موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحجرات (49)

 

 


الآية: 10 من سورة الحجرات

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)

النسب الصحيح بالدين لا بالطين «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»

[ بحث في الأخوة في طريق اللّه تعالى : ]

وهذه أخوة الصفة ، وهي أحق مراتب الأخوة ، فإن بها يقع التوارث ، فبأخوة الإيمان ترث ، فلا تأسف على أخوة النسب ولا تكترث ، المؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ، وما ترك فهو يتسلّمه . واعلم أن اللّه قد واخى بين المؤمنين كما واخى بين أعضاء جسد الإنسان ، وبهذا وقع المثل من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الثابت ،

وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم : [ مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ]

كذلك المؤمن إذا أصيب أخوه المؤمن بمصيبة فكأنه هو الذي أصيب بها ، فيتألم لتألمه ، ومتى لم يفعل ذلك المؤمن مع المؤمنين ، فما ثبتت أخوة الإيمان بينه وبينهم ، والمؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ولا يخذله ، فالمؤمن لا يبغض المؤمن ، والمؤمن لا يقتل المؤمن لإيمانه ، قال تعالى : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» فجعل أباهم الإيمان ، فهم إخوة لأب واحد ، وبنص هذه الآية بيننا وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أخوة الإيمان ، وإن كان هو السيد الذي لا يقاوم ولا يكاثر ، ولكن قد انتظم معنا في سلك الإيمان بقوله تعالى : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» «فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ» يعني إذا تنافروا «وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»

-بحث في الأخوة في طريق اللّه-

يحتاج المريد إلى الإخوان لتبيين آفات نفسه ليرفأه الشيخ بعد الجراحة ،

أي بعد أن يجرحه الشيخ بالتقريع واللوم ، فلو طعنت نفس المجروح فيهم دون أستاذه ، فلا بأس به ، وإن كان ضعفا فسيعود عنده دواء وكشفا إن شاء اللّه تعالى ، فلسان حال الأخ في عقد الأخوة ، كل واحد منا بصير في عيوب أخيه لعماه عن عيوب نفسه واستيلاء رمسه ، فشد بهذه القاعدة وسطا ولا تتخذ ذلك شططا ، حتى يؤيدك اللّه بنصره ، ويكشف لكل واحد منّا عيوبه ببصره ، وإذ ذاك أخوك من صدقك لا من صدّقك ، ومن جرحك لا من مدحك ،

وإليه ينظر قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : [ من أرضى الناس بسخط اللّه صار مادحه منهم ذاما ، ومن أرضى اللّه بسخط الناس أرضى اللّه عنه الناس ويهبه العين الصحيحة ]

يرى الطالب معاديه بالعرف العام وليا والمسئ إليه محسنا ، إذ هو إنما يعادي عدوه فهو وليه من حيث لا يدري ، وإليه ينظر قول الشاعر :

ذهب الرجال المقتدى بفعالهم *** والمنكرون لكل أمر منكر


وبقيت في خلف يزكي بعضهم *** بعضا ليدفع معور عن معور

فمادحك إنما يتولى عدوك فاحذره ولا تأنس إليه ، فتميل في كل أحوالك إليه ، وإذا كان هذا مع الأحباب ، فكيف يكون مع الأب ؟ أي الشيخ الذي هو أخص الحبائب ، أو مع الأخ الشقيق والصديق الشفيق والصاحب ، ولذلك قيل : لا تصحب من يراك معصوما ، فإنه يكون هو المنتفع بك بقدر ظنه ، وتبقى أنت على ما بينك وبين اللّه تعالى من مكره وأمنه ، فالمحبة على الطالب لا على الشيخ ، وقد غلط في هذا كثيرون واحتجوا بقول إبراهيم بن أدهم لصاحبه : إن شدة محبتك في اللّه غيبتني عن النظر في مساويك ، وذلك حال من أحبك له ، وأما الشيخ فإنما يحبك لك ، فلا يزال مطلعا على عوراتك في غفلاتك ، ليصحح منك السقيم ويرد معوجك إلى المستقيم ، وأنت أيها الأخ لا تمدح أخاك الغائب عن نفسه بنفسه في وجهه ، الذي هو قفاه ، فتأكل لحمه ميتا ، فهذه هي الأخوة والأبوة الهازمة للأحزاب ، المغرقة في السبب القاطع للأسباب ، والنسب القاطع للأنساب ، المكينة في النسب المحمدي والسبب الأحمدي ، يقول صلّى اللّه عليه وسلّم : [ كل سبب ونسب منقطع إلا نسبي وسببي ]

لأنه صلّى اللّه عليه وسلّم آدم أبوة النبوة والدين ، كما أن آدم عليه السلام آدم أبوة الطين ، فإذا بلغ المؤمن حال العلم ذوقا ورقاه الحق ، صار حقا للشيخ والشيخ حقا له ، فله مرتبة الصحبة والأخوة والمشاورة ، وعليه الأدب بإبقاء التبعية بحيث لا تستمر عليه تكليفات الطالبين لأجل هذه الأخوة ، قال تعالى : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»

وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : [ أنا من اللّه والمؤمنون مني ] .


المراجع:

(10) كتاب الشاهد - الفتوحات ج 4 / 236 ، 344 ، 460 - ج 3 / 135 ، 132 - ج 2 / 97 - ج 3 / 370 - كتاب تلقيح الأذهان

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!