The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 29 من سورة البقرة

هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)

إن الرزق على نوعين في الميزان الموضوع في العالم لإقامة العدل وهو الشرع: النوع الواحد يسمى حراما ، والنوع الآخر يسمى حلالا ، وهو بقية اللّه التي جاء نصها في القرآن . قال تعالى : (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فهذه هي التي بقيت للمؤمنين

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:بما ولاه اللّه عليه من تدبير جسده ، ومن ملكه الذي يصل إليه في جواره في دار الكرامة ، فإن كنتم مؤمنين كنتم بهذه المثابة من الكرامة ، وإن كفرتم كنتم على النقيض من هذه الصفة ، وكان خلق الحياة والموت في حقكم ابتلاء ، فقال تعالى (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) فأحسن المؤمنون فربحوا ، ولم يحسن الكفار فخسروا ، حيث لم يقوموا بشكر هذه النعم ، ثم أردف هذه النعم بنعم أخر فقال (30) «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» ردا على القائلين بنسبة الخلق المولد في الأرض للطبيعة ، فأضافه إليه سبحانه ، وخلق هنا خاصة بمعنى قدّر ، وهو

من قوله «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» وقد ورد في الخبر أن ما سكت عن الحكم فيه بمنطوق فهو عافية ، أي دارس لا أثر له ولا مؤاخذة فيه ، فإن اللّه قد بيّن للناس ما نزّل إليهم من الأحكام في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلم ، والساكت لا ينسب إليه أمر حتى يتكلم ولا مذهب ، ولهذا لا يدخل في الإجماع بسكوته . وهذه مسألة خلاف ، والصحيح ما قلناه ، كما أن ترك النكير ليس بحجة إلا في بقاء ذلك الأمر على الأصل المنطوق به في قوله تعالى «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» وكلام بني آدم مما خلق في الأرض وجميع أفعالهم ، فإذا رأينا أمرا قد قيل ، أو فعل بمحضر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ولم ينكره ، فلا نقول إن حكمه الإباحة ، فإنه لم يحكم فيه بشيء ، إذ يحتمل أنه لم ينزل فيه شيء عليه ، وهو لا يحكم إلا بما أوحى اللّه فيه إليه ، فيبقى ذلك على الأصل وهو التصرف الطبيعي الذي تطلبه هذه النشأة من غير تعيين حكم عليه بأحد الأحكام الخمسة وهو الأصل الأول ، أو نرده إلى الأصل الثاني وهو قوله تعالى «خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً» وليس بنص في الإباحة ، وإنما هو ظاهر لأن حكم المحظور خلق أي حكم به من أجلنا ، أي نزل حكمه من أجلنا ابتلاء من اللّه هل نمتنع منه أم لا ، كما نزل الوجوب والندب والكراهة والإباحة ، فالأصل أن لا حكم ، وهو الأصل الأول الذي يقتضيه النظر الصحيح «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ» فالسّماوات من العناصر ، فهي أجسام عنصريات وإن كانت فوق الأركان بالمكان ، فالأركان فوقهن بالمكانة . - بحث في الاستواء - من الآيات المتشابهة آيات الاستواء ، والأحاديث الواردة فيه ، ومرجعها فيه عند المحققين إلى الآيات المحكمات ،

[في الاستواء]

وأول ما ينبغي تقديمه معنى الاستواء لغة ، وأصله افتعال من السواء والسواء في اللغة العدل والوسط ، وله وجوه في الاستعمال ترجع إلى ذلك ، منها استوى يعني أقبل ، نقله الهروي عن الفراء ، فإن العرب يقولون استوى إلي يخاصمني أي أقبل إلي - الثاني:

بمعنى قصد ، قاله الهروي - الثالث : بمعنى استولى - الرابع : بمعنى استقام - الخامس:

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:قوله تعالى (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) وسيأتي في (فصلت) وإنما قلنا خلق هنا بمعنى قدر ، لأنه قال بعد هذا «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ» فجاء بثم ، يؤذن بالبعدية ، فخلق الأرض وقدر فيها أقواتها علما ، ثم استوى إلى السماء وكانت واحدة ففتقها وسواها سبع سماوات طباقا

