The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة القلم (68)

 

 


الآية: 1 من سورة القلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ (1)


[ «ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ» من الملائكة : ]

اعلم أن اللّه لما تسمى بالملك ، رتب العالم ترتيب المملكة ، فجعل له خواص من عباده هم الملائكة المهيمة ، جلساء الحق تعالى بالذكر ،

ثم اتخذ حاجبا من الكروبيين واحدا ، أعطاه علمه في خلقه وهو علم مفصل في إجمال ، فعلمه سبحانه كان فيه مجلى له ، وسمى ذلك الملك نونا ، فلا يزال معتكفا في حضرة علمه عزّ وجل ، وهو رأس الديوان الإلهي ، والحق من كونه عليما لا يحتجب عنه ،

ثم عين من ملائكته ملكا آخر دونه في المرتبة سماه القلم ، وجعل منزلته دون النون ، واتخذه كاتبا ، فيعلمه اللّه سبحانه من علمه ما شاء في خلقه بوساطة النون ،

ولكن من العلم الإجمالي ، ومما يحوي عليه العلم الإجمالي علم التفصيل ، وهو من بعض علوم الإجمال ، لأن العلوم لها مراتب من جملتها علم التفصيل ، فما عند القلم الإلهي من مراتب العلوم المجملة إلا علم التفصيل مطلقا ، وبعض العلوم المفصلة لا غير ،

واتخذ هذا الملك كاتب ديوانه ، وتجلى له من اسمه القادر ، فأمده من هذا التجلي الإلهي ، وجعل نظره إلى جهة عالم التدوين والتسطير ، فخلق له لوحا وأمره أن يكتب فيه جميع ما شاء سبحانه أن يجريه في خلقه إلى يوم القيامة خاصة ،

وأنزله منزلة التلميذ من الأستاذ ، فتوجهت عليه هنا الإرادة الإلهية فخصصت له هذا القدر من العلوم المفصلة ، وأمر اللّه النون أن يمد القلم بعلوم من علوم الإجمال ، تحت كل علم تفاصيل ولكن معينة منحصرة لم يعطه غيره

- ومن وجه آخرإن اللّه لما خلق الملائكة وهي العقول المخلوقة ، وكان القلم أول مخلوق منها ، اصطفاه اللّه وقدمه وولاه على ديوان إيجاد العالم كله ،

وقلده النّظر في مصالحه ، وجعل ذلك عبادة تكليفه التي تقربه من اللّه ، فما له نظر إلا في ذلك ، وجعله بسيطا حتى لا يغفل ولا ينام ولا ينسى ، فهو أحفظ الموجودات المحدثة ، وأضبطه لما علمه اللّه من ضروب العلوم ،

وقد كتبها كلها مسطرة في اللوح المحفوظ عن التبديل والتحريف ، ومما كتبه فيه فأثبته علم التبديل ، أي علم ما يبدل وما يحرف في عالم التغيير والإحالة ، فهو على صورة علم اللّه لا يقبل التبديل ،

فقال تعالى للقلم [ اكتب علمي في خلقي إلى يوم القيامة ] وذلك أن الحق لما سوى الصورة العقلية بأمره ، أي صورة العقل الأول أو القلم كيفما شئت فسمّه ، نفخ فيه روحا من أمره ، فحملت صورة القلم في تلك النفخة بجميع علوم الكون إلى يوم القيامة ،

وجعلها أصلا لوجود العالم ، وأعطاها الأولية في الوجود الإمكاني ، فكان من علم القلم الذي علمه أن قال للحق أدبا مع المعلم : ما أكتب ؟


هل ما علمتني أو ما تمليه علي ؟ فهذا من أدب المتعلم إذا قال له المعلم قولا مجملا يطلب التفصيل ، فقال له [ اكتب ما كان وما قد علمته ، وما يكون مما أمليه عليك ، وهو علمي في خلقي إلى يوم القيامة لا غير ]

