موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الحشر (59)

 

 


الآية: 23 من سورة الحشر

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)

لما كان وجود العالم مرتبطا بوجود الحق فعلا وصلاحية ، لهذا كان اسم الملك للّه تعالى أزلا - وإن كان عين العالم معدوما في العين - لكن معقوليته موجودة باسم المالك ، فهو مملوك للّه تعالى وجودا وتقديرا قوة وفعلا ، وقال تعالى : «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ»

[ التوحيد الرابع والثلاثون في القرآن ، وهو توحيد النعوت : ]

بنسبة ملك السماوات والأرض إليه فإنه رب كل شيء ومليكه ، والاسم الملك هو المهيمن على الأجناد الأسمائية ، فإن أسماءه سبحانه وتعالى عساكره ، وهي التي يسلطها على من يشاء ويرحم بها من يشاء «الْقُدُّوسُ» بقوله : (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)

وتنزيهه عن كل ما وصف به ، فتقدست الألوهة أي تنزهت أن تدرك وفي منزلتها أن تشرك ، والقدوس من القدس وهي الطهارة الذاتية ، كتقديس الحضرة الإلهية التي أعطيها الاسم القدوس ، فهو اسم إلهي منه سرت الطهارة في الطهارات كلها ،

وهو قدوس مطهر من الأسماء النواقص ، وهي التي لا تتم إلا بصلة وعائد ، فإن من أسمائه سبحانه الذي وما ، فهو القدوس أي المطهر عن نسبة الأسماء النواقص إليه ، وهو قدوس عن تغيره في نفسه بتغير الأحكام- إشارة

- اعلم أن الاسم القدوس يصحب الموجودات وبه ثبت قوله تعالى : (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) فلا ينبغي أن يحال بين العبد وسيده ، ولا يدخل بين العبد وسيده إلا بخير ، ولا شك أن النجاسة أمر عرضي عيّنه حكم شرعي ، والطهارة أمر ذاتي ، فلا أصل للنجاسة في الأعيان،


إذ الأعيان طاهرة بالأصل ، فما في الوجود بحكم الحقيقة إلا طاهر . «السَّلامُ» بسلامته من كل ما نسب إليه مما كره من عباده أن ينسبوه إليه . «الْمُؤْمِنُ» هنا له وجهان : بمعنى المصدق ، وبمعنى معطي الأمان بما أعطاهم من الأمان إذا وفوا بعهده ، فهو المؤمن بما صدق عباده ، ورد في الخبر أن العبد يقول في حال من الأحوال : اللّه أكبر ، فيقول اللّه : أنا أكبر ، يقول العبد : لا إله إلا أنت ، يقول اللّه : لا إله إلا أنا ، يقول العبد :لا إله إلا اللّه له الملك وله الحمد ، يقول اللّه : لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد ، يصدق عبده ، ومن هنا كان اسمه المؤمن ، فهو مصدق الصادقين من عباده عند من لم يثبت صدقهم عنده ،

فإذا صدق المؤمن في جميع أقواله وأفعاله وأحواله وإعطاء الأمان منه لكل خائف من جهته ، فإذا صدق في ذلك كله ، صدّقه اللّه تعالى ، لأنه لا يصدق سبحانه إلا الصادق ،

ولا يصدقه تعالى إلا من اسمه المؤمن لا غير ؛ - ومن وجه آخر - لما كان الإيمان نصف صبر ونصف شكر ، واللّه هو الصبور الشكور ، فمن اسمه المؤمن شكر عباده على ما أنعموا به على الأسماء الإلهية ، بقبولهم لآثارها ، وصبر على أذى من جهله من عباده فنسب إليه ما لا يليق به ونسبوا إليه عدوا بغير علم - كما أخبرنا عنهم - فصبر على ذلك ، ولا شخص أصبر على أذى من اللّه لاقتداره على الأخذ ، فهو المؤمن الكامل في إيمانه بكمال صبره وشكره ، ومن كون الحياء من الإيمان فإنه يستحي أن يكذب ذا شيبة يوم القيامة ، فيصدقه مع كذبه ويأمر به إلى الجنة . «الْمُهَيْمِنُ» هو الشاهد على الشيء بما هو له وعليه ، فهو الشاهد على عباده بما هم فيه من جميع أحوالهم مما لهم وعليهم." الْعَزِيزُ " لغلبه من غالبه إذ هو الذي لا يغالب ، وامتناعه في علو قدسه أن يقاوم «الْجَبَّارُ» في اللسان : الملك العظيم ، وهو الجبار بما جبر عليه عباده في اضطرارهم واختيارهم ، فهم في قبضته تعالى ، فهو تعالى الجبار بما للذات من جبر في العالم بالأسماء الإلهية ، وله الجبر بالإحسان على الظاهر والباطن ، فله الجبر بطريق القهر والمغالبة على الظاهر ، وله الجبر الذاتي بالتجلي في العظمة الحاكمة على كل نفس فتذهل عن ذاتها وعزتها ، فلله قهر خفي في العالم لا يشعر به ، وهو ما جبرهم عليه في اختيارهم ، وقهر جلي وهو ما ليس فيه اختيار يحكم عليهم ، فللحق الرفعة أصلا وذلك بقوله «الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ» ولكنه لما نزل لعباده حتى ظن بعض الناس أن ذلك له حقيقة قال «الْمُتَكَبِّرُ» فهي رفعة للحق بعد نزوله إلى عباده ، لما حصل في النفوس الضعيفة من نزوله إليهم في خفي ألطافه لمن تقرب بالحد والمقدار ، من شبر وذراع وباع وهرولة وتبشيش وفرح وتعجب


