موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الممتحنة (60)

 

 


الآية: 1 من سورة الممتحنة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (1)


قال تعالى يخاطب المؤمنين «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي»

[ السعيد من لم يتخذ عدوا للّه محبوبا ولا محبا : ]

فجعلهم أعداء له كما قال في جزائه إياهم (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ) فإن كان للّه أعداء ، فكيف بأجناس العالم ؟

فهم عبيده أعداؤه ؛ فكيف حال عبيده بعضهم مع بعض بما فيهم من التنافس والتحاسد ؟ «وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ» لكونهم أمثالا لكم ؟ ولما بين المثلين من الضدية قال للمؤمن : عامل العدو بضدية المثل لا بمودة المثل ، فإن العدو يريد إخراجك من الوجود ، فقال تعالى «وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ»

فما عاملكم العدو وإن كان مثلكم إلا بضدية المثل لا بمودته ، فأمرنا الحق إذا أرادوا ذلك بنا أن نقاتلهم ، فنذهب أعيانهم من الموضع الذي يكونون فيه ،

وإن لم تسر هذه الضدية في ذات المثل فليس بمؤمن ، ولا هو عند اللّه بمكان ، فإن اللّه لما علم ما هو عليه الإنسان في جبلته من حبه المحسن لإحسانه ، ومن استجلابه الود من أشكاله بالتودد إليهم ،

علم أنه تعالى إذا قال لهم «لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي» أنهم لما ذكرناه لا يقومون في هذا النهي في جانب الحق مقام ما يستحقه الحق ، فزاد في الخطاب فقال «وَعَدُوَّكُمْ» وذلك ليبغضهم إلينا ، لعلمه بأنا نحب أنفسنا ونؤثر هوانا عليه تعالى ،

فليس في القرآن ذم في حقنا من اللّه أعظم من هذا ، فإنه لو علم منا إيثاره على أهوائنا لاكتفى بقوله «عَدُوِّي»

ثم تمم على نسق واحد فقال «يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ» يعني من موطنه ، فإن مفارقة الأوطان من أشق ما يجري على الإنسان ،

فلما علم اللّه أنكم لا يقوم عندكم إخراج الرسول - مع بقائكم في أوطانكم ذلك المقام - ما يستحقه الرسول منكم قال (وَإِيَّاكُمْ) فشرككم في الإخراج مع الرسول ، كما شرككم في العداوة مع اللّه ، لتكونوا أحرص على أن لا تلقوا إليهم بالمودة ، وأن نتخذهم أعداء ، والمؤمنون هنا كل ما سوى الرسول ،

فإن الرسول إذا تبين له أن شخصا ما عدو للّه تبرأ منه ، كما تبرأ إبراهيم عليه السلام من أبيه ، ومن لم يطلعك اللّه على عداوته فلا تتخذه عدوا ، وأقل أحوالك إذا جهلته أن تهمل أمره ، فلا تعاد عباد اللّه بالإمكان ، والذي ينبغي لك أن تكره فعله


لا عينه ، والعدو للّه إنما تكره عينه ، ففرّق بين من تكره عينه وهو عدو اللّه ، وبين من تكره فعله وهو المؤمن ، أو من تجهل خاتمته ممن ليس بمسلم في الوقت ،

فإذا تبين لك وتحققت من عداوته للّه يتعين عليك عند ذلك أن تتخذهم أعداء ، لأمر اللّه لك بذلك ، حيث نهاك أن تتخذ عدوه وليا تلقي إليه بالمودة ،

فإن اضطرك ضعف يقين إلى مداراتهم فدارهم من غير أن تلقي إليهم بمودة ، ولكن مسالمة لدفع الشر عنك ، واللّه يجعلنا ممن آثر الحق على هواه ، وأن يجعل ذلك مناه ، فما أعظمها عندي حسرة حيث لم نكن بهذه المثابة عند اللّه ،

حتى نكتفي بذكر عداوتهم للّه وإخراج الرسول ، فهنا ينبغي أن تسكب العبرات ، فالسعيد من وجد ذلك من نفسه ، فلم يدخل تحت هذا الخطاب ، فلا يتخذ عدوا للّه محبوبا ولا محبا «أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ» أن وما بعدها بتأويل المصدر ، كأنه يقول : يخرجون الرسول وإياكم من أجل إيمانكم باللّه ربكم ، «إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي ، تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ ، وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ» .


المراجع:

(1) الفتوحات ج 3 / 270 - ج 1 / 417 - ج 3 / 270 ، 271 - ج 4 / 449 - ج 3 / 271 -ح 2 / 692

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!