موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البينة (98)

 

 


الآيات: 1-5 من سورة البينة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (2) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)

«وَما أُمِرُوا» وهؤلاء هم أهل المكابدة والمجاهدة في استخلاص الدين ممن أمرهم اللّه أن يستخلصوه منه ، من شيطان أو باعث من خوف ورغبة وجنّة ونار ، وليس على الحقيقة إلا هوى أنفسهم «إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ»

[ إخلاص الدين للّه تعالى : ]

الإخلاص النية ، ولهذا قيدها بقوله «لَهُ» لا لغيره ولا لحكم الشركة ، وفي النية نقول :

الروح للجسم والنيات للعمل *** تحيا بها كحياة الأرض بالمطر

فتبصر الزهر والأشجار بارزة *** وكل ما تخرج الأشجار من ثمر

كذاك تخرج من أعمالنا صور *** لها روائح من نتن ومن عطر

لولا الشريعة كان المسك يخجل من *** أعرافها هكذا يقضي به نظر

يإذا كان مستند التكوين أجمعه *** له فلا فرق بين النفع والضرر

فالزم شريعته تنعم بها سورا *** تحلها صور تزهو على سرر

مثل الملوك تراها في أسرّتها *** أو كالعرائس معشوقين للبصر


روينا من حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال [ إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ]

فالنية لجميع الحركات والسكنات من المكلفين للأعمال كالمطر لما تنبته الأرض ، فالنية من حيث ذاتها واحدة وتختلف بالمتعلق وهو المنوي ،

فتكون النتيجة بحسب المتعلق به لا بحسبها ، فإن حظ النية إنما هو القصد للفعل أو تركه ، وكون ذلك الفعل حسنا أو قبيحا وخيرا أو شرا ما هو أثر النية ،

وإنما هو أمر عارض ميّزه الشارع وعيّنه للمكلف ، فليس للنية أثر البتة من هذا الوجه خاصة ، وإنما النية سبب في ظهور الأعمال الصالحة وغير الصالحة ،

وليس لها إلا الإمداد ، وحقيقتها تعطي تعلقها بالمنوي ، وكون ذلك المنوي حسنا أو قبيحا ليس لها ، وإنما ذلك لصاحب الحكم فيه بالحسن والقبح ، فالمخاطب المكلف إن نوى الخير أثمر خيرا ، وإن نوى الشر أثمر شرا ،

وما أتي عليه إلا من المحل من طيبه وخبثه ، فالإخلاص هو النية ، فإن فاتتك النية فاتك الخير كله ، فكثير ما بين فاعل بنية القربة إلى اللّه وبين فاعل بغير هذه النية ، والعبادة عمل وترك ، فالإخلاص مأمور به شرعا «الدِّينَ» وهو ما تعبدهم به «حُنَفاءَ» «وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ» فيجب تأخر العبد عن رتبة سيده ،

وتخليص عبوديته للّه من غيره ، كما أقر له بذلك في قبضة الذرية ، يريد الحق أن يستصحبه ذلك الإقرار في حياته الدنيا موضع الحجاب والستر ، فإن الحق له التقدم على الخلق بالوجود من جميع الوجوه وبالمكانة والرتبة ، فكان ولا مخلوق ،

هذا تقدم الوجود ، وقدّر وقضى وحكم وأمضى إمضاء لا يردّ ولا يقضى عليه ، فهذا تقدم الرتبة ، فلا يجتمع الخلق والحق أبدا في وجه من الوجوه ، فالعبد عبد لنفسه ، والرب رب لنفسه ، فأوجب على عباده التأخر عن ربوبيته ، فشرع له الصلاة ليسميه بالمصلي ، وهو المتأخر عن رتبة ربه ، فقال تعالى من باب الإشارة «وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ» فمن لزم رتبته منا فما جنى .

على نفسه بل أعطى الأمر حقه «وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» .


المراجع:

(5) الفتوحات ج 4 / 57 - ج 1 / 209 - ج 4 / 479 - ج 3 / 468 ، 378

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!