا يظهر لها حكم في شيء ، تعطي جميع المنافع من ذاتها ، هي محل كل خير ، فهي أعز الأجسام ، لا تزاحم المتحركات بحركتها ،

لأنها لا تفارق حيّزها ، يظهر فيها كل ركن سلطانه ، وهي الصبور القابلة الثابتة الراسية ، سكّن ميدها جبالها التي جعلها اللّه أوتادا لما تحركت من خشية اللّه ، آمنها اللّه بهذه الأوتاد فسكنت سكون الموقنين ،

وهي الأم التي منها أخرجنا وإليها نعود ومنها نخرج تارة أخرى ، لها التسليم والتفويض ، هي ألطف الأركان معنى ، وما قبلت الكثافة والظلمة والصلابة إلا لستر ما أودع اللّه فيها من الكنوز ، لما جعل اللّه فيها من الغيرة ، فحار السعادة فيها فلم يخرقوها ،

ولا بلغوا جبالها طولا ، أعطاها صفة التقديس فجعلها طهورا في أشرف الحالات ، وذلك عند الاضطرار ، لما أقامها مقامه ، مثل الظمآن يرى السراب فيحسبه ماء فإذا جاءه لم يجده شيئا ، يعني ماء ووجد اللّه عنده ، فما وجد اللّه إلا عند الضرورة ،

كذلك طهارة الأرض لا تكون إلا لفاقد الماء على ما كان من الأحوال ، فانظر ما أشرف منزلها ، ثم أنزلها منزلة النقطة من المحيط ، فهي تقابل بذاتها كل جزء من المحيط ، وينظر إليها كل جزء من المحيط ، فكل خط منها يخرج إلى المحيط على السواء والاعتدال ،

لأنها ما تعطي إلا بحسب صورتها ، وكل خط من المحيط إليها يقصد ، فلو زالت زال المحيط ، ولو زال المحيط لم يلزم زوالها ، فهي الدائمة الباقية في الدنيا والآخرة .

واعلم أن اللّه تعالى قد جعل هذه الأرض بعد ما كانت رتقا كالجسم الواحد- كما كانت السماء - ففتق رتقها وجعلها سبعة أطباق ، كما فعل بالسماوات ، وجعل لكل أرض استعداد انفعال لأثر حركة فلك من أفلاك السماوات وشعاع


كوكبها ، فالأرض الأولى وهي التي نحن عليها للفلك الأول من هناك ، ثم تنزل إلى أن تنتهي إلى الأرض السابعة والسماء الدنيا ،

ولذلك قال عليه السلام فيمن غصب شبرا من الأرض [ طوقه اللّه به من سبع أرضين ] لأنه إذا غصب شيئا من الأرض ، كان ما تحت ذلك المغصوب مغصوبا إلى منتهى الأرض ، ولو لم تكن طباقا بعضها فوق بعض لبطل معقول هذا الخبر ،

وكذلك الخبر الوارد في سجود العبد على الأرض : طهّر اللّه بسجدته إلى سبع أرضين ، وقال تعالى :أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً، أي كل واحدة منهما مرتوقة ،

ثم قال : (فَفَتَقْناهُما) يعني فصل بعضها عن بعض حتى تميزت كل واحدة عن صاحبتها ،

كما قال : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) الظاهر يريد طباق

ثم قال : (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) أي بين السماوات والأرض .


المراجع:

(7) الفتوحات ج 1 / 553

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!