موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحجرات (49)

 

 


الآيات: 11-12 من سورة الحجرات

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)


" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» واللّه ما يوجد إلا عند ظن العبد به ، فليظن به خيرا ، والظن من بعض وزعة الوهم ، وهو الذي يعطي العذاب المعجل والنعيم المعجل ، فظنّ خيرا تلقه ، وبعض الظن إثم ، فو اللّه لولا الظن ما عصى اللّه مخلوق أبدا ، ولا بد من العصيان ، وهو حكم اللّه في الفعل أو الترك ، فلا بد من الظن فمن رحمة اللّه بخلقه أن خلق الظن فيهم وجعله من بعض وزعة الوهم . واعلم أنه لا يصح إنكار المنكرات إلا بما لا يتطرق إليه الاحتمال ، وهذا يغلط فيه كثير من المؤمنين لا أصحاب الدين ، فإن أصحاب الدين المتين أول ما يحتاط على نفسه ، ولا سيما في الإنكار خاصة ، فإن للمغيّر شروطا في التغيير ، فإن اللّه ندبنا إلى حسن الظن بالناس لا إلى سوء الظن بهم ، فلا ينكر صاحب الدين مع الظن ، وقد سمع أن بعض الظن إثم ، فلعل هذا من ذلك البعض ، وإثمه أن ينطق به ، وإن وافق العلم في نفس الأمر ، فإن اللّه يؤاخذه بكونه ظن وما علم ، فنطق فيه بأمر محتمل ولم يكن له ذلك ، وسوء الظن بنفس الإنسان أولى من سوء ظنه بالغير ، لأنه من نفسه على بصيرة وليس هو من غيره على بصيرة ، فلا يقال فيه في حق نفسه إنه سيّئ الظن بنفسه ، لأنه عالم بنفسه ، وإنما قلنا فيه : إنه يسيء الظن بنفسه اتباعا لسوء ظنه بغيره ، فهو من تناسب الكلام ، فالعالم الصالح من استبرأ لدينه في كل أحواله في حق نفسه وحق غيره

[ فائدة : حسن الظن بالناس : ]

-فائدة -أغفلها الناس وهي تدعو إلى حسن الظن بالناس ، ليكون محلك طاهرا من السوء - وذلك أنك إذا رأيت من يعاشر الأشرار وهو خير عندك ، فلا تسيء الظن به لصحبته الأشرار ، بل حسّن الظن بالأشرار لصبحتهم ذلك الخيّر واجعل المناسبة في الخير لا في الشر ، فإن اللّه ما سأل أحدا قطّ يوم القيامة عن حسن الظن بالخلق ، ويسأله عن سوء الظن بالخلق «وَلا تَجَسَّسُوا» الجاسوس يستعمل في الشرّ في العرف الاصطلاحي «وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً» أضاف الغيبة إلين

وقال : «لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً» فجعلنا نشأة واحدة ذات أبعاض ، فإن الجزء والتفصيل إنما يرد على الكل ، فما خرجنا عنا ولا وقعنا إلا فينا ، فشدد الأمر علينا في ذلك ، والغيبة ذكر الغائب بما لو سمعه ساءه ، وهي حرام على المؤمنين المكلفين فيما بينهم إلا في مواطن مخصوصة ، فإنها واجبة وقربة إلى اللّه ، وأهل


الورع من المؤمنين يعرّضون بها ولا يصرحون ، فمن ذلك في طريق الجرح الذي يعرفه المحدثون في رواة الأحكام المشروعة ، ومنها عند المشورة في النكاح ، فإنه مؤتمن والنصيحة واجبة ، ومنها الغيبة المرسلة وهو أن يغتاب أهل زمانه من غير تعيين شخص بعينه ، ومنها غيبة الشيوخ المريدين في حال التربية إذا كان فيها صلاح المريد إذا وصل ذلك إليه ، ومع كون الغيبة محمودة في هذا الموطن فعدم التعيين فيها أولى من التعيين ، قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :

[ لا غيبة في فاسق ]

نهيا لا نفيا ، على هذا أخذ أهل الورع هذا الخبر ، وطريق التعريض هيّن المأخذ ، وما عدا أمثال هذه المواطن فهي مذمومة يجب اجتنابها ومن هذا الباب تجريح الشهود إذا عرف المشهود عليه أنهم شهدوا زورا ، فوجب عليه نصرة الحق وأهله وخذلان الباطل وأهله «يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً» فيفطر الصائم بالغيبة وإن لم يأكل «فَكَرِهْتُمُوهُ» وهذا خطاب عام «وَاتَّقُوا اللَّهَ» هذا هو الدواء ، ومعناه اتخذوه وقاية بينكم وبين هذه الأمور المذمومة التي الغيبة منه «إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» .


المراجع:

(12) الفتوحات ج 4 / 153 - ج 3 / 563 - ج 4 / 462 - ج 1 / 324 - ج 2 / 196 ، 197 - ج 1 / 648 - ج 2 / 197

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!