The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة القدر (97)

 

 


الآية: 3 من سورة القدر

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)

[ كونها خير من ألف شهر : ]

-الوجه الأول -إن ليلة القدر إذا صادفها الإنسان هي خير له فيما ينعم اللّه به عليه من ألف شهر ، أن لو لم تكن إلا واحدة في ألف شهر ، فكيف وهي في كل اثني عشر شهرا في كل سنة ؟

- الوجه الثاني -ما أراد بألف شهر توقيتا ، بل أراد أنها خير على الإطلاق من جميع ليالي الزمان ، في أي وجود كان ، وفيه زمان رمضان ويوم الجمعة ويوم عاشوراء ويوم عرفة وليلة القدر ،

فكأنه قال : تضاعف خيرها ثلاثا وثمانين ضعفا وثلث ضعف ، لأنها ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ، قد تكون الأربعة أشهر مما يكون فيها ليلة القدر ،

فيكون التضعيف في كل ليلة قدر أربعة وثمانين ضعفا ، فانظر ما في هذا الزمان من الخير ، فهي خير من ألف شهر من غير تحديد ،

وإن كان الزائد على ألف شهر غير محدود ، فلا يدري حيث ينتهي ، فما جعلها اللّه أنها تقاوم ألف شهر ، بل جعلها خيرا من ذلك ،

أي أفضل من ذلك من غير توقيت ، فإذا نالها العبد كان كمن عاش في عبادة ربه مخلصا أكثر من


ألف شهر ، من غير توقيت ، كمن يتعدى العمر الطبيعي يقع في العمر المجهول ، وإن كان لا بدّ له من الموت ولكن لا يدري ، هل يعد تعديه العمر الطبيعي بنفس واحد ، أو بآلاف من السنين ؟

فهكذا ليلة القدر إذ لم تكن محصورة كما قدمنا ، وجعل سبحانه إضافة الليل إلى القدر دون النهار لأن الليل شبيه بالغيب ، والتقدير لا يكون إلا غيبا ، فهي ليلة المقادير مقادير الأشياء ، والمقادير ما تطلب سوانا ، فلهذا أمرنا بطلب ليلة القدر ،

وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلّم [ التمسوها ] لنستقبلها ، وكان نزول القرآن في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فأتى بغاية أسماء العدد البسيط الذي لا اسم بعده بسيط إلا ما يتركب ، كما كان القرآن آخر كتاب أنزل من اللّه ،

كما كان من أنزل عليه آخر الرسل وخاتمهم ، ثم أضاف ذلك الاسم الذي هو ألف إلى شهر بالتنكير ، فيدخل الفصول فيه ، والشهر العربي قدر قطع منازل درجات الفلك كله لسير القمر الذي به يظهر الشهر ، فلو قال : أزيد من ذلك لكرر ،

ولا تكرار في الوجود ، بل هو خلق جديد ، ولو نقص بذكر الأيام أو الجمع لما استوفى قطع درجات الفلك ، فلم تكن تعم رسالته ،

ولم يكن القرآن يعم جميع الكتب قبله ، لأنه ما ثمّ سير لكوكب يقطع الدرجات كلها في أصغر دورة إلا القمر ، الذي له الشهر العربي ،

فلذلك نزل في ليلة هي خير من ألف شهر ، أي أفضل من ألف شهر ، والأفضل زيادة ، والزيادة عيّنها ، وجعل الأفضلية في القدر وهي المنزلة عند اللّه لذلك المذكور ،

وكانت تلك الليلة المنزل فيها التي هي ليلة القدر موافقة ليلة النصف من شعبان ، فإنها «لَيْلَةِ الْقَدْرِ» تدور في السنة كلها ،

فأي ليلة شاء اللّه أي يجعلها محلا من ليالي السنة ، للقدر الذي به تسمى ليلة القدر جعل ذلك ،

فإن كان ذلك من ليالي السنة ليلة لها خصوص فضل على غيرها من ليالي السنة ، كليلة الجمعة وليلة عرفة وليلة النصف من شعبان وغير تلك من الليالي المعروفة ، فينضاف خير تلك الليلة إلى فضل القدر ، فتكون ليلة القدر تفضل ليلة القدر في السنة التي لا ينضاف إليها فضل غيره .

