The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة الجمعة (62)

 

 


الآيات: 3-9 من سورة الجمعة

وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7)

قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)

[ صلاة الجمعة : ]

اعلم أن يوم الجمعة هو آخر أيام الخلق ، وفيه خلق من خلقه اللّه على الصورة وهو آدم ، فيه ظهر تمام الخلق وغايته ، وبه ظهر أكمل المخلوقات وهو الإنسان ، ولما جمع اللّه خلق الإنسان فيه بما أنشأه تعالى عليه من الجمع بين الصورتين - صورة الحق وصورة العالم -


سماه اللّه بلسان الشرع يوم الجمعة ، ولما زينه اللّه بزينة الأسماء الإلهية وحلّاه بها وأقامه خليفة فيها بها فظهر بأحسن زينة إلهية في الكمال ، - ومن كان مجلى كمال الحق فلا زينة أعلى من زينة اللّه - أطلق اللّه عليه اسما على ألسنة العرب في الجاهلية ، وهو لفظ العروبة ، أي هو يوم الحسن والزينة ، فظهر الحق في أكمل الخلق وهو آدم ، فلم يكن في الأيام أكمل من يوم الجمعة ، فإن فيه ظهرت حكمة الاقتدار بخلق الإنسان فيه ، الذي خلقه اللّه على صورته ، فيوم الجمعة خير يوم طلعت فيه الشمس ، وما بيّنه اللّه لأحد إلا لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم لمناسبته الكمالية ، فإنه أكمل الأنبياء ونحن أكمل الأمم ، وسائر الأمم وأنبيائها ما أبان الحق لهم عنه ، لأنهم لم يكونوا من المستعدين له لكونهم دون درجة الكمال ، أنبياؤهم دون محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، وأممهم دوننا في الكمال ، فلما كان يوم الجمعة أكمل الأيام وخلق فيه أكمل الموجودات ، خصّه اللّه بالساعة التي ليست لغيره من الأيام ، والزمان كله ليس سوى هذه الأيام ، فلم تحصل هذه الساعة لشيء من الزمان إلا ليوم الجمعة ، وكان خلق الإنسان في هذه الساعة المذكورة المخصصة من يوم الجمعة ، فإنها أشرف ساعاته ، فالحمد للّه الذي اصطفانا وهدانا إلى يوم الجمعة ، وخصّنا بساعته فإنه من أعظم الهداية التي هدى اللّه إليها هذه الأمة خاصة ، فإنه اليوم الذي اختلفوا فيه ، فيوم الجمعة أشرف أيام الأسبوع وشرفه ذاتي لعينه ، ولا يفاضل بيوم عرفة ولا غيره ، فإن فضل يوم عرفة وعاشوراء لأمور عرضت ، إذا وجدت في أي يوم كان من أيام الأسبوع كان الفضل لذلك اليوم لهذه الأحوال العوارض ، ولهذا شرع الغسل - وهو فرض عندنا - ليوم الجمعة لا لنفس الصلاة ، فإن اتفق أن يغتسل في ذلك اليوم لصلاة الجمعة ، فلا خلاف أنه أفضل بلا شك ، وصلاة الجمعة واجبة على من تجب عليه الصلوات المفروضة ، واتفق العلماء على أن من شروطها الذكورة والصحة ، وأنها لا تجب على المرأة والمريض ، وعندنا واجبة على المسافر ، وتجب على العبد ، فللعبد أن يتأهب فإن منعه سيده فيكون السيد من الذين يصدون عن سبيل اللّه ، وكل من ذكرناه ونذكر أنه لا تجب عليه الجمعة إذا حضرها صلاها ، وشروط الجمعة شروط الصلاة المفروضة ، ووقتها مخيّر فيه أن تكون قبل الزوال أو أن تكون وقت الزوال يعني وقت الظهر ، وهي لا تجوز للمنفرد ، فمن شروطها الجماعة وأقلها واحد مع الإمام ، حضرا وسفرا ، والذي أذهب إليه أن صلاتها قبل الزوال أولى لأنه وقت لم يشرع فيه فرض ، فينبغي أن يتوجه إلى


الحق سبحانه بالفرضية في جميع الأوقات ، فكانت صلاتها قبل الزوال أولى ، والسعي إلى صلاة الجمعة من وقت النداء ، ويكون الثواب من البدنة إلى البيضة ، وهو حين يشرع الخطيب في خطبته ، ومن جاء من وقت طلوع الشمس إلى وقت النداء فله من الأجر بحسب بكوره ، فالبدنة من وقت تعيين السعي ،

والأذان وقته إذا جلس الإمام على المنبر ، وهو كالأذان للصلوات المفروضة كلها ، ولا توقيت في عدد المؤذنين ، ولا يجوز أن يؤذن اثنان ولا جماعة معا ؛ بل واحد بعد واحد ، فإن ذلك خلاف السنة ، ومن حين الأذان يحرم البيع والشراء ،

فالأذان إعلام وإعلان للإتيان والسعي ، ويجوز أن يقام جمعتان في مصر واحد إلا أن فيه ما لا يثلج الصدر به ، والأولى أن لا يكون ، ولا يشترط المصر ولا المسجد ، فإنه لم يأت في هذه الأمور كلها نص من كتاب ولا سنة ،

