The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 36 من سورة البقرة

فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (36)

أضيف الزلل إلى الشيطان ، وقد علم أنه ليس له على ذلك سلطان ، لأن اللّه جعله في الشاهد صفة نقص ، ودليل خسران ، تنزه الجناب العالي أن يضاف إليه ، أو إلى من شهد له بالكمال كالأنبياء صلوات اللّه عليهم . شرك اللّه بين إبليس وآدم وحواء من ضمير واحد ، وهو كان أشد العقوبة على آدم ، فقيل لهم : «اهْبِطُوا» بضمير الجماعة فكانت العقوبة في حق آدم في جمعه مع إبليس من الضمير ، حيث خاطبهم الحق بالهبوط ، بالكلام الذي يليق بجلاله ، ولكن لا بد أن يكون في الكلام الصفة التي يقتضيها لفظ الضمير ، فإن صورة اللفظ يطلب المعنى الخاص ، ولم يكن الهبوط عقوبة لآدم وحواء ، وإنما كان عقوبة لإبليس ، فإن آدم أهبط لصدق الوعد ، بأن يجعل في الأرض خليفة ، بعد ما تاب عليه واجتباه ، وتلقي الكلمات من ربه تصديقا لما قاله تعالى للملائكة : «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» ،وأهبطت حواء للنسل ، وأهبط إبليس للإغواء ، ليحور عليه جميع ما يغوي به بني آدم.

من كتاب إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن:
لأخراهم) (وقالت أخراهم لأولاهم) (وقال الذين استضعفوا للذين استكبرو) (وقال الذين استكبروا للذين استضعفوا) ولم يقل شيء من هذا في أهل الجنة ، فكأنه سبحانه أشار لهما بالشجرة النهي عن مخالفته فيما نهاهما عنه وموافقته ، تنبيها لهما على ذلك ، وأخبرهما أنهما إن خالفا أمره سبحانه كانا من الظالمين ، فقال «فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ» لأنفسهما حيث عرضا بأنفسهما للعقوبة ، وهذا يدلك على أن لنفسك عليك حقا ، وكذا قالا (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) وكان غرضنا أن نجمع في هذه السورة ذكر قصص آدم كلها في سائر السور ، وهكذا كل قصة تكرر ، ثم أني رأيت من الأدب أن اللّه فرّقها في السور لحكمة علمها ، فينبغي لنا أن نذكر الترجمة عنها في المواضع التي ذكرها الحق من سور القرآن ، حتى لا أحدث شيئا ، والاتباع أولى بأهل السعادة من الابتداع ، فنقول قال تعالى (37) «فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها» الآية ، لما كان متعلق النهي القرب لا الأكل ، لذلك عدل إبليس إلى الأكل ، ولم يقل لهما اقربا منها ، فيتذكران نهي اللّه عن القرب ، وعلم أنهما لا يقطعان منها ثمرة حتى يقربا ، وهذا من علمه بمواقع

وصية - قال اللّه تعالى لإبراهيم الخليل عليه السلام ،

[ معصية الحبيب على الحبيب شديدة ]

يا إبراهيم ما هذا الوجل الشديد الذي أراه منك ؟ فقال له إبراهيم : يا رب كيف لا أوجل ولا أكون على علىوجل ، وآدم أبي كان محله من القرب منك ، خلقته بيديك ، ونفخت فيه من روحك ، وأمرت الملائكة بالسجود له ، فبمعصية واحدة أخرجته من جوارك ، فأوحى إليه : يا إبراهيم أما علمت أن معصية الحبيب على الحبيب شديدة ؟

الشرور ، وكانت الشجرة المنهي قربها كان ذلك سببا لوسوسة إبليس ، فضمير «عَنْها» يعود على الشجرة ، أي عنها صدرت الوسوسة من إبليس لعنه اللّه ، كما سيأتي (أن حب الخير) لسليمان عن ذكر ربه ، أي صدر ذلك الحب من سليمان عن ذكر ربه ، ولذلك مسح بسوقها وأعناقها فرحا بها ، وسيأتي ذلك في سورة ص ، فقوله تعالى «فَأَزَلَّهُمَا» أي ذهب بهما ، وأزالهما انتزعهما ، والمعنى متقارب «فَأَخْرَجَهُما» يعني حواء وآدم «مِمَّا كانا فِيهِ» من النعيم والكرامة لسعادتهما وشقاوته «وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ» الضمير يعود على آدم وحواء وإبليس ، وجمع بينهم في ضمير واحد لاشتراكهم في المخالفة ، فإن إبليس خالف الأمر ، وآدم وحواء خالفا النهي ، وقد انحصر التكليف الذي يوجب الوعد والوعيد فعله أو تركه بينهما ، واشتركوا في الهبوط ، غير أن آدم هبط إلى الأرض للخلافة كما تقدم لا عقوبة ، فإن المؤاخذة وقعت بظهور السوآت لهما ، وهبطت حواء لأنها محل الولادة للتناسل ، وأهبط إبليس عقوبة ، لأنه لا يعود إليها وأن مصيره إلى دار الشقاء ، وإن اشتركوا في الهبوط ولكن المقاصد مختلفة ، وقوله (جَمِيعاً) تأكيد ، لم يتأخر بعضهم عن بعض ، ولم نستوف تمام القصة هنا لأن اللّه تعالى ما استوفاها هنا ، ويقع الاستيفاء لها بالوقوف على تكرار ذكرها في كل سورة إن شاء اللّه تعالى ، وقوله «بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ» أي يعدو بعضكم على بعض ، فيعدو الشيطان على بني آدم بتزيين مخالفة أوامر اللّه ونواهيه ، ويعدو بنو آدم على الشيطان بأن يردوا وسوسته في نحره وكلامه في وجهه ويمتثلون أمر اللّه (ويجتنبون) نواهيه ، فيغيظه ذلك ، فهذه عداوة بني آدم لإبليس ، وأما الذين يسمعون منه فهم أولياؤه وأحباؤه ورفقاؤه في النار ، فالمؤمنون كلهم أعداؤه ، وما عدا المؤمنين كلهم أولياؤه ، فالمخالفات الصادرة من المؤمنين غير مؤثرة في إيمانهم ، لأنهم ليسوا على يقين من مؤاخذة اللّه بها ، فإن اللّه قال (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) ولو دخل المؤمن النار في الآخرة فكما يمرض في الدنيا ويتألم حسا ومعنى ، ومقره ومآله السعادة الأبدية في النعيم الدائم ، وليس مقصود إبليس هذه المخالفات الواقعة من المؤمنين ، وإنما مقصوده الإشراك باللّه ، وكل ما يؤديهم

ص120


المراجع:

(36) كتاب النجاة - الفتوحات ج 1 / 231 - ج 3 / 382 - ج 4 / 527

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!