وضحك وأمثال ذلك ، فكان التكبر من صفات الحق لما كان من نزوله في الصفات إلى ما يعتقده أصحاب النظر وأكثر الخلق أنه صفة المخلوق ، فلما علم ذلك منهم وهو سبحانه قد وصف لهم نفسه بتلك الصفات حتى طمعوا فيه ، وضل بها قوم عن طريق الهدى ، كما اهتدى بها قوم في طريق الحيرة ، قام لهم تعالى في صفة التكبر عن ذلك النزول ، ليعلمهم أنه وإن اشترك معهم في الاسمية فإن نسبتها إليه تعالى ليست كنسبتها إلى المخلوق ، فيكون مثل هذا تكبرا فإن نسبة التكبر محيرة ، فتحير من تحير في نسبة التكبر إلى الحق وتحقيقها أن لو علم نزول الحق لعباده - إذ ليس في قوة الممكن نيل ما يستحقه الحق من الغنى عن العالم ، وفي قوة الحق مع غناه من باب الفضل والكرم النزول لعباده - لعلمنا تلك النسبة ، فإن جهل أحد من العباد قدر هذا النزول الإلهي ، وتعاظم العبد في نفسه لنزول الحق له ، ولم يعلم أن نزول الحق لعباده ما هو لعين عباده ، وإنما ذلك لظهور أحكام أسمائه الحسنى في أعيان الممكنات ، فما علم أنه لنفسه نزل لا لخلقه ، كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فما خلقهما إلا من أجله ، والخلق نزول من مقام ما يستحقه من الغنى عن العالمين ، فالمتخيل من العباد خلاف هذا وأنه تعالى ما نزل إلا لما هو المخلوق عليه من علو القدر والمنزلة ، فهذا أجهل الجاهلين ، فأعطى الحق هذا النزول أو ما توهمه الجاهل أن يتسمى الحق بالمتكبر عن هذا النزول ، ولكن بعد هذا النزول لا قبله وجودا وتقديرا لا بد من ذلك .

واعلم أن التكبر لا يكتسبه الكبير وإنما يكتسبه الأدنى في الرتبة ، فيكسب العبد الكبرياء بما هو الحق صفته ، فالكبرياء للّه لا للعبد ، فهو محمود مشكور في كبريائه وتكبره ، ويكسب الحق هذا الاسم ، فإنه تعالى ذكر عن نفسه أنه متكبر ، وذلك لنزوله تعالى إلى عباده في خلقه آدم بيديه ، وغرسه شجرة طوبى بيده ، وكونه يمينه الحجر الأسود ، وفي يد المبايع بالإمامة من الرسل في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ) ونزوله في قوله [ جعت فلم تطعمني ، وظمئت فلم تسقني ، ومرضت فلم تعدني ]وما وصف الحق به نفسه مما هو عندنا من صفات المحدثات ، فلما تحقق بهذا النزول عندنا حتى ظن أكثر المؤمنين أن هذه له صفة استحقاق ، وتأولها آخرون من المؤمنين ، فمن اعتقد أن اتصاف الحق بهذا أن المفهوم منه ما هو المفهوم من اتصاف الخلق به ، أعلم الحق هذه الطائفة خاصة أنه يتكبر عن هذا ، أي عن المفهوم الذي فهمه القاصرون من كون نسبته إليه تعالى على حد نسبته إلى المخلوق ، وبه يقول أهل الظاهر أهل الجمود منهم القاصرة أفهامهم عن استحقاق كل مستحق حقه ،


فقال عن نفسه تعالى إنه «الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» عن هذا المفهوم وإن اتصف بما اتصف به ، فله تعالى الكبرياء من ذاته ، وله التكبر عن هذا المفهوم لا عن الاتصاف ، لأنه لو تكبر عما وصف به نفسه مما ذكرنا لكان كذبا ، والكذب في خبره محال ، فالاتصاف بما وصف به نفسه حق يعلمه أولو الألباب .