[سورة القدر (97) : آية 4]

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)

«تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ» ما نزل فيها واحد «وَالرُّوحُ» القائم فيهم مقام الإمام في الجماعة «فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ» وكل يقتضي جميع الأمور التي يريد الحق تنفيذها في خلقه.


[سورة القدر (97) : آية 5]

سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)

حتى نهاية غاية ، فإنها تتضمن حرف إلى التي للغاية ، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ من قام ليلة القدر فيوافقها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ] فألحقت من قامها برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المغفرة ، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ من حرم خيرها فقد حرم ] .

[ إشارة : في قيام ليلة القدر :]

-إشارة -من قام ليلة القدر من أجل ليلة القدر فقد قام لنفسه ، وإن كان قيامه لترغيب الحق في التماسها ، ومن قام لأجل الاسم الذي أقامه ، رمضان أو غيره ، فقيامه للّه لا لنفسه ، وهو أتم ، والكل شرع ، فمن الناس عبيد ومنهم أجراء ، ولأجل الإجارة نزلت الكتب الإلهية بها بين الأجير والمستأجر ، فلو كانوا عبيدا ما كتب الحق كتابا لهم على نفسه ، فإن العبد لا يوقّت على سيده ، إنما هو عامل في ملكه ، ومتناول ما يحتاج إليه ، فها أولئك لهم أجرهم ، والعبيد لهم نورهم ، وهو سيدهم ،

وقد قال صلّى اللّه عليه وسلّم [ التمسوها ] لنستقبلها كما يستقبل القادم إذا جاء من سفره ، والمسافر إذا جاء من سفره فلا بد له إذا كان له موجود من هدية لأهله الذين يستقبلونه ، فإذا استقبلوه واجتمعوا به دفع إليهم ما كان قد استعده به لهم ، فتلك المقادير فيهم ،

وبذلك فليفرحوا ، فمنهم من تكون هديته لقاء ربه ، ومنهم من تكون هديته التوفيق الإلهي والاعتصام ، وكل على حسب ما أراد المقدّر أن يهبه ويعطيه ، لا تحجير عليه في ذلك ، وجاء في حديث الترمذي عن أبي ذر ،

وفيه يقول [ فقام بنا حتى تخوفنا أن يفوت الفلاح ، قيل : وما الفلاح ؟ قال : السحور ] ينبه بذلك على أن الإنسان إنما هو في الصوم بالعرض ، فإنه لا بقاء له ، فإن الصوم للّه ، فالإنسان في بقائه آكل لا صائم ، فهو متغذ بالذات صائم بالعرض ، والفلاح البقاء ،

لهذا قال الصاحب لما اتصف في ليلته بالقيوم ،

قال : تخوفنا أن يفوتنا الفلاح ، وهو أن ينقضي زمان الليل وما عرفنا نفوسنا ، إذ في معرفتنا بها معرفة ربنا ، لكنهم ما فاتهم الفلاح بحمد اللّه ، بل أشهدهم اللّه نفوسهم بالغذاء ، ليشهدوا أن القيومية له ذاتية ، وقيومية العبد إنما هي بإمداد ما يتغذى به ،

فالتماسنا لليلة القدر لم يغننا عن حظوظ نفوسنا التي بها بقاؤنا ، وهو التغذي ، فإن التماسنا لها إنما هو لما ينالنا من خيرها في دار البقاء ، فما التمسناها بالعبادة إلا لحظ نفسي نبقى به في الدار الآخرة ، وأما التماسها في الجماعة فلمناسبة الجمعية في الإنسان ،

فإنه لا أعرف باللّه منه ، لجمعيته وعقله ومعرفته بنفسه .


(98) سورة البيّنة مدنيّة


المراجع:

(3) الفتوحات ج 4 / 180 - ج 1 / 208 ، 658 - ج 3 / 159

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!