موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة القلم (68)

 

 


الآية: 3 من سورة القلم

وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (3)

فإنه الإنسان الكامل ، فإنه أكمل من عين مجموع العالم ، إذ كان نسخة من العالم حرفا بحرف ويزيد ، فإذا قال : اللّه ؛ نطق بنطقه جميع العالم من كل ما سوى اللّه ، ونطقت بنطقه أسماء اللّه كلها ، المخزونة في علم غيبه ، والمستأثرة التي يخص اللّه تعالى بمعرفتها بعض عباده ، والمعلومة بأعيانها في جميع عباده ، فقامت تسبيحته مقام تسبيح ما ذكرته ، فأجره غير ممنون.

[سورة القلم (68) : آية 4]

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)

أثنى اللّه على نبيه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»

[ «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» الآية ]

ولما سئلت عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، قالت : كان خلقه القرآن ؛ تريد هذه الآية ، يحمد ما حمد اللّه ويذم ما ذم اللّه بلسان حق ، وإنما قالت ذلك لأنه أفرد الخلق ، ولا بد أن يكون ذلك الخلق المفرد جامعا لمكارم الأخلاق كلها ، ووصف اللّه ذلك الخلق بالعظمة كما وصف القرآن في قوله (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) فكان القرآن خلقه ، فمن أراد أن يرى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ممّن لم يدركه من أمته فلينظر إلى القرآن ، فإذا نظر فيه فلا فرق بين النظر إليه وبين النظر إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فكأن القرآن انتشأ صورة حسية يقال لها محمد بن عبد اللّه بن


عبد المطلب ، والقرآن كلام اللّه وهو صفته ، فكان محمد صفة الحق تعالى بجملته ، فمن يطع الرسول فقد أطاع اللّه ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، فهو لسان حق ، فيكون محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ما فقد من الدار الدنيا ، لأنه صورة القرآن العظيم ؛

واعلم أن الأخلاق على ثلاثة أنواع:

خلق متعد وخلق غير متعد وخلق مشترك ،

فالمتعدي على قسمين : متعد بمنفعة كالجود والفتوة ، ومتعد بدفع مضرة كالعفو والصفح واحتمال الأذى مع القدرة على الجزاء والتمكن منه ، وغير المتعدي كالورع والزهد والتوكل ، وأما المشترك فالصبر على الأذى من الخلق وبسط الوجه ،

قال صلّى اللّه عليه وسلّم [ إن للّه تعالى ثلاثمائة وستين خلقا من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة ] قال أبو بكر : هل فيّ خلق منها يا رسول اللّه ؟

قال : كلها فيك يا أبا بكر ، وأحبها إلى اللّه تعالى السخاء ، وكل شيء عظمه اللّه يتعين تعظيمه على كل مؤمن ، ووصفه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله تعالى «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» فينظر المؤمن في القرآن ، فكل نعت فيه قد مدحه اللّه ومدح طائفة من عباده - كانوا ما كانوا - فيعلم أن ذلك صفة مدح إلهي ، فليعمل على الاتصاف بتلك الصفات ،

وإذا ذكر اللّه في القرآن صفة ذم بها طائفة من عباده - كانوا ما كانوا - تعين عليه اجتنابها ، فيأخذ القرآن منزلا فيه ، كأن الحق ما خاطب به غيره ،

فإذا فعل مثل هذا كان خلقه القرآن ، وعظمه الحق فعظم حيث تنفع العظمة ، ومكارم الأخلاق معلومة عقلا وشرعا وعرفا ، والتصرف بها وفيها معلوم شرعا ،

فمن اتصف بها على الوجه المشروع ، وزاد تتميم مكارم الأخلاق وهو إلحاق سفسافها بها ، فتكون كلها مكارم أخلاق بالتصرف المشروع والمعقول ، مثل الكذب في الإصلاح بين ذات البين ، والحرص في الدين ، والخداع في الحرب ،

فقد اتصف بكل ثناء إلهي ، فأثنى تعالى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ» ثم وصف لنا تعالى من خلقه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال اللّه تعالى (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فللعبد أن يتخلق بالأسماء الإلهية حتى يرجع منها حقائق يدعى بها وينسب إليها ، سواء كان في حضرة الأفعال أو حضرة الصفات أو حضرة الذات .


المراجع:

(3) الفتوحات ج 2 / 616

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!