موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحشر (59)

 

 


الآيات: 20-21 من سورة الحشر

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (20) لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)

[ العلم وتحمل نزول القرآن على القلب :]

أترى هذا الخشوع والتصدع من خشية اللّه عن غير علم بقدر ما أنزل اللّه عليه ؟ وما خاطب من التخويفات التي تذوب لها حمم الجبال الشامخات ؟

وقد وصف الحق الجبل بالخشية ، وعين وصفه بالخشية عين وصفه بالعلم بما أنزل عليه ، قال تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) فهذه الآية تشير إلى شرف الجماد على الإنسان ، أترى خشوعه وتصدعه لجهله بما أنزل عليه ؟

لا واللّه إلا بقوة علمه بذلك وقدره ، ألا تراه عزّ وجل يقول لنا في هذه الآية : «وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» فإنهم إذا تفكروا في ذلك


علموا شرف غيرهم عليهم ، فإن شهادة اللّه بمقدار المشهود له بالتعظيم كالواقع منه لأنه قول حق ، وعلموا إذا تفكروا جهلهم بقدر القرآن حيث لم تظهر منهم هذه الصفة التي شهد اللّه بها للجبل ، فلو علم الإنسان قدر القرآن وما حمله لما كانت حالته هكذا ، كما أن هذه الآية تدل على القوة الإلهية التي أعطاها اللّه لمن أنزل عليه الوحي ،

فإنهم علموا قدر من أنزله ، فرزقهم اللّه من القوة ما يطيقون به حمل ذلك الجلال ، إذ لا أقوى من العلم ،

ولو نزل هذا القرآن على من ليست له هذه القوة لذاب في عينه لعظيم ما جاءه ، فإن اللّه وصفه بأنه يضعف عن حمل ذلك ، فانظر إلى ما كان يقاسي صلّى اللّه عليه وسلّم في باطنه من حمله القرآن لمعرفته به ، وما أبقى اللّه عليه جسده وعصم ظاهره من أن يتصدع كالجبل لو أنزل عليه القرآن إلا لكون اللّه تعالى قد قضى بتبليغه إلينا على لسانه ، فلا بد أن يبقي صورته الظاهرة على حالها ، حتى نأخذه منه ، وكذلك بقاء صورة جبريل النازل به ،

- ومن وجه آخر -لما كان القرآن جامعا تجاذبته الحقائق الإلهية والكونية على السواء ، فلم يكن فيه عوج ولا تحريف فمنزلته الاعتدال ؛ والاعتدال منزل حفظ بقاء الوجود على الموجود ، فكان له الديمومية ، والبقاء ، فله بقاء التكوين وبقاء الكون ، فلو نزل عن منزله لنزل من الاعتدال إلى الانحراف ،

وهو قوله : «لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ» يعني عن منزله «عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً» يعني الجبل ، فلم يحفظ عليه صورته لأنه نزل عن منزلته ، ولما كان هذا منزله وتجاذبته الحقائق على سواء ، كان من به أنزل عليه رحمة للعالمين ، لأن الرحمة وسعت كل شيء ، فإذا أنزل القرآن عن منزله- فإنه كلامه ، وكلامه على نسبة واحدة لما يقبله الكلام من التقسيم - فإنه ينزل وفيه حقيقة الاعتدال في النسب ، وهو جديد عند كل تال أبدا ،

فلا يقبل نزوله إلا مناسبا له في الاعتدال ، فهو معرى عن الهوى ، وما كل تال يحس بنزوله لشغل روحه بطبيعته ، فينزل عليه من خلف حجاب الطبع ، فلا يؤثر فيه التذاذا ،

فهو قرآن منزل على الألسنة لا على الأفئدة ، وأما من نزل القرآن على قلبه فإنه يجد لنزوله عليه حلاوة لا يقدر قدرها ، تفوق كل لذة .

فإذا وجدها فذلك الذي نزل عليه القرآن الجديد الذي لا يبلى ، والفارق بين النزولين أن الذي ينزل القرآن على قلبه ينزل بالفهم ، فيعرف ما يقرأ وإن كان بغير لسانه ، ويعرف معاني ما يقرأ وإن كانت تلك الألفاظ لا يعرف معانيها في غير القرآن لأنها ليست بلغته ، ويعرفها في تلاوته إذا كان ممن ينزل القرآن على قلبه عند تلاوته.



المراجع:

(21) الفتوحات ج 3 / 490 - ج 1 / 529 - ج 3 / 3 ، 166 - كتاب الأعلاق - الفتوحات ج 3 / 3 ، 93

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!