بمعنى اعتدل - السادس : بمعنى علا - قال الشاعر :ولما علونا واستوينا عليهم *تركناهم صرعى لنسر وكاسرقال الحسن بن سهل : إذا علم أصل الوضع وتصاريف الاستعمال فنزل على ذلك الاستواء المنسوب إلى ربه سبحانه وتعالى ، وقد فسره الهروي بالقصد ، وفسره ابن عرفة بالإقبال كما نقل عن الفراء ، وفسره بعضهم بالاستيلاء ، وأنكره ابن الأعرابي وقال : العرب لا تقول استولى إلا لمن له تضادد ، وفيما قاله نظر لأن الاستيلاء من الولي وهو القرب أو من الولاية وكلاهما لا يفتقر إطلاقه بالمضادد ، ونقل الحسن بن سهل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه فسر قوله تعالى «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ» قال : علا أمره ، وهذه التفاسير كلها ومنه قوله تعالى (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ)

وقوله تعالى (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) الآية فلا يليق نسبة مثله إلى استواء ربنا تعالى على العرش ، مع أنا نقول قد علمت أصل اشتقاق الاستواء ولا مدخل فيه لمعنى الاستقرار ، وإنما الحق أن معنى استوى على الدابة جاء على الأصل ، ويكون معناه اعتدل ، أو علا عليها ، والاستقرار لازم ذلك بحسب خصوصية المحل ، لا أن للاستقرار مدخلا في معنى اللفظ مطلقا ، وحينئذ فلا يصح نسبة مثله إليه تعالى لاستحالته في حقه ، وعدم وضع اللفظ له ، وقد ثبت عن الإمام مالك رضي اللّه عنه أنه سئل كيف استوى ؟

فقال : كيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، فقوله كيف غير معقول ، أي : كيف من صفات الحوادث وكلما كان من صفات الحوادث فإثباته في صفات اللّه تعالى ينافي ما يقتضيه العقل ، فيجزم على نفيه عن اللّه تعالى ، وقوله : والاستواء غير مجهول ، أي أنه معلوم المعنى عند أهل اللغة ، : والإيمان به على الوجه الأليق به تعالى واجب ، لأنه من الإيمان باللّه تعالى وبكتبه ، : والسؤال عنه بدعة : أي حادث لأن الصحابة رضي اللّه عنهم كانوا عالمين بمعناه الأليق بحسب اللغة ، فلم يحتاجوا للسؤال عنه ، فلما جاء من لم يحط بأوضاع لغتهم ، ولا له نور كنورهم ، يهديه لصفات ربهم ، شرع يسأل عن ذلك ، فكان سؤاله سببا لاشتباهه

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:فدارت بكواكبها ، ففتق الأرض بما أخرج فيها ومنها من معدن ونبات وحيوان ، فكان إيجادا عند دوران الأفلاك بعد تقدير ، وجعل سبحانه هذا الخلق كله من أجلنا ، فأية نعمة أو أية عناية أعظم

على الناس وزيغهم عن المراد ، وتعين على العلماء حينئذ أن لا يهملوا البيان ، قال اللّه تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) ولا بد في إيضاح البيان الزيادة فنقول : قد قررنا أن الاستواء مشتق من السواء وأصله العدل ، وحينئذ الاستواء المنسوب إلى ربنا تعالى في كتابه بمعنى اعتدل أي قام بالعدل ، وأصله من قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إلى قوله (قائِماً بِالْقِسْطِ) فقيامه بالقسط والعدل هو استواؤه ، ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعدله كل شيء خلقه ، موزونا بحكمته البالغة في التعرف لخلقه بوحدانيته ، ولذلك قرنه بقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

والاستواء المذكور في كتابه استواءان:

استواء سماوي

واستواء عرشي

فالأولتعدى بإلى قال تعالى : «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ» وقال «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ» ومعناه - واللّه أعلم - اعتدل أي : قام بقسطه وتسويته إلى السماء فسواهن سبع سماوات ، ونبّه على أن استواءه هذا هو قيامه بميزان الحكمة ، وتسويته بقوله أولا عن الأرض (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) وبقوله آخرا (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) .