فإذا صحت الجماعة وجبت الجمعة لا غير ، والخطبة ليست بفرض وفي النفس من ذلك شيء ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما نص على وجوبها ولا على خلافه ، بل نقل بالتواتر أنه لم يزل يخطب فيها ، والوجوب حكم وتركه حكم ،

ولا ينبغي لنا أن نشرع وجوبها ولا غير وجوبها ، فإن ذلك شرع لم يأذن به اللّه ، فمذهبنا التوقف في الحكم عليها مع العمل بها ولا بد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يزل يصليها بخطبة ، كما لم يزل يصلي العيدين بخطبة ، مع اجتماعنا على أن صلاة العيدين ليست من الفروض ولا خطبتها ،

وما جاء عيد قط إلا وصلى صلّى اللّه عليه وسلّم صلاة العيد وخطب ، ولذلك يحتمل المعنى في قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ»

أنه يريد هنا بالذكر الخطبة ، فإنها شرعت للموعظة ، والعبد مأمور بالإنصات في حال الخطبة ليسمع ما يقول الواعظ والمذكر ،

وإنما قلنا إنه يريد بالسعي إلى ذكر اللّه الخطبة لأن الصلاة بذاتها تنهي عن الفحشاء والمنكر ، ولما لم يرد نص من الشارع بإيجاب الخطبة ولا بما يقال فيها إلا مجرد فعله ،

لم يصح عندنا أن نقول يخطب شرعا ولا لغة ، إلا أنا ننظر ما فعل فنفعل مثله على طريق التأسي لا على طريق الوجوب ، ويقبله اللّه على ما يعلمه من ذلك ،

ومن جاء والإمام يخطب يوم الجمعة عليه أن يركع ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بهما ، وما ورد نهي برفع هذا الأمر ، غير أنه إذا ركع لا يجهر بتكبير ولا قراءة ، بل يسر ذلك جهد الطاقة ، ولا يزيد على التحية شيئا ولا سيما إن كان بحيث يسمع الإمام ، والداخل والإمام يخطب قد أبيح له أن يسلم وما خطأه أحد


في ذلك ، ولا توقيت لما يقرأ به الإمام في صلاة الجمعة ، والاتباع أولى ، فقد ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى والمنافقين في الثانية ، وقد قرأ سورة الغاشية بدلا من المنافقين ،

وقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية بالغاشية ، وغسل الجمعة واجب على كل محتلم عندنا ، وهو لليوم ، وإن اغتسل فيه للصلاة فهو أفضل ، يعني أنه إذا اغتسل فيه قبل الصلاة للصلاة فهو أفضل ، وإلا فواجب عليه أن يغتسل لليوم ولو بعد الصلاة ، وإذا كان الإنسان على مسافة بحيث أنه إذا سمع النداء يقوم للطهارة فيتطهر ، ثم يخرج إلى المسجد ويمشي بالسكينة والوقار ،

فإذا وصل أدرك الصلاة ، وجبت عليه الجمعة ، فإن علم أنه لا يلحق الصلاة فلا تجب عليه ، لأنه لبس بمأمور بالسعي إليها إلا بعد النداء ، وأما قبل النداء فلا ، وفضل الرواح إلى الجمعة من وقت النداء الأول إلى أن يبتدئ الإمام بالخطبة ، ومن بكر قبل ذلك فله من الأجر بحسب بكوره مما يزيد على البدنة مما لم يوقته الشارع ،

فالسعي من أول النهار إلى وقت النداء سعي مندوب إليه ، ومن وقت النداء إلى أن يدرك الإمام راكعا من الركعة الثانية سعي واجب ، والأجر الموقت للساعي إلى أول الخطبة ، وما بعد ذلك فأجر غير موقت ، لأنه لم يرد في ذلك شرع ،

فأمر الأجر الموقت وهو بدنة إلى بيضة ، وبينهما بقرة وهي تلي البدنة ، ويليها كبش ، وتلي الكبش دجاجة ، والبيضة تأتي بعد الدجاجة آخرا ، وليس بعدها أجر موقت ، وقصد من الحيوانات في التمثيل ما يؤكل لحمه دائما غالبا مما لا خلاف في أكله ، وبه تعظم قوة الحياة في الشخص المتغذي ، فكأن المتقرب به تقرب بحياته

وقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ)

وقال عليه السلام في الجهاد [ إنه جهاد النفس ] وهو الجهاد الأكبر ، وأحق بيع النفس من اللّه إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ، فيترك العبد جميع أغراضه ومراداته ، ويأتي إلى مثل هذا السوق فيبيع من اللّه نفسه ، لذلك قال تعالى «وَذَرُوا الْبَيْعَ» وهو مما لكم فيه أغراض «ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» وآداب الجمعة ثلاثة : وهو الطيب والسواك والزينة وهو اللباس الحسن ، ولا خلاف فيه بين أحد من العلماء .


المراجع:

(9) الفتوحات ج 1 / 645 ، 646 ، 457 ، 467

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!