ومن كون الحق متكبرا أن يجد العبد في قلبه كبرياء الحق فلا يعصه ، فالذي اجرأ العصاة ومن اجترأ على اللّه من عباده على المخالفة ، ما وصف الحق به نفسه من العفو والمغفرة ، ونهاهم عن القنوط من رحمة اللّه ، فما عندهم رائحة من نعت التكبر الإلهي الذي هو به متكبر في قلوب عباده ، إذ لو كبر عندهم ما اجترءوا على شيء من ذلك ،

ولا حكمت عليهم هذه الأسماء التي أطمعتهم ، فإن كبرياء الحق إذا استقر في قلب عبد وهو التكبر ، من المحال أن تقع منه مخالفة لأمر الحق بوجه من الوجوه ، فالحق المتكبر إنما هو في نفس هذا الموافق الطائع عبد اللّه على الحقيقة ،

والتوحيد في هذه الآية هو التوحيد الرابع والثلاثون في القرآن ، وهو توحيد النعوت ، وهو من توحيد الهوية المحيطة ، فله النعوت كلها ، نعوت الجلال ، فإن صفات التنزيه لا تعطي الثبوت ، والأمر وجودي ثابت ، فلهذا قدم الهوية وأخرها حتى إذا جاءت نعوت السلب ، وحصلت الحيرة في قلب السامع ، منعت الهوية بإحاطتها أن يخرج السامع إلى العدم ، فيقول : فما تمّ شيء وجودي ، إذ قد خرج عن وجود العقل والحس فيلحقه بالعدم فتمنعه الهوية ، فإن الضمير لا بد أن يعود على أمر مقرر:

[سورة الحشر (59) : آية 24]

هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

هُوَ اللَّهُ الْخالِقُبالتقدير والإيجاد ، والخالق هنا صفة للّه موصوف للبارئ ، وعلى ذلك تؤخذ الأسماء الإلهية إذا وقعت بين اسمين إلهيين ، فالخالق صفة للّه موصوف للبارئ «الْبارِئُ» بما أوجده من مولدات الأركان «الْمُصَوِّرُ» بما فتح في الهباء من الصور ، وفي أعين المتجلى لهم من صور التجلي المنسوبة إليه ، ما نكر منها وما عرف ، وما أحيط بها وما لم يدخل تحت إحاطة . «لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» وهي تسعة وتسعون اسما ، مائة إلا واحد ، وكل اسم واحد مدلوله ليس مدلول عين الاسم الآخر ، وإن كان المسمى بالكل واحدا ،


فهذه أحدية المجموع وآحاده ، فما ثمّ جمع يقتضي هذا الحكم وهو أن يكون إلها إلا هذا المسمى بهذه الأسماء الحسنى المختلفة المعاني ، التي افتقر إليها الممكن في وجود عينه . «يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ولم يقل . «وَما فِي الْأَرْضِ» لأن كثيرا من الناس في الأرض لا يسبحون اللّه ، وممن يسبح اللّه منهم ما يسبحه في كل حال ، والأرض تسبحه في كل حال ، والسماوات وما فيها من الملائكة والأرواح المفارقة تسبحه كما قال (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) فراعى هنا من يدوم تسبيحه وهو الأرض ، كما راعى في موطن آخر من القرآن تسبيح من في الأرض وإن كان البعض من العالم ،

فقال عزّ من قائل (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)

بجمع من يعقل ، ثم أكد ذلك بقوله (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)

وزاد في التأكيد بقوله (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فأتى بلفظة من ولم يأت بما ، وأتى هنا بما ولم يأت بمن ، فإن سيبويه يقول : إن اسم ما يقع على كل شيء ؛ إلا أنه لم يعم الموجودات . واعلم أن حضرة التصوير هي آخر حضرة الخلق وليس وراءها حضرة للخلق جملة واحدة ، فهي المنتهى والعلم أولها ، والهوية هي المنعوتة بهذا كله ، أعني الهوية فابتدأ بقوله «هُوَ» لأن الهوية لا بد منها ، ثم ختم بها في السلب والثبوت

