موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآيات: 283-284 من سورة البقرة

وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)

كم بين الرغبة عنه والرغبة فيه ، عبد مصطفى وعبد لا يصطفيه ، عناية أزلية ، بسعادة أبدية ، وخذلان سبق ، وكل ذلك حق ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، فجمع بين المطرود والمجتبى ، ومن أطاع ومن أبى في عبودية القصاص ، لا في عبودية الاختصاص ، عبد يصلح اللّه بينه وبين خصمه فيسعده ، وعبد يأمر به إلى النار بعدله ، فيبعده ، مع القول بعدم الاستحقاق ، ومفارقة الوفاق ، وكلاهما عاصيان ، وما هما سيان ، يا ليت شعري لم كان ذلك ؟ عاص ناج وعاص هالك ، عبدان لملك واحد ، وما ثمّ أمر زائد ، إن كان لعمارة الدار فلما ذا يخرج بالشفاعة ، ولا يبقى مع الجماعة ، ما ذاك إلا لما قيل في بعض الأشعار (ماء ونار . . . ما التقيا إلا لأمر كبّار) «يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ» فذكر اللّه عن نفسه اختيار مشيئته بين المغفرة والعذاب ، فهو غير قاطع بأحد الأمرين ، وهذا هو ما جرأ النفوس الأمارة بالسوء على ما ارتكبوه من المخالفات وتعدوه من الحدود وانتهكوه من المحارم ، فلو قطعوا بالمؤاخذة على ما صدر منهم إن ماتوا على غير توبة ما فعلوا ما لا يرضي سيدهم «وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» يخرج على أنه عين قوله للأشياء (كُنْ) إذا أراد تكوينها ، فإن اللّه ما جعل سبب إيجاد الكائنات الممكنات سبحانه وتعالى إلا الإرادة والأمر الإلهي ، وهو قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ) فأتى في الإرادة والأمر ، ولم يذكر معنى ثالثا يسمى القدرة ، والتحقيق أن القدرة ما لها أثر سوى إعطاء الوجود لكل عين يريد الحق وجودها من الممكنات ، فيقول لها : (كُنْ) وأخفى الاقتدار بقوله :

(كُنْ) وجعله سترا على الاقتدار ، فكان الممكن عن الاقتدار الإلهي من حيث لا يعلم الممكن ، وسارع الممكن إلى التكوين فكان ، فظهر منه عند نفسه السمع والطاعة لمن قال له كن ، وأخفى عزّ وجل اقتداره وجاء بالقول بصيغة الأمر ليتصف الممكن بالسمع والطاعة ، فلا تزال عين الحق تنظر إليه بالرحمة وتراعي منه هذا الأصل ، مع أن القول لا حكم له في المعدوم ، ولا سيما فيمن ليس له اقتدار بالأصالة ، فأشبه صورة التكليف والفعل للّه .

سورة البقرة (2) :آية 285

آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) .

«آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ» منزلة الأنبياء فيما يأخذونه من الغيب بطريق الإيمان منزلة المؤمنين مع ما يأخذونه من الأنبياء ، فالأنبياء مؤمنون بما يلقي إليهم الروح ، فلا يأخذون التشريع إلا من الروح الذي ينزل به على قلوبهم ، وهو تنزيل خبري لا علمي ، فلا يتلقونه إلا بصفة الإيمان ، ولا يكشفونه إلا بنوره ، فهم صدّيقون للأرواح التي تنزل عليهم بذلك «وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ» ونحن أمرنا بالإيمان بمحمد صلّى اللّه عليه وسلم وبجميع الرسل والكتب ، وأخبر الحق عنا بذلك ، وخبره صدق ، فاستحال في أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أن يؤمن المؤمن منهم ببعض ويكفر ببعض ، فهذه عناية إلهية حيث أخبر بعصمتنا من ذلك ، فهي بشرى لنا ، وقال صلّى اللّه عليه وسلم لليهود : نحن أولى بموسى منكم ، فكنى بنحن عن نفسه وأمته ، فكنا أولى بموسى عليه السلام من اليهود ، لأنهم لم يؤمنوا بكل ما أتى به موسى ، ونحن آمنا به وبما أنزل عليه ، ولا يلزم الإيمان بالشيء العمل به إلا حتى يكون فيما أنزل العمل بما أنزل أو ببعض ما أنزل ، فالتصديق يعمّ ، فنحن آمنا بما أنزل من قبلنا من حيث ما أنزل على نبينا لا من حيث ما نقل إلينا «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ» مع علمنا بأن اللّه فضل بعضهم على بعض رسلا وأنبياء ، ثم نهانا أن نفضل بين الأنبياء قياسا ونظرا ، فإن العبد



لا يحكم على اللّه بشيء ، فيطلب منا الإيمان باللّه وبما جاء من عنده وبالرسول وبالرسل ، فإن اللّه أوجب الإيمان علينا بنفسه ، ومن نفسه أسماؤه «وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ» فلا يستخدم العقل في الإلهيات إذا ورد النص المتواتر من الشرع الذي لا يدخله احتمال ولا إشكال فيه ، فإن الإيمان بالنص يعطي العلم الحق والكشف «وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْن» :على السمع عولنا فكنا أولي النهى * ولا علم فيما لا يكون عن السمعإذا كان معصوما وقال فقوله * هو الحق لا يأتيه مين على القطعفعقل وشرع صاحبان تألفا * فبورك من عقل وبورك من شرعفالعاقل يقول بالسمع والطاعة لأمر اللّه وهذه حالة معجلة وراحة «غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» .


المراجع:

(284) الفتوحات ج 4 / 319 ، 152 - ج 1 / 355 - ج 4 / 296

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!