موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الجمعة (62)

 

 


الآية: 1 من سورة الجمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)


الاسم الملك هو المهيمن على الأجناد الأسمائية فإن أسماءه سبحانه وتعالى عساكره ، وهي التي يسلطها على من يشاء ويرحم بها من يشاء ، فهو تعالى «الْمَلِكِ» بنسبة ملك السماوات والأرض إليه ، فإنه رب كل شيء ومليكه «الْقُدُّوسِ» أي الطاهر ، والتقديس الذاتي يطلب التبري من تنزيه المنزهين ، فإنهم ما نزهوا حتى تخيلوا وتوهموا ، وما ثمّ متخيل ولا متوهم يتعلق به أو يجوز أن يتعلق به فينزه عنه ، بل هو القدوس لذاته ، لذلك قال «الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» - إشارة - في التقديس

، كأنه تعالى يقول : عبدي أنا الواحد الذي لا تحيط بي الأفكار ، ولا تنتهي إليّ الأسرار ، ولا تدركني البصائر ولا الأبصار ، وأنا اللطيف الخبير ، الحكيم القدير ، أنا كما كنت ، عدمت أو وجدت ، ما طرأ حال كنت عدمته ، ولا فقدت شيئا ثم وجدته ، علمي محيط ببسيطك ، وقدرتي ظاهرة في تخطيطك ، تنزهت عن التنزيه ، فكيف عن التشبيه ؟ في العجز معرفتي على الكمال ، وهي حضرة الجلال ، ليس لي مثل معقول ، ولا دلت عليه العقول ، الألباب حائرة في كبريائي ، والأسرار مطيفون بعرش ردائي ، أنت وأنا حرف ومعنى ، بل معنى ومعنى ، أنت المثل الخفي ، المنقول اللغوي «1» ، وأنا الواحد الجلي ، أنت الواحد وأنا الواحد ، والواحد في الواحد بالواحد ، فإذا ضرب الفرد في الفرد ، بقي الرب وفني العبد .

شرح بعض ما يوهم مما جاء مرموزا ، قوله (أنت وأنا حرف ومعنى) أي أن الحرف يتضمن المعنى ، وأنت لا تتضمن ربك ، فلذلك قال (بل معنى ومعنى) أي هو أشد بيانا ، وإن دللت عليه بحرفيتك فإنما تدل عليه من كونه موجدك فقط ، فما دللت إلا على نفسك ، أما قوله (أنت المثل الخفي) أي لكونك على الصورة ، وقوله (اللغوي) أي بأدنى ما يقع به التشبيه في مجرد اللفظ ، كقولك : عالم وعالم ، وقوله (وأنا الواحد الجلي) أي الذي لا يقبل التشبيه .

[ سورة الجمعة (62) : آية 2 ]

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2)


(1) راجع تفسير قوله تعالى : «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ» سورة الشورى آية 11 .


بحث في الأمية -[ تعريف الأمي والأمية ]

الأمية لا تنافي حفظ القرآن ولا حفظ الأخبار النبوية ، ولكن الأمية عندنا من لم يتصرف بنظره الفكري وحكمه العقلي في استخراج ما تحوي عليه من المعاني والأسرار وما تعطيه من الأدلة العقلية في العلم بالإلهيات ، وما تعطيه للمجتهدين من الأدلة الفقهية والقياسات والتعليلات في الأحكام الشرعية ، فإذا سلم القلب من علم النظر الفكري شرعا وعقلا كان أميا ، وكان قابلا للفتح الإلهي على أكمل ما يكون بسرعة دون بطء ، ويرزق من العلم اللدني في كل شيء ما لا يعرف قدر ذلك إلا نبي أو من ذاقه من الأولياء ، وبه تكمل درجة الإيمان ونشأته ، وتقف بهذا العلم على إصابة الأفكار وغلطاتها ، وبأي نسبة ينسب إليها الصحة والسقم ، وكل ذلك من اللّه ، فإن الموازين العقلية وظواهر الموازين الاجتهادية في الفقهاء ترد كثيرا من الأمور ، إذ كان جله ومعظمه فوق طور العقل ، وميزانه لا يعمل هنالك ، وفوق ميزان المجتهدين من الفقهاء لا فوق الفقه ، فإن ذلك عين الفقه الصحيح والعلم الصريح ، وفي قصة موسى والخضر دليل قوي على ما ذكرناه ، فكيف حال الفقيه ؟ وأين الأينية وما شاكلها التي نسبها الشارع إلى الإله من الموازين النظرية والبراهين العقلية على زعم العقل وحكم المجتهد ؟ فالرحمة التي يعطيها اللّه عبده أن يحول بينه وبين العلم النظري والحكم الاجتهادي من جهة نفسه ، حتى يكون اللّه يحابيه بذلك في الفتح الإلهي والعلم الذي يعطيه من لدنه ، فيعطي البصر حقه في حكمه وسائر الحواس ، ويعطي العقل حكمه وسائر القوى المعنوية ، ويعطي النسب الإلهية والفتح الإلهي حكمهم ، فبهذا يزيد العالم الإلهي على غيره ، وهو البصيرة التي نزل القرآن بها في قوله تعالى : (أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) وهو تتميم قوله تعالى : «بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ» فهو النبي الأمي الذي يدعو على بصيرة مع أميته ، والأميون هم الذين يدعون معه إلى اللّه على بصيرة ، فهم التابعون له في الحكم إذ كان رأس الجماعة . والمجتهد وصاحب الفكر لا يكون أبدا على بصيرة فيما يحكم به ، فأما المجتهد فقد يحكم اليوم في نازلة شرعية بحكم ، فإذا كان في غد لاح له أمر آخر أبان له خطأ ما حكم به بالأمس في النازلة ، فرجع عنه وحكم اليوم بما ظهر له ، ويمضي حكمه في الأول والآخر ، ويحرم عليه الخروج عما أعطاه الدليل في اجتهاده في ذلك الوقت ، فلو كان على بصيرة لما حكم بالخطإ في النظر الأول ، بخلاف حكم النبي ، فإن ذلك صحيح ، أعني الحكم الأول ، ثم رفع اللّه ذلك الحكم بنقيضه


وسمّي ذلك نسخا ، وأين النسخ من الخطأ ؟ فالنسخ يكون مع البصيرة ، والخطأ لا يكون مع البصيرة ، وكذلك صاحب العقل ، وهو واقع من جماعة من العقلاء ، إذ نظروا واستوفوا في نظرهم الدليل وعثروا على وجه الدليل أعطاهم ذلك العلم بالمدلول ، ثم تراهم في زمان آخر أو يقوم له خصم من طائفة أخرى كمعتزلي أو أشعري أو برهمي أو فيلسوف بأمر آخر يناقض دليله الذي كان يقطع به ويقدح فيه ، فينظر فيه فيرى أن ذلك الأول كان خطأ ، وأنه ما استوفى أركان دليله وأنه أخل بالميزان في ذلك ولم يشعر ، وأين هذا من البصيرة ؟


المراجع:

(1) الفتوحات ج 2 / 42 - ج 4 / 322 - ج 1 / 358 - ج 4 / 422 - كتاب الإسراء

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!