موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة ق (50)

 

 


الآيات: 11-15 من سورة ق

رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (11) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)

«بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ»

[ «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» الآية ]

هذا في مفهوم العموم النشأة الآخرة ، وقد يتناهى الأمر في نوع خاص كالإنسان ، فإن أشخاص هذا النوع متناهية ، لا أشخاص العالم ، ولا يتناهى أيضا في خلق أشخاص النوع الإنساني ، فعين كل شخص يتجدد في كل نفس ، لا بد من ذلك ، ففي مفهوم الخصوص تجدد النشأة في كل نفس دنيا وآخرة ، فإن أدناه تغير الحال مع الأنفاس ، فلا يزال الحق فاعلا في الممكنات الوجود ، ولولا تبديل الخلق مع الأنفاس لوقع الملل في الأعيان ، فالخلق جديد حيث كان دنيا وآخرة ، فدوام الإيجاد للّه تعالى ، ومن المحال بقاء حال على عين نفسين أو زمانين للاتساع الإلهي ولبقاء الافتقار على العالم إلى اللّه ، فالتغيير له واجب في كل نفس ، واللّه خالق فيه في كل نفس ، فالأحوال متجددة مع الأنفاس على الأعيان ، فنحن في خلق جديد بين وجود وانقضاء ، فأحوال


تتجدد ، على عين لا تتعدّد ، بأحكام لا تنفد ، فهذا الخلق الجديد الذي أكثر الناس منه في لبس وشك ما هو إلا الاستحالة ، فإن العالم كله محصور في ثلاثة أسرار : جوهره وصوره والاستحالة ، وما ثم أمر رابع ، فلا يزال العالم يستحيل دائما من الدنيا إلى الآخرة ، والآخرة بعضها إلى بعض ، كما استحال منها ما استحال إلى الدنيا ، كما ورد في الخبر في النيل والفرات وسيحان وجيحان أنها من أنهار الجنة ، استحالت فظهرت في الدنيا ، بخلاف الصورة التي كانت عليها في الآخرة ، فالاستحالة دائما وأبدا في الدنيا ، ثم نستحيل إلى البرزخ ، وإذا استحلنا من البرزخ إلى الصور التي يكون فيها النشر والبعث سميت تلك الآخرة ، ولا يزال الأمر في الآخرة في خلق جديد منها فيها ، أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، إلى ما لا يتناهى ، فلا نشاهد في الآخرة إلا خلقا جديدا في عين واحدة ، فالعالم متناه لا متناه ، ومن ذلك تعلم أن العالم لا يخلو في كل نفس من الاستحالة ، ولولا أن عين الجوهر من الذي يقبل هذه الاستحالة في نفسه واحد ثابت لا يستحيل من جوهره ، ما علم حين يستحيل إلى أمر ما ما كان عليه من الحال قبل تلك الاستحالة ، غير أن الاستحالات قد يخفى بعضها ويدق ، وبعضها يكون ظاهرا تحس به النفس ، أمر اللّه تبارك وتعالى نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) أي ارفع عنّي اللبس الذي يحول بيني وبين العلم بالخلق الجديد ، فيفوتني خير كثير حصل في الوجود لا أعلمه ، والحجاب ليس إلا التشابه والتماثل ، ولولا ذلك لما التبس على أحد الخلق الجديد الذي للّه في العالم في كل نفس بكل شأن ، فقال تعالى : «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» أي إنهم لا يعرفون أنهم في كل لحظة في خلق جديد ، فما يرونه في اللحظة الأولى ما هو عين ما يرونه في اللحظة الثانية ، وهم في لبس من ذلك ، وبذلك يكون الافتقار للخلق دائما وأبدا ، ويكون الحق خالقا حافظا على هذا الوجود وجوده دائما ، بما يوجده فيه من خلق جديد لبقائه .

فانظر فديتك فيما قد أتيت به *** فالعلم يدرك ما لا يدرك البصر

فرجال العلم أولى بالعبر *** ورجال العين أولى بالنظر

فالذي يوصف بالعقل له *** قوة تخرجه عن البصر

والذي يوصف بالكشف له *** صورة تسمو على كل الصور

فتراه دائما في حاله *** ظاهرا من غير إلى غير


والخلق ما سمي خلقا إلا بما يخلق منه ، فالخلق جديد وفيه حقيقة اختلاق ، لأنه تنظر إليه من وجه فتقول هو حق ، وتنظر إليه من وجه فتقول هو خلق ، وهو في نفسه لا حق ولا غير حق ، فإطلاق الحق عليه والخلق كأنه اختلاق ، فغلب عليه هذا الحكم فسمي خلقا ، وانفرد الحق باسم الحق ، إذ كان له وجوب الوجود لنفسه ، وكان للخلق وجوب الوجود به ، فالحق للوجود المحض ، والخلق للإمكان المحض ، فما ينعدم من العالم ويذهب من صورته فمما يلي جانب العدم ، وما يبقى منه ولا يصح فيه عدم فمما يلي جانب الوجود ، ولا يزال الأمران حاكمين على العالم دائما ، فالخلق جديد في كل نفس دنيا وآخرة ، ونفس الرحمن لا يزال متوجها ، والطبيعة لا تزال تتكون صورا لهذا النفس حتى لا يتعطل الأمر الإلهي ، إذ لا يصح التعطيل ، فصور تحدث ، وصور تظهر ، بحسب الاستعدادات لقبول النفس الرحماني إلى ما لا يتناهى ، فالأول منها وإن كان صورة فهو المبدع ، والثاني ليس بمبدع ، فإنه على مثاله ، ولكنه مخلوق .


المراجع:

(15) الفتوحات ج 4 / 439 ، 320 - ج 1 / 461 - ج 3 / 362 ، 506 ، 395 - ج 4 / 280 - ج 3 / 253 - ج 4 / 22 - ج 3 / 288 - ج 4 / 279 - ج 2 / 427

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!