وهو قوله (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وابتدأ من الصفات بالعلم بالغيب والشهادة وختم بالمصور ، ولم يعين بعد ذلك اسما بعينه ، بل قال «لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» ثم ذكر أن له يسبح ما في السماوات والأرض ، فإن إنشاء الصور لا يتناهى دنيا ولا آخرة ، فالإنشاء متصل دائم وإن تناهت الدنيا ، فسبحان من يجهل فلا يعلم ويعلم فلا يجهل «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ومن خصائص هذه السورة سورة الحشر :

جعل الرحمن آخرها *** عصمة لنا من الفتن

عصم الرحمن قارئها *** أبدا في السر والعلن

تحقيق -[ تحقيق : ما خلق اللّه تعالى الثقلين إلا بأسماء اللطف والحنان ]

اعلم أن الثقلين ما خلقهم اللّه تعالى إلا بأسماء اللطف والحنان ، والرأفة والرحمة ، والتنزل الإلهي ، فخلقهم بالاسم الرحمن ، فلما نظروا إلى الأسماء التي وجدوا عنها ما رأوا اسما إليها منها يقتضي أخذهم وعقوبتهم إن عصوا أمره ونهيه ، وتكبروا على أمره ، فلم يطيعوه وعصوه ، لأنه تعالى بالرحمة أوجدنا ، لم يوجدنا بصفة القهر ، وكذلك تأخرت المعصية فتأخر الغضب عن الرحمة في الثقلين ، فاللّه يجعل حكمهما في الآخرة كذلك ، ولو كانت بعد حين ، ألا ترى اللّه تعالى إذا ذكر أسماءه لنا يبتدي بأسماء الرحمة ويؤخر أسماء الكبرياء ،


لأنا لا نعرفها ، فإذا قدّم لنا أسماء الرحمة عرفناها وحننا إليها ، عند ذلك يتبعها أسماء الكبرياء لنأخذها بحكم التبعية ، فقال تعالى : «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ» فهذا نعت يعم الجميع أي جميع المخلوقات ، وليس واحدته بأولى من الآخر ، ثم ابتدأ فقال «هُوَ الرَّحْمنُ» فعرفنا «الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» لأنا عنه وجدنا ، ثم قال بعد ذلك «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» ابتدأ ليجعله فصلا بين «الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ» وبين «الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» فقال «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ» وهذا كله من نعوت الرحمن ، ثم جاء وقال «الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ» فقبلنا هذه النعوت بعد أن آنسنا بأسماء اللطف والحنان وأسماء الاشتراك التي لها وجه إلى الرحمة ، ووجه إلى الكبرياء وهو «اللَّهُ» و «الْمَلِكُ» فلما جاء بأسماء العظمة والمحل قد تأنس بترادف الأسماء الكثيرة الموجبة الرحمة ، قبلنا أسماء العظمة لما رأينا أسماء الرحمة قد قبلتها حيث كانت نعوتا لها ، فقبلناها ضمنا تبعا لأسمائنا ، ثم إنه لما علم الخالق أن صاحب القلب والعلم باللّه وبمواقع خطابه إذا سمع مثل أسماء العظمة لا بد أن تؤثر فيه أثر خوف وقبض ، نعتها بعد ذلك وأردفها بأسماء لا تختص بالرحمة على الإطلاق ، ولا تعرى عن العظمة على الإطلاق فقال : «هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» وهذا كله تعليم من اللّه عباده وتنزل إليهم ، ولهذا قدّم سبحانه في كتابه بسم اللّه الرحمن الرحيم في كل سورة إذ كانت تحوي على أمور مخوفة تطلب أسماء العظمة والاقتدار ، فقدم أسماء الرحمة تأنيسا وبشرى ، وما طلب اللّه تعالى من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد لا شريك له وبشرى ، وما طلب اللّه تعالى من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد لا شريك له في ألوهته لا غير ، وأن له الأسماء الحسنى بما هي عليه من المعاني في اللسان ، وقرن النجاة والسعادة بمن وقف عندما جاء من عنده عزّ وجل في كتبه وعلى ألسنة رسله «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» .

(60) سورة الممتحنة مدنيّة


المراجع:

(23) الفتوحات ج 1 / 183 - ج 4 / 322 - ج 2 / 42 - ج 1 / 51 - ج 2 / 109 - ج 4 / 201 ، 202 - ج 1 / 707 ، 382 ، 707 - ج 4 / 322 - ج 3 / 218 - ج 4 / 322 - ج 2 / 92 - ج 1 / 455 - ج 2 / 92 - ج 1 / 597 - ج 4 / 262 ، 205 ، 322 - ج 1 / 98 - ج 4 / 209 ، 208 - ج 3 / 229 - ج 4 / 209 ، 226 ، 322 ، 91 ، 42 ، 209 - ج 2 / 420

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!