فكتب ما في علمه مما كان ، فكتب العماء الذي كان فيه الحق قبل أن يخلق خلقه وما يحوي عليه ذلك العماء من الحقائق ، وكتب وجود الأرواح المهيمة وما هيمهم وأحوالهم وما هم عليه ، وذلك كله ليعلمه ، وكتب تأثير أسمائه فيهم ،

وكتب نفسه ووجوده وصورة وجوده ، وما يحوي عليه من العلوم ، وكتب اللوح ، فلما فرغ من هذا كله ، أملى عليه الحق ما يكون منه إلى يوم القيامة ، لأن دخول ما لا يتناهى في الوجود محال ، فلا يكتب ، فإن الكتابة أمر وجودي ، فلا بد أن يكون متناهيا ،

وكتب القلم منكوس الرأس أدبا مع المعلم ، لأن الإملاء لا تعلق للبصر به ، بل متعلق البصر الشيء الذي يكتب فيه ، والسمع من القلم هو المتعلق بما يمليه الحق عليه ، فأول أستاذ من العالم هو العقل الأول ،

وأول متعلم أخذ عن أستاذ مخلوق هو اللوح المحفوظ ، والمعلم على الحقيقة هو اللّه تعالى ، والعالم كله مستفيد ، طالب مفتقر ذو حاجة ، وهو كماله ،

واعلم أن في نفس النون الرقمية (ن) - التي هي شطر الفلك - من العجائب ما لا يقدر على سماعها إلا من شد عليه مئزر التسليم ، وتحقق بروح الموت الذي لا يتصور ممن قام به اعتراض ولا تطلع ، وكذلك في نفس نقطة النون أول دلالة النون الروحانية المعقولة فوق شكل النون السفلية ، التي هي النصف من الدائرة ، والنقطة الموصولة بالنون المرقومة الموضوعة ،

أول الشكل التي هي مركز الألف المعقولة ، التي بها يتميز قطر الدائرة ، والنقطة الأخيرة التي ينقطع بها شكل النون وينتهي بها هي رأس هذا الألف المعقولة المتوهمة ، فتقدر قيامها من رقدتها فترتكز لك على النون فيظهر من ذلك حرف اللام ،

والنون نصفها زاي مع وجود الألف المذكورة ، فتكون النون بهذا الاعتبار تعطيك الأزل الإنساني ، كما أعطاك الألف والزاي واللام في الحق ، غير أنه في الحق ظاهر ،

لأنه بذاته أزلي لا أول له ، ولا مفتتح لوجوده في ذاته بلا ريب ، والإنسان أزلي خفي فيه الأزل فجهل ، لأن الأزل ليس ظاهرا في ذاته ،

وإنما صح فيه الأزل لوجه ما من وجوه وجوده ، منها وجوده على صورته التي وجد عليها في عينه في العلم القديم الأزلي المتعلق به في حال ثبوته ، فهو موجود أزلا ، كما أن حقائقه مجردة عن الصورة المعينة معقولة أزلية تقبل القدم والحدوث.


إذا جاء بالإجمال نون فإنه *** يفصله العلّام بالقلم الأعلى

فيلقيه في اللوح الحفيظ مفصلا *** حروفا وأشكالا وآياته تتلى

وما فصل الإجمال منه بعلمه *** وما كان إلا كاتبا حين ما يتلى

عليه الذي ألقاه فيه مسطر *** لتبلى به أكوانه وهو لا يبلى

هو العقل حقا حين يعقل ذاته *** له الكشف والتحقيق بالمشهد الأجلى

فالقلم واللوح أول عالم التدوين والتسطير ، وحقيقتهما ساريتان في جميع الموجودات علوا وسفلا ، ومعنى وحسا ، وبهما حفظ اللّه العلم على العالم ،

ولهذا ورد في الخبر عنه صلّى اللّه عليه وسلّم [ قيدوا العلم بالكتابة ] ومن هنا كتب اللّه التوراة بيده ، ومن هذه الحضرة اتخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كتّاب الوحي .


المراجع:

(1) الفتوحات ج 1 / 294 - ج 2 / 422 ، 427 - ج 3 / 399 - ج 1 / 53 - الديوان / 164 - الفتوحات ج 3 / 221

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!