The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

إشارات في تفسير القرآن الكريم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مستخلصة من الفتوحات المكيّة وكتبه الأخرى

سورة البقرة (2)

 

 


الآية: 37 من سورة البقرة

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)

وهذه الكلمات هي قوله «رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» «فَتابَ عَلَيْهِ» بكله وذريته فيه فأسعد اللّه الكل ، فله النعيم في أي دار كان منهم ما كان ، بعد عقوبة وآلام ، تقوم بهم دنيا وآخرة «إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» إذا اتفق أن يؤاخذ التائب فما يأخذه إلا الحكيم لا غير من الأسماء ، فإذا لم يؤاخذ فإنما يكون الحكم فيه للرحيم ، فإن اللّه تواب رحيم بطائفة وتواب حكيم بطائفة ، فوصف الحق نفسه بأنه التواب الرحيم ، أي الذي يرجع على عباده في كل مخالفة بالرحمة له ، فيرزقه الندم عليها ، فيتوب العبد بتوبة اللّه عليه لقوله «ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُو» .

إشارة - تاب الحق على آدم بتلقيه الكلمات العلية ، لأنه تلقاها من حضرة الربوبية ، حضرة الإصلاح .

إلى الخلود معه في الشقاء في دار البوار ، فأهل النار الذين هم أهلها هم أولياء الشيطان ، ولهذا سماهم اللّه شياطين الإنس والجن ، وقال (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) وقوله تعالى «وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ» يقول إقامة وقرار «وَمَتاعٌ» يقول :

استمتاع ، وهو كل ما يستمتع به من أكل وشرب ولباس ونعيم «إِلى حِينٍ» يقول : إلى حلول آجالكم ، يقول : مدة أعماركم ، فإن القبر أول منزل من منازل الآخرة ، ثم قال (38) «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ» الآية ، قرئ برفع آدم ونصب كلمات وبالعكس ، أي من تلقاك فقد تلقيته ، فإن الملاقاة فعل فاعلين ، والأولى بمنصب آدم أن تكون الكلمات تستقبله لوجهين ، الوجه الواحد التعريف بعناية اللّه به حيث أعطاه ما أداه استعماله إلى إعادة السعادة إليه ، والوجه الثاني التعليم ، لأنه ليس له أن يدعوه بنية التقريب والقربة إلا بوحي منزل عليه ، فإذا رفعت آدم فمن حيث أنه استقبل الكلمات حين استقبلته من عند اللّه ، ويحتمل عدم ذكر واسطة الملك أنه سبحانه أوحى اللّه بها منه إليه بلا واسطة ، تشريفا له وتعريفا بالحال ، أن الوصلة بيني وبينك ما انقطعت بمخالفتك نهيي ، والأظهر في ماهية الكلمات أنها المذكورة في سورة الأعراف (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا ، لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) فلما قال آدم الكلمات التي تلقاها من ربه أخبره تعالى أنه تاب عليه «فَتابَ عَلَيْهِ» أي رجع عليه بالسعادة بأن مآله بعد موته إلى الجنة في جوار الرحمن «إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» الرجّاع بالرحمة على عباده ، وهو الذي يكثر منه الرجوع في

سورة البقرة (2) : آية 38

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)

قال تعالى : «اهْبِطُوا» فجمع ولم يثن ولا أفرد ، فأهبط آدم وحواء وإبليس ، فنزل آدم من الجنة إلى أصله الذي خلق منه ، فإنه مخلوق من التراب ، فأهبطه اللّه للخلافة ، لقوله تعالى : «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» فما أهبط عقوبة لما وقع منه ، وإنما جاء الهبوط عقيب ما وقع منه ، لأنه لما كانت نشأة الإنسان ظهرت في الجنان أولا اتفق هبوطها إلى الأرض من أجل الخلافة لا عقوبة المعصية ، فإن العقوبة حصلت بظهور السوآت ، والاجتباء والتوبة قد حصلا بتلقي الكلمات الإلهية ، فلم يبق النزول إلا للخلافة ، فكان هبوط تشريف وتكريم ، ليرجع إلى الآخرة بالجم الغفير من أولاده السعداء ، من الرسل والأنبياء ، والأولياء والمؤمنين ، فكان هبوط آدم هبوط ولاية واستخلاف ، لا هبوط طرد ، فهو هبوط مكان ، لا هبوط رتبة ، وأهبط الحق تعالى حواء للتناسل ، وأهبط إبليس عقوبة لا رجوعا إلى أصله ، فإنها ليست داره ولا خلق منها ، فسأل اللّه الإغواء أن يدوم له في ذرية آدم ، لما عاقبه اللّه بما يكرهه من إنزاله إلى الأرض ، وكان سبب ذلك في الأصل وجود آدم ، لأنه بوجوده وقع الأمر بالسجود ، وظهر ما ظهر من إبليس ، وكان من الأمر ما كان . «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» من قامت قيامته في حياته الدنيا ، واستعجل حسابه ، يأتي يوم القيامة آمنا لا خوف عليه ولا يحزن ، لا في الحال

مقابلة كل مخالفة تقع من العبد ، لأن كل مخالفة خروج ، فإذا عاد بالاستغفار وطلب الرحمة من اللّه عند كل ذنب ، عاد الحق إليه بالرحمة والمغفرة ، فلذلك جاء ببنية المبالغة في التواب ، (39) قوله «قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً» الآية ، كرر ذكر الهبوط ، لأنه فصل بين الهبوط المذكور أولا وبين ما أهبط له من إتيان الهدى بالكلام الذي قد تقدم من العداوة والاستقرار والتمتع ، فطالت القصة وبعد الذي أهبط له منه ، فكرر الهبوط ، وليدل أيضا على الفصاحة والإعجاز حيث زاد الكلام تكراره جمالا وبلاغا ، تعرف ذلك فصحاء الأعراب لا نحن ، فقال تعالى «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً» هذا شرط ، وجوابه الشرط الثاني وجوابه وهو قوله

ولا في المستقبل ، ولهذا أتى سبحانه بفعل الحال في قوله : «وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ» فإن هذا الفعل يرفع الحزن في الحال والاستقبال ، بخلاف الفعل الماضي والمخلص للاستقبال بالسين أو سوف


المراجع:

(37) الفتوحات ج 2 / 565 - ج 4 / 302 - ج 2 / 534 - كتاب النجاة

 

 

البحث في التفسير


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!