وأما الاستواء العرشي: فهو أنه تعالى قام بالقسط ، متعرفا بوحدانيته في عالمين:

عالم الخلق ، وعالم الأمر وهو عالم التدبير ، (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) فكان استواؤه على العرش للتدبير بعد انتهاء عالم الخلق لقوله تعالى : (الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه) وبهذا يفهم سر تعدية الاستواء العرشي بعلى ، لأن التدبير للأمر لا بد فيه من استعلاء واستيلاء «وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» وعلمه تعالى ذاته ، فإنه يستحيل عليه أن يقوم بذاته أمر زائد ، أو عين زائدة ما هي ذاته ، تعطيها حكما لا يصح لها ذلك الحكم دونها مما يكون كمالا لها في ألوهيتها ، بل لا تصح الألوهة إلا بها وهو كونه عالما بكل شيء ، ذكر ذلك عن نفسه بطريق المدحة لذاته ، ودل عليه دليل العقل . –

[ القصد من خلق الثقلين ]

رقيقة - لما خلق اللّه الثقلين في المقام الذي قصده بخلقهم وهو أجلية الحق ، من قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فرغهم لذلك

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:من هذه العناية ، التي لأجلها خلق هذا الخلق العظيم الكبير ، ومصداق كونه من أجلنا أنه إذا انتقلنا إلى الدار الآخرة مارت السماء وانشقت ، وزالت الأرض وسارت الجبال بزوالنا من الدنيص 90

حتى لا يقوم لهم حجة بالاشتغال بما به قوامهم ، فخلق الأشياء التي بها قوامهم خاصة من أجلهم ليتفرغوا لما قصد بهم ، فقامت عليهم حجة اللّه إذا لم يقوموا بما خلقوا له ، جاء في الأثر أن الحق يقول لابن آدم : خلقت الأشياء من أجلك ، وخلقتك من أجلي ، فلا تهتك ما خلقت من أجلي ، فيما خلقت من أجلك.

[ العالم لا يرمي بشيء من الوجود ]

تحقيق العالم لا يرمي بشيء من الوجود، وإنما يبرز إليه ما يناسبه منه ، ولا يغلب عليه حال من الأحوال ، بل هو مع كل حال بما يناسبه ، فإن أكثر الناس لا يعلمون ذلك ، بل هم بهذا القدر جاهلون ، وهذا هو الذي أداهم إلى ذم الدنيا وما فيها ، والزهد في الآخرة ، وفي كل ما سوى اللّه ، وانتقدوا على من شغل نفسه بمسمى هذه كلها ، وجعلهم في ذلك ما حكي عن الأكابر في هذا النوع ، وحملوا ألفاظهم على غير وجه ما تعطيه الحقيقة ، ورأوا أن كل ما سوى اللّه حجاب عن اللّه ، فأرادوا هتك هذا الحجاب فلم يقدروا عليه إلا بالزهد فيه .

والحق كل يوم في شأن الخلق ، والجنة وهي دار القربة ومحل الرؤية ، هي دار الشهوات وعموم اللذات ، ولو كانت حجابا لكان الزهد والحجاب فيها ، وكذلك الدار الدنيا ، فاللّه خلق أجناس الخلق وأنواعه ، وما أبرز من أشخاصه لننظر فيه نظرا يوصلنا إلى العلم بخالقه ، فما خلقه لنزهد فيه ، فوجب علينا الانكباب عليه ، والمثابرة والمحبة فيه ، لأنه طريق النظر الموصل إلى الحق ، فمن زهد في الدليل فقد زهد في المدلول ، وخسر الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين .

وجهل حكمة اللّه في العالم وجهل الحق وكان من الخاسرين ، فالرجل كل الرجل من ظهر بصورة الحق في عبودة محضة ، فأعطى كل ذي حق حقه ، ويبدأ بحق نفسه فإنها أقرب إليه من كل من توجه له عليه حق من المخلوقين ، وحق اللّه أحق بالقضاء ، وحق اللّه عليه إيصال كل حق إلى من يستحقه ، فيطلبه أصحاب الحقوق بحقوقهم نطقا وحالا ظاهرا وباطنا ، فيطلبه السمع بحقه ، والبصر واللسان واليدان والبطن والفرج والقدمان والقلب والعقل والفكر والنفس النباتية ، والحيوانية والغضبية والشهوانية والحرص ، والأمل والخوف والرجاء والإسلام والإيمان والإحسان ، وأمثال هؤلاء من عالمه المتصل به ، وأمره الحق أن لا يغفل

