The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 282 من سورة البقرة

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) .

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ» العدل هو الميل ، يقال عدل عن الطريق إذا مال عنه ، وعدل إليه إذا مال إليه ، وسمي الميل إلى الحق عدلا ، كما سمي الميل عن الحق جورا «وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ ، فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً ، فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ، وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ، أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى» المرأة أنسى من الرجل ولهذا قامت المرأتان في الشهادة مقام الرجل الواحد ، وذلك أن المرأة شق الرجل ، فالمرأتان شقان ، وشقان نشأة كاملة ، فامرأتان رجل واحد ، فهي ناقصة الخلق معوجة في النشء لأنها ضلع ، قال صلّى اللّه عليه وسلم:

النساء شقائق الرجال - ومن وجه آخر ، قال صلّى اللّه عليه وسلم : نسي آدم فنسيت ذريته ، فنسيان




بني آدم ذرية عن نسيان آدم ، على أن الحق ما وصف إحدى المرأتين إلا بالحيرة فيما شهدت فيه «أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما» ما وصفها بالنسيان ، والحيرة نصف النسيان لا كله ، ونسب النسيان على الكمال للرجال ، فقال : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) فقد يمكن أن ينسى الرجل الشهادة رأسا ولا يتذكرها ، ولا يمكن أن تنسى إحدى المرأتين ، وهي المذكرة لا على التعيين ، فتذكر التي ضلت عما شهدت فيه ، فإن خبر اللّه صدق بلا شك ، وهو قد أخبر في هذه الآية أن إحداهما تذكر الأخرى ، فلا بد أن تكون الواحدة لا تضل عن الشهادة ولا تنسى ، وهذا جبر لقلب المرأة الذي يكسره من لا علم له من الرجال بالأمر ، ومن لحوق النساء بالرجال ، بل تقوم المرأة في بعض المواطن مقام رجلين ، إذ لا يقطع الحاكم بالحكم إلا بشهادة رجلين ، فقامت المرأة في بعض المواطن مقامهما ، وهو قبول الحاكم قولها في حيض العدة ، وقبول الزوج قولها في أن هذا ولده مع الاحتمال المتطرق إلى ذلك ، وقبول قولها إنها حائض ، فقد تنزلت هنا منزلة شاهدين عدلين ، كما تنزل الرجل في شهادة الدين منزلة امرأتين ، فتداخلا في الحكم «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً ، أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ، ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ ، وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها ، وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ، وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ، وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ» واتقوا اللّه بما علمكم من أعلمته بطريق التقوى ، فللإنسان أن يسأل أمثاله عن حد التقوى المشروع ، فيتعلم منه ليتقي اللّه فقال تعالى : «وَاتَّقُوا اللَّهَ» بالأعمال المنتجة للعلوم «وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ» فكان سبحانه هو المعلم ، فبالتقوى تزيد علما لم يكن عندك ، يعلمك إياه الحق تشريفا منحك إياه التقوى ، وقد كان هذا العلم مغيبا عنك ، فأعطاك العلم به به زيادة الإيمان بالغيب الذي لو عرض على أغلب العقول لردته ببراهينها ، فالمعرفة باللّه ذوقا وتعليما إلهيا فيما لا يكون ذوقه إلا من فتوح المكاشفة لا من طريق الأدلة بالبراهين هو قوله تعالى : «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ» وأكثر الناس يتخيلون أن العلوم الحاصلة عن التقوى علوم وهب ، وليست كذلك ، وإنما هي علوم مكتسبة بالتقوى ، فإن التقوى جعلها اللّه طريقا إلى حصول هذا العلم ، والعلم الوهبي لا يحصل عن سبب بل من لدنه سبحانه ، فالنبوات كلها علوم وهب ، لأن النبوة ليست مكتسبة ، والشرائع كلها من علوم الوهب

عند أهل الإسلام الذين هم أهله ، وأريد بالاكتساب في العلوم ما يكون للعبد فيه تعمل ، كما أن الوهب ما ليس للعبد فيه تعمل ، فإن القلب المؤمن باللّه التقي الورع قد وسع الحق ، فتولى اللّه تعالى تعليم عباده المتقين الذين قال فيهم : (إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ» ومعناه أن يفهمكم اللّه معاني القرآن ، فتعلموا مقاصد المتكلم به ، لأن فهم كلام المتكلم ما هو بأن يعلم وجوه ما تتضمنه تلك الكلمة بطريق الحصر مما تحوي عليه مما تواطأ عليه أهل اللسان ، وإنما الفهم أن يفهم ما قصده المتكلم بذلك الكلام ، هل قصد جميع الوجوه الذي يتضمنها ذلك الكلام أو بعضها ، فينبغي لك أن تفرق بين الفهم للكلام ، أو الفهم عن المتكلم وهو المطلوب ، فالفهم عن المتكلم ما يعلمه إلا من أنزل القرآن على قلبه ، وفهم الكلام للعامة ، فكل من فهم عن المتكلم فقد فهم الكلام ، وما كل من فهم الكلام فهم عن المتكلم ما أراد به على التعيين ، إما كل الوجوه أو بعضها ، جعلنا اللّه ممن رزق الفهم عن اللّه ، ولهذا قيل : ما اتخذ اللّه وليا جاهلا قط ، فإن اللّه يتولى بالفعل تعليم أوليائه بما يشهدهم إياه في تجلياته ، فهذه الآية حظّ الورثة من النبوة ، بأن يتولى اللّه تعليم المتقي من عباده ، فيقرب سنده ، فيقول أخبرني ربي بشرع نبيه الذي تعبده به ممن أخذه وأوحى به إليه ، فهو عال في العلم ، تابع في الحكم ، وهم الذين ليسوا بأنبياء وتغبطهم الأنبياء عليهم السلام في هذه الحالة ، لأنهم اشتركوا معهم في الأخذ عن اللّه ، وكان أخذ هذه الطائفة عن اللّه بعد التقوى بما عملوا عليه مما جاءهم به هذا الرسول ، فهم وإن كانوا بهذه المثابة وأنتج لهم تقواهم الأخذ عن اللّه في موازين الرسل وتحت حيطتهم وفي دائرتهم ، ووقع الاغتباط من كونهم لم يكونوا رسلا ، فبقوا مع الحق دائما على أصل عبودية لم تشبها ربوبية أصلا ، فمن هنا وقع الغبط لراحتهم ، وإن كانت الرسل أرفع مقاما منهم «وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» بنية فعيل ترد بمعنى الفاعل وبمعنى المفعول ، فعليم بمعنى عالم وبمعنى معلوم ، وكلا الوجهين سائغ في هذه الآية ، إذا كانت الباء من قوله: «بِكُلِّ» بمعنى الفاء فهو في كل شيء معلوم ، ولما صح بالاستواء نزوله تعالى كل ليلة إلى السماء ، ومع هذا فهو مع عباده أينما كانوا ، ولما علم أن بعض عباده يقولون في مثل هذا بعلمه ، أعلم في هذه الآية أنه بكل شيء عليم ، ليغلب على ظن السامع أنه ليس على ما تأولوه ، فإنا لا نشك أنه يحيط بنا علما أينما كنا ، وكيف لا يعلم ذلك وهو خلقنا وخلق الأينية التي نحن فيها ، فذكر اللّه ذلك عن نفسه بطريق المدحة لذاته .


المراجع:

(282) الفتوحات ج 2 / 60 - كتاب الإسفار - الفتوحات ج 3 / 89 - ج 1 / 582 - ج 2 / 1284">521 ، 522 - ج 1 / 254 - ج 3 / 128، 557 ، 51 ، 300 -ح 4 / 402

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!