موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة فصلت (41)

 

 


الآية: 11 من سورة فصلت

ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (11)

جاء بكلمة ثم بعد خلق تؤذن غالبا أن الثاني بعد الأول بمهلة ، وهو زمان خلق الأرض وتقدير أقواتها في أربعة أيام من أيام الشأن ، يومان لشأنها في عينها وذاتها ، يوم لظهورها وشهادتها ، ويوم لبطونها وغيبتها ، ويومان لما أودع فيها من الأقوات الغيبية والشهادية ، ثم كان الاستواء الأقدس الذي هو القصد والتوجه إلى فتق السماوات وفطرها ، فقال تعالى : «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ» فالاستواء هنا بمعنى القصد ، فإن القصد هو الإرادة وهي من صفات الكمال «وَهِيَ دُخانٌ» أي أن أصلها الدخان ، وهي اليوم سماوات ، كما أن آدم خلقه اللّه من تراب أي أصله ، وهو لحم ودم وعروق وأعصاب

[ طاعة السماء والأرض للأمر الإلهي : ]

«فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً»

-الوجه الأول -لأمر حدّ لهما ، أي أجيبا إذا دعيتما لما يراد منكما مما أمنتما عليه أن تبرزاه ، فإن اللّه تعالى ما خلق شيئا في الكون إلا حيا ناطقا ، جمادا كان أو نباتا أو حيوانا ، في العالم الأعلى والأسفل ،

مصداق ذلك قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)

ولما كان الأمر هكذا ، جاز بل وقع وصح أن يخاطب الحق جميع الموجودات ويوحي إليها ، من سماء وأرض وجبال وشجر وغير ذلك من الموجودات ، ووصفها بالطاعة لما أمرها به ، وبالإباية لقبول عرضه ، وأسجد له كل شيء ، لأنه تجلى لكل شيء ، وأوحى إلى كل شيء بما خاطب ذلك الشيء به ،

فقال للسماء والأرض «ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ، قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» لأنها علمت أنها إن لم تجب مختارة جبرت على الإتيان ، فجيء بها كما جيء بجهنم ، فالسماء والأرض آتيتان أبدا ، فلا يزالان متحركتين ، غير أن حركة الأرض خفيّة عندنا ، وحركتها حول الوسط لأنها أكر ، والسماء أتت طائعة عند أمر اللّه لها بالإتيان ، وأمر الأرض فأتت طائعة لما علمت نفسها مقهورة ، وأنه لا بد أن يؤتى بها بقوله «أَوْ كَرْهاً» فكانت المرادة بقوله تعالى :" أَوْ كَرْهاً "

-الوجه الثاني –" فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً "

أي تهيأ القبول ما يلقى فيكما «قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» فإنه كان أمرا لا عرضا ، فتعين عليهم الإجابة طوعا ، أو كرها ، أي على مشقة ، لمعرفتهم بعظيم ما أوجب اللّه عليهم ، فأتوا طائعين ، فلما أتيا طائعين وتهيئا لقبول ما شاء الحق أن يجعل فيهما ،


مستسلمين خائفين فقدّر في الأرض أقواتها وجعلها أمانة عندها ، حمّلها إياها جبرا لا اختيارا ، وأوحى في كل سماء أمرها وجعل ذلك أمانة بيدها تؤديها إلى أهلها ، حمّلها إياها جبرا لا اختيار

- الوجه الثالث -لما أمرت السماء والأرض بالإتيان أمر وجوب ، فإن لم يجئن جيء بهن على كره. فقالتا أتينا طائعين لعلمهن بأن الذي أمرهن قادر على الإتيان بهن على كره منهن ، فقلن أتينا طائعين ، فالإتيان حاصل ، والطوع في معرض الاحتمال إن يكن صدقن في دعواهن ، فإن كان الحق القائل فما كذبا بل صدقا ، وإن كان القول بالواسطة فيحتمل ما قلناه- الوجه الرابع -تدل هذه الآية أن اللّه تعالى ما أوجد كل ما عدا الثقلين ولا خاطبهم إلا بصفة القهر والجبروت ، فإن قوله «كَرْهاً» كلمة قهر حيث أتت ، لذا بادرتا «قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» .


المراجع:

(11) كتاب الإسفار - الفتوحات ج 1 / 98 - ج 3 / 203 - ج 1 / 23">123">23">123 ، 131 - ج 3 / 393 - ج 4 / 2231">207 - ج 1 / 23">123">23">123 - ج 3 / 2 - ج 2 / 421 - ج 1 / 269

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!