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:وكان أيضا هذا ابتلاء مدرجا في نعمة ، أو نعمة مدرجة في ابتلاء ، مثل خلق الحياة والموت ، فقال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ

عن أحد من هؤلاء أوّلا ، ويصرفهم في المواطن التي عين له الحق ، وجعل هذه القوى كلها متوجهة على هذه النفس الناطقة بطلب حقوقها ، وجعلها كلها ناطقة بتسبيح اللّه تعالى جعلا ذاتيا لا تنفك عنه ، وجعل هذه الحقوق التي توجهت لها على النفس الناطقة الحاكمة على الجماعة ثابتة الحق جزاء لما هي عليه من تسبيح اللّه بحمده دنيا وآخرة ، فالعارف المكمّل المعرفة يعلم أن فيه من يطلب مشاهدة ربه ومعرفته الفكرية والشهودية ، فتعين عليه أن يؤدي إليهم حقهم من ذلك ، وعلم أن فيه من يطلب المأكل الشهي الذي يلائم مزاجه ، والمشرب والمنكح والمركب والملبس والسماع والنعيم الحسي المحسوس ، فتعين عليه أيضا أن يؤدي إليهم حقوقهم من ذلك الذي عين لهم الحق ، ومن كان هذا حاله كيف يصح له أن يزهد في شيء من الموجودات ؟ وما خلقها اللّه إلا له . إلا أنه مفتقر إلى علم ما هو له وما هو لغيره لئلا يقول كل شيء هو له ، فلا ينظر من الوجوه الحسان إلا ما يعلم أنه له ، وما يعلم أنه لغيره يكف بصره ويغضه عنه ، فإنه محجور عليه ما هو لغيره ، فهذا حظه من الورع والاجتناب ، والزهد إنما متعلقة الأولوية بخلاف الورع وكل ترك ، فأما الأولوية فينظر في الموطن يعمل بمقتضاه ، ومقتضاه قد عينه له الحق بما أعلمه به بلسان الشرع ، فسموا من طريق الأخذ بالأولوية زهادا ، حيث أخذوا بها ، فإن لهم تناول ذلك في الحياة الدنيا فما فعلوا ، لأن اللّه خيرهم فما أوجبه عليهم ولا ندبهم إليه ولا حجر عليهم ولا كرهه فاعلم ذلك ، ثم إنه ينظر في هذا المخير فيه فلا يخلو حاله في تناوله أن يحول بينه هذا التناول وبين المقام الأعلى الذي رجحه له أو لا يحول ، فإن حال بينه وبينه تعين عليه بحكم العقل الصحيح السليم تركه والزهد فيه ، وإن كان على بينة من ربه أن ذلك لا يقدح ، ولا يحول بينه وبين الرتبة العليا من ذلك فلا فائدة لتركه ، كما قال لنبيه سليمان عليه السلام : «هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ» ولا تكون ممن تلتبس عليه الأمور فيتخيل أنه بزهده فيما هو حق لشخص ما من رعيته ، ينال حظ ما يطلبه به منه شخص آخر من رعيته ، فإن

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:أَحْسَنُ عَمَلًا) *وقال (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ) فقال تعالى «وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» أي بما خلق ، وبما لأجله خلق ، وبما يكون ممن خلق ، وقال تعالى (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) فهو قوله «خَلَقَ لَكُمْ» *أي من أجلكم ، وجعل ذلك آيات لقوم يتفكرون ليعلموا ما مراد

ذلك عين الجهل ، فالأولى بالعبد الذي كلفه اللّه تدبير نفسه وولاه أن يعلم ، فإذا علم استعمله علمه فوفّى الحقوق أربابها ، ومثل هذا الإمام في العالم قليل .


المراجع:

(29) الفتوحات ج 2 / 463 - ج 4 / 305 - ج 2 / 115 - كتاب رد الآيات المتشابهات - ج 2 / 114 - ج 3 / 124 - ج 4 / 112

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!